سودانايل:
2024-11-23@18:18:46 GMT

السير هيوبرت هدلستون السودان (2 -3)

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

السير هيوبرت هدلستون السودان (2 -3)
Sir Hubert Huddleston of the Sudan (2-3)
W. Travis Hanes III وليام ترافس هانس الثالث
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
تقديم: هذا هو الجزء الثاني من ترجمة لغالب ما ورد في مقال للمؤرخ الأمريكي وليام ترافس هانس الثالث W. Travis Hanes III ، الذي عمل أستاذاً في جامعة ساوثويسترن بولاية تكساس، ثم في كلية مجتمع في بالم اسبرنق بولاية كاليفورنيا.

وتجد هنا قائمة بأهم أعمال هذا الأستاذ (https://www.linkedin.com/in/travis-hanes-64b9176). نُشِرَ هذا المقال في العدد الثاني من المجلد العشرين من مجلة " The Journal of Imperial and Commonwealth History " الصادرة عام 1992م، في صفحات 248 – 273.
وسيرة حياة هدلستون (1880 - 1950 م)، ذلك الإمبريالي المتطرف، مبذولة في موسوعة الويكيبديا (https://shorturl.at/ucjvw) والموسوعة الحربية (https://shorturl.at/3a1tz) وفي كتب عديدة منها Shadows in the Grass لمؤلفه R.O. Collins، وكتاب Empire on the Nile لمؤلفه Martin Daly. وقد عمل الرجل قائداً لقوة دفاع السودان عام 1924م، وشغل منصب حاكم عام السودان (24 أكتوبر 1940- 8 أبريل 1947م).
ولا شك في أن كاتب هذا المقال يمالئ هدلستون كثيراً في غالب ما كتبه عنه ويظاهره في مواقفه التي اتخذها إبان عمله في السودان، بل ينسب له الفضل في قيام "حركة وطنية" بالسودان. ويبدو أن "التاريخ حمال أوجه" بالفعل، كما يقول بعضهم.
المترجم
************ *********** **********
لقد خَرَّب بروتكول "صدقي – بيفن" العلاقة بين حكومة السودان ووزارة الخارجية البريطانية تماماً. وعلى الرغم من أن ذلك البروتكول كان ينص على استمرار حكومة السودان في إدارة البلاد من دون تغيير، إلا أنه أشار أيضاً إلى"حقوق العرش المصري على السيادة التاريخية في السودان". وكان الحاكم العام هدلستون والسكرتير الإداري جيمس روبرتسون في لندن إبان تلك المفاوضات بين الجانبين البريطاني والمصري، وبذلا ما في وسعهما لمنع توقيع ذلك الاتفاق، وحذرا من نتائجه الكارثية على جناح السودانيين المطالبين باستقلال بلادهم. غير أن جهودهما تلك لم تثمر عن شيء. وصرح صدقي بعد أن آب للقاهرة من لندن بأنه قد أعاد السيادة المصرية على السودان. وعلق روبرتسون لاحقاً على ذلك بالقول: "في اللغة العربية يمكن أن تعني كلمة "السيادة" سيطرة السيد على عبده... هذا ما كنت أنا والحاكم العام نعتقد أننا وافقنا عليه". واِتَّسَمَتْ ردة فعل جناح السودانيين المطالبين باستقلال السودان (بقيادة حزب الأمة الذي يرعاه السيد عبد الرحمن المهدي) على تلك الاتفاقية بالعنف. وشرع القسم السياسي بحكومة السودان في التفكير في استخدام "قوة حقيقية" لإنفاذ ذلك البروتكول، وقرر جيمس روبرتسون (السكرتير الإداري) في معية زميليه ايدينجتون ميلر Edington Miller (السكرتير المالي) وسير توماس كرييد Thomas Creed(السكرتير القضائي) بأنه ليس في مقدورهم القبول بتلك السياسة من دون مقاومة. وفي سابقة غير معهودة، صاغ ثلاثتهم مذكرة مشتركة بتاريخ 6 نوفمبر 1946م، عنونوها للحاكم العام هدلستون، ولكن كان هدفها هو إيصال رفضهم لتلك الاتفاقية إلى وزارة الخارجية البريطانية. وأعلنوا تحديهم الصريح للاتفاقية، واتهموا حكومة جلالة الملك بنقضها للوعد الذي كانت قد قطعته للسودانيين. وكان السيناريو الذي صوروه يمثل كابوساً كولونيالياً بريطانياً. وجاء في تلك المذكرة (التي وردت – كما جاء في حاشية المقال - في ص 151 من كتاب روبرتسون المعنون "Transition in Africa: From direct rule to independence: a memoir") ما يلي:
