صحيفة الاتحاد:
2024-09-14@04:02:03 GMT

تحت أي ظرف وتجربة.. ابحث عن المعنى

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

عبدالوهاب العريض 
يعيش مجتمع اليوم حالة من الجري الاستهلاكي، ومن ثم نجد بأن الحياة تضغط عليه كي يقوم بمواكبة عصر التقنية والمعلوماتية، وتوفير ولو جزء يسير مما تنشره وسائل التواصل الاجتماعي، من سلع وخدمات مغرية لأبنائه وأسرته، وهذا ما يجعل المسؤول الأول في الأسرة يعيش في دوامة لا تنتهي، أشبه بحلبة السباقة التي قدمها الكاتب الأميركي (هوراس ماكوي) في روايته (إنهم يقتلون الجياد.

. أليس كذلك) عام 1935م. التي تتحدث عن مسابقة رقص لأطول ساعات ممكنة، الفائز فيها خسران، وقد تم تحويل الرواية إلى فيلم عام 1969، من إخراج سيدنى بولاك في أميركا، وهو ما يرمز لصراع الرأسمالية والإنسان. 
 ونجد من خلال هذا الاستهلال بأن الحالة تتكرر مع الإنسان الذي يعيش حياته في لهفة دون أن يبحث عن معنى لها، ويكتشف ما بعد الخمسين أو الستين بأن حياته ذهبت في طريق آخر مختلف عن أحلامه. 
يقول صاحب المدرسة النمساوية في علم النفس فيكتور إميل فرانكل (إن الحياة تحمل معنى محتمَلاً في ظلّ أي ظرف، حتّى في ظلّ أكثر الظروف بؤساً، ويؤكد هذا بتعبير آخر في كتابه «الإنسان والبحث عن المعنى»، الصادر عن صفحة سبعة عام 2020 ترجمة عبد المقصود عبد الكريم (لا تسعى إلى النجاح فكلما جعلته غايتك زاد فقدك له. لأن النجاح مثل السعادة، لا يمكن السعي وراءه، لا بدّ أن تنشأ السعادة بصفتها نتيجة، أن تنشأ فقط في هيئة أثر جانبي غير مقصود لتفاني المرء في قضية أكبر من ذاته).  ولعلنا اليوم نعود للكثير من المدارس النفسانية لمحاولة معالجة الذات ومشكلاتها، وهذا ما نجده يتكرر بقيام الكثير من الدورات الخاصة بتطوير الذات، وما هذه الدورات إلا محاولة لتحفيز الذاكرة الخفية لدى الإنسان، سواء اتفقنا معها أم اختلفنا. 
فقدان الجوهر
وهذا ما يجعلني أعود للبحث داخلياً في أسباب فقدان هذا الجوهر، فقد كانت الحياة قبل ما يزيد على خمسين عاماً أكثر بساطة من اليوم، حينما كان التواصل معتمداً على الزيارات العائلية، ومن خلال الاتصال الهاتفي والإكثار من اللقاءات الاجتماعية، وكذلك تخصيص الأيام العائلية التي لا غنى عنها، والتي فقدت بريقها في زمننا الحاضر، فقد باتت تلك اللقاءات تخلو من الحديث، وتنزع لمشاهدة المجتمعين يعبثون بهواتفهم النقّالة، ويتناسون وجودهم في تجمع أسرى.  وفي ظل هذه الفوضى التي نعيشها نجد بأن هناك جزءاً من الإنسان يذهب بعيداً عن فكرة البحث داخل أحلامه ليحاول السعي من أجل تحقيق مكانة اجتماعية له، كما يقول آلان دي بوتون في كتابه (قلق السعي إلى المكانة)، حيث يشير إلى أن الكثير من الأفراد أصبحوا ينشغلون في (أن يكون محبوباً، إرضاء المتكبرين، تحقيق التوقعات التي يفرضها المجتمع، كفاءة الوصول للأفضل، الاعتماد على الآخرين في نيل المكانة)، ونلاحظ بأن جميعها حالات من الابتعاد عن الذات والذهاب في ماهية ما يريده المجتمع، وتحقيق تلك الرغبات كي يستطيع الذي يحصل عليها الوصول إلى (صدارة المجلس). 

أخبار ذات صلة وزارة الثقافة: 3.3 مليون درهم للمستفيدين من «البرنامج الوطني لمنح الثقافة والإبداع» «دبي الدولي للكتابة» يطلق ورشة «كتابة الرواية» في الأردن

