الجزيرة:
2024-09-14@06:21:27 GMT

هل يضع ماكرون فرنسا أمام انقلاب مناهض للديمقراطية؟

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

هل يضع ماكرون فرنسا أمام انقلاب مناهض للديمقراطية؟

باريس – بعد مشاورات طويلة أُجريت يومي الجمعة والاثنين الماضيين في قصر الإليزيه بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والقوى السياسية الرئيسية، أعلن ماكرون استبعاده تعيين مرشحة التحالف اليساري لوسي كاستيتس لقصر ماتينيون.

وبعيدا عن عدسات وسائل الإعلام، يستأنف ماكرون المناقشات لاختيار رئيس للوزراء وحل الجمود السياسي، وهذه المرة من دون الجبهة الشعبية الجديدة أو التجمع الوطني أو رئيس حزب الجمهوريين إريك سيوتي.

وفي الوقت الذي يرى فيه محللون سياسيون أن مبدأ "أنا أو الفوضى" الذي سعى ماكرون إلى فرضه منذ بداية ولايته الأولى، فقدَ تماسكه واهترأ، ولا يزال يأمل في العثور على شخصية قادرة على مواصلة سياساته، في إشارة واضحة إلى أن معسكره الرئاسي يرفض تقاسم السلطة ويسعى للتعايش دون تناوب.

مناورة تكتيكية

وفي بيان صحفي من الرئاسة، مساء الاثنين الماضي، أكد ماكرون أن "الحكومة التي تعتمد على برنامج وأحزاب الجبهة الشعبية الجديدة فقط ستخضع للرقابة على الفور من جانب كافة المجموعات الأخرى الممثلة في الجمعية الوطنية".

وبرر ذلك بالقول إن "الاستقرار المؤسسي لبلادنا يتطلب منا عدم الإبقاء على خيار كاستيتس"، وذلك لأن حكومته ستحظى "بأغلبية تزيد على 350 نائبا ضدها، وهو ما من شأنه أن يمنعها فعليا من التحرك".

ومن وجهة نظر الأداء الديمقراطي، يجد الباحث في المركز الوطني للبحث العلمي ومركز الأبحاث السياسية برونو كوتريس أن إجراء هذه المناقشات كان ضروريا، لكنها كانت مجرد مناورة تكتيكية من قبل رئيس الدولة للتظاهر بالتشاور، لأن قراره بشأن رفض مرشحة التحالف اليساري كان محسوما مسبقا.

وفي حديث للجزيرة نت، أوضح كوتريس أن ماكرون كشف أوراقه يوم 10 يوليو/تموز الحالي عندما توجه برسالة إلى الفرنسيين يخبرهم فيها برأيه بشأن نتائج الانتخابات التشريعية عندما قال "لم يفز أحد".

كما يعتبر أن مسألة الاستقرار السياسي حجة طرحها رسميا فقط، أما الدستور فلا يحتم عليه ضمان الاستقرار وإنما ضمان حسن سير المؤسسات، لذا فمن الواضح أن الأداء السليم للمؤسسات يمكن أن يتضمن شكلا من أشكال الاستقرار الحكومي.

أما المحلل السياسي إيف سنتومير فيصف مناقشات الإليزيه بـ"العقيمة" لأنها تدل على أنهم في وضع صعب بغض النظر عن شكل الحكومة المقبلة التي لن تؤدي إلى الاستقرار السياسي خلال الأشهر المقبلة.

وبرأيه، فهي تعني وجود سوء نية من جانب الرئيس الذي يرفض ترك احتمال وجود رئيس وزراء يساري على رأس الحكومة، وأيّا كان الحل الذي سيختاره، فإن خطر عدم قدرة الحكومة على الاستمرار لن يكون مستحيلا.

وأضاف سنتومير -للجزيرة نت- أن ماكرون يلعب بورقة الاستقرار المؤسسي لتبرير رفضه مرشحة تحالف اليسار "فلو كان مهتما حقا بالاستقرار ما كان ليفعل كل ما قام به في الأشهر والسنوات الأخيرة". لذا يعتقد المحلل أن محاولة كسر التحالف بين الاشتراكيين وحزب "فرنسا الأبية" تنبثق عن حسابات سياسية بحتة ولا تتعلق بمصلحة أو رؤية الدولة.

