الجزيرة:
2024-12-17@00:24:00 GMT

هل يضع ماكرون فرنسا أمام انقلاب مناهض للديمقراطية؟

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

هل يضع ماكرون فرنسا أمام انقلاب مناهض للديمقراطية؟

باريس – بعد مشاورات طويلة أُجريت يومي الجمعة والاثنين الماضيين في قصر الإليزيه بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والقوى السياسية الرئيسية، أعلن ماكرون استبعاده تعيين مرشحة التحالف اليساري لوسي كاستيتس لقصر ماتينيون.

وبعيدا عن عدسات وسائل الإعلام، يستأنف ماكرون المناقشات لاختيار رئيس للوزراء وحل الجمود السياسي، وهذه المرة من دون الجبهة الشعبية الجديدة أو التجمع الوطني أو رئيس حزب الجمهوريين إريك سيوتي.

وفي الوقت الذي يرى فيه محللون سياسيون أن مبدأ "أنا أو الفوضى" الذي سعى ماكرون إلى فرضه منذ بداية ولايته الأولى، فقدَ تماسكه واهترأ، ولا يزال يأمل في العثور على شخصية قادرة على مواصلة سياساته، في إشارة واضحة إلى أن معسكره الرئاسي يرفض تقاسم السلطة ويسعى للتعايش دون تناوب.

مناورة تكتيكية

وفي بيان صحفي من الرئاسة، مساء الاثنين الماضي، أكد ماكرون أن "الحكومة التي تعتمد على برنامج وأحزاب الجبهة الشعبية الجديدة فقط ستخضع للرقابة على الفور من جانب كافة المجموعات الأخرى الممثلة في الجمعية الوطنية".

وبرر ذلك بالقول إن "الاستقرار المؤسسي لبلادنا يتطلب منا عدم الإبقاء على خيار كاستيتس"، وذلك لأن حكومته ستحظى "بأغلبية تزيد على 350 نائبا ضدها، وهو ما من شأنه أن يمنعها فعليا من التحرك".

ومن وجهة نظر الأداء الديمقراطي، يجد الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي ومركز الأبحاث السياسية برونو كوتريس أن إجراء هذه المناقشات كان ضروريا، لكنها كانت مجرد مناورة تكتيكية من قبل رئيس الدولة للتظاهر بالتشاور، لأن قراره بشأن رفض مرشحة التحالف اليساري كان محسوما مسبقا.

وفي حديث للجزيرة نت، أوضح كوتريس أن ماكرون كشف أوراقه يوم 10 يوليو/تموز الحالي عندما توجه برسالة إلى الفرنسيين يخبرهم فيها برأيه بشأن نتائج الانتخابات التشريعية عندما قال "لم يفز أحد".

كما يعتبر أن مسألة الاستقرار السياسي حجة طرحها رسميا فقط، أما الدستور فلا يحتم عليه ضمان الاستقرار وإنما ضمان حسن سير المؤسسات، لذا فمن الواضح أن الأداء السليم للمؤسسات يمكن أن يتضمن شكلا من أشكال الاستقرار الحكومي.

أما المحلل السياسي إيف سنتومير فيصف مناقشات الإليزيه بـ"العقيمة" لأنها تدل على أنهم في وضع صعب بغض النظر عن شكل الحكومة المقبلة التي لن تؤدي إلى الاستقرار السياسي خلال الأشهر المقبلة.

وبرأيه، فهي تعني وجود سوء نية من جانب الرئيس الذي يرفض ترك احتمال وجود رئيس وزراء يساري على رأس الحكومة، وأيّا كان الحل الذي سيختاره، فإن خطر عدم قدرة الحكومة على الاستمرار لن يكون مستحيلا.

وأضاف سنتومير -للجزيرة نت- أن ماكرون يلعب بورقة الاستقرار المؤسسي لتبرير رفضه مرشحة تحالف اليسار "فلو كان مهتما حقا بالاستقرار ما كان ليفعل كل ما قام به في الأشهر والسنوات الأخيرة". لذا يعتقد المحلل أن محاولة كسر التحالف بين الاشتراكيين وحزب "فرنسا الأبية" تنبثق عن حسابات سياسية بحتة ولا تتعلق بمصلحة أو رؤية الدولة.

