مقري لـعربي21: الجزائر فضحت دور مصر في حرب غزة.. وهذا موقفي من الرئاسة
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
انتقد الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية والأمين العام لمنتدى كوالالمبور، عبد الرزاق مقري، الموقف العربي عموما والدول المحيطة بفلسطين خصوصا إزاء ما يجري من عدوان إسرائيلي وحشي على غزة، مشيرا إلى أن تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حول فتح الحدود المصرية لإغاثة أهالي القطاع "فضح دور القاهرة في غلق الحدود".
وقال مقري في حديث خاص مع "عربي21"، إن "العالم الغربي أنشأ الكيان الصهيوني للمحافظة على مصالحه ولأجل إضعاف الأمة، وهو يواصل نفس الهدف ويعمل على حماية هذا الكيان من أجل مصالحه وعدم السماح للأمة أن تتوحد".
أما العالم العربي، بحسب مقري، "فهو جزء أساسي من هذه الجريمة لأن الذي يحاصر أهلنا في غزة هم الدول العربية وخاصة دول الطوق التي تحاصر غزة وتمنع النجدة عن فلسطين".
وأكد مقري، أنه "لو لم تكن هذه الدول التي تحمي الكيان الصهيوني لكانت جحافل المسلمين انتقلت إلى فلسطين لنجدة أهلنا في غزة بالملايين"، حسب تعبيره.
وقال إن دعوة تبون لفتح الحدود "فضح الدور المصري في غلق الحدود، وهذه تهمة واضحة من الرئيس الجزائري للنظام المصري، بأن هذا النظام يغلق الحدود الحدود حتى لو تعلق الأمر بالدعم الاجتماعي وبناء المستشفيات".
وفي 19 آب /أغسطس الجاري، أكد الرئيس الجزائري أن بلاده مستعدة لبناء 3 مستشفيات في غزة، حال فتح الحدود البرية بين مصر والقطاع.
وقال تبون: "لو فتحوا لنا الحدود بين مصر وغزة، لدينا ما نقوم به، والجيش جاهز بمجرد ما يتم فتح الحدود (معبر رفح)، سنقوم ببناء 3 مستشفيات في ظرف 20 يوما".
وحول المشهد الإنساني في قطاع غزة بعد أكثر من 10 أشهر من العدوان، شدد مقري على أن "الخسائر في غزة كبيرة وتاريخية وغير مسبوقة بالنظر إلى عدد السكان الموجودين في غزة".
واستدرك "ولكن الذي يقرأ يعني تاريخ ثورات ضد الاحتلال يعلم بأن هذه الضريبة التي يقدمها من يريدون تحرير بلدهم"، موضحا أن الاحتلال الإسرائيلي "لم يحقق أهدافه السياسية رغم كل هذا التدمير ورغم كل هذا القتل".
ولليوم الـ327 على التوالي، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب المجازر المروعة، ضمن حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية ومراكز الإيواء.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الوحشي المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على الـ40 ألف شهيد، وأكثر من 93 ألف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وفي سياق منفصل، تطرق الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم الجزائرية خلال حديثه مع "عربي21"، إلى الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في الجزائر في أوائل شهر أيلول /سبتمبر القادم، واعتبر أن النتيجة "محسومة" منذ الآن.
وتاليا نص الحوار كاملا:
أكثر من 10 أشهر من العدوان على غزة.. كيف يمكن أن تُجمل المشهد الحالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟
بكل تأكيد على المستوى الإنساني وعلى مستوى الخسائر في أهلنا بغزة، هي خسائر كبيرة وتاريخية وغير مسبوقة بالنظر إلى عدد السكان الموجودين في غزة، فالمدينة كلها دمرت وعدد الشهداء تجاوز أربعين ألفا، والناس خسروا كل شيء في حياتهم.
ولكن الذي يقرأ يعني تاريخ ثورات ضد الاحتلال يعلم بأن هذه الضريبة التي يقدمها من يريدون تحرير بلدهم. فالأمور في الحقيقة لا تقاس بما يقدمه تقدمه الشعوب التي تكافح من أجل أرضها. ولكن الأمور تقدر بالأهداف السياسية.
