لماذا تصمت إدارة بايدن-هاريس على عدوان إسرائيل في الضفة؟
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
واشنطن – مع استمرار العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق في مدن الضفة الغربية، والتي أعقبت أسابيع من زيادة في وتيرة أعمال العنف من قبل المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في قرى الضفة، لم تُدن إدارة الرئيس جو بايدن ولا حملة كامالا هاريس العدوان الإسرائيلي إدانة واضحة.
ولم يعقد أمس الأربعاء لا البيت الأبيض ولا وزارة الخارجية مؤتمرهما الصحفي اليومي كما هو معتاد، كما لم يغرد أي مسؤول أميركي رفيع حول عمليات إسرائيل في مدن الضفة على منصة "إكس" كما هو معتاد أيضا في مثل هذه الحالات.
واستشهد ما لا يقل عن 662 شخصا في مدن الضفة الغربية منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، في وقت أعلنت فيه إسرائيل عزمها بدء عملية تطهير عرقي وإجلاء السكان الفلسطينيين في بعض مدن الضفة الغربية تماثل الأساليب المتبعة في قطاع غزة.
واشنطن لا تخيف إسرائيل
ورجح تشارلز دان، المسؤول السابق بالبيت الأبيض ووزارة الخارجية والخبير بالمعهد العربي بواشنطن والمحاضر بجامعة جورج واشنطن، أن تستمر "إسرائيل في مهاجمة الفلسطينيين لهزيمة ما تراها تهديدات أمنية متخيلة، في ظل سيطرة مناخ من الخوف والقلق المتزايدين بشأن العزلة السياسية الدولية والتهديدات الإقليمية التي يبدو أنها تتصاعد". وفي حديث للجزيرة نت، اعتبر دان أن هناك تيارا قويا داخل الحكومة الإسرائيلية يريد التخلص من الفلسطينيين مرة واحدة وإلى الأبد، وحكومة نتنياهو غير المستقرة ستدفع بذلك إلى أقصى حد ممكن.
في حين أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأوسط والذي سبق له العمل في قنصلية بلاده بالقدس، إلى أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لا يزال يعتمد على شركاء الائتلاف اليميني المتطرف الذين يحاولون تحقيق ضم فعلي للضفة الغربية. وبالإضافة إلى ذلك، لديه بعض الأسباب للاعتقاد بأن هناك فلسطينيين يخططون لشن عمليات إرهابية من أماكن مثل جنين وطولكرم".
من جانب آخر، اعتبر البروفيسور أسامة خليل، رئيس برنامج العلاقات الدولية بجامعة سيراكيوز بشمال ولاية نيويورك، في حديث للجزيرة نت أن "هجمات إسرائيل داخل الضفة الغربية المحتلة هي جزء من مشروعها الأكبر المتمثل في ضم الفلسطينيين وتهجيرهم ومحوهم".
وشهدت السنوات الثلاث الماضية أكبر أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية من قبل المستوطنين الإسرائيليين وجيش الاحتلال الإسرائيلي، بل كانت الأكبر خلال العقدين الأخيرين.
وبعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تم إخفاء هذا العنف من خلال الدمار الأكبر بكثير الذي أحدثته إسرائيل في قطاع غزة، حسب المتحدث ذاته، واستخدم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحملة الرئاسية الأميركية والدعم الدبلوماسي والسياسي والعسكري القوي من واشنطن لتحويل الانتباه عن سياساته وأهدافه مع تأمين الدعم من كلا الحزبين.
صمت أميركيوفيما يتعلق بموقف إدارة بايدن وحملة هاريس من الاعتداءات الإسرائيلية، قال دان "لا أتوقع أي تغييرات كبيرة في هذا العام الانتخابي المنقسم بشدة حول ما يرغب البيت الأبيض في القيام به أو عدم القيام به".
وأضاف أن الهدف الرئيسي هو وقف إطلاق النار مع رؤية محدودة للغاية لما سيحدث بعد ذلك. وسيترك الكثير من هذا الأمر لهاريس، التي اتخذت موقفا خطابيا يجذب العديد من الناخبين الديمقراطيين، لكنه لا يشكل في حد ذاته سياسة جديدة أو مختلفة.