انقلاب ضد الديمقراطية

وقد انتقدت جميع مكونات التحالف اليساري رفض ماكرون السماح لها بتعيين الحكومة، رغم احتلالها المركز الأول في نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة، وندد المنسق الوطني لحزب "فرنسا الأبية" مانويل بومبارد بما سماه بـ"الانقلاب المناهض للديمقراطية الذي يتم تنفيذه على أساس حجة لا معنى لها".

في المقابل، يعترض الباحث كوتريس على تسمية ما يحدث بـ"الانقلاب" لأن ما يفعله الرئيس الفرنسي -باعتقاده- هو أمر دستوري تماما، لذا لا يمكن القول إنه يدير ظهره للديمقراطية الليبرالية والتمثيلية.

وأشار في الوقت ذاته إلى أن قرارات ماكرون تثير سلسلة من التساؤلات حول الشرعية الديمقراطية، مثل: هل يجب مراجعة نص الدستور ليكون أكثر دقة؟ وهل من الطبيعي أن تبقى الحكومة المستقيلة في استقالتها الجامدة كل هذه المدة؟

ويسعى الرئيس الفرنسي إلى الاستمرار في مخاطبة قوى الوسط ويسار الوسط والاشتراكيين والخضر ويمين الوسط والجمهوريين بشكل حصري، مما يعني استبعاده -من الناحية الرمزية- كلا من حزبي "فرنسا الأبية" وإريك سيوتي والتجمع الوطني الذي يعتبره خارج مجال الوسطية، وفق الباحث.

بدوره، يوضح المتخصص في الشأن الفرنسي إيف سنتومير أن ماكرون يحاول -كما فعل سابقا- نشر فكرة وجود معسكر وسطي أو حكومي يتناغم مع الجمهوريين والحزبين الاشتراكي والشيوعي والخضر، بهدف النظر إلى اليسار المعتدل على أنه معتدل، واليمين على أنه "متطرف"، وهو ما يمكن أن يمثل "جزءا من اللعبة الماكرونية".

سيناريوهات

وبينما يصر سنتومير على تشبيه المشهد السياسي الفرنسي الحالي بـ"الضبابي"، لا يستبعد أن يقع الاختيار النهائي على رئيس للوزراء ينتمي إلى يسار الوسط أو يمين الوسط لتشكيل حكومة تدوم مدة معينة، مؤكدا أن الحكومة المقبلة لن تصمد طويلا وسيستمر عدم الاستقرار السياسي في البلاد.

من جانبه، يطرح كوتريس عدة سيناريوهات محتملة كالتالي:

الأول: عدم تعيين ماكرون رئيس وزراء من المعسكر الرئاسي، وإنما شخص من يمين الوسط أو يسار الوسط لديه رصيد كاف على مقاعد الجمعية الوطنية ليتمكن من تحقيق الأغلبية بشكل تدريجي، وفقا للنصوص وخاصة الميزانية.
واستنادا على هذا التحليل، يتم بالفعل الحديث في الوقت الراهن عن رئيس الوزراء الأسبق برنارد كازينوف للرئيس الأسبق فرانسوا هولاند، والرئيس السابق لديوان المحاسبة ديدييه ميغو، لأن كليهما اشتراكي في الأصل ويحظى باحترام كبير في المشهد السياسي لنزاهتهما وإنجازاتهما في الدولة. الثاني: اختيار رئيس وزراء أقل توافقا لجلب أصوات الوسط من الطرف الآخر، وفي هذه الحالة، يعتبر كوتريس أن البلاد ستشهد عدم استقرار وزاري قد يكون بمثابة عودة إلى الجمهورية الرابعة، أي حكومات تعمل لبضعة أسابيع أو أشهر فقط. الثالث: تشكيل حكومة تكنوقراط التي لا يمكن أن تنجح إلا بموافقة جميع المجموعات السياسية بطريقة انتقالية، لكن هذا الحل يبقى هشا لأن فرنسا بحاجة إلى حكومة مكونة من مسؤولين منتخبين وسياسيين يعرفون البرلمان ومجموعات سياسية قادرة على تجاوز انقساماتها لمصلحة البلاد، حسب المتحدث.

وبعد انشغال الفرنسيين بدورة الألعاب الأولمبية والعطلة الصيفية، من المتوقع أن يؤدي غياب رئيس الوزراء إلى سلسلة من الإشكاليات المهمة على شرعية الحكومة المستقيلة.