"إذا تم تنفيذ هذا البروتوكول... فسوف يتقدم الكثير من العاملين بالحكومة وبالخدمات الحكومية المحلية باستقالاتهم، وسوف ينعدم بصورة واسعة التعاون من كلا الطرفين... "المستقلون" الذين يعتقدون أنهم تعرضوا للخيانة، و"الاتحاديون" (جبهة وادي النيل) الذين يرغبون في رؤية نهاية الإدارة الحالية. وقد تحدث انتفاضات بين القبائل تفضي لخسارة أرواح البريطانيين... وقد نعود لدولة بوليسية و ... تتأجل كل مكاسب السودانيين التي يزعم ذلك البروتكول أنه سيضمنها".
وأوصوا في مذكرتهم بأن "يلتقي هدلستون شخصياً مع رئيس الوزارة البريطانية حتى تقتنع حكومة جلالة الملك بإعادة النظر في موقفها". وذكر روبنسون أنه "لم يكن بمقدورهم البقاء بالسودان وفرض بنود ذلك الاتفاق على السودانيين"؛ وأضاف بأنهم "كانوا يعبرون عن رأي كل العاملين بالقسم السياسي لحكومة السودان، الذين يعتمد عليهم كل النظام الإداري بالبلاد".
ووافق هدلستون تماماً على مذكرة مساعديه، إذ كان يبذل كل ما في وسعه، منذ أن قدم المصريون طلبهم للحكومة البريطانية لعقد مفاوضات لإبرام اتفاقية بين القطرين، من أجل إلزام الحكومة البريطانية (وحكومة السودان أيضاً) باستشارة السودانيين إن كانت تلك الاتفاقية ستغير من وضع السودان وحكمه. وكان هدلستون قد هاله أمر ذلك التفاوض والاتجاه الذي يسلكه، ولم يقبل باتفاقية صدقي – بيقين إلا تحت ضغوط شديدة من وزارة الخارجية، وبعد تأكيدات قوية بأن تلك "السيادة" المصرية المذكورة في الاتفاقية إنما هي سيادة "رمزية" - وأنه لن يتغير شيء في الإدارة الفعلية للحكم الثنائي، وأن ذلك البروتكول لن يمنع السودانيين (بعد بلوغهم مرحلة "الحكم الذاتي") من الحصول على الاستقلال الكامل. غير أن ما أدلى به صدقي وهو بالقاهرة بعد عودته من لندن غَيَّرَ من الوضع تماماً. وفي اليوم التاسع من نوفمبر وصل هدلستون إلى لندن على الرغم من ممانعة وزارة الخارجية لتلك الزيارة. وكان الرجل يحمل رسالة رسمية من حكومة السودان إلى كلمينت أتلي (رئيس الوزراء البريطاني بين عامي 1945 – 1951م). وكانت الرسالة تؤكد على استحالة اقناع السودانيين من أنصار الجبهة الاستقلالية بأن هناك أي فوائد أو مزايا يمكن لهم جنيها من بروتكول صدقي – بيقن، في مقابل التنازلات البريطانية للمصريين، ومنحهم السيادة على السودان، وأن ذلك البروتكول لا يمكن أن يُنْفَذ إلا بالقوة، وهذا مما من شأنه أن يحدث "انتكاساً كاملاً في كل ما عملت عليه حكومة السودان في الخمسين عاماً الماضية"، و"ستختفي سريعاً الثقة الكبيرة التي تَوَلَّدَت من نصف قرن كامل من التعاون بين البريطانيين والسودانيين". وأعلن هدلستون في رسالته لأنه "لم يعد يوافق على بند المعاهدة الذي يتناول أمر السيادة"، وأنه يطالب الوزارة البريطانية نفسها بإعطاء كامل الاعتبار لـ "الظروف المتغيرة قبل أن تقرر في شأن ذلك البروتكول".
وعلى الرغم من أن رحلة هدلستون إلى لندن لم تصب في النهاية أي قدر من النجاح في إِثناء الحكومة البريطانية عن الموافقة على البروتكول، إلا أنها حققت عدة أغراض مفيدة، منها استفادة حاكم عام السودان من زيارته للندن في عرض تصور القسم السياسي بالحكومة لتاريخ السودان، وكشفه للمفاهيم العامة الخاطئة عن السودان، تلك التي كانت سائدة بين أعضاء حكومة كلمينت أتلي؛ وإِفْلاَحه في إجبار الحكومة البريطانية على الالتزام كتابةً بالحفاظ على نيل السودانيين لحق تقرير مصيرهم، وأيضا في الحصول على وعد من كلمينت أتلي بمنع المصريين من التدخل في إدارة دولة الحكم الثنائي. وعلى الرغم من أن اتفاقية صدقي – بيفن ظلت هي أساس السياسة البريطانية، إلا أن تلك التنازلات التي تحصل عليها هدلستون جعلت تلك الاتفاقية أسوأ من كونها عديمة الفائدة.
