عربي21:
2024-09-14@06:41:53 GMT

الإخوان والحوار مع مندوبي النظام المصري!!

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

على مدار الأيام القليلة الماضية ثار موضوع، حوار الدكتور حلمي الجزار وبعض الإخوان مع أشخاص يحسبون على النظام المصري، وقد تحدث في الموضوع بكلام منطقي وجاد، كاتبان فاضلان، وهما: الدكتور سليم عزوز، والدكتور عزام التميمي، ولكلامهما وجاهة وأهمية، إلا أن هناك زوايا أخرى مهمة في الموضوع، أحببت أن أتناولها، لما يمثله أي حديث عن المعتقلين من أهمية، فهو جرح نازف لدى الجميع، وألم لا يتوقف، لأن من بالخارج، وقد نجاه الله من يد الظلمة، كان يمكن أن يكون أحد من قبعوا في أحد هذه السجون المظلمة.



كيف تسرب الخبر؟

أما أول النقاط التي يجب أن يناقشها الإخوان، فهو كيف تسرب الخبر، ولماذا تسرب بهذه الطريقة، فإن بمعرفة من تحدثوا فيه، وبخاصة من بدأوا الحديث عنه، يعرف كيف وصل إليهم، وهي مسألة لا تحتاج لطول تفكير، فإن من خبر الحالة المصرية في الخارج، يستطيع أن يعرف بعض الشخصيات الذين يبادرون بالحديث في موضوعات تتعلق بالإخوان، يمكنه سريعا معرفة مصدر التسريب، ولماذا؟ وما الهدف المرجو منه؟

المشكلة الكبرى التي تواجه الإخوان في التواصل أو السعي في أي ملف يتعلق بالجماعة، هو: فئة ما نطلق عليهم: (الهبيدة)، الذين بات أكل عيشهم السوشيال ميديا، فلا بد من حضوره في كل موقف، ولا بد من وضعه في الصورة، ولا بد من سماع قوله، وكأنه العارف بكل شيء، وأن لديه ما ليس لدى الآخرين..وليس خافيا على أحد وجود شخصيات بين من يحسبون على المعارضة، هم مصادر معلومات عنها لجهات معلومة، ولأن كثيرا منهم صار مكشوفا، فلم يعد لديهم معلومات، ولا بد من دوام الصلة بمن يمدونهم بها، فصاروا يلجؤون لأمر مكشوف، وهو الإدلاء بمعلومة، ثم يبدأ يكبرها بمعلومات وهمية، أو من نسج خياله، لتظل صلته متصلة بمن يتعامل معهم.

تدني مستوى الوسطاء!

ثانيا ـ تحدث بعض من علقوا على تواصل الإخوان، بأنهم تواصلوا مع أشخاص لا يمثلون ثقلا في السلطة المصرية، أو غيرها، وهو كلام ربما يكون وجيها في سياق آخر غير الحديث عن السلطة المصرية، والتي منذ بدايتها اتضح تدني مستوى ممثليها، فقد كنا في قناة الجزيرة بعد الانقلاب مباشرة، نشكو من هذا الأمر، أن من يواجهوننا أشخاص ضعاف، فأين كبار القوم؟! والإجابة: لا يوجد، وهم يخافون من المواجهة، وقس على ذلك كتاب النظام، وإعلاميي على النظام، ووزراء النظام، كلهم من نفس المستوى.

فليس مستغربا أن يكون تواصل الإخوان مع مستويات بسيطة ومحدودة، فالمهم هو ما ينتهي إليه الحوار، وليس ممثله، وبخاصة في مستويات الكلام الأولي، من الطبيعي أن تكون كذلك. وللأمانة فإن مستوى الإخوان كذلك لم يعد الإخوان التي كانت من قبل يخطب ودها كل سياسي كبير، وقد كان أي مرشح رئاسي، أو رئيس حزب، أو مرشح لمنصب نقيب، لا بد من مروره على الإخوان، أما الآن فالحال تغير، وبناء صورة ذهنية عن الإخوان كما الماضي، هو مجافاة للحقائق والواقع، فمستوى تواصل الإخوان مع دول حليفة، لم يعد يتعد المستوى الخدمي في التواصل، أو المستوى الأمني المحدود، كوساطة لإخراج شخص مقبوض عليه، أو إدراك شخص مهدد بالترحيل.