في حين اعتبر السفير ماك، في حديث للجزيرة نت، أنه من المهم لإدارة بايدن-هاريس حشد المزيد من الدعم من شركائنا العرب للضغط على حماس واستبدال محمود عباس بزعيم أصغر سنا وأكثر فعالية للسلطة الفلسطينية.
وفي الوقت نفسه، يحتاج بايدن إلى قبول وجهات نظر أولئك الموجودين في إدارته وفي الحزب الديمقراطي الأوسع لاستخدام النفوذ الذي لديه لممارسة ضغط حقيقي على إسرائيل للانتقال من نتنياهو إلى زعيم إسرائيلي جديد تكون آراؤه أكثر واقعية وتستند إلى مصلحة إسرائيل الإستراتيجية الطويلة الأجل بحماية سيادة بلده على ما قبل يونيو/حزيران 1967، بالإضافة إلى بعض التنازلات الطفيفة فيما يتعلق بالحدود للمستقبل مع دولة فلسطينية، حسب ماك.
وقال ماك "يمكن لموقف مثالي من قبل بايدن أن يحمي إرثه في كتب التاريخ، ويمهد الطريق لحكومة أميركية مستقبلية للدفاع عن حق إسرائيل في الوجود دون الإضرار بعلاقات الولايات المتحدة مع معظم الفلسطينيين ومعظم الدول العربية إن لم يكن كلها".
ويرجح البروفيسور خليل أن يستمر العنف ويتوسع حتى منتصف الخريف مع اقتراب انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. ولن تنتقد إدارة بايدن ولا حملة هاريس تصرفات إسرائيل خوفا من تنفير المانحين والناخبين المؤيدين لإسرائيل. كما أن الإدارة لن تقيد مبيعات الأسلحة.
ويرى أنه بدلا من ذلك، ستعبّر إدارة بايدن عن رفضها الفاتر للخسائر في صفوف المدنيين، بينما تطبق عقوبات على بعض المستوطنين الذين يتجاهلون عمدا الدور المركزي للدولة الإسرائيلية في المشروع الاستيطاني وسياسات الاستيلاء على المزيد من الأراضي.
وفي الوقت نفسه، سيحاول الرئيس السابق دونالد ترامب، حسب خليل، تصوير نائبة الرئيس هاريس والرئيس بايدن على أنهما غير داعمين بشكل كاف لإسرائيل في سعيه لتعزيز مكانته بين الناخبين المؤيدين لإسرائيل واسترضاء المانحين الرئيسيين لحملته.
الأمم المتحدة: عملية القوات الإسرائيلية في الضفة تهدد بتفاقم الوضع الكارثي أصلا بالأراضي الفلسطينية المحتلة#حرب_غزة pic.twitter.com/T0FRjmd2BJ
— قناة الجزيرة (@AJArabic) August 28, 2024
عقوبات غير رادعةوأصدرت إدارة بايدن أمس الأربعاء للمرة السادسة مجموعة من العقوبات التي تستهدف عنف المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية، وفرضت عقوبات على مجموعة تؤمّن بؤرا استيطانية غير قانونية، وحارس أمن مدني متهم بمهاجمة الفلسطينيين.
وتأتي العقوبات الأميركية ضد هاشومير يوش (حراس يهودا والسامرة) وإسحاق ليفي فيلانت في أعقاب هجومين أخيرين للمستوطنين في بلدات فلسطينية بالقرب من مدينة بيت لحم، مما أسفر عن مقتل فلسطينيين. ولم يتم القبض على أي شخص فيما يتعلق بالهجمات، التي تشكل جزءا من اتجاه أوسع نطاقا للإفلات من العقاب على هذا العنف.
