حصيلة مرتفعة لضحايا السيول في السودان.. وتحذيرات من الأسوأ
تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT
تواصلت معاناة السودانيين مع السيول والأمطار الغزيرة، التي جاءت بمعدلات أعلى من السائد في بعض المناطق، إذ تعرضت الولاية الشمالية، صباح الثلاثاء، لموجة شديدة من الأمطار، مما أدى لخسائر جديدة. في حين حذرت هيئات حكومية من معدلات أمطار عالية، متوقعة.
وأدت الأمطار والسيول، الثلاثاء، إلى انهيار مئات المنازل وجرف عدد من الطرق في الولاية الشمالية في مناطق القُرير، القَدار، مَرَوي، كريمة، دنقلا، السليم، ونوري.
وجاءت أمطار الولاية الشمالية بعد يومين من أمطار وسيول ضربت مناطق واسعة في شرق السودان، مما تسبب في انهيار سد أربعات، الذي يبعد 40 كيلومترا عن مدينة بورتسودان التي اتخذها قادة الجيش مقرا للحكومة، بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.
وتوقعت الأمم المتحدة، الاثنين، أن يكون العدد الإجمالي للوفيات الناجمة عن انهيار سد أربعات، أعلى بكثير، بعد أن أعلن مسؤولون محليون وفاة 30 شخصا على الأقل.
ولم تصدر أي بيانات رسمية حتى الآن توضح حجم الضرر الناتج عن السيول التي ضربت الولاية الشمالية.
ويواجه السودان أكبر أزمات الجوع والنزوح في العالم، من جراء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وتوقعت وحدة الإنذار المبكر في هيئة الأرصاد الجوية الحكومية، الثلاثاء، أن يستمر تأثير السحب، ليشمل ولاية نهر النيل، وأجزاءً من المنطقة الشرقية للولاية الشمالية.
وتوقعت الهيئة حدوث أمطار غزيرة، مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية، في معظم مناطق ولاية البحر الأحمر، بما في ذلك مدينة بورتسودان، ودعت المواطنين والجهات المعنية والسلطات المحلية لأخذ الحيطة والحذر.
وأعلنت غرفة الطوارئ المركزية عن تأثر 10 ولايات من أصل 18 ولاية سودانية، بالأمطار والسيول والفيضانات هذا العام، مشيرة إلى أن الضرر طال 50 محلية بتلك الولايات.
وذكرت الغرفة في بيان، الاثنين، أن عدد الأسر المتضررة ارتفع إلى 31666 أسرة، بينما ارتفع عدد الأفراد المتضررين إلى 129650 فردا، مؤكدة انهيار 12420 منزلا انهيارا كليا، وانهيار 11472 منزلا انهيارا جزيئا.
وأشارت إلى أن معظم الأضرار بولاية نهر النيل والولاية الشمالية، الحدودية مع مصر.
وبدورها، أكدت وزارة الصحة السودانية، وفاة 132 شخصا على الأقل في السودان نتيجة السيول والأمطار الغزيرة.
وأشار الناشط المجتمعي، أحمد محجوب، إلى أن الأمطار والسيول قطعت طريق ناوا – كريمة عند منطقة الكرو، مما فاقم معاناة السكان، وأدى لقطع بعض المناطق وعزلها عن محيطها.
وقال محجوب لموقع الحرة، إن عشرات الأسر تعيش في العراء بعد انهيار منازلهم كليا أو جزئيا، مما يتوجب تدخلا من الجهات المختصة، لتقديم العون وتوفير الإيواء.
وحذر الناشط المجتمعي من ظهور معدلات عالية من العقارب والثعابين في مناطق الولاية الشمالية وولاية نهر النيل عقب الأمطار، داعيا إلى توفير أمصار السموم، لتنجنُّب حدوث خسائر في الأرواح.
إلى ذلك، أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة (أوتشا)، أن عدد الذين تأثروا من جراء الأمطار الغزيرة والفيضانات في جميع أنحاء السودان، يُقدر بأن 317 ألف شخص.
وأشار المكتب على موقعه الإلكتروني، إلى أن 118 ألف شخص نزحوا عن منازلهم، بينما دُمِّر ما يقرب من 27,000 منزل وتضرر ما يصل إلى 31,240 منزلًا بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات.
وأوضح البيان أن الأمطار ألحقت أضرارا بـ 190 خيمة في مدينة كسلا بشرق السودان، تأوي حوالي 950 نازحا، فروا إلى المدينة من ولاية سنار والجزيرة والخرطوم بسبب الحرب.
