ربما قد ينتهي الدعم الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا إلى الانتصار على القوات الروسية
النِّسْيان أثناء الحرب، ليس هو كذلك في فترة السَّلام، والمقصود هنا تجاهل القوى الدولية المختلفة للطرفيْن المتقاتليْن لحين من الوقت بعد حماس ظاهر لتوقيف الحرب أو لدعم فريق على حساب آخر، في نصرة قد تؤدي إلى هزيمة أحد الطرفيْن، لكن ليس بالضرورة انتصار الطرف الغالب، والذي ينتهي في الغالب إلى فرض شروطه، ولكن إلى حين من الزمن.
لا يقصد بالنسيان هنا التّخلي عن المتصارعيْن من ناحية دعمهما العسكري، فهذا يمكن اعتباره في حكم المستحيل، بغض النظر عن حجمه وديمومته، وإنما يعني التخلي عن الأهداف والأسباب التي قامت لأجلها الحرب أو تجاهلها، بما قد يؤدي إلى تجدد استمراريتها، ويصبح الوصول إلى أيِّ سلام ـ مهما طال ـ هو استراحة ـ أقل من الهدنة ـ لحربٍ آتيةٍ، وهكذا يصبح المتصارعان في انتظار دائم للحرب، ويتملكهما خوف قاتل، يصل أحيانا إلى النظر للحياة بعبثية.
الحالُ تلك في السلم تجعل منها في مظهرها الخاص والعام تماما مثل الحال في الحرب، التي تدور فيها رحى المعارك لأجل انتصار وهمي أو حقيقي، وتثقل بأوزارها كاهل الشعوب والجماعات والأفراد، لتتّخذ طريقها في عمر الزمن متأثرةً بماض دموي، حتى يغدو النسيان نقمةً وليس نعمةً، منفرا وليس جاذباً، مفرقاً وليس جامعاً، مشكلة وليس حلاّ.
من الناحية الواقعيّة يصعب القول: أن النسيان ظاهر في تجارب الحرب، كتلك التي تدور اليوم في فلسطين، وخاصة غزة، وكذلك الأمر في أوكرانيا، ذلك لأن العالم يشهد اليوم دعماً غير مسبوق للأطراف المتقاتلة حيث الدعم النسبي لأوكرانيا باعتباره الطرف الأضعف، الذي يواجه روسيا من جهة، والدعم المطلق للإسرائيل ـ مع أنها الطرف الأقوى ــ في الحرب الدائرة ضد الفلسطينيين، والسؤال هنا: هل الدعم لكل من أوكرانيا وإسرائيل سيؤدي إلى انتصارهما؟
ربما قد ينتهي الدعم الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا إلى الانتصار على القوات الروسية، أو على الأقل الحفاظ على وجودها كدولة، بغض النظر على وحدتها الترابية، لكن الأمر مختلف مع إسرائيل، فكل الدعم الغربي، وخاصة الأمريكي، لن يجعلها تنتصر في النهاية، وإن كانت في حرب الإبادة الراهنة قد تكسب جولة من جولات الحرب، وقد تحقق فكرتها العرقية، المتمثلة في افناء جزء من الشعب الفلسطيني، وعدد القتلى من المدنيين خلال الشهور العشر الماضية يدل على ذلك.
والقول بعدم انتصار إسرائيل في النهاية، ليس وشيجة عاطفية نحو ذوي القربى من الشعب الفلسطيني، وإنما آتٍ من أن الصراع الدموي في فلسطين هو حرب وجود للطرفين ـ الإسرائيلي والفلسطيني ـ وكلاهما لن يكون مصيره النهائي التسليم بالواقع، ولولا نسيان العالم لهما من الناحية الحقيقية، لاتّخذَا من التعايش حالة يرفضها الوجود.
لقد يبدو من الصخب الإعلامي، والقتل اليومي بين الفعل ورد الفعل، والمفاوضات المتعثرة، أن المعطيات والمؤشرات، والدلائل تؤكد على أن دول العالم لم تنس الحرب الدائرة في فلسطين، لكن حقيقة الأمر غير هذا، فهي حين تعمل على دعم متواصل هو في غالبيته لصالح إسرائيل، إنما تهدف إلى استمرارية الحرب بحيث تحمل أشكالا جديدة في المستقبل المنظور، وإن دعت إلى انهائها اليوم.
هنا تصبح سيطرة النسيان على مجريات الحرب الدائرة مخيفة، ومفزعة، بل وقاتلة، ذلك أن الاتجاه العام يشير إلى توقع استمرارية الحرب، رغم الادعاءات القائلة بتوقيفها، وفي تجربة الحرب الروسية ـ الأوكرانية ما يؤكد ذلك، فمن كان يتوقع أن تتواصل إلى اليوم، والأمر كذلك بالنسبة للحرب في غزة.. أيعقل أن تستمر لمدة 11 شهرا، وهي التي كانت في الصراع العربي الإسرائيلي ـ وعلى مدى عدة حروب ـ لا تتجاوز الأيام المعدودة، وبمشاركة معظم الدول العربية.
لن يكون النسيان نافعاُ للطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، إلا إذا قرَّرَا العيش سويا، وهذا ما لا تودّه الدولة العبْريَّة.. إذن ما جدوى النسيان لديهما، والعالم يتجه بهما إلى نسيان أبدي حتى لو تواصلت الحرب بينهما عقودا أخرى، وكانت أشد بطشا وتنكيلاً؟!
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح يوم المرأة الإماراتية أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
السودان: قصف على سوق صابرين بأمدرمان يؤدي إلى مقتل وإصابة العشرات
قوات الدعم السريع دأبت على قصف المناطق المدنية في أم درمان، ما أدى إلى سقوط مئات الضحايا منذ بداية الحرب وحتى الآن.
أم درمان: التغيير
أدى قصف عنيف من قبل قوات الدعم السريع إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى في سوق منطقة صابرين بمحلية كرري في أم درمان غربي العاصمة السودانية.
ووصف شهود القصف بأنه الأعنف، حيث تمزقت بعض الجثث إلى أشلاء، فيما امتلأت مستشفيات (النو) و(سواعد) بالمصابين، حيث قُدرت أعداد الإصابات بحوالي 110 إصابات، إلى جانب عدد غير محصور من القتلى.
ودأبت قوات الدعم السريع على قصف المناطق المدنية في أم درمان، ما أدى إلى سقوط مئات الضحايا منذ بداية الحرب وحتى الآن.
وطالب ناشطون بتوفير مواد إسعافية في المستشفيات، بالإضافة إلى أكفان لدفن الضحايا، في ظل ما وصفوه بالأوضاع الكارثية.
منذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تحولت العديد من المناطق السكنية والأسواق في الخرطوم وأم درمان إلى ساحة معارك، حيث تعرضت أحياء بأكملها للقصف والاشتباكات.
وتشهد أم درمان، خاصة في محلية كرري، تصعيدًا مستمرًا للقصف، ما أدى إلى زيادة عدد الضحايا.
ويعد سوق صابرين من أهم الأسواق التجارية في المنطقة، مما يجعل استهدافه يفاقم معاناة المدنيين الذين يعتمدون عليه في تأمين احتياجاتهم اليومية.
الوسومآثار الحرب في السودان أمدرمان القصف المدفعي للدعم السريع سوق صابرين