موقع 24:
2025-04-26@10:48:29 GMT

الحرْب.. وسَيْطرة النٍّسيان

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

الحرْب.. وسَيْطرة النٍّسيان

ربما قد ينتهي الدعم الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا إلى الانتصار على القوات الروسية


النِّسْيان أثناء الحرب، ليس هو كذلك في فترة السَّلام، والمقصود هنا تجاهل القوى الدولية المختلفة للطرفيْن المتقاتليْن لحين من الوقت بعد حماس ظاهر لتوقيف الحرب أو لدعم فريق على حساب آخر، في نصرة قد تؤدي إلى هزيمة أحد الطرفيْن، لكن ليس بالضرورة انتصار الطرف الغالب، والذي ينتهي في الغالب إلى فرض شروطه، ولكن إلى حين من الزمن.


لا يقصد بالنسيان هنا التّخلي عن المتصارعيْن من ناحية دعمهما العسكري، فهذا يمكن اعتباره في حكم المستحيل، بغض النظر عن حجمه وديمومته، وإنما يعني التخلي عن الأهداف والأسباب التي قامت لأجلها الحرب أو تجاهلها، بما قد يؤدي إلى تجدد استمراريتها، ويصبح الوصول إلى أيِّ سلام ـ مهما طال ـ هو استراحة ـ أقل من الهدنة ـ لحربٍ آتيةٍ، وهكذا يصبح المتصارعان في انتظار دائم للحرب، ويتملكهما خوف قاتل، يصل أحيانا إلى النظر للحياة بعبثية.
الحالُ تلك في السلم تجعل منها في مظهرها الخاص والعام تماما مثل الحال في الحرب، التي تدور فيها رحى المعارك لأجل انتصار وهمي أو حقيقي، وتثقل بأوزارها كاهل الشعوب والجماعات والأفراد، لتتّخذ طريقها في عمر الزمن متأثرةً بماض دموي، حتى يغدو النسيان نقمةً وليس نعمةً، منفرا وليس جاذباً، مفرقاً وليس جامعاً، مشكلة وليس حلاّ.
من الناحية الواقعيّة يصعب القول: أن النسيان ظاهر في تجارب الحرب، كتلك التي تدور اليوم في فلسطين، وخاصة غزة، وكذلك الأمر في أوكرانيا، ذلك لأن العالم يشهد اليوم دعماً غير مسبوق للأطراف المتقاتلة حيث الدعم النسبي لأوكرانيا باعتباره الطرف الأضعف، الذي يواجه روسيا من جهة، والدعم المطلق للإسرائيل ـ مع أنها الطرف الأقوى ــ في الحرب الدائرة ضد الفلسطينيين، والسؤال هنا: هل الدعم لكل من أوكرانيا وإسرائيل سيؤدي إلى انتصارهما؟
ربما قد ينتهي الدعم الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا إلى الانتصار على القوات الروسية، أو على الأقل الحفاظ على وجودها كدولة، بغض النظر على وحدتها الترابية، لكن الأمر مختلف مع إسرائيل، فكل الدعم الغربي، وخاصة الأمريكي، لن يجعلها تنتصر في النهاية، وإن كانت في حرب الإبادة الراهنة قد تكسب جولة من جولات الحرب، وقد تحقق فكرتها العرقية، المتمثلة في افناء جزء من الشعب الفلسطيني، وعدد القتلى من المدنيين خلال الشهور العشر الماضية يدل على ذلك.
والقول بعدم انتصار إسرائيل في النهاية، ليس وشيجة عاطفية نحو ذوي القربى من الشعب الفلسطيني، وإنما آتٍ من أن الصراع الدموي في فلسطين هو حرب وجود للطرفين ـ الإسرائيلي والفلسطيني ـ وكلاهما لن يكون مصيره النهائي التسليم بالواقع، ولولا نسيان العالم لهما من الناحية الحقيقية، لاتّخذَا من التعايش حالة يرفضها الوجود.
لقد يبدو من الصخب الإعلامي، والقتل اليومي بين الفعل ورد الفعل، والمفاوضات المتعثرة، أن المعطيات والمؤشرات، والدلائل تؤكد على أن دول العالم لم تنس الحرب الدائرة في فلسطين، لكن حقيقة الأمر غير هذا، فهي حين تعمل على دعم متواصل هو في غالبيته لصالح إسرائيل، إنما تهدف إلى استمرارية الحرب بحيث تحمل أشكالا جديدة في المستقبل المنظور، وإن دعت إلى انهائها اليوم.
هنا تصبح سيطرة النسيان على مجريات الحرب الدائرة مخيفة، ومفزعة، بل وقاتلة، ذلك أن الاتجاه العام يشير إلى توقع استمرارية الحرب، رغم الادعاءات القائلة بتوقيفها، وفي تجربة الحرب الروسية ـ الأوكرانية ما يؤكد ذلك، فمن كان يتوقع أن تتواصل إلى اليوم، والأمر كذلك بالنسبة للحرب في غزة.. أيعقل أن تستمر لمدة 11 شهرا، وهي التي كانت في الصراع العربي الإسرائيلي ـ وعلى مدى عدة حروب ـ لا تتجاوز الأيام المعدودة، وبمشاركة معظم الدول العربية.
لن يكون النسيان نافعاُ للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، إلا إذا قرَّرَا العيش سويا، وهذا ما لا تودّه الدولة العبْريَّة.. إذن ما جدوى النسيان لديهما، والعالم يتجه بهما إلى نسيان أبدي حتى لو تواصلت الحرب بينهما عقودا أخرى، وكانت أشد بطشا وتنكيلاً؟!