السعي خير من الصمت

ثالثا ـ ومع ذلك، فمما يحمد هنا سواء اتفقت أم اختلفت مع من يقومون بهذا الجهد في الإخوان، أنه جهد مطلوب، مهما كان ضعيفا، ولا يثمر المنشود منه، لكنه محمود ومطلوب المداومة للسعي، فإن أهم ملف يمكن أن يتحرك فيه الإنسان، هو ملف المسجونين والمعتقلين، لأنه يمثل معاناة ضخمة للأسر المصرية.

والخلاف بين أطراف الإخوان، سيكون عامل ضعف في الأمر، لأن كل طرف سيتحرك سيزايد عليه أطراف أخرى، والعاقل هنا من ينظر للمصلحة، بغض النظر عمن يهاجمه، فمن الطبيعي أن يهاجم، لكن أن تهاجم وأن تعمل، خير لك من أن تهاجم وأنت صامت، أو نائم في الخط، كما يقول المصريون.
هل التواصل يمثل النظام؟

طرح البعض تشكيكات، أن التواصل مع أشخاص لا يمثلون النظام، وهو كلام يصح في نقاط، ولا يصح في أخرى، فإن هؤلاء الأشخاص، لا يجرؤ أحدهم أن يقدم على التواصل مع الإخوان، دون ضوء أخضر، فالغلطة مع هذه الأنظمة عقوبتها صعبة، فوق طاقة وقدرة هؤلاء الوسطاء، سواء كان وسيطا عن النظام، أو وسيطا عن كفيل النظام.

محاولات داخلية لتخفيف ملف المعتقلين

رابعا ـ أن هناك محاولات للحلحلة في موضوع السجون، وإن طرح بعيدا عن الإخوان، لكنه طرح من النظام نفسه داخليا، فهناك معلومات أن طرحا بالعفو عن عدد كبير من المسجونين لا بد منه، لينفس عن الشعب، وبخاصة في ظل الحالة الاقتصادية الخانقة، والانسداد التام للمجال العام في مصر، مما ينذر بمخاوف لحدوث ما لا يتوقع، كما حدث مع مبارك وغيره، ولقي الاقتراح ترحيبا، عدا الأمن الوطني، الذي أبدى تحفظا، مما جعل النظام يلغي التفكير، أو يؤجله.

وهو نفس ما فكر فيه داعمو النظام وكفلاؤه، إذ إن هذا التضييق التام، لو حدث أي خروج للجماهير، يخيفهم على مصالحهم، ولا بد لتجنب ذلك، من فتح مساحة ولو شكلية، تحول بين هذا التخوف.

مبادرات مفبركة من الداخل

هناك محاولات للحلحلة في موضوع السجون، وإن طرح بعيدا عن الإخوان، لكنه طرح من النظام نفسه داخليا، فهناك معلومات أن طرحا بالعفو عن عدد كبير من المسجونين لا بد منه، لينفس عن الشعب، وبخاصة في ظل الحالة الاقتصادية الخانقة، والانسداد التام للمجال العام في مصر، مما ينذر بمخاوف لحدوث ما لا يتوقع، كما حدث مع مبارك وغيره، ولقي الاقتراح ترحيبا، عدا الأمن الوطني، الذي أبدى تحفظا، مما جعل النظام يلغي التفكير، أو يؤجله.
ولا يقف سيل المبادرات على الخارج، بل هناك من الداخل أيضا افتعال وفبركة مبادرات، كما رأينا فيما سمي بمراجعات الرشد، على أنها مراجعات قام بها شباب من جماعة الإخوان، والتي نوهت بها قناة العربية، ثم نفتها وزارة الداخلية المصرية، وهي مبادرة لمن قرأها واضح فيها الفبركة، فلا يمكن أن يكتبها إخواني سابق ولا حالي ولا تائب ولا غير تائب، فهي مكتوبة بلغة تمجيد للسيسي والثلاثين من يونيو، ووصف للجماعة بلغة أمنية بحتة، ومع ذلك نفتها الداخلية المصرية.

