زهير عثمان

تاريخ الاستقلال هو لحظة حاسمة في حياة أي دولة، يمثل نقطة تحول من السيطرة الأجنبية إلى السيادة الوطنية. لكن نسبة الدولة إلى تاريخ الاستقلال دون النظر إلى التحديات التي تلت ذلك أو غياب البديل الفكري يمكن أن يؤدي إلى فهم مغلوط للتاريخ ودوره في بناء الدولة. في هذا المقال، سنناقش خطورة المناداة بتحطيم دولة قائمة دون تقديم بديل فكري واضح، وكذلك المخاطر المرتبطة بالفكر المغلوط حول نسبة الدولة إلى تاريخ الاستقلال.



الفكر المغلوط في نسبة الدولة لتاريخ الاستقلال
الكثيرون يعتبرون تاريخ الاستقلال رمزاً لإقامة دولة قوية ومستقلة، وهذا الاعتقاد قد يكون مبالغاً فيه. بينما يشير الاستقلال السياسي إلى نهاية السيطرة الأجنبية، فإنه لا يضمن بالضرورة إقامة دولة مستقرة وقوية. هناك عدة مفاهيم مغلوطة يجب التنبه لها:

الاستقلال السياسي مقابل الاستقلال الفعلي الاستقلال السياسي يعني انتهاء السيطرة الرسمية من قبل قوة أجنبية، لكنه لا يعني بالضرورة الاستقلال التام في اتخاذ القرارات الوطنية أو حماية السيادة من التدخلات الخارجية. الدول حديثة الاستقلال غالباً ما تواجه تحديات كبيرة في بناء مؤسساتها وتحقيق استقلالها الفعلي.

إهمال المراحل التاريخية الأخرى: التركيز على تاريخ الاستقلال قد يغفل مراحل تاريخية مهمة أو مساهمات من شعوب ومجموعات ساهمت في بناء الهوية الوطنية قبل أو بعد الاستقلال. فهم تاريخ الدولة بشكل شامل يتطلب النظر إلى كافة الأحداث التي شكلت الأمة وليس مجرد لحظة الاستقلال.

الاعتقاد بأن الاستقلال هو نهاية المشاكل الوطنية: الفكر المغلوط هنا يكمن في اعتبار الاستقلال حلاً لجميع مشاكل الدولة. في الواقع، الاستقلال هو بداية لمرحلة جديدة من التحديات، بما في ذلك بناء المؤسسات، صياغة هوية وطنية شاملة، ومعالجة آثار الاستعمار.

تحويل تاريخ الاستقلال إلى أداة سياسية: قد يستخدم تاريخ الاستقلال بشكل غير دقيق كأداة لتعزيز الشرعية أو توجيه الرأي العام، مع إغفال التحديات والفشل التي قد واجهتها الدولة منذ الاستقلال.

خطورة المناداة بتحطيم دولة قائمة بدون بديل فكري
تحطيم دولة قائمة دون تقديم بديل فكري واضح يعتبر من أخطر السيناريوهات التي قد تواجه أي مجتمع. هذه الخطورة تتجلى في عدة نقاط:

الفوضى وانعدام الاستقرار: في غياب رؤية واضحة لما سيأتي بعد تحطيم الدولة، يمكن أن تنحدر البلاد إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، مما يؤدي إلى انتشار العنف والانقسامات الداخلية.

الفراغ في السلطة: تحطيم الدولة قد يترك فراغاً في السلطة، وهذا الفراغ يمكن أن يُستغل من قبل جماعات متطرفة أو قوى أجنبية، مما يزيد من تفاقم الوضع ويؤدي إلى ظهور أنظمة حكم أكثر استبداداً.

غياب التوجيه الفكري والسياسي البديل الفكري يوفر التوجيه اللازم لبناء دولة جديدة على أسس سليمة. بدون هذا التوجيه، قد يضيع المجتمع في حالة من الارتباك والفوضى، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي.

تدهور الاقتصاد والخدمات العامة بدون بديل فكري منظم، قد يتعرض الاقتصاد للانهيار، وتتوقف الخدمات الأساسية، مما يؤدي إلى زيادة معاناة المواطنين وتدهور مستوى المعيشة.

تفكك النسيج الاجتماعي الدولة تمثل وحدة تجمع أفراد المجتمع حول هوية مشتركة. تحطيم الدولة بدون بديل قد يؤدي إلى تفكك هذه الوحدة، مما يعزز الانقسامات والصراعات الأهلية.

إن نسبة الدولة إلى تاريخ الاستقلال بشكل مفرط أو مغلوط، وكذلك المناداة بتحطيم دولة قائمة بدون بديل فكري، يمثلان تهديداً كبيراً لأي مجتمع. يجب أن يكون أي تغيير سياسي مصحوباً برؤية واضحة لبناء نظام جديد مستدام، وفهم شامل لتاريخ الأمة بكل تعقيداته. الاستقلال هو بداية طريق طويل يتطلب العمل الجاد والتخطيط السليم لتحقيق الاستقرار والنمو. بدون ذلك، فإن المخاطر والتداعيات قد تكون كارثية على الدولة والمجتمع بأسره.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: تاریخ الاستقلال الاستقلال هو نسبة الدولة یؤدی إلى فی بناء

إقرأ أيضاً:

عواطف: إسم جديد لدولة عربية

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

سوف يتغير إسم احدى البلدان العربية عما قريب ليصبح: (عواطف). لابد ان يتغير حتى ينسجم تماما مع سياساتها الخارجية، ذلك لأنها متعاطفة جدا مع اعداءها، ومتعاطفة إلى ابعد الحدود مع الارهابيين الذين ارتكبوا أبشع المجازر ضد شعبها، ومتسامحة مع الذين يبغضونها ويكرهونها ويتربصون بها، ولم تغضب من الذين استباحوا مدنها، واغتصبوا نساءها، وأقاموا دولتهم الارهابية فوق ارضها. فما ان قرروا الانتقال إلى الشام لإقامة دولتهم الفوضوية هناك حتى كانت (عواطف) في طليعة البلدان المهنئة، فأرسلت وفودها لدعم دولة العصابات وتأييدهم ومؤازرتهم. .
وبالتالي هي تستحق تبديل اسمها إلى (عواطف) لأنها تتمثل بباقة من العواطف الرخيصة، التي لا تقيم وزنا لهيبتها وسيادتها ومكانتها الوطنية. .
نذكر (على سبيل المثال) ان احدى البلدان القريبة من دولة (عواطف) كانت هي التي تجند الارهابيين وترسلهم لقتل أبناء (عواطف)، فما كان من (عواطف) إلا أن قررت إعفاء منتجات تلك الدولة من الرسوم والضرائب وفتحت قلبها وأسواقها لها. ونذكر ايضاً ان زعيم تلك الدولة المجاورة لعواطف كان يشارك في مجالس العزاء المقامة على ارواح الأرهابيين الذي قادوا شاحناتهم المفخخة وفجروا انفسهم داخل أسواق دولة (عواطف) فحصدوا ارواح مئات الأبرياء. ولم تمض بضعة أعوام حتى جاء اليوم الذي قررت فيه حكومة دولة (عواطف) التبرع بنفطها لتعزيز اقتصاد الدولة المتآمرة عليها. .
لكن اللافت للنظر ان دولة (عواطف) لم ولن تتعاطف مع أبناء جلدتها، والدليل على ذلك أنها كانت وراء إصدار قانون التقاعد القسري، و وراء تخفيض السن التقاعدية إلى 60 سنة، واحيانا تلجأ (عواطف) إلى استقطاع رواتب المتقاعدين للتبرع بها إلى الأشقاء والأصدقاء. .
الشيء بالشيء يذكر ان معظم البلدان العربية الخليجية صنعت مجدها من خلال الذود بقوة عن هيبتها وسيادتها، ولم ولن تتسامح أبدا مع أي حاقد تسول له نفسه التطاول عليها ولو همسا أو تلميحا أو عن طريق الإشارة. فكانت تستحق التقدير والاحترام لأنها لم تفرط أبدا بمكانتها الدولية بين الشعوب والأمم. .
كلمة اخيرة: من يحني رأسه لغيره فلا يلوم القردة إذا قفزت فوق ظهره، فسلام لمن لم يحنوا رؤوسهم رغم قسوة الظروف. وتبا لمن أوهموا انفسهم بالمجاملات الدبلوماسية الفارغة ثم أحنوا رؤ

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • السيادة وبناء الدولة في مواجهة الهيمنة والتبعية
  • إزالة 4 حالات بناء بدون ترخيص وتحرير محاضر للمخالفين في الإسماعيلية
  • رئيس الدولة: الإمارات حريصة على تعزيز التعاون مع أوزبكستان
  • السوداني: قرارنا” السياسي مستقل”!
  • خبير اقتصادي: توطين الصناعة أحد استراتيجيات الدولة لزيادة المكون المحلي
  • محمد بن زايد: حريصون على بناء جسور التعاون لتحقيق مصالح الجميع
  • معظم الفصائل السورية تتوافق على هيكل وزارة الدفاع الجديدة
  • عواطف: إسم جديد لدولة عربية
  • الداخلية السورية تفرض حظرا للتجوال بمدينة دوما بريف دمشق
  • الشرع: لا يمكننا بناء سوريا بالفصائل المسلحة