(CNN)-- هيمن على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مدى تاريخه، منذ تأسيسه بعد الحرب العالمية الثانية، خمس دول متمثلةً في (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، فرنسا، والمملكة المتحدة)، في حين كان جزء كبير من العالم لا يزال تحت الحكم الاستعماري.

قاوم مجلس الأمن الدولي الواقع في مانهاتن أشهر مناطق نيويورك، إضافة أي عضو جديد لمدة تقارب الثمانية عقود، وأُتيحت الفرصة اليوم للدول حول العالم لتأخذ دورها في المجلس كأعضاء غير دائمين، لكن لا تتمتع أي دولة من الشرق الأوسط، أو إفريقيا، أو أمريكا اللاتينية، أو منطقة البحر الكاريبي، بسلطة حق الفيتو الحاسم الذي يمتلكه الأعضاء الدائمون.

يعطي الفيتو للأعضاء الدائمين والمعروفين باسم P5 الصلاحية لمنع أي قرار سواء كان يتعلق ببعثات حفظ السلام أو العقوبات، للدفاع عن مصالحهم الوطنية وقراراتهم في السياسة الخارجية، وهناك جهود مكثفة لإصلاح هذا النظام العالمي الذي يعود إلى حقبة الاستعمار.

رئيس سيراليون، جوليوس مادا بيو، جدد الدعوة المتواصلة منذ فترة طويلة لإفريقيا من أجل إصلاح مجلس الأمن، بما في ذلك إضافة مقعدين دائمين جديدين لدول إفريقية، وذلك تزامناً مع استعداد قادة العالم للعودة إلى مقر الأمم المتحدة من أجل الجمعية العامة السنوية في سبتمبر/ أيلول.

وتشغل القضايا الإفريقية ما يقرب من 50% من الأعمال اليومية لمجلس الأمن، وتشكل الجزء الأكبر من قراراته المتعلقة بالسلام والأمن. كما أن القارة الإفريقية تضم أكثر من ربع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وأكثر من مليار نسمة.

تتولى سيراليون تمثيل المجموعة الإفريقية في الأمم المتحدة، والتي تشمل 54 دولة من القارة.

وأوضح دبلوماسي بارز في الأمم المتحدة لشبكة CNN إن أفريقيا تتمتع حالياً بنفوذ كبير بين الدول الخمس دائمة العضوية في المجلس، والتي تعد الحَكَم النهائي في أي إصلاح، حيث تتسابق روسيا وأمريكا على التأثير في القارة.

ويمتلك المجلس المُكلف بالحفاظ على السلام والأمن العالميين، السلطة لإرسال بعثات حفظ السلام، والسماح باستخدام القوة، وفرض العقوبات، وتمرير القرارات، وقد أثبت العديد منها فعاليته الكبيرة، رغم الجمود الواضح في بعض القضايا مثل الغزو الروسي لأوكرانيا وحرب إسرائيل وحماس.

ووجدت أكثر من عشر دراسات محكمة أن الجزء الأكبر من بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة قد ساعدت في كبح العنف وتقليل النزاعات في بلدان مثل سيراليون.

تكتسب الجهود المستمرة منذ سنوات لإصلاح أقوى هيئة في الأمم المتحدة زخماً سياسياً، حيث دعم الرئيس الأمريكي جو بايدن، منح مقاعد دائمة لإفريقيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي خلال خطاب له في الأمم المتحدة عام 2022.

ويبدي بعض الدبلوماسيين تفاؤلهم بأن المناقشة العامة المقررة في سبتمبر/ أيلول، والتي سيخاطب بها القادة الوطنيون الجمعية العامة، والتي تأمل الأمم المتحدة أن تكون فرصة حاسمة للتفكير في مستقبل النظام متعدد الأطراف، قد تؤدي إلى توافق حول خريطة طريق لإصلاح مجلس الأمن.

وتُقر مسودة وثيقة القمة، "ميثاق المستقبل"، بالحاجة إلى إصلاح "الظلم التاريخي ضد إفريقيا كأولوية" والمكانة الخاصة لأفريقيا في المفاوضات المقبلة.

وقال المبعوث النمساوي لدى الأمم المتحدة، ألكسندر مارشيك، والذي يشترك في رئاسة مجموعة حكومية مشتركة بشأن المفاوضات المتعلقة بمجلس الأمن: "لأول مرة، نشهد الآن تحركاً"، مضيفاً لشبكة CNN أن: "المجموعة تناقش الإصلاح منذ ما يصل إلى ال 20 عاما ".

وأوضح مارشيك أنه "قد نرى مساراً أو خريطة طريق لكيفية إنجاز التوسع في وقت معقول"، في حين أنه من غير المرجح أن يؤدي شهر سبتمبر/ أيلول إلى توسيع المجلس.