هجوم ونفي أذرع النظام الإعلامية

ولذا لا تستغرب من ردود أفعال أمنجية النظام في إعلامه ولجانه، فالموقف الرسمي للأوامر لتحركهم حتى الآن رفض وهجوم أي موقف للإخوان، بينما لو قبل رأس النظام هذا الموقف، ستجد كل من رفض وهاجم، سيتحول مائة وثمانين درجة للقبول، لكنه قبول سيظل مرتبطا بالسيسي وحكمته ورحمته التي لا حدود لها أن قبل هذا العرض.

وربما كان موقفهم من باب التعمية على أي إجراء يتم، أو أي تواصل يحدث، وقد حدث من قبل، فقد كان في الوقت الذي يهاجم فيه الرئيس التركي أردوغان، وتركيا وسياستها، على يد: عمرو أديب، ونشأت الديهي، ومحمد الباز، وقد أوحى ذلك الفعل لإعلامي المعارضة المصرية بأن المصالحة بين الطرفين قد فشلت، بدليل التصعيد الإعلامي ضد أردوغان، كانت المفاجأة أن التواصل والملفات مستمرة، وتحقق إنجازات بالنسبة للطرفين غير معلنة، وغير مرئية.

المشكلة الكبرى التي تواجه الإخوان في التواصل أو السعي في أي ملف يتعلق بالجماعة، هو: فئة ما نطلق عليهم: (الهبيدة)، الذين بات أكل عيشهم السوشيال ميديا، فلا بد من حضوره في كل موقف، ولا بد من وضعه في الصورة، ولا بد من سماع قوله، وكأنه العارف بكل شيء، وأن لديه ما ليس لدى الآخرين، هؤلاء يمثلون مع المزايدين عبئا على كل سعي، سواء كان سعيا موفقا، أو بداية سعي، يرجى من ورائه تخفيفا أو توفيقا، ونصيحتي للإخوان ولكل من يعمل في الشأن العام، ألا يعيرهم أدنى اهتمام، وليمض في طريقه، فهؤلاء لن يسكتوا، ولن ينتهوا، فشهوة الكلام والميديا، أقوى لدى فئة ليست قليلة منهم، أقوى من المصلحة العامة، وهذا ما يؤسف له.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حوار المصري السلطة مصر اخوان سياسة حوار سلطة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ولا بد من لا بد من

إقرأ أيضاً:

لماذا فاز الاخوان في انتخابات الأردن؟

لماذا فاز #الاخوان في #انتخابات_الأردن؟

د. #خالد_أحمد_حسنين

النتيجة التي حصلت عليها جماعة الاخوان وحزبهم “جبهة العمل الاسلامي” في انتخابات مجلس النواب الأردني العشرين، والتي جرت يوم العاشر من هذا الشهر، كانت مفاجئة للأوساط السياسية جميعها، ومنها الإخوان أنفسهم، فقد كانت توقعات الإخوان للفوز بعشرة مقاعد في القائمة الوطنية عند أكثر المتفائلين في الحزب، ومثلهم في القوائم المحلية، إلا أن المفاجأة الحقيقية كانت في القائمة الوطنية، حيث حصد الإخوان 17 مقعدا من أصل 41 مقعدا مخصصا للقائمة الوطنية، وبمجموع 31 نائبا من أصل 138 عضوا من أعضاء مجلس النواب، أي ما نسبته 22%.

