إيران تلجأ إلى غاز تركمانستان لتعويض نقص الإنتاج المحلي وتعزيز الصادرات إلى العراق
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
وقعت تركمانستان وإيران، في الثالث من يوليو/تموز الماضي، عقداً لتوريد عشرة مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي التركماني سنويا، والتي ستقوم إيران بعد ذلك بشحنه إلى العراق.
وأعلنت وزارة الخارجية التركمانية، في بيان لها تابعته "الاقتصاد نيوز"، عن الاتفاق لكنها لم تذكر السعر الذي ستدفعه إيران مقابل الغاز.
وقال بيان الوزارة إن "الشركات الإيرانية ستبني خط أنابيب جديد بطول 125 كيلومترا بين إيران وتركمانستان لتوسيع قدرة الدولة الواقعة في آسيا الوسطى على التوريد".
وأضافت الوزارة إن "تركمانستان، التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على تصدير الغاز الطبيعي، تخطط أيضا لزيادة إمداداتها من الغاز إلى إيران إلى 40 مليار متر مكعب سنويا". ومع ذلك، إلا أنها لم تحدد الإطار زمني.
وواجهت إيران، التي تمتلك ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي في العالم وهي ثالث أكبر منتج للوقود الأحفوري في العالم، نقصاً في الغاز الطبيعي خلال فصل الشتاء بسبب الطلب المحلي المتزايد الذي يحد من قدرتها على تصدير الغاز.
سيسمح تبادل الغاز مع تركمانستان لإيران بالوفاء بالتزاماتها التصديرية. كما سبق لتركمانستان أن نفذت عمليات تبادل الغاز مع إيران منذ عدة سنوات، ولكن حجم التبادل كان منخفضاً نسبياً، حيث لم يتجاوز بضعة مليارات متر مكعب سنوياً.
وتشكل عائدات صادرات الغاز الطبيعي تشكل حصة الأسد من ميزانية تركمانستان، إذ تملك تركمانستان رابع أكبر احتياطيات مؤكدة من الغاز الطبيعي في العالم، والتي تقدر بنحو 14 تريليون متر مكعب، وفقاً لإحصاءات جمعتها شركة "بريتيش بتروليوم".
ويبلغ إنتاج تركمانستان من الغاز حالياً نحو 80 مليار متر مكعب، وهذا يعني أن فترة الإنتاج نسبةً إلى الاحتياطيات المؤكدة تبلغ 166 عاماً، وهو رقم مرتفع بشكل غير عادي وفقاً للمعايير العالمية، مما يدل على أن تركمانستان لديها القدرة على إنتاج المزيد بشكل كبير.
إلا أن تركمانستان واجهت صعوبة في إيجاد أسواق لاحتياطياتها الهائلة من الغاز الطبيعي. فتركمانستان، التي تحدها روسيا وأوزبكستان وإيران وبحر قزوين، ليس لديها القدرة على شحن الغاز الطبيعي المسال مباشرةً إلى الأسواق العالمية.
وتعمل تركمانستان على إنشاء خط أنابيب لتوريد الغاز إلى أفغانستان وباكستان والهند، حيث من المتوقع أن يرتفع الطلب على الغاز الطبيعي بشكل كبير في العقود المقبلة. وتُعد الصين العميل الرئيسي للغاز الطبيعي في البلاد، حيث تمثل حوالي نصف الإنتاج السنوي لتركمانستان.
منذ عقود وتركمانستان تفكر في شحن الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب عبر بحر قزوين إلى أذربيجان ثم إلى أوروبا، لكن معارضة الدول الساحلية المتمثلة بإيران وروسيا، والتي كانت في السابق أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى أوروبا، تركت الفكرة في طي النسيان.
كما أثارت محاولة أوروبا خفض الطلب على الغاز الطبيعي تساؤلات حول جدوى خط الأنابيب.
