تحت رعاية سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثِّل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس نادي صقّاري الإمارات، تقام فعاليات الدورة الـ21 الأكبر في تاريخ المعرض الدولي للصيد والفروسية (أبوظبي 2024)، في الفترة من 31 أغسطس إلى 8 سبتمبر 2024، في مركز أدنيك أبوظبي.

وأُعلِن عن تفاصيل الاستعدادات لإطلاق المعرض في مؤتمر صحفي بحضور معالي ماجد علي المنصوري، الأمين العام لنادي صقّاري الإمارات، وحميد مطر الظاهري، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة أدنيك، وسعد الحساني، مدير معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية.

وقال معالي ماجد علي المنصوري: «تشكِّل الدورة الحالية للمعرض انطلاقة جديدة لمسيرة حافلة امتدت عبر عقدين من الزمن، لترسم ملامح قصة نجاح متجددة تُضاف إلى إنجازات الدولة وإمارة أبوظبي في هذه القطاعات الحيوية».

وأضاف: «هذا الإنجاز لم يكن ليتحقَّق لولا اهتمام ومتابعة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ورعاية ودعم سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثِّل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس نادي صقّاري الإمارات، وسعيهما المتواصل للحفاظ على ثقافتنا وتراثنا الإماراتي الغني الذي نفاخر به العالم».

وتقدَّم معاليه، بخالص الشكر والتقدير والاعتزاز لسموّهما، مؤكِّداً أنَّ معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية يُواصل تطوير خططه ومشاريعه ومحتواه وفعالياته بشكل دائم.

وبيَّن المنصوري أنَّ معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية أصبح حدثاً أساسياً يعزِّز التراث العربي والتقاليد الأصيلة، ويعكس نجاحه التعاون البنّاء بين جميع الجهات الداعمة والأطراف المشاركة في تنظيمه، حيث تبذل جميع الجهات جهوداً كبيرة للاحتفال بتقاليد الدولة وإبرازها للعالم، ترجمة لرؤية القيادة الرشيدة في دعم هذه القطاعات الحيوية والحفاظ عليها لأجيال المستقبل. وأشار المنصوري إلى أنَّ الدورة الجديدة للمعرض تمنح المشاركين فرصاً واسعة، بفضل التعاون مع مجموعة أدنيك في تنظيم المعرض بحلة جديدة ستكون علامة فارقة في مسيرة المعرض.

وأوضح معاليه أنَّ المعرض شهد نقلات نوعية منذ انطلاقته الأولى في عام 2003، فبعد أن كانت مساحة المعرض لا تتجاوز 6,000 متر مربع، تضاعفت أكثر من 14 مرة في دورة عام 2024 لتتجاوز 87,000 متر مربع، وتضاعف عدد الشركات العارضة 43 مرة في دورة 2024 لتصل إلى أكثر من 1,742 شركة وعلامة تجارية، بعد أن كان عدد الشركات العارضة في الدورة الأولى للمعرض 40 شركة فقط.

وتضاعف عدد الدول المشاركة في المعرض 4 مرات، لتصل إلى 65 دولة في دورة عام 2024 مقارنة بـ14 دولة فقط في الدورة الأولى. ويُتوقَّع أن تشهد الدورة الحالية مشاركة قياسية من الزوّار العالميين، إضافة إلى استقطاب أكثر من 600 صحفي وإعلامي للتغطية الإعلامية للمعرض والفعاليات المقامة على هامشه.

وقال معالي المنصوري: «نطمح إلى تقديم نسخة مميَّزة من المعرض، غنية بتنوُّع العارضين والفعاليات، لما تتمتَّع به أدنيك من خبرة عريقة في تنظيم أهم الأحداث والفعاليات العالمية. وهو ما سنلمسه في هذه النسخة من معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية، خاصة أنه يتضمَّن تنظيم مزادات الصقور المميّزة في الدورة الحالية التي تضمُّ المزادات المباشرة، إضافة إلى المزادات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، وصولاً إلى مزادات الصقور النخبة والنادرة التي ستقام على هامش فعاليات المعرض».