اليوم الاحتلال، رغم كل هذا التدمير ورغم كل هذا القتل فهو لم يحقق أهدافه السياسية. لم يستطع أن ينهي المقاومة ولم يستطع أن يسيطر على الوضع كما يريد. ولم يحرر الأسرى. فلذلك هو خاسر على طول الخط. والمقاومة منتصرة في الأرض من خلال الإنجاز الكبير في سبعة أكتوبر ذاته، الذي هو في الحقيقة دمر هيبة الجيش الإسرائيلي ودمر سمعته الاستخباراتية وهو كل يوم كذلك يدمر هيبته العسكرية على الأرض.
كما أن طوفان الأقصى أحيا العالم بأسره. اليوم القضية الفلسطينية قضية عالمية. رجعت القضية الفلسطينية إلى الطاولة. عند كل الأمم عند كل الشعوب. صارت هناك شرائح شعبية كثيرة جدا في الغرب ذاته تسند القضية الفلسطينية وتدافع عن الحق الفلسطيني.
المجتمع الإسرائيلي هو المرتبك.. الفلسطينيون رغم الخسائر رغم الآلام هم جبهة واحدة، هم موحدون وورائهم الأمة كلها موحدة، أما الإسرائيليون في الحقيقة فشملهم ممزق وهم يعيشون مشكلة كبيرة جدا على المستوى الاجتماعي وعلى المستوى النفسي وعلى المستوى الاقتصادي، فالمنحنى لصالح فلسطين والأمة كلها.
كيف ترى الموقف الغربي عموما والعربي بشكل خاص بعد كل هذه المجازر بحق الفلسطينيين؟
العالم الغربي أنشأ الكيان الصهيوني للمحافظة على مصالحه ولإضعاف الأمة، وهو يواصل نفس الهدف ويعمل على حماية هذا الكيان من أجل مصالحه ولعدم السماح للأمة أن تتوحد.
اواصل الغرب نفس الطريق لم يغير منه شيئا. ولكن طوفان الأقصى كشفه وبيّن جرائمه، والعالم الغربي متواطئ كلية بزعامة أمريكا وبريطانيا بشكل أساسي متواطئ في الجريمة كليا على التمام والكمال، والكثير من الدول كذلك لا تقوم بواجبها تجاه القضية الفلسطينية.
هناك بعض الدول التي صارت لها مواقف واضحة على رأسها جنوب أفريقيا، وحتى في بعض الدول الأوروبية مثل بلجيكا وفي إسبانيا وبعض الدول التي صار لها مواقف إيجابية، وكذلك ما تحقق على مستوى محكمة العدل الدولية هو إنجاز إيجابي لصالح الحق الفلسطيني، ولكن في المجمل العالم لا يفعل شيئا كبيرا ضد هذه الجرائم.
أما العالم العربي، فهو جزء أساسي من هذه الجريمة لأن الذي يحاصر أهلنا في غزة هم الدول العربية وخاصة دول الطوق هي التي تحاصر أهلنا في غزة، وهي التي تمنع كذلك أن تنجد الأمة فلسطين.
لو لم تكن هذه الدول التي تحمي الكيان الصهيوني لكان جحافل المسلمين انتقلت إلى فلسطين لنجدة أهلنا في غزة وإنقاذ المسجد الأقصى بالملايين. فلذلك دول الطرق اليوم أما أن تدخل في المعركة لمصلحتها ولمصلحة لمستقبلها والقيام بالواجب، أو تترك الأمة تدخل في المعركة مباشرة، وإلا فإن مصيرها المستقبلي سيكون قاتما لأن طوفان الأقصى انطلق ليغير هذا الوضع كله.
في هذا الإطار كان هناك تصريح للرئيس الجزائري حول فتح الحدود المصرية والعبور إلى غزة، ما رأيك به؟
تسبب هذا التصريح بضجة كبيرة جدا، وبعد ذلك أوضحت أدوات النظام السياسي أنهم لا يقصدون التدخل العسكري. ولكن يقصدون تدخل إنساني. ولكن أنا أؤكد ما كتبته في المقال الذي نشرته في الوسائط الاجتماعية، والذي لاقى تفاعلا كبيرا، وهو أن هناك كثير من الأشياء التي يمكن أن تقدمها الجزائر ولا تتطلب أن تسمح مصر بذلك.