وفي اجتماع غير رسمي لهدلستون مع وزراء الحكومة البريطانية وكبار المسؤولين بوزارة الخارجية البريطانية في مقر الحكومة البريطانية، قدم هدلستون تلخيصا سريعاً لحالة العلاقات السابقة والحالية بين السودانيين وحكومة العهد الثنائي. وكان كلمينت أتلي قد تعجب – بصورة خاصة – عندما علم بأنه ليس بالسودان أي جنود مصريين منذ عام 1924م! وأن هناك فصيل سوداني يعادي مصر، وأن حكومة السودان تؤمن بأن رأي ذلك الفصيل يمثل رأي معظم السودانيين. ولخص هدلستون استنتاجاته في برقية بعث بها في يوم 12 نوفمبر 1946م إلى وزير الخارجية البريطاني بيفن الذي كان يومها في نيويورك، جاء فيها "إن السودانيين قد ظلوا طوال الأربعة وعشرين عاماً الأخيرة يغمضون أعينهم عن رؤية أي صلة لهم بالمصريين، ولم يُفْعَلْ أي شيء يجعلونهم يفتحونها لرؤية الحالة الحقيقية للأمور". كان هذا بالطبع هو تفسير "القسم السياسي" بحكومة السودان، غير أن بيفن ذهل من المعلومات التي قدمها هدلستون، ورد بالقول - مفصحاً عن جهله بحالة الوضع في السودان - بالقول: "لم أكن أدري أننا كنا نتحكم منذ عام 1924م بتلك الطريقة التي ذكرتها".
وعلى الرغم من درس التاريخ "التصحيحي" الذي ألقاه الحاكم العام، والذي كان بمثابة تَغْيِير كامِل ومُفَاجِئ في وجهات النظر البريطانية التقليدية، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كلمنت أتلي بشكل قاطع (وخاطئ أيضاً): أنهم قد "لقد فهموا في هذا البلد دوماً أن السيادة المصرية على السودان كانت موجودة، رغم عدم ذكرها صراحةً" – ولكنه كتب رغماً عن ذلك ما يفيد بأن وزارة الخارجية وحكومة السودان كانتا، ومنذ عقود، تتبنيان قضية "السيادة المشتركة". وعلى الرغم من ذلك الماضي، فقد كان كلمنت أتلي يرغب في المضي قدماً، وكان يرى أن تخلى البريطانيين عن ذلك البروتكول سوف يفقدهم كل المعاهدة، ويفقدهم كذلك علاقاتهم مع مصر، وسيضطرون لإعادة كل ترتيباتهم الدفاعية الشاملة للشرق الأوسط وإخضاعها لعملية بحث ودراسة جديدة. ووافق وزير الخارجية البريطاني بيفن على ذلك. ولم يفلح إصرار هدلستون إلا في إقناع بيفن بأن المشكلة الحقيقية في السودان ليست هي في السودانيين الذين ينادون باستقلال بلادهم، ولكنها في "القسم السياسي" بحكومة السودان. ورفض بيفن بشدة واستنكر ما ذكره هدلستون عن "استخدام القوة" وقيام "دولة بوليسية" و"رقابة" حتى يمكن تنفيذ بنود ذلك البروتكول، واستنكر أيضاً ما قاله هدلستون من "فقدان ثقة السودانيين"، ووصف ذلك بأنه "مجرد تفسير مغرض لمسودة البروتكول، وتشويه للموقف البريطاني". وخلص بيفن إلى أن "التردد تحت التهديد باستخدام القوة سيكون أسوأ شيء بالنسبة لموقفنا، ليس في السودان فحسب، بل في سائر أنحاء العالم العربي".
ولم ينجح هدلستون في تغيير موقف الوزارة البريطانية، وأُخْبِرَ في 12 نوفمبر بأن مجلس الوزراء غير مقتنع بما ذكره لهم عن استحالة تغيير موقف الاستقلاليين السودان من الفقرة التي تؤكد السيادة المصرية على السودان. ورد هدلستون ممتعضاً من ردهم بأن ما أتوا به هو مجرد "تفكير رغائبي وغير أمين"، وأن عليهم تصديق ما ذكره لهم. وغدا هدلستون مؤمناً بأن موقف الحكومة البريطانية ليس نابعاً ببساطة من جهلها بالكثير من الأحوال بالسودان، بل لإيثارها المنفعية والمُلاَءَمَة السياسية على القيام بما هو صحيح أخلاقياً، وأستشهد هدلستون في رده ذاك بمقولات ذات ظلال دينية. وكتب وكيل وزارة الخارجية لكمنت أتلي عن أن هدلستون يعيش الآن في "إطار فكري رَسُوليّ / مثالي Messianic frame of mind"، وأنه ربما سوف يقدم استقالته.
غير أن هدلستون في الواقع لم يكن عازماً على الاستقالة في تلك المرحلة؛ ولكنه رفض العودة للخرطوم من دون أن يتسلم رداً خطياً على رسالته الرسمية يحتوي على تأكيد قاطع بأن كل وزراء الحكومة البريطانية "يولون اهتماما خاصاً للتغيرات التي حدثت في ظروف السودان". وإضافة لذلك، لم يعد هدلستون منشغلاً فقط بمسألة السيادة، بل صار يخشى من مشكلة "التدخلات" المصرية في شؤون الحكم الثنائي بالسودان. وتحدث في ذلك الشأن مع عبد الفتاح عمرو باشا سفير مصر في لندن. وذكر هدلستون لاحقاً للوكيل الدائم لوزارة الخارجية سير أورم سارجنت أن "مصر لا تريد من السودان ضمان أمنها المائي فحسب، بل تريد ما هو أكثر من ذلك بكثير – "سيادتها الملكية". وحذر هدلستون من "تنامي قوة المهمة التاريخية historical mission" في أفريقيا. ثم حشد في أقواله الكثير من التشبيهات والتعابير الدينية والتاريخية البليغة، إلا أن كل ذلك لم يجد فتيلا. غير أن الحكومة البريطانية أعطت هدلستون خطاباً ليريه للمسؤولين في الخرطوم فيه تفسير لأسباب اعتراف بريطانيا بالسيادة المصرية على السودان، وتأكيد على أن الحكومة البريطانية "لن تسمح بتعريض موقعهم وآفاقهم للخطر".