وكشف معاليه أنَّ فعاليات الدورة الحالية للمعرض ستشهد للمرة الأولى، وبتوجيه من سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، إطلاق شارة معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية للصقور التي تمَّ شراؤها في المعرض والمزادات المصاحِبة في أربع فئات، ما يعكس حِرص القيادة الرشيدة على تطوير هذا القطاع الحيوي وتعزيز تنافسيته إقليمياً ودولياً. وستتمكَّن الصقور المشتراة في المعرض من التأهُّل للمشاركة في الأشواط الجديدة التي تُستحدَث في الجولات المقبلة لبطولة كأس صاحب السموّ رئيس الدولة، حفظه الله، للموسم 2024-2025.

وأضاف معالي المنصوري: “نتطلَّع إلى بناء المستقبل وتكريم الماضي، عبر معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية 2024 بصفته حدثاً عالمياً رائداً مخصَّصاً لعشّاق الصيد والفروسية، وتعزيز إرث أبوظبي ومكانتها الرائدة في قطاعَي الصيد والفروسية والقنص بالصقور، باعتبارهما القوة الدافعة التي تشكِّل القيم والممارسات التي تنتقل عبر الأجيال.”

وأشار معاليه إلى أنَّ الدورة الحالية تشهد حضوراً خليجياً واسعاً من الشركات العارضة والصقّارين وعُشّاق الصيد والرياضات التراثية، ما يعكس عُمق العلاقات المميزة بين الدول الخليجية الشقيقة، والتراث الثقافي المُشترك الذي يجمعها، والجهود المبذولة نحو صون رياضات الآباء والأجداد، وتعزيز الصيد المُستدام.

وقال حميد مطر الظاهري، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمجموعة أدنيك: «تحظى الدورة الحالية بمشاركة قياسية من كبرى الشركات المحلية والعالمية المتخصِّصة في القطاعات المختلفة، حيث ارتفع عدد الشركات العارضة بأكثر من 58.5% مقارنةً بدورة 2023، ووصل عدد الشركات العارضة والعلامات التجارية المشاركة إلى 1,742 شركة عارضة وعلامة تجارية».

وكشف الظاهري أنَّ المساحة الكلية للمعرض ارتفعت بنسبة 34%، لتصل إلى ما يزيد على 87,000 متر مربع مقارنة بـ65,000 متر مربع في دورة عام 2023، وبيَّن أنَّ المعرض يستقطب في دورة عام 2024 مشاركة 65 دولة، منها 14 دولة جديدة، ومشاركة أكثر من 250 شركة عارضة جديدة من مختلف دول العالم.

وأوضح أنَّ عدد الشركات الوطنية المشاركة في المعرض وصل إلى 435 شركة، أي ما نسبته 68% من الشركات العارضة، ما يظهر مدى التقدُّم الكبير الذي شهدته الصناعات الوطنية المتخصِّصة في هذه القطاعات الحيوية، والدور المؤثِّر للمعرض في تعزيز تنافسيتها وقدرتها على الوصول إلى الأسواق العالمية.

ونوَّه بأنَّ النمو القياسي في جميع مؤشرات الأداء في الدورة الحالية للمعرض يعكس الجهود الكبيرة التي بذلتها فِرق العمل في مجموعة أدنيك، بالتعاون مع نادي صقّاري الإمارات، لإنجاح هذه الفعالية وإخراجها بالشكل الذي يليق بسمعة إمارة أبوظبي ومكانتها على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وأكَّد الظاهري أنَّ تنظيم مجموعة أدنيك لمعرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية في دورته الجديدة يأتي في إطار حِرص المجموعة على تنفيذ رؤية القيادة الرشيدة في تطوير قطاع سياحة الأعمال والمعارض والمؤتمرات، وتوسيع نطاق المعارض القائمة التي ترتبط بالتراث والثقافة والسياحة البيئية، والحفاظ على الحياة الفطرية واستدامتها.

وقال سعد الحساني، مدير معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية: «يشهد معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية تطوُّراً مستمراً، متبنياً الابتكار مع بقائه وفياً للقيم الأساسية للثقافة والتراث الإماراتي، حيث تقدِّم نسخة هذا العام 13 ميزة جديدة وتحسينات على القطاعات الـ11 التي ستوفِّر للزوّار تجربة غنية، فضلاً عن أنَّ المزادات الفريدة التي نستضيفها تعدُّ أحد أبرز معالم الحدث، حيث تحتفي بالتقاليد العريقة والحياة البرية في وطننا، وتوفِّر منصة للمتحمِّسين للتواصل مع جوهر الحرفية والثقافة الإماراتية. ومن خلال جهودنا المشتركة، ستوفِّر النسخة الـ21 من معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية تجربة فريدة لجميع الزوّار والمشاركين».

