تحويل الشركات النفطية من التمويل الذاتي إلى المركزي يثير الجدل.. هل سيواجه القطاع أزمة جديدة؟
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - بغداد
يواجه الإجراء الحكومي بتحويل الشركات النفطية وغير النفطية الرابحة من نظام التمويل الذاتي إلى التمويل المركزي، انتقادات كبيرة خاصة خلال الفترة التي سبقت إقرار جداول الموازنة المالية الاتحادية لعام 2024 وما بعدها.
موجة الانتقادات للقرار الحكومي، جاءت من جراء ما يترتب على هذا القرار من تقليص الصلاحيات لتلك الشركات وحصرها في بغداد، مقارنة بالسنوات السابقة التي تمتعت فيها تلك الشركات بحرية مالية واسعة، سواء فيما يخص المشاريع أو صرف الرواتب والمخصصات.
وعبّر آلاف الموظفين في الشركات النفطية بمختلف محافظات العراق وخاصة الجنوبية منها عن استيائهم الكبير إزاء هذا الإجراء، على إثر تثبيت القرار في الجداول، فيما طالبوا بضرورة التراجع عنه لما فيه من أضرار كبيرة على القطاع النفطي والصناعة النفطية في العراق بشكل عام.
نمط مركزية قطاع النفط
وفي هذا الشأن، قال الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي، إن "نظام الشركات موجود في القطاع النفطي العراقي منذ منتصف ستينيات القرن الماضي والعراق كان ينتج النفط بفضل نظام التمويل الذاتي حتى إن النظام الدكتاتوري السابق قبل العام 2003 كان يطبق نظام الشركات العامة المستقلة ماليا وإداريا وهو عكس ما تريده الحكومات الحالية وما تم تطبيقه في موازنة 2024".
ويضيف المرسومي، إن "كل دول منظمة أوبك غادرت منذ زمن بعيد نمط الإدارة المركزية لقطاع النفط وأصبحت الشركات النفطية الخاصة والعامة التي تتمتع باستقلال مالي وإداري هي المسؤولة بشكل مباشر عن كل التفاصيل الفنية والمالية والإدارية المتعلقة بالحلقات المتعددة للصناعة النفطية ابتداءً من مرحلة الاستكشاف والحفر والاستخراج والنقل والتكرير والتسويق".
وأوضح، إن "دور الوزارة تنظيمي وتنسيقي بين الشركات النفطية وهذا الحال موجود في كل دول أوبك ومنها العراق، لذلك القرار الجديد بالعودة إلى النمط المركزي في إدارة صناعة النفط العراقية قد يشكل انتكاسة كبيرة لهذه الصناعة".
ويلفت الخبير المرسومي، إلى أن “هكذا قرار ممكن أن يؤدي أيضا إلى تراجع في إنتاج النفط الخام ويقوض جهود الحكومة الرامية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية بسبب البيروقراطية والروتين وتعدد الحلقات الإدارية والازدواجية في اتخاذ القرارات والتأخر في اتخاذها في صناعة تتميز بالديناميكية وتحتاج إلى السرعة في اتخاذ القرارات".
ويؤكد المرسومي، إن "شركات الاستخراج ومنها شركة نفط البصرة أصبحت تُموَّل من الموازنة العامة والمصافي تم تقليص أرباحها من 7 آلاف و250 دينارا إلى ألفي دينار و250 دينارا للبرميل المكرر أي انخفضت أرباحها من 2 تريليون و329 مليار دينار إلى 722 مليار دينار".
وكان النائب المستقل مصطفى جبار سند، قد وصف في تغريدة على حسابه في موقع "أكس" قرار تحويل شركات التمويل الذاتي إلى مركزي بـ"الغبي"، مبينا أن الحكومة تقرر تحويل شركات التمويل الذاتي الرابحة في وزارة النفط، إلى تمويل مركزي، في جداول موازنة.
حصر السيولة في وزارة المالية
وفي المقابل، يرى عضو لجنة النفط والغاز النيابية كاظم الطوكي، إن "تحويل الشركات النفطية إلى التمويل المركزي بدل الذاتي لن يضر الأرباح والرواتب التي يتقاضاها موظفوها، والصناعة النفطية العراقية لن تتضرر كما يشاع أو قد ينخفض الإنتاج لأن الشركات ستبقى بذات وتيرة العمل وتنفيذ مشاريعها وتعاقداتها".
ويبين الطوكي، أن “تحويل الشركات النفطية وغيرها إلى التمويل الذاتي بكل بساطة هو حصر كل السيولة الموجودة لدى الشركات النفطية وغير النفطية ذات التمويل الذاتي لتكون في وزارة المالية حصرا، ويمكن للشركات طلب أي مبالغ مالية أو تخصيصات تريدها مستقبلا من وزار المالية".
