تقارير: تخوف زعماء فرنسا من العواقب السياسية لقضية دوروف
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
أزمة دوروف.. أعرب المسؤولين الفرنسيين عن خوفهم من العواقب السياسية لقضية المؤسس المشارك لتطبيق تيليجرام للمراسلة الفورية، بافيل دوروف، بحسب ما نشره موقع "لوفيجارو " الفرنسي.
وكتب مراسل الصحيفة في موسكو ألان بارلويت:"هل من الممكن أن تكون بعض الوكالات قد قررت أن تكون متحمسة للغاية، رغم وجود أسباب قوية، في احتجاز بافيل دوروف بعد وصوله غير المتوقع إلى فرنسا؟ لا يمكن استبعاد هذا الأمر، وهو ما يسبب جدلاً في الإدارة حيث يخشى البعض من العواقب السياسية لقضية دوروف".
وأشار إلى أن اعتقال دوروف في مطار لو بورجيه بباريس في وقت متأخر من يوم 24 أغسطس أثار "صدمة" في مختلف أنحاء العالم.
وأشار إلى أن عواقب هذا الاعتقال "تتعارض مع تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن هذه المحاكمة ليست ذات دوافع سياسية، ولا سيما أن هذه القضية تنكشف وسط الصراع بين السلطات الأوروبية وشركات الإنترنت العملاقة بقيادة إيلون ماسك الذي جاء على الفور على رأس حملة FreePavel".
عواقب احتجاز دوروف في فرنسا
ومن بين العواقب السياسية الأخرى، وفقا للصحفي الفرنسي، تفاقم التوتر بين موسكو وباريس، وخاصة في ظل الصراع الدائر في أوكرانيا واستمرار دعم فرنسا لكييف.
وفي هذا السياق، نرصد عددا من تصريحات المسؤولين الروس، بما في ذلك وزير الخارجية سيرغي لافروف، الذي قال إن العلاقات بين روسيا وفرنسا حاليا في أدنى مستوياتها بسبب موقف باريس "من قضايا حرية التعبير وحرية الإعلام، وبشكل عام، بشأن قضايا احترام مهنة الصحفيين".
يذكر أن دوروف وهو أحد أكثر رموز التكنولوجيا نفوذاً في العالم، اعتُقل في مطار لو بورجيه بباريس في وقت متأخر من يوم 24 أغسطس، وقال مكتب المدعي العام في العاصمة في بيان إن محكمة في باريس وجهت إليه يوم الأربعاء ست جرائم من أصل 12 جريمة تم تحديدها سابقًا. وتشمل التهم رفض التعاون مع السلطات والتواطؤ في نشر صور إباحية للأطفال والتواطؤ في الاتجار بالمخدرات والاحتيال، المرتكب داخل مجموعة منظمة،ووفقًا لمكتب المدعي العام في باريس، قد يواجه حكمًا بالسجن لمدة تصل إلى عشر سنوات وغرامة قدرها 500 ألف يورو.
وقد وضع القاضي المسؤول عن قضية دوروف هذا الأخير تحت المراقبة القضائية مع إلزامه بدفع كفالة قدرها 5 ملايين يورو، والحضور إلى مركز الشرطة مرتين في الأسبوع، ومنعه من مغادرة الأراضي الفرنسية.
وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اعتقال دوروف ليس له دوافع سياسية، وفي غضون ذلك، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن موقف فرنسا بشأن هذه القضية يظهر أن القيم، بما في ذلك حرية التعبير، التي كانت البلاد تدعمها سابقًا يتم تدميرها، بدلاً من تجاهلها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دوروف تيليجرام بافيل دوروف فرنسا إيمانويل ماكرون الانترنت إيلون ماسك
إقرأ أيضاً:
انتكاسة فرنسا في أفريقيا.. هل يكون 2025 عام إنهاء الوجود الفرنسي بالقارة السمراء؟
تزايدت خلال العام المنصرم، مطالبات القادة الأفارقة للقوات الفرنسية بمغادرة بلادهم، فيما يشبه انتكاسة لنفوذ باريس في أفريقيا التي شكّلت لأكثر من قرنين محور السياسة الخارجية والحضور العسكري الفرنسي خارج الحدود.
وظلّت أفريقيا، لعقود، المزوِّد الرئيسي لفرنسا بالطاقة واليورانيوم والمعادن، إذ تضخّ دول أفريقيّة مثل النيجر ومالي وتشاد 25 في المئة من احتياجات المفاعلات النووية التي تعتمدها فرنسا للتزود بالكهرباء.
كما تضع فرنسا يدها على العديد من ثروات القارة عن طريق الشركات الفرنسية العملاقة. ووفق تقديرات بعض الخبراء، فإن 80 في المئة من كل ما يتم استخراجه من الموارد والثروات المعدنية في أفريقيا يصدّر بإشراف فرنسي نحو القارات الأخرى.
ويرى متابعون أن الخروج العسكري الفرنسي من إفريقيا ستكون لها تداعيات على حجم نفوذها في القارة، خصوصا في ظل ظهور منافسين أقوياء لباريس في شمال وغرب القارة، مثل الصين وروسيا.
إنهاء الوجود العسكري
بعد مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد، التحقت السنغال وساحل العلاج بركب البلدان الإفريقية التي قرّرت إنهاء الوجود العسكري الفرنسي بها؛ حيث أعلن الرئيس الإيفواري، الحسن واتارا، أنّ: بلاده قرّرت "الانسحاب المنسق والمنظم للقوات الفرنسية من أراضيها".
وحدّد الرئيس الإيفواري، شهر كانون الثاني/ يناير الجاري موعدا لتسليم القاعدة الفرنسية في أبيدجان. مضيفا أنه: "سيتم تسليم المعسكر 43، كتيبة المشاة البحرية في بورت بويه في أبيدجان للقوات المسلحة الإيفوارية اعتبارا من شهر يناير 2025".
وسوف يتغير اسم المعسكر ليصبح "الجنرال واتارا توماس داكوين"، وهو أول رئيس أركان للجيش الإيفواري.
من جهته، أعلن الرئيس السنغالي، باسيرو ديوماي فاي، أنه قد أصدر تعليمات لوزير دفاعه باقتراح: "نهج جديد للتعاون في مجال الدفاع والأمن يفضي بالإضافة لنتائج أخرى، إلى إنهاء الوجود العسكري للدول الأجنبية في السنغال، اعتبارا من 2025".
وأشار الرئيس السنغالي، في كلمة بمناسبة العام الجديد أنه: "سيتم التعامل مع جميع أصدقاء السنغال كشركاء استراتيجيين، في إطار تعاون منفتح ومتنوع وخال من العقد".
وفي مقابلة صحفية قال الرئيس السنغالي، إن بلاده "دولة مستقلة، وذات سيادة، والسيادة لا تتفق مع وجود قواعد عسكرية أجنبية"، مؤكدا أنّ: "رفض وجود عسكري فرنسي في بلاده لا يعني قطيعة بين البلدين".
قطيعة مع بلدان الساحل
فيما أكدت ساحل العاج والسنغال، أن قرار إنهاء الوجود الفرنسي "لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على التعاون مع فرنسا"، فقد بدا الأمر مختلفا بالنسبة لدول افريقية أخرى، خصوصا بلدان الساحل الإفريقي، التي طردت القوات الفرنسية على وقع أزمة مع باريس، وانحازت بشكل واضح للمعسكر الروسي.
وأنهت من دول الساحل مختلف الاتفاقات المتعلقة بالحضور الغربي وأغلقت القواعد العسكرية الفرنسية والألمانية والغربية بشكل عام. وبدأ إنهاء الحضور الفرنسي من مالي التي ألغت كافة الاتفاقات العسكرية مع باريس ودعت القوات الفرنسية إلى مغادرة أراضيها.
إلى ذلك، استكملت فرنسا قبل أشهر انسحابها من مالي وأغلقت قواعدها العسكرية في هذا البلد، تلتها ألمانيا التي سحبت أيضا قواتها وغادرت الأراضي المالية.
من جهتها، أنهت النيجر وبوركينافاسو الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا، وغادر آخر الجنود الفرنسيين المنتشرين في النيجر نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
كذلك، أنهت تشاد كافة الاتفاقيات المتعلقة بالحضور العسكري الفرنسي في البلد، حيث بدأ الجنود الفرنسيون منذ نحو شهر مغادرة الأراضي التشادية.
وبدأت فرنسا بالفعل بنقل نحو ألفي جندي فرنسي ومعدات عسكرية خارج تشاد، فيما أعلنت الخارجية التشادية، أنّ: فرنسا نقلت بالفعل سلاحها الجوي وأن المقاتلات الفرنسية غادرت الأراضي التشادية بشكل كامل.
وكانت فرنسا، قد أعلنت قبل أشهر، عن خطة لخفض حضورها العسكري في غرب أفريقيا، وذلك في خطوة سوف تقلص من نفوذ القوة الاستعمارية السابقة.
أيضا، قرّرت فرنسا مراجعة وجودها في غرب أفريقيا بعدما اضطر جنودها للانسحاب من مالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث توترت العلاقة بين باريس والقادة العسكريين الممسكين بالسلطة في هذه الدول.
روسيا تشغل الفراغ
استغلّت روسيا انتكاسة فرنسا في غرب أفريقيا لشغل الفراغ الذي خلفه الانسحاب العسكري الفرنسي، حيث تصاعد الحضور الروسي في منطقة الساحل الأفريقي، بشكل متسارع، خلال العام 2024، مدفوعا بمزاج شعبي يميل لصالح موسكو بدل باريس التي هيمنت على المنطقة لسنوات، خصوصا في مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وشهدت هذه البلدان الثلاثة (مالي وبوركينا فاسو والنيجر) خمس انقلابات عسكرية، آخرها في النيجر، ما أدّى إلى تشكل مجالس عسكرية مناهضة للتواجد العسكري الفرنسي في المنطقة، واستبداله بالتعاون العسكري مع روسيا، وشركتها الأمنية فاغنر.
عوامل تراجع النفوذ الفرنسي
يرجع الخبير المختص في الشأن الإفريقي، أحمد ولد محمد المصطفى، تراجع النفوذ الفرنسي في أفريقيا بشكل عام وغرب إفريقيا بشكل خاص، إلى عدة عوامل متضافرة، أبرزها: "وعي شعبي شبابي متزايد بحجم التحكم الفرنسي في دولهم التي كانت مستعمرة من قبل فرنسا، وقد أخذ هذا الوعي طابعا نضاليا مناهضا للوجود الفرنسي، وتركز أساسا في المجال الاقتصادي والسياسي".
وأشار ولد محمد المصطفى في تصريح لـ"عربي21" إلى أن: "ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، قد ساهمت في مستوى تنسيق القوى الشبابية الإفريقية المناهضة لفرنسا، وللهيمنة الغربية بشكل عام".
وأوضح: "بين عوامل تراجع النفوذ الفرنسي، فشل فرنسا المزمن في تجاربها العسكرية في المنطقة، ومن آخرها عمليتي (سيرفال) و(برخان) في منطقة الساحل، والتي أدّت عمليا لزيادة التحديات الأمنية حجما ومستوى بدل القضاء عليها".
زمن فرنسا يطوى بشكل متسارع
اعتبر الخبير المختص في الشأن الإفريقي، أحمد ولد محمد المصطفى، أنّ: "التراجع الفرنسي في أفريقيا كان على مستويات عدة سياسية، وعلمية، واقتصادية".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "الواضح الآن، أن الزمن الفرنسي في غرب إفريقيا يطوى بشكل متسارع، سواء على شكل قطيعة وأزمة مستحكمة، كما حدث في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، أو بشكل دبلوماسي، أو بشكل أقل حدة كما حدث تشاد، أو بشكل سياسي ودبلوماسي كما يجري الآن في السنغال وساحل العام وغيرهما".
رغبة الشعوب ومخاوف الحكام
أوضح ولد محمد المصطفى "رغبة الشعوب الراغبة في استعادة قرارها، والتخلص من هيمنة المستعمر الذي جثم على صدورها لعقود، التقت مع مخاوف الحكام من مستوى صراع وتنافس القوى الكبرى في المنطقة، خصوصا الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من جهة وروسيا من جهة أخرى".
وفي السياق نفسه، أبرز أنّ: "هذه العوامل ساهمت في الوضع الذي تعرفه علاقات فرنسا مع بلدان القارة السمراء".
الدائرة تتسع
رجّح المتحدث أن تتسع دائرة الرفض الإفريقي للوجود العسكري الفرنسي خلال العام 2025. مضيفا أنه: "نتيجة لكل هذه العوامل، فالمرجح، أن يتواصل التراجع الفرنسي في المنطقة، وأن تتوسع دائرة الخروج من التبعية الفرنسية، والبحث عن تحالف وتموقع في خارطة المنطقة والعالم الآخذة في التشكل من جديد".