فعلى سبيل المثال، قدمت وزيرة التربية الوطنية مؤتمرا بشأن العودة إلى المدارس، رغم أن الجميع يعلم أنها لن تكون وزيرة بعد أيام قليلة عند تشكيل الحكومة الجديدة، في حين أرسل رئيس الوزراء غابرييل أتال رسائل إلى الدوائر الوزارية بخصوص موازنة فرنسا لعام 2025.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

هل تشهد ٢٠٢٥ مولودًا جديدًا للديمقراطية؟.. مصادر تؤكد تأسيس حزب جديد يضم قوى

ميلاد كيان سياسى جديد فى الحياة الحزبية المصرية، هو الحدث الأبرز على الساحة الأيام الماضية، خلال ٥ أيام عقد اتحاد القبائل العربية فعاليتين منفصلتين مع عدد كبير من رموز السياسة والبرلمان سواء السابقون أو الحاليون، الأولى الثلاثاء قبل الماضى، والثانية الأحد الماضى، لمناقشة عدة قضايا سياسية على رأسها تدشين ائتلاف وطنى واسع بين مختلف الكيانات الحزبية الوطنية.

طبقًا لشخصيات سياسية بارزة شاركت فى اللقاءين، دارت النقاشات خلال الفعاليتين حول ضرورة أن يكون هناك حركة حزبية جديدة، خاصة أن قيادات ٣٠ يونيو أو ممن شاركوا فى صناعة ٣٠ يونيو مبعدون من المشهد السياسى وهو الرأى الذى تبناه ضياء رشوان منسق عام الحوار الوطنى وأحد الذين شاركوا فى لقاء الأحد الماضى بأحد الفنادق الفخمة بالتجمع الخامس، وتأكيدًا على ضرورة تدشين حزب جديد أكد السيد القصير، وزير الزراعة السابق «أن الفترة الماضية لا توجد هناك مشاركة من المواطنين وهذه مسألة تحتاج إلى إعادة النظر».

لكن السؤال الذى فرض نفسه على الحدث السياسى الجلل: هل يحق لاتحاد القبائل العربية وهو جمعية أهلية المشاركة فى الحياة السياسية؟، السؤال نفسه طُرح داخل لقاء الأحد وكانت له عدة ردود أبرزها ما قاله سامح عاشور، نقيب المحامين الأسبق، والذى أكد أن هناك تغييرات تحدث فى المنطقة وأن أزمة غزة تثبت أنه ليس هناك قبلية أو جهوية أو أى سلطات وأنه من المفترض أن يكون هناك مشاركة من جميع القوى الوطنية.

عصام شيحة السياسى والحزبى المعروف وأحد المشاركين فى اللقاء قال لـ«الفجر» إن قانون الأحزاب السياسية رقم ٤٠ لسنة ١٩٧٧ وضع شروطًا محددة لنشأة الأحزاب إذا توافرت هذه الشروط فى أى مجموعة من المواطنين جاز لهم الإعلان عن الحزب، منها إذا توافر ٥ آلاف عضو ولديهم مقر والشخصيات التى ستشرف على الحزب ليست ممنوعة من ممارسة الحقوق السياسية وليس لديهم قضايا مخلة بالشرف، ومن ثم يستطيعون إنشاء حزب قولًا واحدًا.

وعن الكيان السياسى الجديد المزمع تدشينه من رحم اتحاد القبائل العربية قال «شيحة» إن انطلاقة الحزب تبدو أنها انطلاقة قوية والأشخاص القائمون على الحزب هناك الكثير منهم محل ثقة فى المجتمع، كما أن هيئة المكتب متضمنة شخصيات عامة ووزراء سابقين ونوابا سابقين وحاليين وأتصور أن ذلك سيترتب عليه إثراء الحياة السياسية والحزبية المصرية، وأضاف: «أنه فى إطار التحالف وفى ظل الظروف التى تمر بها الدولة المصرية وفى ظل الصراعات الإقليمية والضغوط الدولية الأمر يستلزم تحالفًا واسعًا بين قوى ٣٠ يونيو وأنا شخصيًا أؤيد تشكيل هذا التحالف لدعم ومساندة الوطن».