ويعتبر أن “نظام التمويل الذاتي حتى لو كان معتمدا منذ سنوات طويلة في الشركات النفطية لا يعني ضرورة الإبقاء عليه أو عدم تغييره إلى المركزي، فهذا الأمر يتوقف على أهداف وسياسات الحكومة في تنظيم أمورها المالية بما تراه ملائما".
يشار إلى أن العراق لديه 15 شركة نفطية تعمل بنظام التمويل الذاتي منذ سنوات طويلة وتدير مشاريعها وفقا للتعاقدات التي تشرف عليها وزارة النفط الاتحادية، حيث تساهم هذه الشركات مع الجهد الاستثماري بوصول العراق إلى إنتاج ثلاثة ملايين و800 ألف برميل يوميا وصولا إلى أربعة ملايين برميل يوميا.
وكانت وزارة النفط قد علقت مؤخرا على احتجاجات الشركات النفطية حول تمويلها إلى النظام المركزي، مؤكدة في بيان لها، أن حقوق منتسبي الوزارة في جميع التشكيلات النفطية محفوظة بما يتعلق بالرواتب والحوافز والأرباح وحسب ما معمول به ولا يوجد أي تغيير في قانون الموازنة يؤثر على هذه الاستحقاقات.
وقفات احتجاجية
وعلى إثر ذلك، نظَّم المئات من موظفي شركة نفط ذي قار وقفة احتجاجية أمام مبنى الشركة رفضا لقرار الحكومة المركزية المرقم 24600 والذي يقضي بتحويل الشركات النفطية من التمويل الذاتي إلى التمويل المركزي.
وقال أحد المحتجين، خلال تجمع احتجاجي، اليوم الأربعاء، إن "هذا القرار مجحف باتجاه هذه الشركات الذي كان تمويلها الذاتي يصب باتجاه دعم المنافع الاجتماعية ومراكز الأمراض السرطانية وأمراض القلب وقطاع الخدمات الأخرى".
وأشار إلى أن وقوفهم اليوم يأتي رفضا لهذا القرار غير المنصف ومطالبا الحكومة المركزية بالعدول عن هذا القرار والإبقاء على تمويل الشركات ذاتيا.
وفي محافظة ميسان أيضا، نظم عدد من منتسبي شركة نفط ميسان وقفة أمام مقر الشركة وسط مدينة العمارة احتجاجا على قرار تحويل الشركات النفطية من التمويل الذاتي إلى الحكومي.
وقال عدد منهم، إنهم يحتجون وبقوة على قرار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بخصوص تحويل عمل الشركات النفطية من التمويل الذاتي إلى الحكومي وان هذا الأمر سيضع تقييد للصلاحيات وحصرها في بغداد، مقارنة بالسنوات الماضية في تاريخ تلك الشركات، حيث كانت تتمتع بحريتها المالية وما يتعلق بالمشاريع وصرف الرواتب والمخصصات.
وأضافوا، إن هكذا قرار قد يؤدي إلى تراجع في إنتاج النفط الخام ويقوض جهود تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات النفطية بسبب البيروقراطية والروتين.
يؤثر سلباً على الشركات
من جانبها، أوضحت لجنة النفط والطاقة والثروات الطبيعية في البرلمان، اليوم الاربعاء، مدى تأثير قرار مجلس الوزراء بتحويل شركات النفط من التمويل الذاتي الى المركزي، على الاقتصاد العراقي وعمل الشركات هذه.
وقال عضو اللجنة النائب علي اللامي، إننا "أبدينا تحفظنا على قرار مجلس الوزراء بتحويل الشركات النفطية الى التمويل المركزي". مبيناً، إن "هذه الشركات تعمل بقانون الشركات المصوت عليه من قبل مجلس النواب، ومن غير الممكن ان يلغى العمل به بقرار من مجلس الوزراء". مؤكدا، إن "هذا القرار سيؤثر سلباً على عمل الشركات النفطية".
وأشار الى، أن "90% من موازنة الدولة العراقية هي من شركات النفط، لذلك أي قرار ليس بصالح الشركات سيؤثر سلباً على عمل هذه الشركات".
وكشف اللامي، "إننا في لجنة النفط لدينا استضافة يوم الأحد القادم لوزير النفط وكادر الوزارة المتقدم لمناقشة هذا الموضوع، وسنخرج بتوصيات وبيان الى مجلس الوزراء".
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار التمویل المرکزی مجلس الوزراء شرکات النفط إلى التمویل هذه الشرکات هذا القرار
إقرأ أيضاً:
هل ستمنع صادرات العراق النفطية الى أمريكا من فرض عقوبات؟
الاقتصاد نيوز - متابعة
كشفت إدارة معلومات الطاقة الأميركية -في تقريرها الأخير، يوم الأحد- عن حجم الصادرات النفطية العراقية إلى الولايات المتحدة خلال فبراير/شباط الماضي حيث بلغت ما يقارب 5 ملايين برميل.
