مواطن سوداني: يا رب ارحمنا.. الجميع يهرب حتى تحت المطر وفي الظلام الدامس
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
اضطر سكان أم درمان، المدينة التوأم للعاصمة السودانية الخرطوم، لمعايشة قصف جوي مكثف وقتال عنيف خلال الأيام الثلاثة الماضية مع احتدام الصراع بين الجيش والقوات شبه العسكرية واقترابه من شهره الخامس.
وانتشرت دعوة على وسائل التواصل الاجتماعي الثلاثاء بحثاً عن أي شخص يعرف أياً من حفاري القبور. وتم تداول أخبار تفيد بتراكم الجثث مع تعرض المدنيين لإصابات من القنابل التي تتساقط عليهم، وكذلك من الشظايا والرصاص الذي يصيبهم.
ومن الصعب العثور على قبور فردية للأشخاص، إذ أن القتال يغلق الطريق المؤدية إلى المقابر الرئيسية، وبالتالي فإن الكثيرين ممن قتلوا وضعوا في قبور جماعية. وقال مصدر من المستشفى الوحيد العامل في أم درمان إن 33 مدنياً قتلوا منذ الاثنين، عندما بدا وكأن الصراع يدخل مرحلة جديدة. وتقول بعض التقارير إن هذا القتال هو الأعنف منذ بداية الحرب في أبريل/ نيسان الماضي.
ويحلق الجيش، الذي يحاول طرد قوات الدعم السريع شبه العسكرية من أجزاء من مدينة أم درمان، بطائرات قاذفة فوق المدينة ويقصفها بالمدفعية من الأرض. ويحاول الجيش السيطرة على جسر رئيسي فوق نهر النيل يربط أم درمان وشمال الخرطوم، تستخدمه قوات الدعم السريع.
وأصبح صوت إطلاق النار هو الضجيج اليومي في خلفية المدينة، لكن صوت الانفجارات المتواصل، الذي يهز المباني والأشخاص، بات ضجيجاً جديداً وأكثر إثارة للرعب بالنسبة للكثيرين. وخلال النهار، يمكن مشاهدة الدخان وهو يتصاعد من المباني عبر المدينة. وخلال الليل، تضيء القذائف السماء مثل الشُهب المؤذية.
وأدى قصف عنيف بالمدفعية ليل الثلاثاء على غرب أم درمان إلى مقتل مدنيين اثنين وجرح عدد آخر. وأدى كذلك إلى موجة جديدة من عمليات الإجلاء حيث شوهدت أعداد كبيرة من المدنيين على متن حافلات صغيرة، بعضها كان متوجهاً إلى منطقة شمال أم درمان حيث تُعتبر أكثر أمناً بقليل، والأخرى كانت متوجهة إلى خارج العاصمة كلياً. إن الخروج من البلاد من هنا أصبح شبه مستحيل حيث أن الكثير من المعابر الحدودية مغلق.
وقال باكيتا حسن، 44 عاماً ويعيش في حي أمبدة: “يا رب ارحمنا. الجميع يهرب حتى تحت المطر وفي الظلام الدامس (بسبب انقطاع الكهرباء). والدتي أيضاً أرادت المغادرة لكن أخي أصر على الانتظار حتى الصباح.” ويبدو أن مواقع قوات الدعم السريع في البلدة القديمة من أم درمان، والتي تبعد حوالي خمس كيلومترات عن المكان الذي يعيش فيه حسن، هي هدف الهجمات، لكن الاشتباكات بين رجال مسلحين مستمرة في مناطق أخرى، منها ما هو قريب من منزله. وتستخدم القوات شبه العسكرية مركز شرطة أمبدة كسجن والجيش يحاول ضربه. لكن بعض القذائف ضلت طريقها وأصابت المدنيين عوضاً عن ذلك.
وفي حادثة أخرى، أصيبت بائعة آيسكريم، مشهورة في غرب أم درمان، في ساقها بشظايا أثناء عملها. فانكسرت ساقها لكنها نجت من الموت. وتملك المرأة كشكاً في سوق صغير، هو واحد من عدد قليل ما زال يزود الناس بالاحتياجات الأساسية في حي أمبدة. لكن السوق كان الأربعاء شبه فارغ. فللمرة الأولى منذ أبريل/ نيسان الماضي، لم يجد المتسوقون أي خضراوات أو لحوم. لم يكن هناك شيء لأن معظم الباعة يبدو أنهم هربوا. أما بالنسبة لمن ظلوا في منازلهم، فإن الحياة تزداد صعوبة.
من حسن الحظ أن البعض لديه بعض المدخرات النقدية أو يمكنه الحصول على بعض المال من أنشطة أعمال صغيرة يديرونها داخل الأحياء. ولكن نظراً لأن البنوك جميعها نُهبت ودفعات المال المتنقلة لا تعمل، فإن الكثير يعانون. ولا تزال هناك محاولات دولية لحمل الطرفين على إجراء محادثات لكن لا يبدو أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان داغلو، المعروف بحميدتي، جاهزان للتفاوض.