وأكَّد الحساني أنَّ الدورة الجديدة من المعرض ستشهد العديد من العروض الحصرية التي ستكون محل اهتمام العارضين الدوليين والزوّار، ومنها مشاركة متحف زايد الوطني الذي يعرض مجموعة من مقتنيات المتحف الخاصة بالصقّارة والقنص والصيد، إضافة إلى أنشطة واستعراضات جديدة تقام للمرة الأولى.

وتقدِّم القطاعات الـ11 في معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية استكشافاً شاملاً للأنشطة الخارجية التقليدية والحديثة، تلبّي مجموعة متنوعة من الاهتمامات، حيث يقدِّم قطاع الرياضات والرماية والصيد أحدث الابتكارات في الأسلحة والإكسسوارات، ويقدِّم قطاع سياحة الصيد والسفاري فرصاً للمغامرات العالمية، ويبرز قطاع حفظ الثقافة والتراث التزام الحدث بالحفاظ على التقاليد الإماراتية، ويحتفي قطاع الفنون والحِرف بالإبداع من خلال الأعمال التقليدية والمعاصرة.

ويستهدف قطاع المركبات الترفيهية وعربات الرحلات محبّي الحياة المتنقّلة، ويجذب قطاع معدات الصيد والرياضات البحرية المهتمين بالأنشطة المائية، ويوفِّر المعرض لقطاعات المركبات والمعدات الترفيهية الخارجية ومعدات الصيد والتخييم ما يلزم للمغامرات الخارجية، ويقدِّم قطاع المنتجات والخدمات البيطرية طرق رعاية الحيوانات، ويكرِّم قطاع الصقّارة هذه الرياضة القديمة، ويجمع قطاع الفروسية محبّي الخيل مع عروض لفنون الفروسية والمعدات.

ويمكن لزوّار المعرض من محبّي الصيد والفروسية، أو ممَّن يريدون الاطِّلاع على التراث الثقافي للمنطقة، استكشاف المعارض الثقافية، والعروض التاريخية والتقليدية المذهلة التي تحتفي بالتراث الغني لدولة الإمارات في القطاعات الـ11.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: معرض أبوظبی الدولی للصید والفروسیة بن زاید آل نهیان الدورة الحالیة مجموعة أدنیک فی دورة عام 000 متر مربع فی المعرض فی الدورة أکثر من م قطاع

إقرأ أيضاً:

فضيحة الدرونز التي كشفت مشاركة فرنسا في إبادة غزة

في ليلة 17 يوليو/تموز 2014، كانت عائلة شحيبر التي تنحدر من غزة على موعد مع حادث أليم ومُعتاد في فلسطين المحتلة، حيث قصف جيش الاحتلال منزلهم. أما الهدف الإستراتيجي، فتمثل في قتل عدة أطفال: أفنان (8 سنوات)، ووسيم (9 سنوات)، وجهاد (10 سنوات)، الذين استُشهِدوا وهم يُطعِمون الحَمام على سطح المنزل، فيما تسبب القصف في استشهاد طفلين آخرين.

بعد القصف مباشرة، بدأت منظمتان حقوقيتان هما "الميزان" الفلسطينية و"بتسيليم" الإسرائيلية في البحث عن السبب الحقيقي وراء الاستهداف، لكنها خلصت إلى عدم وجود أي هدف عسكري في منزل شحيبر حسب ما أكدته الأمم المتحدة نفسها بعد ذلك في تقرير نشرته في يونيو/حزيران 2015.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كيف جندت إسرائيل باحثين من "إم آي تي" لصالح جيشها؟list 2 of 2القنابل الخمس التي تستخدمها إسرائيل في إبادة غزةend of list

هناك سؤال ثانٍ كان يؤرق المحققين المستقلين حيال السلاح الذي استُخدِم في القصف، وما أثار الاهتمام في أثناء تنقيب المحققين هو أسطوانة سوداء حملت نقوشا مسحها الانفجار جزئيا وعليها كُتب "أوروفارد ـ باريس ـ فرنسا".