واعتمدت الجمعية العامة، الثلاثاء، قراراً شفوياً يؤكد دورها المركزي فيما يتعلق بإصلاح المجلس، وصوتت على إدراج هذه القضية في جدول أعمال الدورة القادمة.

جمود متزايد

أدت الخلافات العميقة بين الأعضاء الدائمين في مجلس الامن، إلى تزايد الإحباط من عدم قدرة المجلس على التصدي لأكبر مشكلات العالم، مثل الصراعات الدامية في غزة وأوكرانيا، إلى تهديد الأسلحة النووية وتغير المناخ.

وقالت خبيرة الأمم المتحدة وأستاذة مساعدة في السياسة الدولية بجامعة فوردهام، أنجلي دايال لشبكة CNN: "غالباً ما تستخدم الولايات المتحدة وروسيا حق النقض (الفيتو) إما لحماية دولة حليفة، كما في حالة إسرائيل أو سوريا، أو لحماية مصالحهما الوطنية الخاصة، كما هو الحال مع استخدام روسيا للفيتو بشأن أوكرانيا".

وأضافت دايال أن فرنسا والمملكة المتحدة قللتا من استخدامهما لحق النقض (الفيتو) منذ عام 1989، ولكن في سنوات ما بعد الحرب الباردة، استخدمت الولايات المتحدة وروسيا والصين المجلس "لتبرئة حلفائها وحماية أنفسهم من عواقب قراراتهم غير الشعبية في السياسة الخارجية".

ويعتقد وزير خارجية سيراليون، أن تحقيق مزيد من العدالة في المجلس سيساعد في كسر الجمود ويعزز من مصداقيته.

إلى جانب القوى الخمس التي تمتلك حق النقض (الفيتو)، هناك عشر مقاعد غير دائمة في المجلس، ثلاث منها تذهب إلى إفريقيا. هذه المقاعد غير الدائمة لا تمتلك حق النقض، ويتم انتخابها من قبل الجمعية العامة حسب المناطق الجغرافية لمدة سنتين.

وهناك اتفاق بين الأعضاء الدائمين في المجلس والدبلوماسيين في أروقة المجمع الأيقوني للأمم المتحدة في وسط مانهاتن على أنه قد حان الوقت للتطور. لكن التنافس والمصالح الوطنية بين الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة، قد أعاقت محاولات التغيير، حيث يعملون بجد من أجل الاتفاق على الدول التي سيتم ضمها، وحجم التوسع في عدد الأعضاء الدائمين وغير الدائمين.

وأفاد أحد دبلوماسيي الأمم المتحدة أنه البرازيل والهند، على سبيل المثال، تسعيان للحصول على مقاعد دائمة في المجلس، لكن هذا الطلب قد يواجه رفضاً من منافسي الهند التقليديين، باكستان والصين، وكذلك من الأرجنتين والمكسيك في حالة البرازيل.

نقاش مستمر لعقود

إلى جانب دفع الاتحاد الإفريقي للحصول على مقعدين دائمين ومقعدين غير دائمين إضافيين في المجلس، هناك ما لا يقل عن خمس مجموعات أخرى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي لديها أفكارها الخاصة حول كيفية إصلاح المجلس.

وقال كبير المحللين في مجموعة الأزمات لشؤون الأمم المتحدة والبحث، دانيال فورتي لشبكة CNN: إن "هذه محادثة مستمرة منذ عقود. لم يتفق الدبلوماسيون بعد على صيغة لتوسيع المجلس تحقق أغلبية الثلثين بالإضافة إلى موافقة واشنطن وموسكو وبكين على نفس الصيغة."

وأضاف فورتي أن "هناك زخماً سياسياً أكبر لهذه المسألة، لكن هذا لا يعني بالضرورة أننا أصبحنا أقرب إلى تحقيق الإصلاح"ز

ووفقاً لما قاله دبلوماسي رفيع في الأمم المتحدة لشبكة CNN: " أي محاولة لإزالة صلاحيات النقض (الفيتو) من القوى الخمس الكبرى (P5) ستكون غير قابلة للتنفيذ، وهو شيء لن توافق عليه القوى الكبرى الثلاث وهي (الولايات المتحدة وروسيا والصين)". وتبعاً للخبراء والدبلوماسيين، أنه ما قد يكون ممكناً هو "إصلاح صغير"، مشيرين إلى مبادرة قدمتها ليختنشتاين في عام 2022 والتي تم تبنيها من قبل الجمعية العامة، ونصت المبادرة في حينها، على أن أي حالة نقض من القوى الخمس الكبرى يجب أن تُناقش في الجمعية العامة.