انقلاب ضد الديمقراطية

وقد انتقدت جميع مكونات التحالف اليساري رفض ماكرون السماح لها بتعيين الحكومة، رغم احتلالها المركز الأول في نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة، وندد المنسق الوطني لحزب "فرنسا الأبية" مانويل بومبارد بما سماه بـ"الانقلاب المناهض للديمقراطية الذي يتم تنفيذه على أساس حجة لا معنى لها".

في المقابل، يعترض الباحث كوتريس على تسمية ما يحدث بـ"الانقلاب" لأن ما يفعله الرئيس الفرنسي -باعتقاده- هو أمر دستوري تماما، لذا لا يمكن القول إنه يدير ظهره للديمقراطية الليبرالية والتمثيلية.

وأشار في الوقت ذاته إلى أن قرارات ماكرون تثير سلسلة من التساؤلات حول الشرعية الديمقراطية، مثل: هل يجب مراجعة نص الدستور ليكون أكثر دقة؟ وهل من الطبيعي أن تبقى الحكومة المستقيلة في استقالتها الجامدة كل هذه المدة؟

ويسعى الرئيس الفرنسي إلى الاستمرار في مخاطبة قوى الوسط ويسار الوسط والاشتراكيين والخضر ويمين الوسط والجمهوريين بشكل حصري، مما يعني استبعاده -من الناحية الرمزية- كلا من حزبي "فرنسا الأبية" وإريك سيوتي والتجمع الوطني الذي يعتبره خارج مجال الوسطية، وفق الباحث.

بدوره، يوضح المتخصص في الشأن الفرنسي إيف سنتومير أن ماكرون يحاول -كما فعل سابقا- نشر فكرة وجود معسكر وسطي أو حكومي يتناغم مع الجمهوريين والحزبين الاشتراكي والشيوعي والخضر، بهدف النظر إلى اليسار المعتدل على أنه معتدل، واليمين على أنه "متطرف"، وهو ما يمكن أن يمثل "جزءا من اللعبة الماكرونية".

سيناريوهات

وبينما يصر سنتومير على تشبيه المشهد السياسي الفرنسي الحالي بـ"الضبابي"، لا يستبعد أن يقع الاختيار النهائي على رئيس للوزراء ينتمي إلى يسار الوسط أو يمين الوسط لتشكيل حكومة تدوم مدة معينة، مؤكدا أن الحكومة المقبلة لن تصمد طويلا وسيستمر عدم الاستقرار السياسي في البلاد.

من جانبه، يطرح كوتريس عدة سيناريوهات محتملة كالتالي:

الأول: عدم تعيين ماكرون رئيس وزراء من المعسكر الرئاسي، وإنما شخص من يمين الوسط أو يسار الوسط لديه رصيد كاف على مقاعد الجمعية الوطنية ليتمكن من تحقيق الأغلبية بشكل تدريجي، وفقا للنصوص وخاصة الميزانية.
واستنادا على هذا التحليل، يتم بالفعل الحديث في الوقت الراهن عن رئيس الوزراء الأسبق برنارد كازينوف للرئيس الأسبق فرانسوا هولاند، والرئيس السابق لديوان المحاسبة ديدييه ميغو، لأن كليهما اشتراكي في الأصل ويحظى باحترام كبير في المشهد السياسي لنزاهتهما وإنجازاتهما في الدولة. الثاني: اختيار رئيس وزراء أقل توافقا لجلب أصوات الوسط من الطرف الآخر، وفي هذه الحالة، يعتبر كوتريس أن البلاد ستشهد عدم استقرار وزاري قد يكون بمثابة عودة إلى الجمهورية الرابعة، أي حكومات تعمل لبضعة أسابيع أو أشهر فقط. الثالث: تشكيل حكومة تكنوقراط التي لا يمكن أن تنجح إلا بموافقة جميع المجموعات السياسية بطريقة انتقالية، لكن هذا الحل يبقى هشا لأن فرنسا بحاجة إلى حكومة مكونة من مسؤولين منتخبين وسياسيين يعرفون البرلمان ومجموعات سياسية قادرة على تجاوز انقساماتها لمصلحة البلاد، حسب المتحدث.

