شبكة اخبار العراق:
2024-09-14@06:32:56 GMT

الاكتئاب والقلق في المدونات البابليّة

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

الاكتئاب والقلق في المدونات البابليّة

آخر تحديث: 29 غشت 2024 - 12:05 مإدوارد ه.رينولدز و جيمس ف. كينير ويلسون

ترجمة: مظفر لامي

في الأعوام الخمسة والعشرين الماضية، قمنا بلفت الانتباه للأوصاف والفهم والمعالجات التي كانت سائدة في بابل  للاضطرابات العصبية والنفسية. و أظهرنا في أبحاثنا قدرة البابليين الملحوظة على وصف العديد من الاضطرابات والسلوكيات الطبية التي نشهدها في زمننا الحاضر، فضلًا عن وضع تفسيراتهم وعلاجاتهم الخاصة لها، رغم عدم فهمهم للدماغ أو الوظيفة النفسية.

وقد بدأنا بالاضطرابات العصبية للصرع والسكتة الدماغية، وما يسمى بشلل بيل. وناقشنا مؤخراً الاضطرابات النفسية التي تشمل الذهان الصرعي واضطراب الوسواس القهري والرهاب والسلوك السايكوباتي، ونوجه انتباهنا الآن للاكتئاب والقلق في بابل.
حكمت بابل إمبراطوريتان، الأولى بدأت مع مؤسسها الملك حامورابي حوالي عام 1792 ق.م، أي في النصف الأول من الألفية الثانية ق.م. والثانية ترتبط بنبوخذ نصر ( 604 – 562 ) وهي تمتد من عام 626 إلى 539 ق.م. ورغم شهرة الحقبة الثانية، إلا أننا وجدنا أن مجموعة النصوص الطبية البابلية الكبيرة التي درسناها تعود للإمبراطورية البابلية الأولى. واللوح الذي نحن يصدده الآن له خصائص استثنائية في بعض النواحي، فهو نسخة لا تحمل تاريخ اللوح الأصلي، رغم وجود احتمالية كبيرة بعائديته إلى الألفية الثانية ق.م التي شهدت نشاطاً كبيراً في جمع وتحرير النصوص الطبية. وقد نشره كوشر برقم 234 في السلسلة المعروفة لدى علماء الأشوريات بالأحرف الأولى BAM. وقد تم تحريره لاحقاً بترجمة وتعليق من قبل ريتروكينير ويلسون. وهو يتضمن وصفاً سريرياً مطولاً بشكل استثنائي، يتبعه علاج ذو طبيعة طقسية.لم يكن مفهوم الاكتئاب كعارض أو حالة سريرية معروفاً عند البابليين. وكانت مدوناتهم عن المرض العقلي تتميز بموضوعيتها وغياب المشاعر والأفكار الذاتية. ومن المتعارف عليه أن مفهوم الاكتئاب كتشخيص سريري جديد نسبياً ويعود لأواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، عندما استبدلت الكلمة اليونانية المالنخوليا السوداء melancholic بكلمة الاكتئاب depression بعد أن ثبت عدم صلتها بهذه الحالة. أما في اللغة البابلية، فيوجد أسم ašuštu المشتق من الفعل ašašu ، والذي يفهم عموماً على أنه يعني ( الضيق ) وربما يشمل معنى ( الاكتئاب ) رغم صعوبة التأكد من المعنى الدقيق في حالات معينة. كما يرد في بعض النصوص الطبية استعارة للمصطلح  السومري zikurrudû الذي يعني حرفياً قطع أو تقصير الحياة، وقد فسر على أنه يعني الانتحار أو محاولة الانتحار أو الميول الانتحارية، والذي قد يعني أيضاً الاكتئاب في بعض الحالات. لقد ميز البابليون مشاعر الخوف وأعطوا لها وصفاً بكلمة puluhtu أو الفعل iptanarrud الذي يعني ( دائم الخوف ) وقد يكون مختلفاً بشكل طفيف عن كلمة  hip libbi التي تعني حرفياً ( كسر العقل ) وهي تفسر على أنها انهيار عصبي أو ربما نوبات الهلع.في اللوح موضوع البحث، يرد نصٌ سريريٌّ لا يمكن الجزم، إن كان يشير في الأصل لحالة واحدة متعلقة بـ ( رب أسرة )، أم هو يقدم وفقاً للتقاليد الطبية البابلية المعتادة، الصورة السريرية الكاملة المستمدة من ملاحظة حالات عديدة. وكلمة ماميتو التي تذكر في المعالجة الطقسية تعني القسم أو الإكراه، وقد تم صنع ودفن تمثالين أو صورتين مضادتين للماميتو لكسر قسم أو تحكم الإله أو الإلهة الشخصيين الساخطين. والتضرع موجه إلى شمش، اله الشمس والعدالة.
ترجمة النص:
 إذا أصيب رب أسرة awilum بفترة طويلة من سوء الحظ، ويكون جاهلاً سبب حدوثها، وجعلته يعاني باستمرار من الخسائر والحرمان، بما في ذلك، خسائر الشعير والفضة ونقص العبيد والإماء، وكانت هناك حالات هلاك لثيران وخيول وأغنام وكلاب وخنازير وحتى موت أفراد من عائلته. وإذا كان يعاني من انهيارات عصبية متكررة، وتصدر عنه باستمرار أوامر ونداءات لا يستجيب لها أحد. وإن كان يسعى لتحقيق رغباته، وفي ذات الوقت يكون مضطراً لرعاية أسرته. إذا كان يرتجف من الخوف في غرفة نومه، وتضعف أطرافه. ويكون بسبب حاله هذا ناقماً على الإله والملك. وفي بعض الأحيان تعتريه مخاوف تمنعه من النوم في الليل والنهار، وتراوده باستمرار أحلام مزعجة. ويصيبه هزال بسبب عدم أخذ كفايته من الطعام والشراب. وإذا كان ينسى ويصعب عليه تذكر الكلمة التي يحاول أن يقولها. فهذا الرجل قد حل عليه غضب إلهه أو إلهته.
ولكي يحرر من حاله هذا، ولا تتغلب عليه مخاوفه، عليه اتباع هذه الإرشادات: يصنع صورتين مضادتين للماميتو على هيئة تمثالين لذكر وأنثى من طين وصلصال الفخار ويكتب اسميهما على جانبيهما الأيسر. يكسى التمثال الأنثوي بمعطف ودثار وغطاء رأس من صوف أزرق وأسود وأبيض. وحول الرقبة يضع حجر أبيض. أما التمثال الذكر، فيكسى كذلك بمعطف ودثار وغطاء رأس مع حزام من صوف أبيض غير مغزول يربط على حقويه. ثم يقوم قبل شروق الشمس بإعداد الطقس المعتاد؛ يعُد وعاء القربان والى جانبه يقدم أطباق من التمر ودقيق القمح. وينحر ذبيحة شاة نقية لا عيب فيها، ويقدم الكتف اليمنى سمينة ومشوية للإله شمش. ثم يقوم بتقديم الصور المضادة للماميتو معلناً أسماءها ومردداً التعويذة التالية:
يا شمش، ملك السماء والأرض، رب القانون والإصلاح والعدل، من أجل بقاء تمثاليَّ حيين، قمت بتنقية صلصال الفخار، وأعطيتهما خرزتيهما الفضيتين، وأنا في تقديمهما لك أقدم إجلالي وتعظيمي لك. فلتدع تمثاله يتحول إلى رجل، وتمثالها إلى امرأة. يا شمش، أيها الرب العلي العليم بكل شيء، أنا فلان، أبن فلان، خادمك المحترم، من هذا اليوم فصاعداً سأمشي أمامك، لذا، كما تشرق إلوهيتك العظيمة علي فيما ابتليت به من تحكم الماميتو التي استولت علي، وتلاحقني في الليل والنهار، وتستنزف جسدي، وتستعد لإنهاء حياتي، بأمر من إلهك العظيم، أجعل هذه الصور تحل بديلاً عن جسدي وشخصي، ولتكن تماثيلي بديلة عني. وإلى إريشكيجال، الملك العظيم للعالم السفلي، أدفن بدائلي هذه في الأرض قائلاً: صحة تامة وعمر طويل. هل تأمر بذلك وتفتح بابك لي.
يتعرف الطبيب النفسي المعاصر في هذا النص على وصف دقيق للغاية للاكتئاب الحاد الذي يتسم بخصائص بيولوجية تشمل الأرق وفقدان الشهية والضعف وربما فقدان الوزن بالإضافة لضعف الذاكرة وصعوبة التركيز. ومثلما هو الحال في اضطراب الوسواس القهري، لا يصف الكاتب الأفكار أو المشاعر الذاتية، بل يرصد الاكتئاب والخوف والانفعال وربما نوبات الهلع، الأمر الذي يشير كتفسير أولي لحالة من القلق. وكانت النظريات الخارقة للطبيعة كسبب للجنون هي السائدة لحقب طويلة من الزمن، وقد حدد الإغريق أربعة أنواع من الجنون السماوي الذي يرتبط كل منها بآلهة معينة. وهي الجنون التنبؤي (أبولو)، والجنون الغائي أو الطقسي (ديونيسوس)، والجنون الشعري (إلاهات الإلهام)، والجنون الإيروتيكي (أفروديت وإيروس) وتداخلت عندهم الكآبة مع الجنون الشعري بسبب الارتباط المفترض بين الكآبة والعبقرية.
البابليون كان لديهم أيضاً آلهتهم، لكنهم لم يعتبروها سببا للأمراض التي لا يمكن تفسيرها أو السلوك غير الطبيعي. ونسبت عندهم لمجموعة متنوعة من الجن والأرواح الشريرة أو كما في هذه الحالة، لغضب الإله الشخصي. و على النقيض من ذلك،  لا تظهر الآلهة العليا مثل شمش أو مجمع الآلهة في النصوص الطبية العلاجية العامة، لكنها تظهر في النصوص التي تهتم بشكل أساسي بالحالات العقلية. وبقدر ما نعرف، لم تكن الآلهة الشخصية بقوة الآلهة العليا، وهو ما يفسر اللجوء إلى شمش إله العدالة في هذه الحالة. وربما شعور المريض بالظلم في محنته هو سبب هذا الاختيار.

المصدر: شبكة اخبار العراق

كلمات دلالية: فی بعض

إقرأ أيضاً:

"الزراعة" و"الوكالة الألمانية" يبحثان استعدادات مهرجان النباتات الطبية والعطرية بالفيوم

بحثت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي "جي اي زذ"، نيابة عن الحكومة الألمانية، الاستعدادات الخاصة بإطلاق النسخة الثالثة من مهرجان النباتات الطبية والعطرية، المقرر اقامته بمحافظة الفيوم نهاية الشهر الجاري، تحت رعاية علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والدكتور أحمد الأنصاري محافظ الفيوم.

ويقام المهرجان من خلال مشروع الابتكار الزراعي، بالتعاون مع المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، والمجلس التصديري للصناعات الغذائية، وغرفة الصناعات الغذائية، ومركز تحديث الصناعة، ومركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية، وجمعية تنمية وتطوير الصادرات البستانية.

وعقدت اللجنة التنسيقية والتيسيرية للمهرجان، اجتماعا بحضور  الدكتور علاء عزوز رئيس قطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة  والمنسق الوطني لمشروع الإبتكار الزراعي، والدكتور محمد التوني نائب محافظ الفيوم، والمهندس طارق ابو بكر رئيس لجنة النباتات الطبية والعطرية في المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، والمهندس هاني حسين الرئيس التنفيذي للمجلس التصديري للحاصلات الزراعية، وأمل سمير ممثله عن غرفة الصناعات الغذائية، والدكتور امجد القاضي رئيس مركز تكنولوجيا الصناعات الغذائية، وايمان كامل المديرة التنفيذية لجمعية تنمية وتطوير الصادرات البستانية، وداليا قابيل الرئيس التنفيذي للشركة المنظمة  ذلك الي جانب الوكالة الالمانية للتعاون الدولية ممثلة في لمياء مليجي مدير مكون الربط بالأسواق في مشروع الابتكار الزراعي ودينا احمد مسؤول ريادة الاعمال والتشبيك في المشروع.

ومن جانبه أكد الدكتور علاء عزوز، رئيس قطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة، على دعم علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، قطاع النباتات الطبيه والعطرية علي كافة المستويات بداية من الزراعة، ومرورا بعمليات التصنيع، وتحقيق القيمة المضافة، وحتى التصدير، فضلا عن العمل علي إتاحة التمويل من خلال البنوك المصرية، بإعتبار هذا القطاع من القطاعات الهامة والواعدة، ذات القيمة الاقتصادية العالية، والتي تساهم في خلق المزيد من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، فضلا عن مساهمتها في زيادة الدخل القومي للبلاد، خاصة وان مصر من أهم الدولة المنتجة والمصدرة للنباتات الطبية والعطرية.

وقال إن بداية تطوير القطاع الزراعي وصغار المزارعين يجب أن تأتي وتتم بالتعاون الوثيق مع القطاع الخاص لمواكبة متطلبات الأسواق المختلفة، لافتا الى أنه ينبغي إنشاء حزم تمويلية لقطاع النباتات الطبية والعطرية من مختلف البنوك، لتعزيز القطاع وفتح فرص جديدة للمصدرين وصغار المزارعين، فضلا عن دعم جهود إستصلاح الأراضي.
وأضاف انه بعد النجاح الباهر الذي حققته النسختان السابقتان، بمشاركة أكثر من أربعة آلاف زائر و١٠٠ عارض في كل دورة، يهدف مهرجان هذا العام إلى تعزيز وتطوير قطاع النباتات الطبية والعطرية بالتركيز على تعزيز القيمة المضافة والممارسات الزراعية الجيدة بما يتماشى مع إستراتيجية التنمية الزراعية المستدامة 2030 ورؤية مصر 2030.

وأشار إلى أن المهرجان هذا العام سيتناول التحديات التي يواجهها هذا القطاع الحيوي، ويعمل على تعزيز القدرة التنافسية وزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية، مما يسهم في رفع مستوى القطاع ككل، لافتا الى انه يسعى أيضا إلى تعزيز تبادل الخبرات وفتح أبواب التعاون بين الشركات المصرية والدول الرائدة في إنتاج وتصنيع النباتات الطبية والعطرية، مثل الهند. 
وأوضح أن المهرجان، من المقرر ان يستضيف هذا العام عدد من الاستشاريين الدوليين لتقديم المشورة والتوجيه، مما يدعم تحقيق أهداف القطاع وتحسين ممارساته على مستوى عالمي، كذلك سيشارك فيه أيضا أكثر من 100 عارض من أهم منتجي النباتات الطبية والعطرية والمصنعين والمصدرين والموردين، بالإضافة إلى مقدمي الخدمات مثل اللوجستيات والتعبئة، كما سيشمل أيضًا خطوط الإنتاج المحلية وخبراء في مجالات الأسمدة والكيماويات، والتعبئة والتغليف، والمواد الغذائية والتصنيع الغذائي، وزراعة وإنتاج النباتات الطبية والعطرية، والوقاية من الأمراض والآفات، والحلول الرقمية والمالية، فضلاً عن ممثلي المؤسسات العلمية والبحثية والمنظمات والهيئات الدولية ومنظمات المجتمع المدني. كما يتضمن المهرجان بازار لعرض منتجات محافظة الفيوم اليدوية والتراثية.

واضاف انه سيتم على هامش المهرجان، إقامة ندوات علمية وورش عمل تتناول موضوعات مثل: الإبتكارات والتطبيقات الجديدة للنباتات الطبية والعطرية في قطاعات الغذاء والأدوية ومستحضرات التجميل، وخارطة طريق النباتات الطبية والعطرية مع التركيز على الإجراءات المتخذة من مهرجان النسخة الثانية ودور مصر كمحور رئيسي في هذا القطاع، وتعزيز القدرات البشرية، وفتح أبواب التمويل لرواد الأعمال والعاملين بالقطاع.

وقال انه سيتم أيضا تناول دور الجهات التنموية في دعم وتطوير القطاع، ومتطلبات سلامة الغذاء لأسواق التصدير، وسبل تعزيز القيمة المضافة وفتح فرص جديدة لصغار المزارعين، فضلا عن تنظيم جلسات "إسأل خبير" مع متخصصين في مجال النباتات الطبية والعطرية للإجابة على الأسئلة المتعلقة بأفضل الممارسات لزراعة النباتات الطبية والعطرية، ومعاملات ما بعد الحصاد، وسلامة الأغذية، وآليات التصدير والتسويق، والتصنيع والتعبئة، وإستخدام الحلول الرقمية المختلفة.

 

21fb14e2-ec94-4143-a7ea-6607abd56173 d33e9e1f-ea6a-4fdf-9361-c63d2d09b2e1 df1c1103-e154-4d56-b730-09d2863dca9f

مقالات مشابهة

  • السودان: تدهور  الخدمات الطبية و الصحية بمركز «الجميح» لغسيل الكلى بـ «الأبيض» 
  • الزراعة: انطلاق مهرجان النباتات الطبية والعطرية بالفيوم نهاية الشهر الجاري
  • "الزراعة" و"الوكالة الألمانية" يبحثان استعدادات مهرجان النباتات الطبية والعطرية بالفيوم
  • سيلينا جوميز تكشف حيلة تلجأ لها لعلاج الاكتئاب الموسمي
  • محافظ المهرة يطلع على سير الأعمال بمشروع مدينة الملك سلمان الطبية
  • المخلفات الطبية بالعراق.. متعففون يرونها مصدر رزق وتحذيرات من مخاطرها البيئية
  • الزراعة: المباشرة بحملة توسيع زراعة النباتات الطبية والعطرية
  • الخدمات الطبية .. الأحد المقبل عطلة رسمية
  • تقديم الخدمات الطبية لـ ١٤١٥ مواطناً خلال قافلة طبية في المنيا
  • محافظ بني سويف: ندعم المستشفيات بأحدث الأجهزة الطبية