وبدون وقف لإطلاق النار في الأفق، فإنه يبدو أنهما عالقان في حلقة مفرغة من الهجوم والهجوم المضاد التي لا يبدو أن لها نهاية في الأفق القريب.
“بي بي سي عربي”.
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع أم درمان یبدو أن
إقرأ أيضاً:
وزير سوداني متسائلا: هل الشعب الإماراتي يوافق على تصرفات حكومته ببلادنا؟
اتهم وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، عبر صفحته الرسمية على موقع "فيسبوك"، دولة الإمارات العربية المتحدة بتوفير طائرات مسيّرة لقوات الدعم السريع، قائلاً إن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، هو من قام بتمويلها وتزويد الميليشيا بها عبر معابر متعددة.
وأضاف الوزير أن عمليات قتل المدنيين وتدمير المنشآت الحيوية في السودان تُدار من "غرفة تحكم" في العاصمة الإماراتية أبوظبي، معربًا عن اعتقاده بأن الشعب الإماراتي لا يوافق على سياسات قيادته تجاه السودان، لكنه "مسلوب الإرادة"، على حد تعبيره.
وفي سياق متصل، دعت منظمة "أطباء بلا حدود" إلى رفع الحصار عن مخيم زمزم للنازحين بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، عقب هجوم بري واسع شنته قوات الدعم السريع في 11 نيسان/أبريل الجاري، ما أدى إلى مقتل مئات المدنيين وتشريد الآلاف.
وقالت المنظمة، في بيان صدر أمس الاثنين، إن الهجوم ترك مئات الآلاف محاصرين داخل المدينة، محرومين من المساعدات الإنسانية الأساسية، في وقت وصل فيه نحو 25 ألف نازح إلى مدينة طويلة المجاورة، حيث تسعى الفرق الطبية إلى توسيع نطاق أنشطتها لمواجهة التحديات الصحية العاجلة.
وناشدت المنظمة برفع الحصار والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، بما في ذلك عبر الإسقاط الجوي إذا لزم الأمر، مطالبة بتوفير ممرات آمنة للراغبين في مغادرة المنطقة.
وأشار البيان إلى تقارير من داخل المخيم تؤكد قيام المقاتلين بإطلاق النار على مدنيين كانوا يختبئون في منازلهم، وإضرام النيران في أجزاء كبيرة من المخيم.
كما دعت المنظمة جميع الجماعات المسلحة، خاصة قوات الدعم السريع، إلى الالتزام بحماية المدنيين، مطالبة المجتمع الدولي والدول المؤثرة بتحويل بيانات الإدانة إلى خطوات عملية.
وتتزامن هذه التطورات مع تصعيد في الهجمات التي تشنها قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، ما أدى إلى وقوع عشرات الضحايا، بحسب مصادر رسمية.
من جهة أخرى، أعلنت محكمة العدل الدولية، الجمعة الماضية، أنها ستنظر في دعوى رفعها السودان ضد الإمارات، يتهمها فيها بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، عبر تسليح قوات الدعم السريع.
وتطالب الدعوى السودانية المحكمة بإصدار تدابير عاجلة تُلزم الإمارات بوقف أي دعم عسكري يمكن أن يسهم في ارتكاب أعمال إبادة جماعية في إقليم دارفور.
ورغم نفي الإمارات هذه الاتهامات، فإن خبراء بالأمم المتحدة وعدداً من المشرّعين الأميركيين أكدوا أن هذه المزاعم "موثوقة".
وتأتي الشكوى في أعقاب الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع وميليشيات متحالفة معها، معظمها من القبائل العربية، ضد قبيلة المساليت في غرب دارفور، والتي وصفتها الولايات المتحدة في كانون الثاني/يناير الماضي بأنها "إبادة جماعية".
وذكرت المحكمة أن مثل هذه القضايا تستغرق عادة سنوات للفصل فيها، غير أن إصدار تدابير احترازية يهدف إلى منع تفاقم النزاع خلال فترة النظر القضائي.
يُشار إلى أن الحرب المستمرة منذ منتصف نيسان/أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح نحو 15 مليونًا، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، فيما تشير أبحاث أكاديمية إلى أن عدد القتلى ربما تجاوز 130 ألفًا.
وخلال الأسابيع الأخيرة، بدأ الجيش السوداني في استعادة السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي، خاصة في العاصمة الخرطوم، حيث تمكن من السيطرة على القصر الرئاسي وعدد من المقار السيادية والعسكرية، في وقت تقلص فيه نفوذ قوات الدعم السريع إلى أجزاء محدودة في ولايات كردفان والنيل الأزرق، وأربع ولايات من إقليم دارفور.