ورغم أن هذه العملية لا يمكنها إلغاء النقض نهائياً، لكنها ستجعل استخدام القوى الكبرى لسلطتها الفردية أكثر صعوبة من الناحية السياسية، يرى المؤيدون أن التوسع ممكن، مشيرين إلى عام 1963 عندما تم توسيع المجلس من 10 إلى 15 دولة عضوا.

قال دبلوماسي رفيع في الأمم المتحدة: "لذا، ربما قد تكون هذه فرصة "، مضيفاً: "أعتقد أن كون الناس يتحدثون عن الموضوع يدل على أنه يحظى بانتشار أكبر" ، وأكمل قائلاً: " لكننا ما زلنا بعيدين عن تحقيق إصلاح حقيقي وقابل للتنفيذ في مجلس الأمن".

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الحرب العالمية الثانية مجلس الأمن الدولي الأمم المتحدة الحرب العالمية الثانية مجلس الأمن الدولي الولایات المتحدة فی الأمم المتحدة الجمعیة العامة مجلس الأمن فی المجلس حق النقض لشبکة CNN

إقرأ أيضاً:

أميركا تدعم حصول دول إفريقيا على مقعدين دائمين في مجلس الأمن

تعتزم المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الإعلان، الخميس، عن دعم الولايات المتحدة لاستحداث مقعدين دائمين للدول الإفريقية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إضافة إلى مقعد تشغله الدول الجزرية الصغيرة النامية بالتناوب.

وقالت توماس غرينفيلد لرويترز، إنها تأمل بأن يؤدي الإعلان إلى "دفع هذه الأجندة إلى الأمام على نحو يمكّننا من تحقيق إصلاح مجلس الأمن في مرحلة ما في المستقبل"، ووصفت الأمر بأنه سيكون "جزءا من إرث" الرئيس الأميركي، جو بايدن.

وتدعم واشنطن أيضا منذ فترة طويلة حصول الهند واليابان وألمانيا على مقاعد دائمة في المجلس.

بجلسة "معالجة الظلم".. واشنطن تحدد موقفها بشأن تمثيل أفريقيا بمجلس الأمن أكدت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، الاثنين، أن بلادها تدعم التمثيل الدائم في مجلس الأمن للدول الإفريقية وكذلك للدول من أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.

وتطالب دول نامية منذ فترة طويلة بالحصول على مقاعد دائمة في مجلس الأمن، الهيئة الأكثر قوة في الأمم المتحدة، دون جدوى رغم سنوات من المحادثات بشأن الإصلاح، في حين من غير الواضح ما إذا كان الدعم الأميركي قد يعطي دفعة لتلك المطالب.

وقبل الإعلان عن دعم الولايات للخطوات الجديدة في مجلس العلاقات الخارجية بنيويورك، الخميس، أوضحت توماس غرينفيلد لرويترز أن واشنطن "لا تؤيد توسيع حق النقض إلى ما هو أبعد من الدول الخمس التي تملكه".

ويتولى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مسؤولية حفظ السلم والأمن الدوليين، وله سلطة فرض العقوبات وحظر الأسلحة والتفويض باستخدام القوة.

وكان المجلس يتألف من 11 عضوا عند تأسيس الأمم المتحدة عام 1945، قبل زيادة العدد إلى 15 عضوا في 1965 من بينهم 10 دول منتخبة تشغل مواقعها لمدة عامين، و5 أعضاء دائمين لديهم حق النقض، هم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين.

مقالات مشابهة

  • كل ما تريد معرفته عن المؤشر العالمي للأمن السيبراني بعد انضمام مصر
  • الولايات المتحدة تدعم إحداث مقعدين دائمين لإفريقيا في مجلس الأمن دون حق النقض
  • هل يمكن للفلسطينيين أن ينالوا العضوية الكاملة في الأمم المتحدة؟
  • “لحظة تاريخية”.. فلسطين تشغل مقعدها الرسمي الجديد في الجمعية العامة للأمم المتحدة
  • دولة فلسطين تشغل مقعدها الرسمي الجديد في الجمعية العامة للأمم المتحدة
  • أميركا تدعم حصول دول إفريقيا على مقعدين دائمين في مجلس الأمن
  • ماذا يعني دعم واشنطن توسيع المقاعد الدائمة بمجلس الأمن؟.. نخبرك القصة كاملة
  • واشنطن تدعم حصول أفريقيا على مقعدين دائمين في مجلس الأمن
  • مجلس الأمن يمدد حظر الأسلحة في دارفور
  • الفلسطينيون يحصلون على مقعد جديد في الأمم المتحدة