وفي يوم 14 نوفمبر وافق رئيس الوزراء البريطاني ووزير خارجيته وبقية الوزراء على بروتكول السودان. ووافقوا أيضا على استمرار هدلستون في منصبه حاكماً عاماً للسودان، مع إعطائه خطاباً ليريه لقادة السودان فيه تأكيد على تصميم الحكومة البريطانية على عدم السماح بأي تدخلات مصرية في إدارة شؤون السودان، على الرغم من وجود فقرة في البرتوكول تشير إلى "السيادة المصرية على السودان". ورغم الإحباط الذي أصاب هدلستون، إلا أنه قبل الاستمرار في منصبه لإيمانه بأن نفوذه الشخصي على السودانيين سوف يمنع حدوث أي صراعات دموية، أو يبقيها في حدها الأدنى، وسوف يُناضِل ويُقاتِل بكلّ ما في وسعه من أَجل قَضيَّة ومَبدأ يؤمن به (مستلهماً مقولة بولس Paul: .(to fight the good fightوفي يوم 15 نوفمبر كتب هدلستون للوكيل الدائم لوزارة الخارجية البريطانية يشتكي من خطاب ألقاه الملك فاروق وذكر فيه عبارة "العلاقات الأزلية التي تربط مصر والسودان". وقال هدلستون متسائلاً: "وما هي تلك العلاقات الأزلية؟ الغزو والقمع والظلم والاسترقاق والإدارة الفاسدة. ليس هناك من شيء آخر". وفي تلك الأيام كان هدلستون قد جعل من نفسه مصدر إزعاج ومضايقة (للحكومة البريطانية). ورد عليه الوكيل الدائم لوزارة الخارجية البريطاني باستياء لا يكاد يخفي بأنه "ما من سبيل الآن لتغيير ذلك النهج، وأن عليك الآن العودة لمقر عملك – الذي يبدو لي هو الأمر الأشد أهمية - لحكومة جلالة الملك وللسودانيين" (ذكر الكاتب في الحاشية أن البريطانيين كانوا قد أطلعوا على خطاب الملك فاروق المذكور حتى قبل أن يلقيه. المترجم).
ولم يتبق لهدلستون غير ورقة (كرت) أخيرة ليلعب بها. فرفض الأوبة للخرطوم من دون مُصَادَقَة الحكومة البريطانية على خططه لإقناع السودانيين بالقبول ببرتوكول صدقي – بيفن، واستعمال الحد الأدنى من القوة من أجل فرضه، إن لزم الأمر. وأضاف هدلستون بأن "ثمن ثقة السودانيين هو منحهم فوراً القسط الأول والأكبر من مؤسسات حكم ذاتي ... شيء أسرع وأقوى تأثيراً مما هو مطروح حتى الآن". وأصر هدلستون كذلك على أن تخوله بريطانيا ومصر لدعوة ممثلي الشعب السوداني (من قادة وزعماء أحزاب سياسية) للقيام فوراً بـ "صياغة مقترحات لإنشاء المؤسسات السياسية والإدارية حسبما قد يعتبرونه هم ضرورياً إبان فترة تدريبهم على الحكم الذاتي". وكان ذاك من منظور هدلستون هو الطريق المتبقي الأوحد لمنع استحواذ المصريين نهائياً على السودان – خلق دولة تُحْكَمُ ذاتياً قبل أن يجد المصريون الفرصة سانحةً للتسلل. والسرعة مهمة هنا: "إن تأخر تنفيذ ما اقترحته بعد عودتي للخرطوم، فقد تندلع مظاهرات، وسأضطر حينها لاستخدام القوة... وسنفقد كل أمل في التعاون (مع السودانيين)". وأبدت وزارة الخارجية موافقتها على ما ذهب إليه هدلستون، إلا أن الأحداث في مصر كانت قد تسارعت بوتيرة تجاوزت خطط هدلستون، حتى عندما صدقوا مخاوفه من الطموحات المصرية في السيادة المشتركة. ووصف السكرتير الإداري روبرتسون لرجال "القسم السياسي" بحكومة السودان معضلة هدلستون بالقول بأنه: "بعد أن طُرِدَ من خط دفاعه الأول ... وجد صاحب السعادة هدلستون أنه يتعين عليه الدفاع عن خط ثانٍ". لقد كانت النقطة محل النزاع هي حق السودانيين في الانفصال عن التاج المصري.