بسبب هذا الاكتشاف رفعت أسرة شحيبر دعوى في فرنسا ضد شركة "إكسيليا"، بسبب تواطؤها المحتمل في جريمة حرب اقترفتها إسرائيل في عملية "الجرف الصامد". تقول هذه الأسطوانة الكثير عن الدعم العسكري والتقني الفرنسي لصالح جيش الاحتلال، وأحدث فصل فيه ما كشف عنه موقع "ديسكلوز" في تحقيق يورط فرنسا في جرائم إسرائيل في حق أهل غزة أثناء حرب الإبادة الدائرة حاليا.

إعلان رمادية فرنسية

قبل انطلاق الحرب على غزة يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت فرنسا رسميا وإعلاميا أيضا تصرح بالدعم الكامل لجيش الاحتلال للرد على ما حدث في السابع من أكتوبر. لكن إسرائيل حولت هذا الزخم الغربي من التعاطف إلى الإقدام على جرائم حرب يصعب إخفاؤها.

بدأ التوجس يجد طريقه إلى أروقة الداعمين الغربيين، خصوصا مع ارتفاع الأصوات الرافضة للإبادة في الرأي العام الغربي، ومحاولاته الضغط على صناع القرار لوقف تصدير السلاح إلى إسرائيل.

في فرنسا، سبق أن وجَّه 115 برلمانيا في أبريل/نيسان من عام 2024 رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مطالبين إياه بإيقاف مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، لأن أي تحرك عكس ذلك يعني ضلوع باريس في الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

قبل ذلك بأيام، كان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قد أصدر قراره بحظر تصدير الأسلحة إلى دولة الاحتلال، وصوَّتت 28 دولة لصالح هذا القرار، فيما اعترضت 6 دول على رأسها الولايات المتحدة وألمانيا، أما فرنسا فوجدت لنفسها مكانا مريحا في المنطقة الرمادية التي جلست فيها 13 دولة من الممتنعين عن التصويت.

يتسق موقف فرنسا من هذا القرار الأممي مع موقفها العام حيال حرب غزة، وملف تزويد إسرائيل بالأسلحة، أو ببعض القطع التي تستعملها تل أبيب في صناعة أسلحتها التي توجهها في الغالب نحو الفلسطينيين العُزّل.

منذ بداية الحرب على غزة، سلكت فرنسا مسلكا يرقص على جميع الحبال، فهي لم تعلن قطع أي تعامل عسكري مع دولة الاحتلال، لكنها في الوقت نفسه نزلت بهذا التعاون إلى أقل درجة ممكنة، بحيث تحافظ على خيط رفيع يربطها بتل أبيب، مع بذل كل الجهد المطلوب للمحافظة على هذا الخيط من الانقطاع.

موضوعيا، لا تُمثِّل تجارة الأسلحة بين فرنسا وإسرائيل إلا 0.2% فقط من 27 مليار يورو من صادرات باريس إلى دول العالم التي يمكنها استعمالها عسكريا أو في مجالات تقنية أخرى وتكون غالبا مجرد قطع غيار، حسب تصريح سيباستيان ليكورنو، وزير القوات المسلحة الفرنسي.

إعلان

لا تمانع فرنسا من تبادل المساعدة مع الإسرائيليين فيما يخص بيع الأسلحة، لكن المساعدة تخضع لحسابات أخرى أفصحت عنها مصادر لصحيفة "لوموند" أثناء التحقيق الذي نشرته الجريدة الفرنسية عام 2021 حول برنامج "بيغاسوس" للتجسُّس، حيث يقول المصدر: "نحن قريبون من الإسرائيليين بمسافة تسمح لنا أن نعرف ماذا يفعلون، لكن في الوقت ذاته، لدى فرنسا رغبة واضحة في عدم مساعدة إسرائيل في أي عمليات تقوم بها في غزة، لذلك لا نريد أخذ أي مجازفة في إرسال بعض الأسلحة التي قد تُستعمل في ذلك".

