بعد 8 أشهر من انتشالها من أنقاض منزلها في غزة، لا تزال ألما جعرور، البالغة من العمر 12 عاماً، تعاني من نوبات الأرق والغضب والكوابيس.

ألما العضو الوحيد من عائلتها المباشرة الذي نجا من الضربة الإسرائيلية التي دمرت مبنى مكون من 5 طوابق بمدينة غزة، كانت تختبئ به مع والديها وإخوتها وعشرات الأقارب.

"أبكي كل ثانية"

وقالت ألما التي ترعاها خالتها علا جعرور لصحيفة "فايننشال تايمز": "أبكي كل ثانية على فقدان عائلتي.

. أريد أباً وأماً وأشقاء مثل الأطفال الآخرين".


وقالت الخالة جعرور، التي لديها 6 أطفال، إن ابنة أختها المصابة بصدمة لا تزال "تلوم نفسها" لأنه عندما تم سحب شقيقها الصغير من الأنقاض، وقطع رأسه عن جسده، كانت خائفة جداً من تقبيله ووداعه.
وقالت جعرور: "الحرب لا تطاق بالنسبة للبالغين، ناهيك عن الطفلة التي فقدت عائلتها بأكملها".
ألما هي واحدة من ما يقدر بنحو 19000 طفل في غزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما خلال 10 أشهر من الصراع المرير والذين تم تعريفهم على أنهم أيتام من قبل منظمات مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف).

وحرمت الحروب المتعددة التي ابتليت بها الأراضي الفلسطينية على مر السنين العديد من الأطفال من أمهات وآباء، لكن مسؤولي الإغاثة يقولون إن الهجوم الإسرائيلي الحالي لم يكن له مثيل.

وليس فقط عدد الأيتام أكبر بكثير مما كان عليه الحال في النزاعات السابقة، ولكن التحديات أصعب بشكل كبير هذه المرة.

The Gaza mothers separated from their newborns by war.

As their first birthday approaches, the triplets Gaza-native Hanane Bayouk gave birth to in Jerusalem before the war have seen their mother just once, and she fears she will "die without them"https://t.co/lAFtZJm1VT pic.twitter.com/09T0yRSHru

— AFP News Agency (@AFP) August 23, 2024 وضع كارثي

الأقارب مستعدون لاستقبال الأطفال الذين فقدوا والديهم، لكن القيام بذلك يصبح أكثر صعوبة عندما يكون هؤلاء الأوصياء إلى جانب جميع سكان غزة تقريباً معدمين ويعيشون في الخيام والملاجئ المؤقتة.

ولا يزال القتال محتدماً في غزة، حيث يمكن لأوامر الإخلاء الإسرائيلية المتكررة أن تجبر الآلاف على مغادرة المنطقة في غضون مهلة قصيرة جداً.

الغالبية العظمى من الأطفال يعانون من الجوع، مع أو بدون آباء، كما يشير عمال الإغاثة، ولا يحصلون على الرعاية الصحية إلا قليلاً أو معدومة لأنهم يتعاملون مع التهديدات اليومية بالقتل والإصابة وفقدان أحبائهم.

وقال طارق إمتيرة، المدير العام لمنظمة التعاون، وهي منظمة غير حكومية فلسطينية تدعم الأيتام من الحروب السابقة، إن الاحتياجات هذه المرة كانت ذات ترتيب مختلف.

وأضاف: "على الأقل في الماضي، كانت البنية التحتية للتعليم والصحة سليمة.. أما الآن فالنظام مدمر".

وتابع: "هناك أطفال يتامى أصيبوا بجروح خطيرة. وواجه البعض صدمة كبيرة ولا يعرفون أين هم. ولتوفير أي نوع من الراحة لهؤلاء الأطفال أمر صعب للغاية في الوضع الحالي".


كاظم أبو خلف، المتحدث باسم اليونيسف، قال إن منظمته تعمل على مساعدة أيتام غزة، لكنه شدد على أن جميع الأطفال في القطاع المحطم بحاجة إلى المساعدة. وقال: "هناك 625,000 فقدوا سنة دراسية".

‘In Gaza, we can’t imagine tomorrow’ - Fatima, programme assistant

She wakes up & breastfeeds her youngest daughter then heads to work, She considers her youngest lucky to have food, but the eldest suffers from sleeping disorders

Read her story here: https://t.co/qlmILLOBlQ pic.twitter.com/wP450MhPri

— WFP in the Middle East & North Africa (@WFP_MENA) August 22, 2024 "مخيم الأيتام"

قتل أكثر من 40,000 فلسطيني في الهجوم الإسرائيلي على غزة، وفقاً للسلطات الصحية الفلسطينية. وشنت إسرائيل هجومها على القطاع رداً على هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) الذي شنه مقاتلو حماس والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، وفقاً للأرقام الحكومية.