وبينما كان هدلستون يخوض معركته الدفاعية العنيدة (والفاشلة في نهاية المطاف) ضد بروتكول صدقي – بيفن في لندن، لقيت جهوده تعزيزاً ودفعة غير متوقعة من أعداء صدقي باشا في مصر نفسها. وعلى الرغم من النجاح الظاهري الذي حققه صدقي في مفاوضاته مع بيفن وهو يعود للقاهرة ليعرض المعاهدة الجديدة أمام "وفد المعاهدة المصري" وأمام البرلمان، فقد بدا واضحاً بأن صدقي يواجه معارضة خطيرة في مصر، خاصةً فيما يتعلق على الأقل بما جاء في المعاهدة عن مسألة السودان. فمثلما كان الحاكم العام هدلستون قد اتهم وزير خارجيته بيفن بالتنازل عن الكثير، نجد أن المعارضين الوطنيين وأعداء صدقي يتهمونه بأنه لم يحصل على ما فيه الكفاية. وعقب إدلاء صدقي ببيانه في مطار القاهرة اندلعت مظاهرات احتجاجية عنيفة في الخرطوم، وقامت الصحافة المصرية بالتأكيد على أن بروتكول السودان الجديد يعني "تغيير النظام" في دولة الحكم الثنائي. ولما تزايدت انتقادات المعارضة وأشتد تركيزها على مسألة السودان في تلك المعاهدة، شرع صدقي في التأكيد على أنه استطاع الحصول على دور أكبر لمصر في إدارة السودان، وصرح بأن الاتفاقية لم تتضمن أي حق للسودانيين في الانفصال عن التاج المصري. و"تسربت" تلك التصريحات للصحافة. وفي يوم 16 نوفمبر 1946م نشرت صحف القاهرة مُسَوَّدة وثائق اتفاقية صدقي – بيفن كاملةً. وفي نفس اليوم اجتمع وفد الاتفاقية المصري لثلاث ساعات لمناقشة الوضع. وتبين لهم أن الاتفاقية ستجد معارضة شديدة من "أعداء صدقي" في وفد الاتفاقية، ولن تُجَازَ كما هي. لذا آثر صدقي أن يتجاوز خصومه ووضع مُسَوَّدة الاتفاقية أمام مجلس النواب في جلسة مغلقة.
وبينما كان صدقي باشا يسعى بشدة في القاهرة لنيل الموافقة على اتفاقه مع بيفن، بدأ هدلستون نفسه يطالب وهو في لندن بتقديم ضمانات له فيما يخص صلابة التفسيرات البريطانية لبروتكول صدقي – بيفن، خاصة بعد أن وجد أن تفسير صدقي للبروتكول يتعارض تماماً مع التفسير الذي قدمه له أتلي وبيفن. وغدا هدلستون يصر الآن على أن الرسالة التي سيُسلمها إلى القادة السودانيين يجب أن تنص على التفسير البريطاني بشكل لا لُبس فيه ولا غموض، وأنه يجب أن يكون قادراً على "الثبات" عليه. ووافق أتلي على إعطاء هدلستون الضمانات التي يطلبها، ودون أن يستشير وزير خارجيته بيفن بخصوص الصياغة الدقيقة للخطاب، قام أتلي بكتابة خطاب رسمي لهدلستون عبر له فيه عن أنه "سيكون من حق السودانيين في النهاية الحق في فصل أنفسهم من التاج المصري إن رغبوا في ذلك". وحمل هدلستون خطاب رئيس الوزراء معه وسافر للخرطوم عبر القاهرة.
وأفضى استخلاص هدلستون لضمانات مؤكدة من أتلي، رئيس الوزارة البريطانية، سريعاً إلى مواجهة مع صدقي باشا. وتوالت التقارير على لندن عن إنكار صدقي أن ذلك البروتكول يعطي السودانيين الحق في الانفصال. وأنزعج أتلي من ذلك كثيراً، وقام – مع وزير خارجيته - بمراجعة بنود الاجتماعات التي عقدت مع صدقي، وتبين لهما أن محاضر الاجتماعات لا تظهر أن صدقي وافق في أي وقت مضى على أن يكون للسودانيين الحق في الانفصال في نهاية المطاف. وبسبب ما صدر عن صدقي من تصريحات بالقاهرة، أتفق أتلي وبيفن على المطالبة بتفسير مشترك مكتوب، ووجها السفارة المصرية لنقل ذلك الطلب لرئيس الوزارة المصرية. ولتفادي أي خطوات جديدة قد تقود مرة أخرى لالتباس جديد يجعل مصداقية البريطانيين موضع شك، طلبا من هدلستون عدم استخدام الرسالة التي سُلمت له، حتى صدور أوامر أخرى.
ويمكن من واقع ما هو متوفر من وثائق القول بأن النظرة السالبة لهدلستون والعاملين في القسم السياسي تجاه وزارة الخارجية البريطانية كانت مبررة. وكان المسؤولون البريطانيون (والمصريون كذلك) يحاولون المستحيل في سبيل حل إشكال بروتكول السودان. وأرسل الوكيل الدائم لوزارة الخارجية برقية إلى بيفن قال له فيها: "لو أغلق صدقي فمه، لكان بمقدورنا استخدام نفس الكلمات (Ipsissima verba) التي وردت في البروتكول، ولقلنا بطريقة مقنعة في البرلمان وغيره بأن ذلك التعبير عن الحق في اختيار الوضع المستقبلي يشمل اختيار الانفصال ... وبسبب ما كشف عنه صدقي بطيش في القاهرة ... وأضطرنا لطلب تعريف دقيق ومحدد لما يفهمه كل طرف منا من ذلك النص". وكانت وزارة الخارجية تخشى من أن تُكْثِر على صدقي الطلبات خشية أن يفضي ذلك لتعريض المعاهدة نفسها للخطر.