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح يوم المرأة الإماراتية أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل

إقرأ أيضاً:

الحرب تدخل عامها الثالث… هل سيبقى السودان موحدا؟

مأساة غزة يجب ألا تنسينا مآسي عربية أخرى. والانشغال بحرب الإبادة التي يشنها العدو الصهيوأمريكي في فلسطين تستدعي أن نرى الصورة الكبرى لوطن عربي يمزق ويدمر ويقسم تحت عيون أنظمة وظيفية، لا هم لها إلا البقاء على الكراسي.

نحن «لا نبكي لأندلس إن حوصرت حلب»، بل تتقطع قلوبنا للصورة الشاملة التي تنبئ بمستقبل قاتم لعالم عربي فقد وزنه وقيمته وأمنه واصطفت بعض مكوناته تساهم في دمار مكونات أخرى. فليبيا مقسمة واليمن مقسم، والعراق عيي على الالتحام، وسوريا مقسمة ولبنان مقسم، وتونس تئن تحت حكم استبدادي، والتحديات بين المغرب والجزائر تتعاظم، وهناك دولة عربية تلعب الدور الذي يكلفها به الكيان الصهيوني، وتنفذه بحماسة عظيمة، لكن مأساة المآسي الآن بعد مأساة الشعب الفلسطيني ما يجري في السودان، الذي يشهد أكبر مأساة إنسانية في العالم.

الحرب في السودان بين الجيش الوطني وقوات الدعم السريع المدعومة خارجيا، أكملت عامها الثاني يوم 15 أبريل، وشهدت الحرب وهي تدخل عامها الثالث تصعيدا غير مسبوق، خاصة في منطقة دارفور، حيث قامت ميليشيات الدعم السريع بقصف مجنون لمدينة الفاشر ومعسكر زمزم وأبو شوك، وأردت مئات المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ قتلى بمن فيهم 11 من عمال الإغاثة الإنسانية.
ما يجري في السودان ليس شأنا داخليا، هناك لاعبون كبار في المشهد السوداني
الصورة الآن في السودان مرعبة بشكل لا مثيل له، فقد فرّ أكثر من 12 مليون شخص من ديارهم، وعبر أكثر من 3.8 مليون منهم الحدود إلى الدول المجاورة. ويحتاج أكثر من 30 مليون شخص إلى دعم إنساني. ويعاني نصف سكان السودان، أي نحو 25 مليون شخص، من جوع حاد، وقد تم رصد المجاعة في خمسة مواقع على الأقل في البلاد، ومن المتوقع أن تنتشر المجاعة على نطاق أوسع في الأيام والأسابيع المقبلة.