تعيش ألما وعلا في مخيم للأطفال الأيتام بالقرب من خان يونس أقامه محمود كلاخ، المعلم الذي جعله كفاحه الخاص للعثور على مأوى لعائلته يدرك مدى صعوبة الأمر على العائلات التي قتل فيها الآباء.

68 orphans were evacuated from Gaza to the West Bank, enraging Israel's far right https://t.co/aYNHxTeEGL pic.twitter.com/1IvzxodGq4

— Mia (@mia_sobe) March 13, 2024

وبحسب كلاخ، تم تخصيص كتلة واحدة للأطفال الناجون الوحيدون من عائلاتهم المباشرة، بما في ذلك 7 مراهقين بمفردهم تماماً، وأضاف أن المخيم نظم ألعاباً لإبعاد عقول الأطفال عن خسائرهم، كما ويزورها طبيب نفسي متطوع مرتين في الأسبوع.

ومع ذلك، على الرغم من أفضل الجهود التي يبذلها كلاخ، فإنه يتمنى أن يتمكن من فعل المزيد. وقال: "وقعت حوالي 800 عائلة على قائمة انتظار لخيمة.. الألم الكبير هو أننا لا نستطيع العثور على مكان لهم".

“People are desperate. They don't know anymore what to do. They've lost family members. They've lost their homes. They have been displaced again.”

General Director Meinie Nicolai is currently coordinating MSF medical activities in #Gaza. ????️ Watch her striking update. pic.twitter.com/yfwsB4CDWU

— MSF International (@MSF) February 28, 2024 "إخوتي أصبحوا أطفالي"

في المخيم، تعتني سمر الجاجا بأربعة أبناء وبنات قتل آباؤهم وأختهم عندما قصف منزلهم في أكتوبر (تشرين الأول). الأكبر، محمد، 22 عاماً، مصاب بالصرع ولديه أيضاً إعاقة عقلية. تقول جاجا: "دفعته على كرسي متحرك عندما تحركنا جنوباً وكنت أخشى أن يطلق الجنود الإسرائيليون النار عليه إذا قام بإحدى تحركاته غير المنضبطة".

بينما تولى أحمد الخضري، 24 عاماً، مسؤولية شقيقته وإخوته الثلاثة بعد مقتل والديهم عندما دمرت غارة إسرائيلية منزلهم. أصيبت شقيقته مسك في التفجير وأمضت وقتاً في العناية المركزة تتعافى من إصابات في الرأس. كما فقد الأخ عبد الرحمن ساقه عندما تعرض المستشفى الذي لجأ إليه للهجوم.

وقال خضري إنه قدم موعد حفل زفافه حتى يتمكن من المساعدة في رعاية مسك، التي "تصاب بتشنجات ونوبات شديدة من الغضب والبكاء"، ووصف شعورها "بالساحق".


قال خضري: "لقد أصبح إخوتي أطفالي.. كل ما أريده هو أن يكونوا سعداء وبصحة جيدة".

Israeli attacks in Gaza have killed tens of thousands of people: many of them children, many parents. So many children have been orphaned during Israel's war against Hamas that no agency or aid group can count them. https://t.co/ppM6dzejGo pic.twitter.com/F4LcMvLagL

— The New York Times (@nytimes) August 22, 2024

وتصر وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية على أن وقف إطلاق النار أمر بالغ الأهمية لتبدأ في تلبية الاحتياجات الهائلة للشباب في غزة، بمن فيهم الذين ليس لديهم آباء.

وقال أبو خلف من اليونيسف: "يحتاج جميع الأطفال في غزة إلى دعم نفسي اجتماعي".

ولكن حتى هذا من غير المرجح أن يخفف من محنة الأيتام في غزة.

وقالت ألكسندرا سايه، رئيسة قسم السياسات الإنسانية والمناصرة في منظمة إنقاذ الطفولة الدولية: "يبدو مستقبل هؤلاء الأطفال قاتماً للغاية".

وتابعت أن "الحجم الهائل للأطفال الذين فقدوا أسرهم، ضخم للغاية لدرجة أنه من غير المفهوم كيف سيكون المجتمع قادراً على التعامل مع هذا".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح يوم المرأة الإماراتية أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الهجوم الإسرائيلي غزة إسرائيل غزة وإسرائيل غزة إسرائيل pic twitter com فی غزة

إقرأ أيضاً:

«تقرير»: درجات الحرارة التي شهدها شهر يناير أعلى عن الرقم القياسي المسجل في 2024

كشفت شبكة «سكاي نيوز» البريطانية، أن درجات الحرارة التي شهدها شهر يناير كانت أعلى بمقدار 0.1 درجة مئوية عن الرقم القياسي المسجل في يناير 2024، ويأتي ذلك بعد عام تجاوزت فيه درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية.