وغضب هدلستون غضباً شديداً عندما أُخْبِرَ ساعة وصوله للقاهرة أن عليه ألا يستخدم الرسالة التي كان قد طلبها من رئيس الوزراء. وعندما أُخْبِرَ أيضاً بأن تلك الرسالة ستُعدل وستُحذف منها العبارة التي تتضمن التأكيد على حق السودانيين في الانفصال عن مصر، رد في سخط شديد بأن حذف تلك العبارة سيجعل الرسالة "عديمة الفائدة". ورفض هدلستون العودة للخرطوم حتى يجيب رئيس الوزراء على سؤال افتراضي هو: "هل للسودانيين الحق في الانفصال عن التاج المصري عندما يحين وقت ذلك الاختيار؟"، وأضاف بأنه لن يعود للسودان إلا إذا كانت الإجابة بنعم. وبقي هدلستون في القاهرة ينتظر الإجابة عن سؤاله، وقابل في يوم 23 نوفمبر صدقي باشا.
وكان رئيس الوزراء البريطاني قد نصح هدلستون بمقابلة صدقي باشا والملك فاروق أيضاً في أيامه بالقاهرة، وأن يسعى لإقناعهما بالقبول بسياسة "سودنة" سريعة وقيام حكم ذاتي في السودان. غير أنه كان معلوماً بأن صدقي لم يكن يؤمن بأن مثل تلك السياسة كانت محتملة الحدوث أو قابلة للتنفيذ، وأن السودانيين مازالوا في "حالة متخلفة"، وسيحتاجون لوقت طويل قبل أن يبلغوا مرحلة الحكم الذاتي، لذا "ما الداعي للحديث عن الاستقلال الآن؟". "وبما أنه من المقرر أن ينتهي أمد الاتفاقية بعد عشرين عاماً، فهل يؤمن الحاكم العام حقاً بأن السودانيين سيكونون على استعداد للحكم الذاتي قبل عشرين عاما من الآن؟”. أجاب هدلستون بنعم، إذ أن هنالك أعداداً كبيرة من السودانيين تؤمن بذلك بالتأكيد". وأضاف هدلستون: "وبغض النظر عن عدد السنوات التي ينبغي على السودانيين انتظارها، وبصرف النظر عن الرأي المعلن للسودانيين المؤيدين للاتحاد مع مصر، فإن 100% من السودانيين يرغبون في نهاية المطاف... في الحصول على إعلان واضح وصريح بأن لهم الحق في تقرير مصيرهم، الذي سوف يشمل حق الانفصال عن مصر".
وإذا كان هدلستون قد قلل من قوة المشاعر المؤيدة لمصر في السودان، فإن صدقي نفسه كان قد رفض فهم وتقدير مدى المعارضة لمصر بين الفصيل المؤيد لاستقلال السودان؛ وكان يؤمن- مثله مثل أي مصري مهتم بالسياسة – بأن حزب الأمة إنما هو صنيعة بريطانية، ولا يرى في راعيه السيد عبد الرحمن المهدي سوى أنه عميل مِطواع للبريطانيين. وكان صدقي شديد الإصرار وقوي الإيمان بأن السودان هو "محافظة مصرية"، وأن سكانه هم من "المواطنين المصريين". وفي بداية اللقاء اشتكى صدقي لهدلستون من اللقاء الصحفي الذي أجراه السيد عبد الرحمن المهدي مع صحيفة نيويورك تايمز، وهدد فيه ببدء مقاومة عنيفة لفرض السيادة المصرية على السودان، وذكر صدقي في سخط بأن تلك "كلمات لا تصدر إلا عن متمرد ...وهي دعوة صريحة للتمرد". وحاول هدلستون الدفاع عن السيد عبد الرحمن قائلا بأن الرجل قد استفزته المقالات التي دأبت الصحف المصرية على نشرها، وكانت كلها تشجب موقفه وتنعته بأنه متمرد، وأن "من يهدد بقيام تمرد سيلقى جزاءه ...". رد صدقي على ذلك بالقول إن الصحف المصرية حرة في نشر ما تريد نشره – غير أن السيد عبد الرحمن هو قائد مسؤول عن حزب سياسي سوداني، وأن على الحاكم العام أن "يحذره من مغبة مثل هذا السلوك". وأشتكى صدقي كذلك من أن السيد عبد الرحمن لم يعتذر عن تحطيم أنصاره صورة الملك فاروق عندما هاجموا دار حزب الأشقاء بالخرطوم. ومن المفارقات أنه في نفس الوقت الذي كان هدلستون يتحدث فيه مع صدقي، كان السيد عبد الرحمن في طريقه إلى لندن كي يعرض بنفسه مطالب "الاستقلاليين" على الحكومة البريطانية.
لقد كان استخدام البريطانيين للسيد عبد الرحمن من أجل تحقيق أهداف "القسم السياسي" بحكومة السودان هو واحد من حيلها القديمة. وعندما أدرك هدلستون أن مهمته لن تتم وأن هدفه لن يتحقق، قرر اللعب بورقة (كرت) المهدية مرة أخرى، وشجع الحكومة البريطانية على استقبال السيد عبد الرحمن و"طمأنته" بأن السيادة المصرية (المذكورة في بروتكول صدقي – بيفن) هي مجرد سيادة ذات طبيعة "رمزية".