جاءت المفاجأة في هذا الفوز بسبب العديد من التحليلات والقراءات التي سبقت العملية الانتخابية، فالأوضاع في المنطقة، وخصوصا ما يتعلق بمستقبل الحرب في غزة، أوحت بأن عقل الدولة الأردنية ربما سيدفع باتجاه ضبط مخرجات العملية الانتخابية، كما كان يحصل في كافة العمليات الانتخابية السابقة، ومعرف أن الدولة بأجهزتها وخبراتها المتوارثة كانت قادرة على فعل ذلك، بطرق مباشرة وغير مباشرة، فلماذا تركت الأمور تذهب إلى هذا الحد، وخصوصا في القائمة الوطنية؟

مقالات ذات صلة الحكومة والنواب والمعارضة..! 2024/09/12

وقبل أن نجيب على هذا السؤال يمكنني التأكيد أن أجهزة الدولة (وخصوصا الأمنية منها) لم تكن بعيدة عن التدخل في كافة تفاصيل العملية الانتخابية، وخصوصا في الدوائر المحلية، وأنها أوحت للعديد من المرشحين بالاقدام على الترشح من أجل تقليل فرص مرشحين آخرين، وأنها ساهمت في منع ترشح البعض بحجج مختلفة، وبوعود كثيرة تم بذلها للعشرات من أجل ضمان فوز البعض الآخر، وأن هناك عشرات المرشحين ممن كانوا يضربون بسيف الأجهزة، ويدّعون أن مقاعدهم مضمونة، وأن هناك آلاف الإجتماعات التي عقدت داخل الغرف المغلقة (في المؤسسات التابعة لأجهزة الدورة) من أجل ترتيب بعض القوائم، ومحاصرة أي تشويش عليها، كل ذلك وغيره تم بشكل معلن وفي وضح النهار، إلا أن النتيجة كانت مختلفة، فلماذا؟

يمكن القول أن النتائج الخاصة بالقوائم الحلية كانت متوقعة وضمن الترتيبات والمحاصصات المعروفة سلفا، وربما ساهم القانون الجديد المتعلق بالكوتات، في فوز بعض النساء وفوز مسيحي وشركسي على قوائم العمل الاسلامي، وهذا ما أضاف للمقاعد المتوقعة سلفا عددا إضافيا بحيث وصل إلى 14 مقعدا.

نعود للقائمة الوطنية، وهي مربط الفرس في هذا التحليل، حيث لوحظ أن الأحزاب (المحسوبة على الدولة) والتي جرى تشكيلها بعد إقرار قانون الأحزاب الجديد، مختلفة فيما بينها، مما يوحي بأنها تتبع أجنحة متعددة داخل الدولة، وكل جناح يحاول أن يدفع برجالاته إلى الواجهة عبر القائمة الوطنية، لذا فإن السبب الرئيس لحيادية الدولة تجاه القائمة الوطنية كان في ظني الخشية من تحول الصراع بين الأحزاب إلى إفساد العملية الانتخابية كلها، وبالتالي فإنني أتوقع أن قرارا (ساميا وحاسما) هو الذي ضبط الميزان، وألزم الجميع بترك القائمة الوطنية دون تدخلات، إلا في حدود حشد كل جناح لرجالاته خلف قائمته الحزبية، وذلك حفاظا على عدم انتقال الصراع إلى داخل أجهزة الدولة نفسها.
وأتوقع أن هناك رغبة لدى أجهزة الدولة المختلفة، منها الديوان الملكي، في معرفة الوزن النسبي الحقيقي لكل حزب من الأحزاب المتنافسة، ومدى قدرته على إقناع الجماهير بالتصويت له، وربما لتسهيل عمليات الرهانات المستقبلية في اختيار أحزاب المخزن (كما تسمى في المغرب)، فهذه هي التجربة الأولى لتطبيق القانون الجديد، وكان لا بد أن تكون النتائج صادقة (إلى حد ما) من أجل تقييم هذه الخطوة.
سبب آخر ربما يكون وراء الحياد النسبي لأجهزة الدولة يتعلق بخيار أسوأ الإحتمالات (كما يسمى في الإدارة) وهو فوز هنا حزب جبهة العمل الاسلامي بمقاعد أكثر من المتوقع، وهذا المسار إن حصل (وقد حصل) فلن يكون مؤثرا على قرار المجلس في القضايا المفصلية، فقد أظهرت النتائج أن الاخوان يحتلون أقل من ربع عدد مقاعد المجلس، وربما يكون هناك 6-7 نواب محسوبون على المعارضة (النسبية، أو الولاء الناقد على رأي صديقنا عمر العياصرة) وبالتالي لدى الدولة 100 نائب على الأقل يمكن (التفاهم) معهم على (المصلحة الوطنية العليا) إذا تعذر ذلك مع الاخوان.
السبب الثالث للنتيجة يتعلق بسلوك الإخوان كجماعة، منذ قرار اعتبارهم جماعة أمر واقع وليست جماعة مرخصة فعليا، والتعامل معهم على هذا الأساس، منذ ذلك التاريخ أصبحت حسابات الإخوان دقيقة وحذرة للغاية في التعامل مع الدولة، وأصبحو يشعرون أنهم على حافة مجزرة قانونية تمتلك الدولة كافة أوراقها، ويمكن تفعيلها في أي لحظة، وبالتالي أرسل الاخوان عشرات رسائل حسن النية تجاه العلاقة من الدولة، وبخاصة في مسار الإصلاح السياسي، فتقبلوا على مضض إغلاق مقراتهم، وإزالة اللافتة التاريخية للجماعة عن تلك المقرات، وقبلوا بالعمل كضيوف من داخل مقرات حزب جبهة العمل الاسلامي، وشاركوا بشكل فاعل في لجنة التحديث السياسي، ومرروا التعديلات الدستورية وقانوني الأحزاب والانتخاب، وابتعلوا مرارتها على مضض، وخفضوا سقف المواجهة في معركة نقابة المعلمين، وتسامحوا مع التدخلات المباشرة في انتخابات النقابات (وبخاصة المهندسين والزراعيين)، وضبطوا بشكل معقول تفاعلات الطلاب والجامعات ولم يوصلوها إلى مستوى المواجهة في العديد من المحطات، وكتموا غيظهم إزاء الحصار المفروض عليهم في مجلس النواب التاسع عشر، وأخيرا ضبطوا حراك الشارع الأردني أثناء معركة طوفان الأقصى ضمن الحدود المقبولة للدولة، بالرغم من بعض التجاوزات المحدودة هنا وهناك، كل ذلك ربما أقنع الدولة وأجزتها بأن الإخوان ليسوا خطرا مهددا لبنية النظام، وبالتالي يمكن تجربة خيار أسوأ الاحتمالات، مقابل الفوائد الجمة التي يمكن تحقيقها من وراء ذلك.