بإمكان الجزائر أن تقدم كثير من الدعم على المستوى العسكري وعلى المستوى التقني والتكنولوجي للمقاومة، والمقاومة تعرف كيف تأخذ هذا الدعم. كذلك بإمكان الجزائر أن تقدم الدعم المالي المباشر للمقاومة تماما مثل ما كان كانت الشعوب العربية تقدم للثورة التحريرية. ما الذي تغير؟ لم يتغير شيء.
لما كانت الثورة الجزائرية التي اندلعت في أول نوفمبر عام 1954 تفاعل معها أشقاؤنا العرب وكانوا يدعمون الثورة بالسلاح وبالمال وبكل شيء، فنحن علينا أن نرد الخير وأن ندعم المقاومة وهذا الأمر لا يتطلب أن تفتح الحدود، علاوة على ما يتعلق بالدعم الخير والاجتماعي، هناك وسائل كثيرة جدا، لا شك وأن النظام الجزائري يعرفها.
لكن دعوة الرئيس الجزائري كشفت النظام المصري، وبيّن أن هذا النظام يٌغلق الحدود، وهذه تهمة واضحة من الرئيس للنظام المصري، بأن هذا النظام يغلق الحدود الحدود حتى لو تعلق الأمر بالدعم الاجتماعي وبناء المستشفيات.
لذلك، من إيجابيات هذا التصريح أنه فضح الدور المصري في غلق الحدود.
هل هناك انعكاسات فلسطينية على الانتخابات الجزائرية؟
القضية الفلسطينية في الحقيقة هي قضية إجماع بين كل الجزائريين. وهي لا تمثل موضوع تمايز بين الجزائريين سواء قبل الانتخابات أم بعدها.
الشعب الجزائري مرتبط بالقضية الفلسطينية ارتباطا وثيقا لأسباب كثيرة شرحناها في كثير من مقالاتنا وفي كتبنا، لأسباب نجتمع بها مع كل المسلمين وهو الجانب العقائدي، ومع كل أهلنا في العالم العربي الإسلامي في الجانب الإستراتيجي.
ولكن نحن كجزائريين لنا قصة خاصة تتعلق بفلسطين وبمشاركة الجزائريين مع صلاح الدين الأيوبي في تحرير القدس ومنحه للجزائريين وقف حارة المغاربة.
وكذلك لنا قصة خاصة مع اليهود الذين كانوا في الجزائر قبل الاستعمار. جاؤوا بشكل خاص بعد الأمواج التي جاءت بعد سقوط الأندلس، وكانوا يعيشون مثلنا تماما بتقاليدنا وبكثير من المشتركات الثقافية ولكنهم حينما دخل الاستعمار انقلبوا على الجزائريين وساروا مع الاحتلال، والاحتلال كافأهم بإعطائهم الجنسية الفرنسية، وبقوا مع الفرنسيين حتى اندلعت الثورة التحريرية.
لما اندلعت ثورة التحرير المجاهدون خيروا اليهود بين الحياد أو أن يكونوا مع الثورة ويكونوا جزائريين يعني، لكنهم اختاروا الاستعمار، فلذلك حينما خسر الاستعمار خرجوا معه وأغلبهم ذهب إلى فرنسا إلى غير رجعة.
لماذا لست موجودا في سباق الانتخابات الرئاسية الجزائرية؟
هذا لأسباب سأبيّنها لاحقا إن شاء الله.
ما هي حظوظ المترشحين برأيك؟
الانتخابات محسومة كما هو حال كل الانتخابات في العالم العربي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية مقابلات الجزائرية مقري غزة المصرية الاحتلال مصر الجزائر غزة الاحتلال مقري المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القضیة الفلسطینیة الرئیس الجزائری الکیان الصهیونی العالم العربی أهلنا فی غزة على المستوى فتح الحدود غلق الحدود الدول التی فی الحقیقة رغم کل هذا
إقرأ أيضاً:
بنك السودان المركزى يستيقظ ولكن بعد …
بنك السودان المركزى يستيقظ ولكن بعد…
************************************
بروفسور احمد مجذوب احمد على
10 نوفمبر 2024
*******^*******^*^^^*******^****
طالعنا السيد محافظ بنك السودان ببيان عن الغاء فئات عملات من التداول بسبب مخاطر تتهدد الوضع النقدى فى البلاد، وقد لجأ البنك المركزى لذلك لأن نهبا قد اصاب المؤسسات وتزويرا قد اعترى عملتنا الوطنية بعد مضي 18 شهرا من حدوث الكارثة الاقتصادية المالية والنقدية.