أسلحة فرنسا.. للدفاع فقط

في تقرير لها في 28 أبريل/نيسان الماضي، أفادت صحيفة "لوموند" أن فرنسا حتى قبيل الحرب الأخيرة على غزة كانت تزود إسرائيل بقطع ضرورية لصنع القذائف المدفعية، لكن في أكتوبر/تشرين الأول 2023، قررت باريس وقف العقود الخاصة بهذه القطع.

وتشير تقارير البرلمان الفرنسي الصادرة عام 2023 إلى أن فرنسا أرسلت إلى إسرائيل عددا من المعدات الخاصة بتدريع السيارات والمراقبة عبر الأقمار الصناعية.

بعيدا عن المعلومات التي جاءت في وسائل الإعلام الفرنسية، ثمَّة أخبار أخرى أكثر لفتًا للأنظار، منها التحقيق الاستقصائي الذي نشره موقع "ديسكلوز" الفرنسي في مارس/آذار 2024، وقال إن باريس سمحت في نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2023 بإرسال شحنة تضم ما لا يقل عن 100 ألف خرطوشة (ما يغلّف الطلقة)، انطلقت من مرسيليا عبر شركة "أورولينكس" الفرنسية المتخصصة في صناعة المُعدات العسكرية.

يشير التحقيق إلى أن حجم الشحنة وصل إلى 800 كيلوغرام من الذخائر أُرسِلَت إلى شركة "آي إم آي سيستمز" الإسرائيلية، المُزوِّد الحصري للجيش الإسرائيلي لهذا النوع من الذخائر، ويتعارض هذا التمويل المباشر مع تأكيد باريس عبر قياداتها السياسية أن الأسلحة والمعدات الدفاعية فقط هي ما تصل إلى تل أبيب.

إعلان فضيحة المُسيَّرات

مع جولة خفيفة في مواقع التواصل الاجتماعي للعالقين في غزة، نجد أن صوت الخلفية المشترك بين الفيديوهات يغلب عليه ضجيج الطائرات المُسيَّرة، أو ما ُسميه أهل غزة بـ "الزنّانات".

شكَّلت حرب غزة فرصة لإسرائيل لتفعيل الكتيبة 166 التي تحمل اسم "سرب الطيور النارية"، بحسب ما نشر موقع "إسرائيل ديفِنس"، والهدف من هذه الطائرات هو مراقبة غزة، ثم تنفيذ الضربات. وضمن هذا السرب هناك الطائرة "هيرميس 900" التي يصل طولها إلى نحو 15 مترا، وهي قادرة على الطيران لمدة 30 ساعة متواصلة، وعلى ارتفاع 9000 متر.

لا يحتاج الضباط الذين يوجِّهون هذه الطائرات إلا إلى غرفة تحكم تبعد مئات الكيلومترات عن مسرح العمليات، ثم تنفيذ الضربات مستفيدين من الدقة الكبيرة التي توفرها هذه الطائرات الحديثة، حيث بإمكانها مثلا الإجهاز على سائق سيارة على بُعد 5 أو 10 أمتار دون إصابة أي راكب آخر في السيارة نفسها، رغم أن الاستعمال الإسرائيلي لهذه الأسلحة لا يهتم كثيرا بالقتلى المدنيين.

في تحقيق جديد حول صفقات السلاح بين فرنسا وإسرائيل، نشر موقع التحقيقات الفرنسي "ديسكلوز" وثائق تُثبت تورط شركة "تاليس" الفرنسية، التي تمتلك الدولة 26% من أسهمها، في تسليم إسرائيل مجموعة معدات إلكترونية تساعد في جمع قطع طائرة "هيرميس 900″، من بينها قطعة "TSC 4000 IFF"، وهي تساعد هذه المُسيَّرات على تجنُّب الصواريخ والمُسيَّرات "الصديقة" التي قد تعترض طريقها، حتى لا تسقط الصواريخ الموجهة نحو الفلسطينيين على الإسرائيليين أنفسهم.

يشير التحقيق إلى أن 8 قطع من هذه الأجهزة أُرسِلَت فعلا إلى إسرائيل بين ديسمبر/كانون الأول 2023 ومايو/أيار 2024، أي بعد أشهر من انطلاق العمليات الإسرائيلية في غزة.