لقد دفع النزوح الجماعي الحالي، لاسيما من مخيمي زمزم وأبو شوك، وغيرهما من مخيمات النازحين، نحو 45 ألف شخص باتجاه الطويلة وجبل مرة، وما بعدهما. ويتفاقم الوضع الإنساني بسبب ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي، مع تزايد انقطاع النازحين عن سلاسل الإمداد والمساعدات، مما يعرضهم لخطر متزايد من تفشي الأوبئة وسوء التغذية والمجاعة. وقد دعا مجلس الأمن بمناسبة دخول الحرب عامها الثالث، أطراف النزاع إلى حماية المدنيين والامتثال لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي، والوفاء بالقرار 2736 (2024)، وكذلك الوفاء بالتزاماتهم بموجب إعلان جدة. كما دعا إلى محاسبة قوات الدعم السريع وجميع مرتكبي الهجمات على المدنيين وانتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان في السودان. ودعا أعضاء مجلس الأمن جميع أطراف النزاع إلى احترام وحماية العاملين في المجال الإنساني ومقارهم وأصولهم، وفقاً لالتزاماتهم بموجب القانون الدولي. كما دعوا الأطراف إلى السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى السودان وفي جميع أنحاء البلاد. وفي إشارة مبطنة للتدخلات الخارجية، حث أعضاء مجلس الأمن، في بيان أصدروه بمناسبة دخول الحرب عامها الثالث، جميع الدول الأعضاء «على الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى تأجيج الصراع وعدم الاستقرار، وبدلاً من ذلك دعم الجهود الرامية إلى تحقيق السلام الدائم». ولا أعرف كيف يستطيع المبعوث الأممي، رمطان العمامرة، الاستمرار في مهمته المستحيلة أمام هذه المآسي. فالدبلوماسي الجزائري حاول عبر ترتيب لقاءات في جنيف ضمان خطوط الإمدادات الإنسانية فقط دون أي نجاح.

التدخل الإماراتي أمام محكمة العدل الدولية
ما يجري في السودان ليس شأنا داخليا، هناك لاعبون كبار في المشهد السوداني يذكرنا بمؤامرة فصل الجنوب عن السودان عام 2011، الذي حدث بسبب غياب مصر عن المشهد لأسباب شخصية بين الرئيس مبارك والرئيس عمر البشير، إثر محاولة اغتيال مبارك في السودان عام 1995. لقد استفرد الكيان الصهيوني والولايات المتحدة بالدور والتأثير وبدعم أوروبي وغياب افريقي حتى حصل التقسيم.

المشهد يتكرر مع لاعبين قدامي وجدد.. والهدف واحد تقسيم المقسم والسيطرة على ثروات السودان العظيمة، التي لو أحسن استغلالها لكان سلة الغذاء لافريقيا والعالم العربي. هذه المرة المتهم الأكبر في التدخل لتأجيج الحرب دولة الإمارات، التي تدعي أنها تقدم مساعدات إنسانية فقط عن طريق أسطولها الجوي، الذي يحط في تشاد ثم يتم نقله عبر الحدود السودانية إلى قوات محمد حمدان دقلو (حميدتي). لقد تم تسريب تقرير أعده خبراء الأمم المتحدة ونشرته صحيفة «الغارديان» عشية مؤتمر لندن لدعم السودان يوم الثلاثاء 15 أبريل، يكشف عن عدة رحلات جوية إلى القواعد العسكرية في تشاد، استخدمت فيها طائرات نقل تجارية، يبدو أنها تعمّدت تجنّب الرصد خلال تحليقها نحو قواعد في تشاد، ثم نُقلت حمولتها براً إلى داخل السودان. ويتكوّن التقرير من 14 صفحة، أُرسل إلى لجنة عقوبات السودان التابعة لمجلس الأمن الدولي.