وكان من رأي هدلستون أنه إن كان من الواجب أن يُعْمَل بحسب ما جاء في بروتكول صدقي – بيفن، فإن السماح للسيد عبد الرحمن بمقابلة مسؤول في الحكومة البريطانية هو من باب التنازل والتساهل concession معه من أجل كسب وده ونيل تأييده لحكومة السودان التي كانت ترى أن وجود السيد عبد الرحمن خارج البلاد سيقلل من فرص اندلاع احتجاجات ضخمة من أنصاره. وكان هدلستون يتمنى في الواقع أن يفلح السيد عبد الرحمن في إقناع رئيس الوزارة البريطانية بأن فرض السيادة المصرية على السودان هو أمر مستحيل الحدوث (وهو ما أخفق في تنفيذه هدلستون نفسه)؛ وقد قال هدلستون ذلك للسيد عبد الرحمن عندما التقاه بصورة شخصيةً في القاهرة قبل سفره للندن. وكما توقع هدلستون، أدرك أتلي رئيس الوزارة البريطانية بسرعة بأن السيد عبد الرحمن لا يفهم من كلمة "سيادة ملك مصر على السودان" (الواردة في البروتوكول) إلا أنها تعني أنه لملك مصر السلطة المطلقة في بلاده.
وكان أتلي قد ضاق ذرعاً بسيل من الرسائل دأَبَ هدلستون على بعثها له مطالباً باتخاذ المزيد من الإجراءات لحماية السودانيين من مصر، فقرر أتلي أخيراً بأن يرد على سؤال هدلستون الافتراضي (الذي كان هو: "هل للسودانيين الحق في الانفصال عن التاج المصري عندما يحين وقت ذلك الاختيار؟")، وأرسل له خطابا معدلاً (عوضاً عن الخطاب الذي أعطاه له حين كان في لندن) جاء فيه أن "حكومة جلالة الملك من جانبها مصممة على ألا تسمح لشيء أن يصرف حكومة السودان ... عن .... إعداد السودانيين للحكم الذاتي لمهمة الاختيار الحر لوضعهم المستقبلي". بل استشهد بما ذكره صدقي باشا لبفين عندما التقى به في أكتوبر: "ليس هناك من شيء في المعاهدة المقترحة يجحف بالفعل من حق السودانيين في تحقيق استقلالهم، أو يلزمهم بشيء وهم يبحثون عن الحرية ... هذا مبدأ عالمي، ولا نحتاج لإدراجه في نص المعاهدة". وأعاد أتلي في رسالته الأخيرة لهدلستون ما ذكره للسيد عبد الرحمن المهدي مطمئنا إياه بأن حاكم عام السودان سوف "يقاوم" أي محاولة مصرية مباشرة لإدارة السودان، باعتبار أن ذلك من الأمور التي تخالف البروتكول. وكان هذا أقصى ما قدمه رئيس الحكومة البريطانية لهدلستون الذي كان يطالب أن تصدر الحكومة المصرية أيضاً بياناً عاما يتضمن ذلك التعريف لتعبير "السيادة المصرية" الواردة في البروتكول. غير أن رئيس الحكومة البريطانية كان يرى أن ذلك من المطالب "غير المعقولة"، وأن "الحكومة البريطانية لا تستطيع منح السودانيين حقوقاً من مصر أكثر مما هو موجود أصلاً" (ورد في حاشية المقال أن وزارة الخارجية البريطانية قررت ألا يقابل السيد عبد الرحمن الملك، وأن تُحدد اتصالاته السياسية بعناية، وكان آخرها مقابلته لرئيس الوزراء في 28 نوفمبر 1946م). وأعتبر هدلستون رسالة أتلي الأخيرة له رداً كافيا، فقرر أن يعود للخرطوم في بداية ديسمبر.
وبينما كان السيد عبد الرحمن يعرض قضيته في لندن، نجح صدقي في نيل موافقة البرلمان المصري على توقيع الاتفاقية التي كان قد وقع عليها بالأحرف الأولى في لندن في شهر أكتوبر 1946م. وفي الأول من ديسمبر أبلغ صدقي الحكومة البريطانية باستعداده للتوقيع على الاتفاقية وبروتكولاتها، وأنه يتوقع أن يزكي بيفن التصديق عليها للوزارة البريطانية. وكان صدقي يؤمل أن تُوقع الاتفاقية كما هي وأن تُتْرَك أي اختلافات في تفسيرها للمستقبل.
وكان السير روبرت هاو (وكيل وزارة الخارجية المساعد، والذي عين لاحقاً حاكما عاماً للسودان في عام 1947م خلفا لهدلستون. المترجم) قد ذكر بأنه متأكد جدا من أن "بريطانيا ستواجه الكثير من المصاعب في مصر إن لم توقع على الاتفاقية" ولكنه ليس متأكدا لتك الدرجة "من أن توقيع الاتفاقية سيجعل الوضع في السودان سيئاً بالصورة التي رسمها الحاكم العام". لذا فقد نصح هاو وزير الخارجية بيفن بقبول كل كلمات الاتفاقية كما وردت، إذ أن كل ما أدلى به صدقي لاحقاً هو فقط من باب "الاستهلاك المحلي". غير أن بيفن ظل مترددا وحائراً – وفي الخرطوم بدا وكأن هدلستون قد "سرق المبادرة" تارةً أخرى.