ويسلط التحقيق الضوء على إشكالية مراقبة العقود السرية التي تعقدها الجهات العليا الفرنسية مع بعض الدول ومن بينها إسرائيل، وذلك رغم خروج وزير الدفاع الفرنسي يوم 20 فبراير/شباط 2024 أمام البرلمان مؤكدا أن جميع القطع التي تُرسَل إلى إسرائيل عبارة عن معدات يُتأكَّد من نوع الآليات التي تُستَعمل فيها.

إعلان

يعود هذا التعاقد السري بين فرنسا وإسرائيل إلى 2 مارس/آذار 2023، حين اشترت شركة "إيلبيت سيستيمز" الإسرائيلية المصنعة لطائرات "هيرميس 900" ثماني قطع إلكترونية بمبلغ 55 ألف يورو للقطعة الواحدة من جهات فرنسية (440 ألف يورو إجمالا). وصل الطلب بعد أسابيع من انطلاق الرد الناري على هجمات 7 أكتوبر، في الوقت الذي كانت تحذر فيه الأمم المتحدة من أن النيران الإسرائيلية غالبا ما تطول النساء والأطفال الرضع.

طائرة هيرميس 900 الإسرائيلية المسيّرة (غيتي)

ورغم ذلك، يقول موقع "ديسكلوز" إن وزارة الدفاع الفرنسية لم تحترم الاتفاقيات التي وقَّعت عليها بعدم بيع أسلحة لجهات تستهدف المدنيين، بل واصلت دعم تحركات حكومة نتنياهو في تدمير قطاع غزة.

كانت فرنسا قد واجهت في وقت سابق دعوة من 11 منظمة حقوقية تتزعمها منظمة العفو الدولية "أمنستي" بسبب إرسالها أسلحة إلى تل أبيب، مع العلم أن الأخيرة لا تجرب أسلحتها ولا الأسلحة التي تحصل عليها من حلفائها إلا في مواجهة الفلسطينيين.

سكوربيون

تجمع فرنسا وإسرائيل علاقة تسليح وتكنولوجيا وطيدة، ويكشف تحقيق مهم لموقع "أوريان 21" عن العلاقة بين جيش الاحتلال وجهاز الدفاع الفرنسي، وعن الغموض الكبير الذي يكتنف هذه العلاقة، التي تشهد تعاونا بين الفرنسيين والإسرائيليين على حروب المستقبل التي سيكون أبطالها الروبوتات والطائرات المُسيَّرة.

تمتاز العلاقات بين فرنسا وإسرائيل بنوع من الودية، وإن كانت قد تعكرت في الفترة الأخيرة، بيد أن الأمر ليس بذلك الوضوح أو الشفافية فيما يتعلق بالجانب العسكري، لأن العلاقة تتأرجح بين الود والمنافسة، بل تصل أحيانا إلى الاختراق. لا يحب الفرنسيون الطريقة التي يتعامل بها الإسرائيليون في مجال الصناعات العسكرية، فهم يكسرون الأثمان بهدف الاستيلاء على أسواق السلاح.

وليس هذا فحسب، بل أصبح جيش الاحتلال منذ سنوات يتوجه إلى أهم الأسواق التقليدية التي كانت فرنسا تتمتع بالأفضلية المطلقة فيها لينافسها هناك، وهي سوق أفريقيا.

إعلان

منذ اتفاق أوسلو، استثمرت إسرائيل كثيرا في القارة السمراء، خصوصا في مجال حماية الأنظمة القائمة. وفي السياق نفسه، حافظ الإسرائيليون رغم ذلك على نوع من التعاون مع الفرنسيين كما حدث في الكاميرون، حيث دعموا الجيش الكاميروني للقتال ضد جماعة "بوكو حرام"، وأقدم مرتزقة إسرائيليون على تأطير كتيبة التدخل السريع، التي تعمل تحت قيادة الرئاسة مباشرة، وجهز الإسرائيليون كتيبة التدخل السريع ببنادق كانت حتى الأمس القريب لا تأتي إلا من الصناعة الفرنسية.

تجاوز تأثير السلاح الإسرائيلي رعايا فرنسا السابقين من الأفارقة إلى فرنسا نفسها. وصحيح أن جيش الاحتلال منذ بدء عدوانه الغاشم على غزة قد استعان بكل مَن له إبرة يمكنها أن تغطي حاجتها العسكرية لإبادة غزة وسكانها، إلا أن الإسرائيليين في الظروف العادية يؤثّرون بالفعل في مجال التسليح والدفاع الفرنسي، مع أن العكس ليس صحيحا بالضرورة.