وتأتي العقوبات الأميركية وسط مخاوف بشأن عدم اتخاذ حكومة نتنياهو إجراءات كافية ضد عنف المستوطنين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الضفة الغربیة إدارة بایدن إسرائیل فی مدن الضفة فی الضفة
إقرأ أيضاً:
أين يذهب المهجرون من مخيمات شمال الضفة الغربية؟
طولكرم- على تلة وقفت أم محمد (50 عاماً) تراقب جرافات الاحتلال الاسرائيلي تهدم منزلها ومنازل أقاربها في مخيم نور شمس بمدينة طولكرم شمال الضفة الغربية. وتقول إنها لم تستطع إلا القدوم إلى المكان لتعرف مصير منزلها الذي هجرت منه قسراً منذ بداية الحملة العسكرية الإسرائيلية في مخيمات طولكرم أوائل فبراير/شباط الماضي.
وتضيف المواطنة أن الاحتلال، في البداية، أحرق منزلها بشكل كامل، وبقي واقفا، وكانت تطمح أن يعاد ترميمه في حال عادت إلى المخيم. وتستطرد "لكن اليوم تهدمه الجرافات، مما يعني أنه لم يعد لي مكان أعود إليه".
وعلى التلة ذاتها، كان عدد من الأهالي يراقبون هدم المنازل وتوسيع الشوارع في حارات المخيم، وكلهم ممن نزحوا عن المخيم قبل 40 يوماً.
وهجرت قوات الاحتلال الإسرائيلي قرابة 24 ألف مواطن من مخيمات طولكرم ونور شمس في مدينة طولكرم، وقد توزعوا على مراكز للإيواء في المدينة والضواحي والأحياء القريبة منها.
ويواصل جنود الاحتلال الاسرائيلي تهجير سكان وأهالي مخيمات مدينة طولكرم. وقد أجبر الاحتلال أهالي حارة المربعة في مخيم طولكرم على النزوح بشكل جماعي، أمس السبت.
قوات الاحتلال تجبر الأهالي على الخروج من منازلهم في حارة المربعة بمخيم طولكرم#الجزيرة #فيديو pic.twitter.com/F95RJXah9T
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 15, 2025
وقالت مصادر محلية إن الاحتلال أجبر 50 عائلة على مغادرة منازلها، وأحرق منازل في حارة المنشية في نور شمس.
إعلانوقد قدمت لجنة خدمات مخيم طولكرم شققا سكنية بمساحات صغيرة للنازحين من المخيم في حي ذنابة، بعد استئجارها وتسكين النازحين فيها.
وبأحد هذه المنازل في حي ذنابة كانت سماح صلاحات تحاول ترتيب أغراضها الشخصية فور انتقالها، بعد أسابيع من نزوحها إلى منزل أقاربها في مدينة طولكرم. وتقول إنها استلمت البيت فارغا بشكل كامل، فلا تتوفر فيه حتى الأغطية "لا أغطية ولا ملابس ولا أدوات طهي، ولا ثلاجة، فلم نأخذ من أثاث منزلنا قشة واحدة".
وعن الأسر التي هجرت من بيوتها من دون السماح لها بنقل أغراضها، تقول سماح إن "الوضع بالغ الصعوبة" خاصة في شهر رمضان.
وبحسب لجنة خدمات مخيم نور شمس فإن قرابة 11 ألفا و325 مواطنا نزحوا من المخيم إلى 5 مراكز إيواء، يتوزعون بين قاعة وجمعيات ومدرسة وجمعية اتحاد نسائي، في كل من عنبتا وكفر اللبد وذنابة.
وتهتم اللجنة الشعبية لخدمات مخيم نور شمس بتقديم المساعدات للنازحين من خلال الداعمين لها من أهل الخير والمتبرعين، بالإضافة للتجار وبعض المؤسسات والجمعيات الدولية الداعمة، حسب نهاد شاويش رئيس مجلس خدمات اللجنة.
وتحدث شاويش، للجزيرة نت، عن ضآلة دعم الأونروا في هذه الكارثة الإنسانية، كما وصفها. وقال "لم نتلق أي دعم أو مساعدة من الأونروا في هذه المأساة المستمرة حتى يومنا هذا في المخيمين، وذلك يعود للهجمة الاسرائيلية الشرسة عليها، والتضييقات التي أقرتها حكومة الاحتلال على عمل وكالة الغوث في الضفة الغربية".