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار من الغاز الطبیعی متر مکعب
إقرأ أيضاً:
هل يستفيد العراق من صفقات النفط مع الشركات الأجنبية؟
بغداد – تسارع نشاط قطاع النفط العراقي بصورة ملحوظة أخيرًا على صعيد إبرام الصفقات والمشاريع مع شركات أجنبية، ما جعله يتصدر قائمة أكبر الصفقات النفطية في شهر مارس/آذار 2025 للشهر الثاني على التوالي، في حين يرى خبراء اقتصاديون، أن المردود الاقتصادي المباشر لهذه الاتفاقيات قد يكون محدودًا في الأمد القريب.
واحتلّ العراق للشهر الثاني على التوالي موقع الصدارة في قائمة أكبر 5 صفقات نفطية في مارس/آذار 2025، بفضل صفقتَيْن، إحداهما أُدخلت من خلالها تقنية فريدة ومتميزة لاكتشاف الأعطال، في حين كانت الأخرى لتطوير الحقول النفطية في محافظة كركوك، وفق تقرير لمنصة الطاقة.
وأبرم العراق في 26 مارس/آذار الماضي اتفاقية مع شركة النفط البريطانية (بي بي)، لتطوير 4 حقول نفطية في محافظة كركوك، ومن المتوقع أن تُضيف نحو 150 ألف برميل يوميًا إلى الطاقة الإنتاجية للبلاد.
وبموجب الصفقة، فإن الشركة البريطانية ستستثمر نحو 25 مليار دولار في تطوير حقول النفط الـ4 في العراق، إذ يتضمّن هذا المبلغ الاستثمارات في النفط والغاز والطاقة والمياه.
وشهد العراق صفقة تقنية لاستغلال الروبوتات في اكتشاف أعطال خطوط أنابيب النفط، إذ وقّعت شركة نفط الوسط العراقية الاتفاقية مع شركة (إي بي إس) الصينية المشغلة لحقل شرق بغداد الجنوبي للاستعانة بالروبوتات لاكتشاف الأعطال، وطُبِّقت تقنيات فنية متطورة لمعالجة مخاطر التآكل والتسرب في الأنابيب، باستعمال طلاءات عازلة، وفق معايير عالية الجودة.
إعلانكان العراق، جنبًا إلى جنب مع السعودية، قد حلّ في صدارة صفقات النفط الخام في شهر فبراير/شباط الماضي 2025، التي تنوّعت بين اتفاقيات تصدير النفط الخام وبيعه وشرائه، وصفقات شراء حصص "استحواذ" على مشروعات، وكذلك إنشاء مشروعات عملاقة.
تعاقدات غير مدروسةأبدى الخبير النفطي، بلال خليفة، قلقه العميق وانتقاده الشديد للصفقات الأخيرة التي أبرمتها الحكومة العراقية مع شركات استثمارية لإنتاج النفط، واصفًا إياها بأنها "تعاقدات غير مدروسة جيدًا" وتنطوي على "عدة محاذير" تهدد مصالح العراق الاقتصادية والتزاماته الدولية.
وقال خليفة في حديث للجزيرة نت، إن مستوى الإنتاج العراقي الحالي يقارب 4.4 ملايين برميل يوميًا، مع الأخذ في الاعتبار توقف الإنتاج في إقليم كردستان، مشيرا إلى أن الحكومة العراقية تلجأ عادةً إلى تقليل الإنتاج من الحقول الخاضعة للإدارة الوطنية عند أي انخفاض في الطلب أو عند الحاجة، وذلك لتجنب دفع مبالغ جزائية للشركات الاستثمارية المتعاقد معها، إذ تلتزم الحكومة بدفع التكاليف الربحية حتى على الكميات المخفض إنتاجها.
وشدد على أن هذه الآلية مرتبطة بالتزامات العراق تجاه منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، والتي تحدد سقفًا لإنتاج الدول الأعضاء.
وأكد أنه "من غير الممكن زيادة الحصة الحالية للعراق حتى وإن ارتفعت سقوف الإنتاج العراقية"، ما يثير تساؤلات جدية عن جدوى الخطط المعلنة لزيادة الإنتاج إلى 6 ملايين برميل أو أكثر.
وتساءل خليفة عن الأبعاد الحقيقية لهذه الخطط، مستفسرًا عمّا إذا كان العراق "ينوي الخروج من تحالف أوبك بلس لضمان التصدير خارج السقوف منفردا، أو أن لديه نية إعادة التفاوض مع دول المنظمة لزيادة حصة العراق".
في سياق متصل، حذر الخبير النفطي من أن السيناريو الثاني، المتمثل في التفاوض لزيادة حصة العراق، قد يخلق "مشكلة جديدة" تتمثل في تأثير هذه الزيادة على أسعار النفط العالمية، ما قد يؤدي إلى انخفاضها.
إعلانوأكد أن "أي انخفاض لن يصب في مصلحة العراق"، خاصة وأن الموازنة العراقية أُعدّت على أساس سعر افتراضي للبرميل عند 70 دولارًا، في حين أن القيمة الحالية لبرميل نفط البصرة تبلغ نحو 60 دولارًا.
وقال الخبير النفطي إن "أي زيادة في الإنتاج تعني انخفاضًا أكبر لأسعار نفط البصرة"، إلا إذا وافقت منظمة أوبك على زيادة حصة العراق مقابل تخفيض حصة دولة أخرى، وهو ما يثير تساؤلات عن "الدولة التي ستقبل بتخفيض حصتها لأجل العراق".
وعن الفوائد المتوقعة للعراق من هذه الاستثمارات، وخاصة صفقة شركة بريتيش بتروليوم (BP)، أعرب خليفة عن استغرابه لتوقيت هذه الصفقات، مشيرا إلى أنه "كان المفروض أن يكون تعاقد العراق مع شركة "بي بي" بخصوص حقول كركوك، ليس الآن، بل أن يتعاقد معها على الحقول التي فيها مشكلات حقوق، كالحقول الحدودية المشتركة والحقول المتنازع عليها في جولة التراخيص الأولى الواجب حسمها".
واعتبر أن إبرام مثل هذه العقود "بعد مرور أكثر من 15 عامًا على جولات التراخيص" يمثل "مشكلة" لأنها لم تقدم للعراق شيئًا إيجابيًا نظرا إلى المحددات المذكورة.
من جهته قلل الخبير الاقتصادي، نبيل العلي، من الأهمية الاقتصادية المرجوة من المشاريع والصفقات التي أبرمها العراق أخيرًا، مشيرًا إلى محدودية مردودها الاقتصادي على البلاد.
وقال العلي في حديث للجزيرة نت، إن الصفقات التي عقدها العراق قد تحمل أهمية سياسية وتسهم في تنويع الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاع النفط الذي شهد حضورًا صينيًا لافتًا، ومع ذلك، استبعد أن تُحدث هذه الصفقات تحولًا جوهريًا في الصناعة النفطية العراقية، مرجعًا ذلك إلى سقف الإنتاج المتفق عليه الذي لا يتجاوز 150 ألف برميل يوميًا.
وعن العائدات المالية، أكد العلي أن المردود المالي لا يرتبط فقط بقدرة العراق على استخراج النفط، بل بقدرته على تصديره، وهو ما يخضع لاتفاقيات منظمة أوبك وقيود التصدير المفروضة، مشيرًا إلى أن العراق يمتلك القدرة على إنتاج نحو 500 ألف برميل إضافي يوميًا، إلا أن محددات التصدير تحول دون ذلك.
إعلانوعن الاتفاق مع شركة صينية لصيانة أنابيب نقل النفط أو اكتشاف الأعطال باستخدام الروبوتات، رأى العلي أن هذه المسألة لا ترتقي إلى مستوى "المشروع الكبير" أو "التقنية الضخمة"، مؤكدًا أن استخدام الروبوتات أصبح أمرًا شائعًا.
وأضاف أنه كان من الأجدر، أن تتولى الشركات الوطنية تنفيذ مثل هذه المشاريع بدلًا من إسنادها لشركات أجنبية.
وأشار إلى أن هذه النوعية من الصفقات لن توفر فرص عمل واسعة النطاق، متوقعًا ألا تتجاوز الألف فرصة عمل، وهو ما يعني أن تأثيرها على سوق العمل سيكون محدودًا ولا يرقى إلى مستوى التطلعات.
وأكد العلي أن هذه الصفقات، في تقديره، لا تمثل نقلة نوعية من حيث المردود الاقتصادي الذي يمكن أن يعول عليه العراق في الأمد القريب.