نحن نكتب هنا عن البنك المركزى المؤسسة التى تمثل ضلعا اساسياً فى النشاط الاقتصادي المالي والنقدي والمصرفي.
أين كانت طيلة هذه الفترة السابقة التى امتلأت بالمقالات والتنبيهات للمخاطر المحدقة بالاقتصاد من جراء عمليات النهب والسلب والتدمير للبنى التحتية الاقتصادية التى قام بها المتمردون، فطالت ذات البنك المركزي رئاسته وفروعه وكافة الأجهزة المصرفية، منذ اللحظات الأولى للتمرد، ما حدث لم يكن سرا مكنونا، وإنما حدث وثقته فيديوهات التمرد قبل أن توثقه كمرات الشرفاء من أبناء هذا الوطن الغالي.
وقد كتبت – وكتب غيري – منذ الأيام الأولى منبهين لأهمية المعالجة الاقتصادية واتخاذ التدابير اللازمة للإصلاح اولا بأول وتقليل الآثار السالبة وتجنب الأضرار.
ففى 3 يونيو 2023 كتبت “أن الملف الاقتصادي لا ينفصل عن الملفات الأخرى ويزيد عليها بأنه يمثل القاعدة الأساسية التى تساعد على سلامة سير الملفات (الأمنية والانسانيةوالإعلامية والخارجية) وأكدت أن معالجة التحدي الاقتصادى تمكن من تأمين مسيرة القوات المسلحة في تحرير وتأمين الوطن).
وذكرت في موضع آخر من ذات الخطة
عن أهمية تكوين مجموعة عمل للملف الاقتصادي من المختصين فى الجانب الحكومي والقطاع الخاص تتفرع عنها مجموعات عمل متخصصة مثل: القطاع المالي – القطاع النقدي والمصرفي –
الصادر (مؤسسات وسلع واجراءات)
واختصاص مجموعات العمل هذه هو (اصدار القرارات الإدارية والمالية اللازمة لتسهيل تنزيل الاجراءات الاقتصادية وحشدالموارد لمقابلة الأولويات وتقنين هذه الاجراءات، واستدعاء الكوادر المفتاحية فى وزارات القطاع الاقتصادى للعمل مع وزير المالية فى تنفيذ البرنامج الاسعافي المتناسب مع الظروف الأمنية وقيادة مجموعات العمل المتخصصة. والجهات المستهدفة : (المالية / البنك المركزى / الجمارك /الضرائب/الزراعة/المعادن /الكهرباء/ الصناعة …الخ).
كما اقترحت الآتى فى محور تمكين الجهاز المصرفي من ممارسة مهامه المصرفية:
– اصلاح نظم الدفع القومية ونظم شركة (EBS)
– اصلاح النظم التقنية الداخلية لكل مصرف والتأكد من وجود واستخدام النسخ البديلة والاحتياطية لتأمين المعلومات.
– تمكين المصارف من مقابلة السحب على الودائع بمنحها تسهيلات تمويلية لسد العجز السيولي المتوقع.
– معالجة مشكلة شبكات الاتصال لأنها روح التقنية المالية.
– دراسة العمليات التمويلية للقطاع الانتاجي والخدمي والتجاري بإعادة جدولتها.
كما كتبت فى 26 سبتمبر 2023 في مقال عن اسباب تدهور سعر صرف الجنيه، وعن دور نظم التقنية المصرفية فى تسهيل التحويل من حساب لحساب وإنشائها لسوق مواز واسع خارج رقابة البنك المركزى، وذكرت أن المشكلة ليست فى النظم التقنية المالية والمصرفية، لأن المصارف لا تملك تقييد المودع عن التصرف فى وديعته، وإنما فى البنك المركزي الذى يصدر السياسات الموجهة للمصارف لضبط وتنظيم التحويل من حساب لحساب.
وما كتب عن الاقتصاد ومؤسساته والبنك المركزى وسياساته، كان كافيا للمساعدة فى تنبيه القائمين على حجم التحديات والمخاطر لاتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة القائم منها والمتوقع، لكن : أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا… لمن تنادي.
سؤال يخطر على بال كل عاقل: أين كانت قيادة البنك المركزي السابقة والحالية من هذه التطورات؟! هل كانوا نائمين أو منومين طيلة الفترة الماضية، ثم فجاة تذكروا أن هناك أموالاً منهوبة من البنوك ومن المواطنين؟ والكل يعلم أن ذات رئاسة وفروع البنك المركزى نهبت بما فيها مطابع العملة، وهل البنك المركزى لم يعلم بذلك طيلة الفترة الماضية، فى حين أن القاصي والداني يعلم أن أوراق البنكنوت المنهوبة تم تداولها قبل أن يتم ترقيمها ولا حتى قصها.
ولكن لئن تأتى متاخرا خير من ألا تاتي، وهذا القرار يتطلب جملة من التدابير، فتغيير واستبدال العملة إجراء متزامن يتم إعلانه و تنفيذه فى الظروف العادية عند استلام العملات الجديدة، بالسحب التدريجى للعملة الملغاة والتعامل بالجديدة، او فى الظروف الطارئة يتم الاستبدال الفورى عند إكمال اجراءات طباعة واستلام العملة البديلة، لأن التأخير عن التنفيذ قد يدفع بكثير من العملاء لاتخاذ اجراءات تحميهم من إيداع أموالهم خاصة المشكوك فيها لدى البنوك، مثل شراء العملات الأجنبية مما يؤدى لانخفاض سعر الصرف الذى يشهد تحسنا خلال الأسابيع الماضية، أو شراء سلع (محاصيل وغيرها) وهذا الاجراء يضعف أثر السياسة خاصة فى حق المستهدفين بها، وتنقل العبء لآخرين يصبحوا ضحية، ولهذا فلابد من تبني حملة إعلامية مصاحبة لهذه الاجراءات لضمان تحقيق أهداف سياسة استبدال العملة حتى تحقق أهدافها.
كما ينبغي المحافظة على ثقة الجمهور في النظام المصرفي، لأن اهتزاز هذه الثقة يؤدى إلى إحجام المودعين عن الإيداع وازدياد السحب للمبالغ المودعة. وهذا عمل يؤكد الحاجة لخطة إعلامية سابقة تخلق قدرا من الطمأنينة.
لأن المحافظ إن لم يكن قد اتخذ التدابير اللازمة قبل القرار، فإن قراره هذا سيكون بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير.
أشار البيان إلى أن دوافع ذلك هو: وجود عملات مجهولة المصدر ؟ وهنا فإن على البنك المركزى إعلان الجمهور بنوع وخصائص العملة مجهولة المصدر ، لأنه لا يقل اهمية عن اجراءات الالغاء والاستبدال، حتى يراجع كل مواطن ما بحوزته من عملة، وهو يعلم مصدرها الذى استلمها منه، ولا أظن أن اجهزتنا الأمنية والاستخباراتية وفنيي البنك المركزي والمصارف لا يعلمون مصدر وصفات هذه العملة.
ومما ينبغى الاهتمام به والترتيب له هو: ما هو تعامل المصارف مع حاملي هذا النوع من العملات مجهولة المصدر؟
من الحقائق المعلومة أن المطابع التى تتعامل فى العملة محدودة ومعروفة عالميا بل حتى الشركات المصنعة لماكينات الطباعة معلومة والشركات المنتجة لورق العملة معلومة، فهل تعجز مؤسساتنا عن معرفة من يشنون عليها مثل هذه الحرب؟ وما هى الضمانات إذا لم تتخذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المزيفين أن تواصل ذات الجهات فى طباعة العملة الجديدة؟
إن التوسع فى التقنية المالية وتحقيق الشمول المالى ونشر نقاط البيع وتسهيل فتح الحسابات واصدار البطاقات الائتمانية هو المخرج من هذه الدوامة، والكل يعلم أن بعض فئات العملة تقل قيمتها عن تكلفة طباعتها، ولا سبيل غير التوسع فى التقنية المالية وسن التشريعات اللازمة التي تنظم ذلك وتلزم جمهور المتعاملين بالدفع عبر بطاقات الدفع الآلي، ولم تعد نظم التقنية المالية مكلفة كما كانت فى السابق، فهي تحتاج فقط للقرارات الحاسمة من الأجهزة المختصة.
ولنا عودة.
مع تحياتي.