alibadreldin@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: وزارة الخارجیة البریطانیة الحکومة البریطانیة على رئیس الوزراء البریطانی عبد الرحمن المهدی حکومة جلالة الملک السید عبد الرحمن بحکومة السودان القسم السیاسی تلک الاتفاقیة حکومة السودان الحاکم العام وزیر خارجیته على الرغم من الملک فاروق الحصول على السودان فی فی القاهرة فی السودان الکثیر من الذی کان فی إدارة التی کان ما ذکره صدقی فی فی لندن إلا أنه فی تلک من أجل التی ت إلا أن قبل أن غیر أن جاء فی فی یوم على أن أن تلک فی مصر من ذلک من دون

إقرأ أيضاً:

في ذكرى إنشاء مؤسسته.. كم عملية زراعة قلب أجراها السير مجدي يعقوب؟

بمناسبة مرور 15 عامًا على إنشاء مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب، أقيم احتفال بالمتحف المصري الكبير اليوم، تقديرًا لجهوده في مجال عمليات زراعة القلب التي أنقذت حياة الآلاف من المرضى حول العالم.

إجراء 4000 عملية زراعة قلب 

اعتبر السير مجدي يعقوب عملية زراعة القلب بمثابة هبة للحياة، وفق ما صرح به في حوار تليفزيوني سابق له على قناة ON، فهو يعتبر من أوائل الأطباء الذين عملوا في مجال زراعة القلب حول العالم ليستطيع بذلك إنقاذ حياة الآلاف من المرضى بعدما فقدوا الأمل في شفائهم، موضحًا: «عملت حوالي 4000 عملية زراعة قلب».

مرّ السير مجدي يعقوب بالكثير من المواقف الغريبة والصعبة خلال عمليات زراعة القلب الدقيقة، إلا أنه اعتبر أصعب عملية كانت منذ حوالي 23 عامًا لطفلة بريطانية كان عمرها وقتها 7 أشهر، إذ استدعته الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا خصيصًا لإجراء زراعة قلب لها نظرًا لصعوبة حالتها وثقتها الكبيرة في كفائته.

أصعب عملية أجراها مجدي يعقوب

لم يجد «يعقوب» وقتها قلب صغير يُمكن زراعته للطفلة، وبعد الكثير من البحث والمحاولات توصل لقلب صغير قام زرعه بجانب قلبها الأساسي، وتابع خلال حديثه التلفزيوني، أن الطفلة عاشت حوالي 8 سنوات بالقلبين، إلا أنها أصيبت بمرض السرطان، فعاد مرة أخرى إلى المستشفى ببريطانيا لاستئصال الورم والقلب الذي تم زراعته بعدما تأكد من عودة كفاءة القلب الأساسي: «البنت دي دلوقتي في العشرينيات من عمرها واتجوزت وبقى عندها أطفال». 

مقالات مشابهة

  • غليزان: إنحراف حافلة وتعطل حركة السير إتجاه وهران
  • الأمطار الغزيرة تغرق شوارع عدن وتشل حركة السير
  • شاهد بالفيديو.. الكابتن التاريخي لنادي الزمالك يتغزل في المنتخب السوداني بعد تأهله للنهائيات: (السودان التي كتب فيها شوقي وتغنت لها الست أم كلثوم في القلب دائماً وسعادتنا كبيرة بتأهله)
  • روابط وعرى وثيقة تجمع السودانيين من الفاشر حتى بورتسودان
  • الحكومة تراجع قانون تعويض ضحايا حوادث السير بعد 40 سنة من الجمود
  • بسبب السير عكس الاتجاه.. مصرع شخص وإصابة 12 فى حادث تصادم بالشرقية
  • الإمارات تقدم 30 ألف سلة غذائية لإغاثة اللاجئين السودانيين في أوغندا
  • الإمارات تدعم اللاجئين السودانيين في أوغندا بـ30 ألف سلة غذائية
  • الإمارات تعزز الدعم الإغاثي للاجئين السودانيين في أوغندا
  • في ذكرى إنشاء مؤسسته.. كم عملية زراعة قلب أجراها السير مجدي يعقوب؟