هل نحن بحاجة للذهاب إلى التقليد الأعمى للمشاهير دون التفكير في وضع الخطط الخاصة بنا؟ العيش في دائرة السباق لتحقيق أهداف لا ننتمي لها؟ 
لعلها أسئلة تراودنا جميعاً، ومن الصعب إيجاد الإجابة عنها دون التخلي عما يثقل كاهلنا من أعباء الحياة، حيث إن الإنسان ليس أكثر من نتاج عدد كبير من العوامل البيئية ذات الطبيعة البيولوجية والاجتماعية، وهذا التأثر عادة ما يكون في الأغلب سلبياً، حيث من النوادر إيجاد محيطات إيجابية، ونجد بأن الآخرين فقط يعرفون الشكوى والحديث، ولكنهم لا يحسنون الإنصات للآخر. 
العلاج بالمعنى
وعودة للبحث عن المعنى في الحياة نجد بأن فرانكل يؤكد أن المعنى لا يقتصر على الإبداع والمتعة فقط، حيث إن الكثير من الناس لديهم ما نستطيع تسميته معاناة، إذن -وحسب رؤية فرانكل- علينا إيجاد معنى أيضاً في تلك المعاناة، (المعاناة جزء لا يتجزأ من الحياة. من دون المعاناة والموت لا يمكن أن تكتمل حياة الإنسان). 
وهذا ما يتطلب تحويل المعاناة في الحياة إلى انتصار داخلي، وألا نشغل أنفسنا بأحداث الماضي، لأنها ستجعل الإنسان الكامن داخلنا يضمحل شيئاً فشيئاً حتى يشعر بحالة اليأس، نحن فقط نحاول استعادة القوة الداخلية التي تنطوي عليها ذواتنا، وعلينا إيجاد سبب من أجله نحتمل الحياة كيفما كانت. وهذه الأسباب يجب ألا تخلو من أفكارنا وأحلامنا التي كنا ننميها خلال الخمس عشرة سنة الأولى في حياتنا. 
عندما يستطيع الإنسان التصالح مع ذاته، والقبض على المشكلات التي يعاني منها، والتي هي سبب أوجاعه وآلمه سيستطيع من خلال ذلك تجاوز الخطوة الأولى في معرفة وكسب ذاته، وبالعودة إلى كتاب العلاج بالمعنى نجد بأنه يُركز على النظر إلى المستقبل، أي إلى المعاني التي على المريض أن يحققها في مستقبله، حيث (يحقق المعنى دلالة ترضي إرادة الإنسان للمعنى)، ويؤكد أيضاً أن المعاني والقيم ليست سوى (آليات دفاعية أي شكل من أشكال تشكيل رد الفعل، وأشكال التسامي).

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الرواية الثقافة وهذا ما نجد بأن

إقرأ أيضاً:

دراسة: التحالف الوطني يعزز التنمية المستدامة بخطط طموحة حتى 2028

واصل التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي تحقيق خطوات ملحوظة في مجال التنمية المستدامة، حيث ركز على ثلاث مجالات رئيسية هي الصحة، الأمن الغذائي، وحقوق الإنسان.

وقد استطاع التحالف خلال العامين الماضيين تحقيق العديد من الإنجازات التي تدل على التزامه القوي بتحسين جودة حياة المواطنين.

تشير دراسة حديثة صادرة عن الشبكة العربية للإعلام الرقمي وحقوق الإنسان إلى أن تأسيس التحالف الوطني يعكس التزام مصر العميق بالمواثيق والمعاهدات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان.

ولفتت الدراسة إلى أن التحالف يعمل بشكل أساسي على تجاوز ازدواجية المنفعة وتنسيق جهود مؤسسات المجتمع المدني لتخفيف الأعباء عن المواطنين والفئات الأشد حاجة. ويهدف إلى ضمان أن تشمل برامج الحماية الاجتماعية الفئات المستحقة من خلال تقديم مساعدات نقدية وعينية متنوعة.

وذكرت بأنه بعد مرور عام من العمل المتواصل، أثبت التحالف قدرته على تقديم دعم ملموس، حيث تشمل خدماته الدعم النقدي، الغذائي، والإمدادات الدراسية. كما يطرح التحالف العديد من المبادرات الهامة مثل «ازرع»، «كتف بكتف»، و«ستر وعافية»، والتي تسهم في تعزيز الأهداف التنموية المستدامة وتتماشى مع رؤية مصر 2030.

ووفق الدراسة، فإنه على مدار الخمس سنوات المقبلة، يخطط التحالف لزيادة الأنشطة والبرامج بميزانية تقدر بـ200 مليار جنيه، مع التركيز على توسيع الاستثمار الخيري، بما يساهم في تعزيز عمل التحالف ويضمن استدامة تمويل مشروعاته.

مقالات مشابهة

  • "عبدالحليم": محاكاة الحياة السياسية تعكس نهجًا لتوجيهات القيادة السياسية للاستثمار في بناء الإنسان
  • تنفيذًا لقرار مجلس الوزراء.. الأمن يحرر 157 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق
  • مسالك مضللة
  • الأممية لحقوق الإنسان: نسعى للضغط على الحكومات الداعمة لإسرائيل
  • دراسة: التحالف الوطني يعزز التنمية المستدامة بخطط طموحة حتى 2028
  • نتائج إيجابية لمسوحات الحياة البرية والبحرية في مسندم
  • جلسة حوارية عن "المعرفة المحلية في عمان"
  • وزير المالية: التحديات التي تواجه المستثمرين مرتبطة بالتنفيذ والتطبيق
  • أمنستي: عمران خان محتجز تعسفيا ومحروم من حقوقه
  • أخنوش:الإصلاحات التي قمنا بها إلى جانب الإستقرار الماكرو إقتصادي لبلادنا تحضى بتنويه المؤسسات المالية الدولية