سؤال آخر تردد بمجرد الحديث عن ولادة كيان سياسى جديد، هل سيسحب الحزب الوليد البساط من حزب مستقبل وطن ممثل الأغلبية فى البرلمان، أحد النواب السابقين حضر اللقاء الأول الذى عقد يوم الثلاثاء الماضى بأحد فنادق القاهرة وقال إن الحزب الجديد المزمع تأسيسه لن يكون بديلًا لمستقبل وطن ولكن نظير له أو مماثل له، سيكون هناك حماة وطن ومستقبل وطن والتحالف الجديد متقاربة أومتماثلة وهناك ركن آخر للمعارضة وهذا أمر جيد لأنه إذا كان لديك حزب واحد فقط مسيطر ستحدث المشاكل بسبب ذلك، لكن إذا كان هناك ٤ أحزاب بأربعة كيانات سياسية مقربة من الحكومة سيكون ذلك فى مصلحة الوطن، ومن يريد المعارضة لديه منبر آخر للمعارضة، مضيفًا: «البرلمان القادم ليس به أغلبية لكن به أكثرية ممكن للحزب الجديد أن يشكل ائتلافًا ويصبح ائتلاف الأغلبية وليس حزب الأغلبية والفرق رهيب بينهما».

ماذا عن المعارضة؟ هل من الممكن أن تصبح فاعلة فى ظل وجود كيان جديد يسعى للائتلاف مع الأحزاب السياسية الأخرى، سؤال أيضًا مطروح، خاصة فى ظل وجود شخصيات معارضة بارزة شاركت فى اللقاءين.

د. عبد الحميد كمال البرلمانى السابق والباحث فى العلوم السياسية والمحليات، أحد رموز المعارضة التى شاركت اللقاء، أكد على ترحيبه بأى حراك سياسى يخدم الوطن ويساهم فى تحسين الحياة الاقتصادية والحزبية فى البلاد، لا سيما وأن الأسماء المتصدرة المشهد فى الكيان الجديد تضم قامات سياسية كبيرة ووطنية ووزراء سابقين مشهودا لهم بالكفاءة، لكنه حذر فى الوقت نفسه من أن يتم استنساخ نفس التجارب الحزبية التى ظهرت خلال الآونة الأخيرة وتحديدًا خلال العشر سنوات الماضية لأن ما حدث كان عبارة عن تدوير للأغلبية ولم يقدم البرلمان المأمول منه، ما أدى إلى تفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية لدى المواطنين.

وأكد أن وجود شخصيات معارضة فى مثل هذه الفعاليات يعكس مدى تقدير دور المعارضة وأن الجميع يعمل من أجل الوطن، متوقعًا حال تأسيس الكيان الجديد بشكل رسمى أن يتحول إلى تحالف سياسى يضم تحت مظلته أحزابًا أخرى تعكس كافة الاتجاهات السياسية سواء موالاة أو معارضة من أجل إنقاذ الوطن بشكل حقيقى بما يصب فى مصلحة المواطن والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بشكل عادل.

يذكر أنه من المقرر أن يدير الحزب الجديد مجلسًا يضم سبعة أسماء بارزة، بينهم شخصيات سياسية ووزراء سابقون، وتشمل قائمة الأسماء المرشحة للمجلس المهندس إبراهيم العرجانى، رئيس اتحاد القبائل والعائلات المصرية على عبدالعال، رئيس مجلس النواب السابق،خمسة وزراء سابقين، نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعى،السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، اللواء عادل لبيب، وزير التنمية المحلية، الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان، الدكتور خالد فهمى، وزير البيئة.

مقالات مشابهة

  • بسبب إعصار"تشيدو".. ماكرون يُعلن حالة الحداد في فرنسا
  • المحجوب: البعثة الأممية لا ترغب في تحقيق الاستقرار السياسي لليبيا
  • اليونايتد يحسم ديربي مانشستر أمام السيتي بثنائية قاتـ.ـلة في الدوري الإنجليزي
  • رئيس الحكومة اللبنانية: التنفيذ الشامل لـ"تفاهم وقف النار" أمر بالغ الأهمية لحماية سيادة البلاد
  • سيناتور روسي: ماكرون على حافة الهاوية بعد تعيينه بايرو رئيسا للوزراء
  • بلها: الحكومة القادمة مهمتها إجراء الانتخابات الوطنية
  • أسامة الإدريسي يقود تشكيل باتشوكا لمباراة الأهلي في كأس الإنتركونتيننتال
  • هل تشهد ٢٠٢٥ مولودًا جديدًا للديمقراطية؟.. مصادر تؤكد تأسيس حزب جديد يضم قوى
  • ماكرون: شراكة فرنسا مع السعودية تتوسع بمشاريع واعدة ورؤية مشتركة للطاقة
  • تعرف على تشكيل الأهلي المتوقع أمام باتشوكا المكسيكي الليلة