وبعد انشغال الفرنسيين بدورة الألعاب الأولمبية والعطلة الصيفية، من المتوقع أن يؤدي غياب رئيس الوزراء إلى سلسلة من الإشكاليات المهمة على شرعية الحكومة المستقيلة.

فعلى سبيل المثال، قدمت وزيرة التربية الوطنية مؤتمرا بشأن العودة إلى المدارس، رغم أن الجميع يعلم أنها لن تكون وزيرة بعد أيام قليلة عند تشكيل الحكومة الجديدة، في حين أرسل رئيس الوزراء غابرييل أتال رسائل إلى الدوائر الوزارية بخصوص موازنة فرنسا لعام 2025.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

رئيس الدولة يتسلم نسخة من كتاب الشيخة سلامة بنت بطي الذي أصدره الأرشيف والمكتبة الوطنية

تسلم صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، اليوم، نسخة من كتاب بعنوان "الشيخة سلامة بنت بطي" الذي أصدره الأرشيف والمكتبة الوطنية.
واستمع سموه، خلال استقباله وفد الأرشيف والمكتبة الوطنية في قصر الشاطئ بأبوظبي، إلى شرح حول أبرز محاور الكتاب وفصوله والذي ألفه الباحث علي أحمد الكندي المرر ووقع سموه على نسخة من الإصدار الذي سيحتفظ به في قاعة الشيخ زايد بن سلطان ضمن الأرشيف والمكتبة الوطنية.
وأعرب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال اللقاء، عن تقديره للدور الذي يقوم به الأرشيف الوطني والمكتبة الوطنية في توثيق تاريخ الوطن وتراثه وثقافته وحفظها للأجيال المقبلة. وشكر سموه جميع القائمين عليه لجهودهم في هذا الشأن.
من جانبه، عبر وفد الأرشيف والمكتبة الوطنية عن شكره وتقديره للدعم الذي يوليه صاحب السمو رئيس الدولة للأرشيف والمكتبة الوطنية لتحقيق رسالته في حفظ تاريخ الوطن وتوثيقه للأجيال المقبلة من خلال استخدام أحدث وسائل التكنولوجيا في مجال حفظ الوثائق القيمة على المدى الطويل وأرشفتها وإتاحتها.
حضر اللقاء، سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي وسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة الظفرة والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن زايد آل نهيان نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون الخاصة ومعالي الشيخ محمد بن حمد بن طحنون آل نهيان مستشار الشؤون الخاصة في ديوان الرئاسة.

أخبار ذات صلة رئيس الدولة ورئيس مجلس الدولة الصيني يبحثان تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين رئيس الدولة يتلقى رسالة خطية من رئيس البرازيل تسلمها عبدالله بن زايد

مقالات مشابهة

  • كأس العالم.. منتخب كرة السلة 3×3 في لقاء مصيري أمام فرنسا
  • باريس...على اللبنانيين تشغيل عقلهم السياسي لانتخاب رئيس وعدم الاعتماد على العقل الخماسي
  • رئيس الشاباك السابق: لو كنت فلسطينيا لحاربت ضد الذي ينهب أرضي
  • رئيس الدولة يتسلم نسخة من كتاب الشيخة سلامة بنت بطي الذي أصدره الأرشيف والمكتبة الوطنية
  • استقرار نسبي في أسعار الدولار أمام الجنيه المصري اليوم
  • ضغوط الوقت: قيود مناورة ماكرون لمنع تشكيل اليسار الحكومة الجديدة
  • الحكومة في عيد الفلاح: نؤمن بالدور الكبير الذي يقوم به
  • رئيس الوزراء يترأس اجتماع الحكومة في العاصمة الإدارية 
  • الدولار الأمريكي يحافظ على استقراره أمام الجنيه المصري وسط تباين طفيف في أسعار البنوك
  • برلماني: الحوار الوطني يتيح مناقشة القضايا بشفافية ويعزز الاستقرار السياسي