السبب الرابع لفوز الإخوان هو معركة طوفان الأقصى، التي تخوضها المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس نيابة عن الأمة كلها، والتي تحظى بتأييد أغلبية الشعوب العربية، والجميع يعلم أن حركة حماس جزء من حركة الإخوان المسلمين العالمية، والعلاقة بين حماس وإخوان الأردن علاقة وطيدة، فهم تاريخيا تنظيم واحد، وحماس نشأت في حضن الإخوان الأردنيين ضمن تنظيم بلاد الشام، وبالتالي فإخوان الأردن هم الآباء الرسميون لحماس، وعلى الجانب الآخر نجد أن أغلبية الأردنيين، في المدن والريف والبادية والمخيمات يؤيدون بشكل جارف حركة حماس، ويشعرون بالتقصير تجاه نصرتها، وبالتالي كان التصويت للاخوان (في جانب منه) نوعا من التعبير عن التأييد للمقاومة، ورد الجميل لها ولأهل فلسطين، وقد استثمر الإخوان كثيرا في هذه العاطفة، فجعلوا رمز حملتهم المثلث الأخضر المقلوب، ومعظم خطاباتهم وأناشيدهم الانتخابية عن المقاومة، وذلك في تعبير واضح عن أنهم شركاء في مشروع المقاومة. دون أن نغفل عن التأكيد على وجود الإخوان التاريخي في الشارع الأردني، وأدائهم للأدوار الخيرية والاجتماعية تجاه الفئات المهمشة والمحرومة في المجتمع حتى اليوم، على الرغم من أن الدولة حاصرتهم، ونقلت إدارة جمعية المركز الاسلامي إلى قيادات الحزب الوطني الاسلامي (وربما أثر ذلك ايجابا على نتائج انتخابات الحزب)، ومع ذلك ما زال الاخوان يمارسون أدوارهم السابقة، والتي تعتبر جزءا من إلتزامهم الديني والأخلاقي تجاه المجتمع، مما أكد على مصداقيتهم عند الناس.
السبب الأخير الذي سأختم به مقالتي هذه يتعلق بالنظرة الاستراتيجية للدولة الأردنية إزاء الأوضاع في غزة، واليوم التالي للحرب عليها، ولعل حسابات الدولة تؤكد بأن حماس قوة باقية في المعادلة الفلسطينية حتى لو استمرت الحرب عاما آخر، وبالتالي فلا بد من إعادة تموضع الموقف الأردني بما يؤهله للحفاظ على المكتسبات الوطنية، ومواجهة الخيارات المستقبلة للصهاينة والأميركان (وخصوصا في حال فوز ترامب) والنوايا العدوانية لليمين الصهيوني نجاه الأردن، والرفض القاطع لإقامة الدولة الفلسطينية، فضلا عن تلاشي شعبية السلطة الفلسطينية لدى الفلسطينيين أنفسهم، كل هذه المعطيات تدفع باتجاه حقيقة واضحة تقول بأن حماس ستكون لاعبا رئيسا على الساحة السياسية الفلسطينية خلال السنوات القادمة، ولمّا كان التعامل مع حماس ليس متيسرا حاليا في ظل التحالفات الأردنية (المفيدة مرحليا) مع أميركا ومحور الاعتدال العربي، فإن تعزيز ورقة الإخوان في المشهد السياسي القادم يمكن أن يكون له فائدة في تحقيق علاقة مع حماس، حتى لو كانت في الظل وضمن الأبواب الخلفية، وربما يتمكن الإخوان (ضمن تفاهمات مع الدولة) في إعادة بناء العلاقة مع حماس بما يخدم المصالح الاستراتيجية للدولة، ويساهم في مواجهة مخططات التهجير من الضفة الغربية التي يدفع اليمين المتطرف باتجاه تنفيذها خلال الفترة القادمة.

مقالات مشابهة

  • تقاطعات انتخابية
  • قانون الإجراءات الجنائية والحوار الوطنى
  • طارق رمضان.. سقوط الداعية الإخواني يُذهل التنظيم الإرهابي
  • هاشتاك فضيحة الإخوان يشعل منصات التواصل الاجتماعي
  • فضيحة الإخوان تهز ماليزيا.. منظمة رعاية إسلامية تغتصب الأطفال
  • رئيس الدولة: العلاقات الإماراتية الصينية نموذج للتعاون الدولي الداعم للدبلوماسية والحوار
  • لماذا فاز الاخوان في انتخابات الأردن؟
  • وزير الخارجية يلتقي نظيره المصري هامش أعمال الدورة الـ 13 للجنة العليا المشتركة الكويتية المصرية في القاهرة
  • آلية دفاعية.. مبالغات رائجة بمواقع التواصل عن الحضارة المصرية القديمة
  • وثائقي «سيرة الفن» يكشف محاولة الإخوان الاعتداء على الهوية المصرية