وأظهرت البيانات الصادرة عن الإدارة انخفاضا ملحوظا في حجم صادرات النفط العراقية مقارنة بشهر يناير/كانون الثاني الماضي الذي سجل تصدير ما يزيد عن 6 ملايين برميل.
وشهدت صادرات العراق من النفط الخام إلى الولايات المتحدة خلال فبراير/شباط تباينا ملحوظا في المعدلات اليومية حيث بلغ متوسط التصدير في الأسبوع الأول 257 ألف برميل يوميا ثم انخفض إلى 228 ألف برميل في الأسبوع الثاني وشهد الأسبوع الثالث تراجعا كبيرا ليصل إلى 46 ألف برميل فقط فيما استقر متوسط التصدير في الأسبوع الرابع عند 170 ألف برميل يوميا.
كما صنف التقرير العراق في المرتبة السادسة بين الدول المصدرة للنفط إلى الولايات المتحدة وفي المرتبة الثانية عربيا بعد السعودية
تعزيز العلاقات
يرى الدكتور طارق الزبيدي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بغداد، أن هذا الارتفاع يندرج ضمن جهود العراق لتعزيز العلاقات مع واشنطن وتأمين إمدادات الطاقة المحلية.
وأشار الزبيدي -في حديث للجزيرة نت- إلى أن العوامل الآنية، مثل انخفاض درجات الحرارة وزيادة الطلب على النفط، ساهمت بهذا الارتفاع، مؤكدا أن العلاقة النفطية مع الدول الأخرى تخضع لمعادلة العرض والطلب، مع التزام العراق بقرارات منظمة أوبك.
وأعلن المدير العام لشركة نفط البصرة باسم عبد الكريم -في بيان- أن متوسط صادرات العراق من النفط الخام بلغ خلال فبراير/شباط الماضي 3.3 ملايين برميل يوميا من موانئ التصدير في محافظة البصرة (جنوبي البلاد).
كما أكد أن استجابة العراق السريعة للطلب الأميركي تعكس رغبته في تفادي الأضرار المحتملة من إلغاء الإعفاءات المتعلقة بالعقوبات على إيران، متوقعا أن يسعى العراق لتجديد هذه الإعفاءات لتأمين احتياجاته من الغاز والبنزين.
وشدد على أن العراق مضطر للتعامل بواقعية مع الولايات المتحدة لتجنب الأزمات الاقتصادية التي قد تهدد استقرار الحكومة والنظام السياسي، محذراً من أن أي اضطراب في أسعار النفط أو الإمدادات قد يؤثر سلباً على حياة العراقيين، خاصة في ظل أزمة الكهرباء المزمنة.
وتواجه المنظومة الكهربائية في العراق ضغوطا متزايدة، مما يؤثر على استقرار التيار الكهربائي وتلبية احتياجات المواطنين.
وتزود إيران بغداد بحوالي 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميا بما يغطي حوالي ثلث احتياجات البلاد، وهو ما يكفي لإنتاج نحو 6 آلاف ميغاواط من الكهرباء، إلا أن هذا الكم لا يكفي لتلبية احتياجات العراق أوقات الذروة.
وحذر الزبيدي من أن إلغاء الإعفاءات سيؤدي إلى نقص حاد في الغاز لتشغيل محطات الكهرباء وزيادة الاعتماد على الاستيراد، مؤكداً أن العراق يسعى لتطوير التعاون النفطي مع الولايات المتحدة وجذب الشركات الأميركية للاستثمار فيه لتوطيد العلاقات الثنائية وتجنب العقوبات والمشاكل الإقليمية المحتملة.
علاقة إيران
من جانبه، أوضح الخبير في الشأن النفطي علي نعمة أن الارتفاع الأسبوعي في الصادرات لا يمكن اعتباره مؤشراً على تغير وجهة الصادرات.
وأكد نعمة أن الكميات المخصصة للصادرات تحدد سنوياً من قبل شركة سومو، وأن الارتفاع الحالي يعود إلى رفع شحنة كبيرة خلال الأسبوع الماضي، في حين لم يتم رفع أي كمية خلال الأسبوع السابق.
وأضاف أنه لم يتم تصدير النفط الخام رسمياً من قبل شركة النفط العراقية “سومو” إلى إيران، مشددا على أن الكميات المخصصة للأسواق الأميركية والأوروبية والآسيوية تم تحديدها مسبقاً نهاية عام 2024.
وأوضح نعمة أن الحديث عن وجود علاقة بين صادرات العراق إلى إيران واختيار السوق الأميركي بديلاً لها هو افتراض لا أساس له من الصحة.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام