نوف الموسى
أليس كل الأشياء هي مرةٌ واحدة فقط، يُبنى على أثرها أمد طويل من التكثيف اللحظي الممتد من التكرار المتواصل لمحاولة اكتشاف ما أسميناه بـ «الهوية الإبداعية»، أو ما اعتقدنا أنه مسيرة طويلة من البحث، فالشخص نفسه، من كتب سرديته الأولى، بأي شكل إبداعي ارتضاه، هو ذاته يعتقد بالتجريب كلحظة وصول صرفه لذاته، ويجزم بها من خلال بحثه وتأملاته مسبقاً، وبه لا يمكن أن يكون هناك يُتمٌ في التجربة الإبداعية، ورغم ما حققه اختيار الكاتبة الإماراتية لولوة المنصوري، والكاتب الإماراتي محسن سليمان، لعنوان كتاب «القصة اليتيمة في الإمارات.

. هذا امتدادي هذا البحر» لدار العنوان للنشر والتوزيع، من اهتمام نقدي لافت لما تعنيه أن يكتب الشعراء والسينمائيون والفنانون والمسرحيون الإماراتيون، قصة واحدة، لينطلقوا في أسراب مهاجرة، نحو أجناس سردية أخرى، تاركين أرض القص بتجاه جزالة القصيدة، ووضوح الخشبة، وسرمدية اللوحة، ورمزية السينما، إلا أننا نتوقف ملياً أمام مفهوم المجموعة القصصية، في أنها تعبير يفتح مسارات نقاشية، فيما تعنيه أن نسقط ضوء الاهتمام على الحكاية في اعتبار (العدد)، أنها أول قصة، أول الأشياء في كل شيء، وكأننا نرسم خيطاً رفيعاً لقوام مدينة السرد القصصي في الإمارات، نود أن نعرف من أين بدأت الشخصيات القصصية في التمظهر، وهي - ضمنياً - لم تتوقف البتة، بل اختارت فضاءً آخر من الوعي، طقساً مغايراً يمتلك قدرة أكبر على طرح السؤال دونما بوح مُبين، بل رمزية عالية تقودها حساسية تامة، وحدسٌ مسكون بالدهشة. 

أخبار ذات صلة المرأة الإماراتية في الذاكرة الإنسانية وثائقيات صُنعتْ في الإمارات

إذا ما كانت قصة واحدة تكفي لسرد فائض الأسئلة، فهي ليست وحيدة، بقدر ما أنها ذاتية الاكتفاء، قادرة على تحقيق تجوال مستمر إزاء مسألة إعادة تشكيل نفسها، ما نعنيه هو استعدادها الجليّ على التحول، كأنها مخزون ديناميكي لكل ما هو سرد، وعليه فإن جمالية ما تقدمه المجموعة القصصية، في أنها تجعلنا أمام اكتشاف المونولوج في التجربة السردية الإماراتية، أكثر من كونها تقدم لنا الحكاية، فبالنظر إلى نحو 19 نصاً قصصياً قصيراً، يحضر المسرحي الإماراتي إبراهيم سالم، على سبيل المثال، بقصة قصيرة عنوانها: «عود ثقاب يحرق ذاكرة سعد»، وبالنسبة لي فإنني شهدت المسرحي إبراهيم سالم في مرات عديدة وهو يصعد بإبداع منقطع النظير على خشبة المسرح، يتحرك بخفة لافتة بين الشخصيات، وفي أغلب أدواره، وبينما يتحدث عن ممارساته الإبداعية في الإخراج والتمثيل المسرحي، فهو لم يناقش كتابته للقصة القصيرة بشكل مباشر، إلا أنه في جّل تكهناته بالحوارات المسرحية، كان حكاءً وقاصاً لمنهجية تطور شخصياته المسرحية، هو في ذات هذه اللحظة، يكتب بأدائه قصة الشخصية مسرحياً، وقراءة نصه القصصي في المجموعة، قدم بعداً نوعياً لما يمكن أن يفكر فيه المسرحي عبر الكتابة القصصية، مبيناً ما نقصد به بـ «المنولوج» في هذا المقام، وهي الحوارات الضمنية بين الأشكال الإبداعية. 
في المراجعات النقدية لكتاب «القصة اليتيمة في الإمارات.. هذا امتدادي هذا البحر»، هناك تركيز باتجاه ملحوظة معرفية توثيقية، وذلك بناء على طبيعة مضامين المجموعة القصصية، مفادها أن أغلب من كتب القصة اليتيمة الواحدة، وأحياناً لم يتجاوز بعضها الـ 4 قصص قصيرة، قد ارتحلوا من بعدها للقصيدة، واختاروا أن يكرسوا بحثهم الإبداعي في الإنتاج الشعري، حققوا على أثره مكانة بارزة في الحراك الثقافي المحلي والعربي والعالمي، أمثال الشاعر أحمد راشد ثاني، والشاعر عادل خزام، والشاعر عبدالعزيز جاسم، والشاعر إبراهيم الهاشمي، والشاعر أحمد العسم، والشاعر إبراهيم الملا، والشاعر حبيب الصايغ، والشاعر هاشم المعلم، والشاعرة الهنوف محمد، والشاعر سالم بو جمهور، والشاعرة موزة حميد، وكأن القصة القصيرة، بمثابة معزوفة الشعراء الأخيرة، منها يستمدون إيقاع السرد المسترسل، إلى حيث تفيض بموسيقى من الأحداث الحسية، ودلالات الصور الشعرية، كأنهم يستفهمون المعنى في فعل السارد، ومن ثم يجردونه حق الاحتفاء بالتفاصيل إلى مجازية القول عبر وصف عدمية الأشياء، في محاولة ضرورية للشعر بأن يتصدى للحقيقة، دونما ثنائيات مكثفة في القص، فالأخير من شأنه أن يفتح باباً للتأويل وقابلية التحرك باتجاه إصدار الأحكام أو تجاوزها. في الشعر يميل القراء إلى الاحتكام لمدى شاعرية النص، بينما في القصة هم يبنون تصوراتهم وفقاً لمسيرة المراوغة في حياة الشخصيات، التي تقرر إلقاء ذاتها في التجربة، سعياً للنجاة من أحكامها المسبقة عن نفسها.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الشعر لولوة المنصوري الإمارات القصة السرد فی الإمارات

إقرأ أيضاً:

كفر الشيخ .. ضبط طن أسماك وكبدة مجهولة المصدر في مركز بيلا

تمكنت حملة بيطرية بالتنسيق مع الجهات المعنية بكفر الشيخ من ضبط طن من الأسماك والكبدة مجهولة المصدر، وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال ذلك.

السعة التخزينية 30 ألف طن.. محافظ كفر الشيخ يتفقد صوامع القمح | صورمحافظ كفر الشيخ يتابع أعمال رفع كفاءة النظافة بالرياض | صور

جاء ذلك بناءً على تكليفات اللواء دكتور علاء عبد المعطى محافظ كفر الشيخ، وبتعليمات الدكتور  علاء الدين فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ونائبه المهندس مصطفي الصياد والدكتور ممتاز شاهين، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للخدمات البيطرية، وإشراف الدكتور فتحي عبد العال، وكيل وزارة الطب البيطرى بكفر الشيخ، والمحاسب عادل الهابط،  وكيل وزارة التموين بكفرالشيخ.

ضمت اللجنة كلاً من : الدكتور رامى سلامة، رئيس قسم الصحة العامة والمجازر والتفتيش بإدارة بيلا البيطرية، والدكتورة مى هنداوى، طبيب تفتيش بإدارة المجازر والتفتيش على اللحوم بمديرية الطب البيطرى بكفر الشيخ، وأشرف رزق مفتش تموين بإدارة تموين بيلا.

وتمكنت اللجنة بنطاق مركز بيلا من ضبط 880 كيلوجرام من الأسماك المجمدة مجهولة المصدر، بالإضافة إلى ضبط 100 كيلوجرام من كبد وقوانص الدجاج المجمدة مجهولة المصدر، ليبلغ إجمالي المضبوطات 980 كيلوجرام.

وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية،  وقد تمت الحملة تحت إشراف الدكتور شعبان مغنم، مدير عام المجازر والصحة العامة، والدكتور ماجد يونس مدير إدارة المجازر، والدكتور  محمد المهدى، مدير إدارة بيلا البيطرية، والسعيد الجوهرى مدير إدارة تموين بيلا.

طباعة شارك كفر الشيخ الطب البيطري صحة كفر الشيخ بيطري كفر الشيخ طن أسماك وكبدة مجهولة المصدر أخبار كفر الشيخ

مقالات مشابهة

  • ضبط 5 أطنان أسمدة زراعية مجهولة المصدر بشبراخيت البحيرة
  • إنجاز مشروع لحماية الشعاب المرجانية بأبوظبي
  • 332.7 مليون درهم إيرادات «ستاليونز الإمارات» بنمو 10%
  • امرأة مجهولة تطيح بعلاقة بيكيه وكلارا شيا
  • كفر الشيخ .. ضبط طن أسماك وكبدة مجهولة المصدر في مركز بيلا
  • طائرة مسيرة مجهولة تستهدف موقعا للبيشمركة شمالي دهوك
  • نبش قبر حافظ الأسد ونقل رفاته إلى جهة مجهولة.. فيديو وصور
  • في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025.. أسامة المسلم: القصص فسحة حياة ولا خوف من الذكاء الاصطناعي
  • الإمارات تشارك في الاجتماع الثاني لشيربا مجموعة بريكس
  • الإمارات تشارك في اجتماع الشيربا الثاني لمجموعة بريكس