وأعد التقرير فريق من خمسة خبراء تابعين للأمم المتحدة، وثّـقوا فيه نمطاً ثابتاً من الرحلات الجوية التجارية باستخدام طائرات «إليوشن إل-76 تي دي» في 24 رحلة، حيث كانت تقلع الطائرات من الإمارات إلى تشاد. وحدد الخبراء ثلاثة طرق برّية على الأقل يُحتمل استخدامها لتهريب الأسلحة إلى السودان. وأشار الخبراء إلى أن هذه الرحلات تزامنت مع تصعيد القتال في الفاشر، لاسيّما زيادة نشاط الطائرات المسيّرة التي تستخدمها قوات «الدعم السريع» في العمليات القتالية والاستخباراتية. واعتبر الخبراء أن وصول الطائرات دون طيار إلى السودان يمثل مرحلة تكنولوجية جديدة في إدارة النزاع المسلح. كما ورد في التقرير أن بعض الرحلات الجوية المُحددة ارتبطت بمشغلين سبق أن عملوا في مجال اللوجستيات العسكرية ونقل الأسلحة غير المشروعة، وقد أُبلِغ عن اثنين منهما سابقا لانتهاكهما قرار حظر تصدير الأسلحة.


السفير السوداني لدى الأمم المتحدة، الحارث إدريس الحارث، اتهم الإمارات في جلسة مفتوحة لمجلس الأمن يوم 3 مارس الماضي بأنها تمارس دورا شريرا في بلاده «وإن لم يتوقف دور الإمارات في دعم ميليشيا الدعم السريع ودعم حكومتها الموازية، فعلى المجلس أن يكون واضحا ويسمي الإمارات بالاسم، بدل قول العناصر الخارجية. العنصر الخارجي في هذه الحرب هي دولة الإمارات. يقولون إنهم يريدون أن يسيطروا على السودان لأن لهم مصالح فيه، وهل لا تحمى المصالح إلا بالحرب ودعم الميليشيات وقصف دارفور 188 مرة وعن طريق محاولة إنشاء مطار في نيالا وعن طريق المسيرات. ألا يخجل مندوب الإمارات حين يقول إنه يدعم الشعب السوداني». السودان قدم شكوى رسمية يوم 11 أبريل لمحكمة العدل الدولية يطالب فيه حسم مسألة التدخل الإماراتي «في حرب الإبادة ضد مجتمع المساليت في دارفور، من خلال دعمها لقوات التدخل السريع».

ويبدو أن الإمارات أخذت الشكوى على محمل الجد، وأعدت فريقا رفيع المستوى من المحامين الدوليين وخصصت ملايين الدولارات لكسب القضية أمام السودان، الذي لا يملك القدرات ولا الدعم الدولي ولا طاقم المحامين، بل هو واثق أن لديه من الوثائق ما يمكنه، دون أدنى شك، من كسب القضية. هذا فصل جديد من مهازل العرب في غياب دور فاعل لمصر والسعودية وما تبقى من جامعة الدول العربية، ما أتاح المجال لدولة الوظيفة أن تعبث بأمن الأمة العربية جميعها لصالح الكيان الصهيوني. والله «أكاد أومن من شكي ومن عجبي هذي الملايين ليست أمة العرب».

المصدر: القدس العربي

مقالات مشابهة

  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
  • مختص يوضح الأسباب التي تدفع الأفراد إلى اللجوء للذكاء الاصطناعي .. فيديو
  • الإعلام السوداني والتحديات التي تواجهه في ظل النزاع .. خسائر المؤسسات الاعلامية البشرية والمادية
  • أبرز محطات الكهرباء التي تعرضت للاستهداف في السودان
  • الحرب تدخل عامها الثالث… هل سيبقى السودان موحدا؟
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • عاجل| الأمطار تعود وتكسر حدة الحر.. انخفاض درجات الحرارة اليوم الخميس 24 أبريل 2025
  • إبراهيم جابر : ستتوقف الحرب بتوقف إمداد الدعم السريع بالسلاح والمرتزقة
  • إيناس حميدا: الرعيض تاجر يتغذى على الدعم ويخطب باسم الاقتصاد الحر
  • أسوان تُحيي شريانًا سياحيًا مهجورًا: تطوير طريق إدفو/مرسى علم بعد عقدين من النسيان