وأضاف أن الناس يحاولون في العادة اللجوء إلى أقاربهم، خاصة مع ارتفاع إيجار الشقق السكنية، وعدم تمكن كثير من النازحين من دفع إيجارات المنازل.
ويشكو النازحون من بعض مشاهد الاستغلال التي حصلت معهم حيث ارتفعت إيجارات المنازل من 800 شيكل للشقق الصغيرة الى ألفي شيكل شهرياً.
إعلانويؤكد شاويش أن حجم ما تم تقديمه للنازحين لا يتعدى 10% من المطلوب، وأن ما يصل من دعم للجنة الخدمات، من طرود غذائية وملابس وأغطية ومفارش، يوزع بالنسبة والتناسب حسب أماكن وجود النازحين.
وأخبر المتحدث ذاته عن تغطية قرابة 2500 طرد سحور للنازحين، أمس السبت، عن طريق دعم مقدم من جمعيات خارجية. واستطرد أن الوضع الاقتصادي في طولكرم منهك وصعب وأن وضع التجار في الفترة الأخيرة يشهد معيقات، ولا يوجد من يدعم هؤلاء النازحين.
ويرى أن تدخل الحكومة ضئيل جداً سواء في دعم النازحين أو حتى آلية توزيعهم ووضع الخطط المستقبلية لهم. وعبر أبو شاويش عن ذلك بقوله إن الحكومة للأسف لم تقم بدور واضح وحقيقي وإنها لا تعي إلى أين تتجه الأمور.
وهذه الحالة حالياً موجودة في 3 مخيمات هي جنين وطولكرم ونورشمس كما "نرى بشكل واضح تخبط الحكومة في تشكيل لجان دعم ولجان تبرعات وغيره، وإذا امتدت هذه الحالة لمخيمات أخرى فالواضح أن الحكومة ستضيع" كما يقول.
الأعداد في ارتفاع
وفي مخيم جنين للاجئين، ارتفع عدد النازحين منه إلى قرابة 21 ألف مواطن منذ بدء عمليات التهجير في يناير/كانون الثاني الماضي. وبحسب رئيس بلدية جنين محمد جرار فإن ما نسبته 25% من سكان المدينة من فئة النازحين، وهو ما يعني ضغطاً كبيراً على الوضع الاقتصادي والخدماتي في المحافظة بشكل عام.
وقال جرار -في تصريح صحفي- إن العدوان الإسرائيلي على جنين أدى لأضرار جسيمة تمثلت بشكل أساسي في ارتفاع نسبة البطالة وتراجع في الاقتصاد.
وأضاف أنه على الرغم من حالة التضافر التي شهدتها المحافظة في دعم النازحين، فإن المطلوب أكبر بكثير مما قدم، لأن حجم الكارثة كبير جداً ونسبة النازحين في ازدياد.
وتوزع النازحون من مخيم جنين، الذي يشهد عمليات تجريف وتوسيع في الشوارع والأحياء، وتغيير معالمه الجغرافية منذ 55 يوماً، على مركزين للإيواء في المدينة هما: جمعية الكفيف والمركز الكوري، بواقع 4200 في حين نزح قرابة 4700 مواطن إلى بلدة برقين غرب المدينة.
وتوزع الباقي على قرى جنوب جنين مثل قباطية وبير الباشا وعرابة وجبع. وانتقل عدد من النازحين، يقدر عددهم بـ6 آلاف، إلى مساكن الجامعة العربية الأميركية بعد استئجارها لهم من لجنة خدمات المخيم.
إعلانوبحسب بلدية جنين، فإن النازحين يتلقون المساعدات بشكل أساسي من جمعيات دولية وأجنبية تسعى البلدية للتنسيق معها بشكل مستمر من خلال لجان مساعدة شكلت منذ اليوم الأول للاقتحام الإسرائيلي.