ففي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كانت فرنسا هي التي تبيع الأسلحة لجيش الاحتلال، أما اليوم، فأضحت تل أبيب تبيع لباريس، إذ استوردت فرنسا أنظمة المراقبة الإلكترونية والمُسيَّرات، وحتى الجنود الآليين. ولا يُخفي الفرنسيون انبهارهم بالتكنولوجيا الإسرائيلية، وبالقليل من البحث، يمكننا الوصول إلى بعض نتائج هذا التعاون الخفي، أما الفاكهة المسمومة الأكثر نضجا هي "برنامج سكوربيون".

لا يعلم الفرنسيون الكثير عن برنامج خفي يسمى "تآزر الاتصال المعزز بتعدد الاستخدامات وتثمين المعلومات"، المعروف اختصارا بـ"سكوربيون"، وهو برنامج "ذكي" سيدخل في قلب إستراتيجية القوات البرية الفرنسية للعقدين المقبلين.

أهم نقطة في برنامج "سكوربيون" هي تطوير قيادة رقمية واحدة تعتمد على وصلة مشتركة، تسمح للجنود المختلفين والأدوات العسكرية المنتشرة، وبالخصوص المُسيَّرات والروبوتات، بالاتصال في وقت واحد لاستباق أي ردود فعل يقوم بها العدو المفترض.

إعلان

لذا، سيتمكن الجندي الفرنسي من الحصول على جميع هذه المعلومات عبر مواقع "جي بي إس" خاصة بالبرنامج، الذي عملت عليه شركة "إلبيت" الإسرائيلية، من أجل حرب "بدون ضوضاء"، وبحيث يُتيح هذا النظام الاستباقي لفرنسا أن تتجنَّب مقتل العديد من جنودها عبر قراءة التحركات الاستباقية لعدوها.

عمل جيش الاحتلال على تطوير تقنياته عبر تجريبها في غزة وفوق جثث أهلها، ولذلك تمكن من التقدم في نقاط ثلاث: أولها محو أصوات محركات المُسيَّرات، وثانيها تصغير حجمها وتطويرها بحيث يماثل حجمها حجم الحشرات، وأخيرا القضاء على أي آثار رقمية لها مع تحديد إشارات العدو.

كل هذا وأكثر يوجد في برنامج "سكوربيون" الذي لا تقتصر أهميته في الصناعة الفرنسية على الاستخدام، بل تتجاوزه إلى التصدير، حيث أبدت بعض الدول، ومنها دول عربية، حماسها الشديد للحصول عليه، وهو برنامج وصل بالطبع، قبل كل هؤلاء المشترين، إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وبذلك يبدو الموقف "المحايد" الذي تحاول القيادة السياسية في فرنسا اتخاذه من حرب الإبادة الحالية، موقفا لا تعضده مواقف الجانب العسكري، الذي بات بصورة أو بأخرى جزءا من هذه الحرب، وجزءا من آلة القتل التي تحرق وتدمر يوميا كل ما تطاله دون رادع.

مقالات مشابهة

  • برعاية الإمام الأكبر.. افتتاح النسخة الثانية من برنامج صناعة القيادات النسائية
  • “الشرق الأوسط للطاقة” ينطلق اليوم في دبي
  • طلاب من 8 دول يشاركون في معرض "بترو برزة" بجامعة السلطان قابوس
  • بدء فعاليات معرض بترو برزة بجامعة السلطان قابوس في نسخته الثانية
  • وزارة التعليم تشارك في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2025
  • آرت دبي 2025.. احتفاء بالتنوع
  • المملكة تشارك بـ134 اختراعًا في معرض جنيف الدولي
  • فضيحة “الدرونز” التي كشفت مشاركة فرنسا في إبادة غزة
  • فضيحة الدرونز التي كشفت مشاركة فرنسا في إبادة غزة
  • الدرون والألعاب النارية ترسمان لوحًا فنية في سماء جدة في ليلة دايم السيف التي صاحبها اطلاق معرض في محبة خالد الفيصل