وأوضحت أن هذا الارتفاع قد حير العلماء الذين توقعوا أن تؤدي التغيرات في تيارات المحيط الهادئ إلى تخفيف حدة ارتفاع درجات الحرارة العالمية.

وتُظهر الأرقام الصادرة عن خدمة «كوبرنيكوس» لتغير المناخ التابعة للاتحاد الأوروبي أن متوسط درجات الحرارة في جميع أنحاء العالم في يناير كان أعلى بمقدار 1.75 درجة مئوية مما كان عليه قبل أن تبدأ انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الارتفاع بشكل كبير في الثورة الصناعية منذ نحو 150 عاماً.

وأضافت الشبكة أن هذا أعلى بمقدار 0.1 درجة مئوية عن الرقم القياسي المسجل في يناير الماضي، ويأتي ذلك بعد عام تجاوزت فيه درجات الحرارة 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف لمفاوضات المناخ، لأول مرة.

ونقلت عن فريدريك أوتو، عالمة المناخ في إمبريال كوليدج لندن، تحذيرها من أن الوتيرة المتزايدة لتغير المناخ من شأنها أن تزيد من خطر الطقس المتطرف وعواقبه، وقالت إن «شهر يناير هذا هو الأكثر حرارة على الإطلاق لأن الدول لا تزال تحرق كميات هائلة من النفط والغاز والفحم».

وذكرت: «كانت حرائق الغابات في لوس أنجلوس بمثابة تذكير صارخ بأننا وصلنا بالفعل إلى مستوى خطير للغاية من الاحتباس، وسوف نشهد المزيد من الأحداث المناخية المتطرفة غير المسبوقة في عام 2025».

كان من المتوقع أن يكون شهر يناير أكثر برودة قليلاً من العام الماضي بسبب التحول الطبيعي في أنماط الطقس والتيارات في المحيط الهادئ، والتي تسمى ظاهرة «لا نينا» لكن هذا لم يكن كافياً لإبطاء الاتجاه التصاعدي في درجات الحرارة.

وقال بيل ماكجواير، الأستاذ الفخري للمخاطر الجيوفيزيائية والمناخية في جامعة كوليدج لندن إن «الأمر مدهش ومرعب أن تكشف أحدث بيانات كوبرنيكوس أن شهر يناير الماضي كان الأكثر سخونة على الإطلاق رغم ظهور ظاهرة لا نينا، والتي عادة ما يكون لها تأثير تبريد».

وبيّن: «بعد أن تجاوز المناخ حد 1.5 درجة مئوية في عام 2024، لا يُظهر المناخ أي علامات على الرغبة في الانخفاض مرة أخرى، وينعكس ذلك في حقيقة أن هذا هو الشهر الثامن عشر من الأشهر التسعة عشر الماضية التي شهدت ارتفاع درجة الحرارة العالمية منذ أن تجاوزت درجات الحرارة في عصر ما قبل الصناعة 1.5 درجة مئوية».

وتابع: «بعد فيضانات فالنسيا وحرائق الغابات المروعة في لوس أنجلوس، لا أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك أي شك في أن الانهيار المناخي الخطير الشامل قد وصل».

اقرأ أيضاًمعرض الكتاب يشتضيف ندوة بعنوان «الابتكارات في مواجهة تغيير المناخ في البناء والإعمار»

جامعة حلوان تنظم المؤتمر العلمي الثامن للملكية الفكرية تحت عنوان«الملكية الفكرية وتغير المناخ»

معلومات الوزراء يستعرض تقريرا جديدا حول تداعيات «تغير المناخ على مستقبل الطاقة»

مقالات مشابهة

  • «تقرير»: درجات الحرارة التي شهدها شهر يناير أعلى عن الرقم القياسي المسجل في 2024
  • فرنسا تستعد لمحاكمة تاريخية لطبيب اغتصب 299 طفلا (شاهد)‏
  • فرنسا تستعد لمحاكمة تاريخية لطبيب أغتصب 299 طفلا (شاهد)‏
  • احتفالا بشهر شعبان.. الأنوار المحمدية توزع الهدايا على مرضى الأورام بالأقصر
  • متحدثة الأمم المتحدة بغزة: معاناة الفلسطينيين مأساوية والأطفال في صدارة الأولويات
  • معرض الكتاب يستقبل أطفال حي «معا» ضمن برنامج قصور الثقافة للمناطق الجديدة
  • العنف ضد الأطفال داخل الأسرة: معاناة في صمت
  • التضامن تتابع مع وزيرة الإغاثة الفلسطينية دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • وزيرة التضامن ووزيرة الإغاثة الفلسطينية تتابعان مستجدات المساعدات الإنسانية
  • بالصور: شاهد جانباً من معاناة أطفال غزة في البحث عن المياه