وفي إقليم دارفور بغرب السودان، أدت الأمطار والسيول إلى عزل مناطق بأكملها، “مما وضع السكان أمام صعوبات جديدة”، بجانب مصاعب الحرب والاقتتال التي يشهدها الإقليم.
وقال الناشط الطوعي، آدم إسحق، إن السيول أضرت بمناطق واسعة من ولاية غرب دارفور، بما في ذلك مدينة الجنينة عاصمة الولاية، خلال الأيام الماضية.
وأشار إسحق إلى أن السيول جرفت 4 جسور بالولاية مما جعلها في عزلة تامة عن الولايات الأخرى، منوها إلى انهيار جسر أم دورين، الذي يربط بين شرق وغرب الجنينة، وجسري أردمتا الجديد والقديم، بجانب جسر مورني الرابط بين الجنينة ومدينة زالنجي عاصمة وسط دارفور.
ولفت الناشط الطوعي إلى أن السكان يعيشون “واقعا مريرا” من جراء السيول وانهيار الجسور، مما أدى لندرة في السلع وارتفاع في الأسعار.
وأعاقت الفيضانات تسليم المواد الغذائية إلى المتضررين من الحرب بدارفور، بما في ذلك أول شحنة من الإمدادات من برنامج الأغذية العالمي إلى بلدة كرينيك، المهددة بالمجاعة، منذ إعادة فتح معبر أدري الحدودي أمام فرق المساعدات الإنسانية، وفق رويترز.
وأكد بيان لحزب الأمة القومي، الاثنين، أن منطقة طوكر بشرق السودان تعرضت لموجة من السيول والأمطار، مما أدى لتضرر 28 قرية تضررا كاملا، “إذ غمرت المياه الآبار والمرافق الخدمية”.
وأضاق البيان “أدت السيول إلى لخروج مستشفى طوكر عن الخدمة، وتسببت في وفاة 9 أشخاص وفقدان آخرين، بينما يواجه أهلنا صعوبة في دفن الموتى بسبب المياه”.
ولفت إلى أن السيول فصلت جسر دلوبياي جنوب طوكر عن اليابسة، مؤكدا غرق منطقة مرافيت بالمياه بالكامل، “مما يؤزم حياة المواطنين ويفاقم معاناتهم”.
وبدورها، أكدت معتمدية محلية القنب والأوليب بولاية البحر الأحمر، أن 20 قرية تدمرت تدميرا كاملا، وأن 50 قرية تضررت تضررا جزئيا.
وأشارت المعتمدية في تصريح صحفي، الثلاثاء، الى أن عدد السكان المتضررين بتلك القرى يبلغ 13 ألف شخص، لافتة إلى أن السيول غمرت 25 ألف فدان مزروعة بالخضروات والذرة والقمح.
من جانبها، قالت تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية (تقدم)، في بيان الثلاثاء، إنها تتابع بقلق كبير الآثار الكارثية للسيول والفيضانات في الشمالية ونهر النيل والجنينة وشرق السودان.
ودعا البيان “الدول الصديقة والمنظمات الدولية والمحلية لإغاثة المتضريين، وخاصة بعد إعلان الجهات الصحية عن انتشار وباء الكوليرا، مما يهدد بتفاقم الوضع الكارثي”.
وطالب البيان بنشر المعلومات الكاملة عن أسباب انهيار سد أربعات بشرق السودان، داعيا إلى الإفصاح عن ما إذا كان الانهيار نتيجة لعوامل طبيعية أو بشرية أو تقصير، ومشدد على ضرورة “اتخاذ الخطوات اللازمة”.
وكانت وزارة الصحة السودانية، أعلنت الأسبوع الماضي، انتشار وباء الكوليرا في عدد من الولايات، خاصة ولايتي كسلا والقضارف بشرق البلاد.
وفي أحدث إحصائية، أعلنت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، عن إصابة أكثر من 650 شخص ووفاة 28 بالكوليرا في خمس ولايات سودانية.
وكانت منظمة الصحة العالمية، قالت في مايو الماضي، إن نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار، بينما تُدمر المرافق الصحية وتتعرض للنهب وتعاني نقصا حادا في الموظفين والأدوية واللقاحات والمعدات.
وقال المتحدث باسم المنظمة، كريستيان ليندميير، إن ما بين 20 إلى 30 بالمئة فقط من المرافق الصحية تعمل في السودان، منوها إلى أن أكثر تلك المرافق يعمل بالحد الأدنى.
وأشار ليندميير إلى أن الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 بالمائة من الاحتياجات، لافتا إلى أن بعض الولايات مثل دارفور “لم تتلق الإمدادات الطبية خلال العام الماضي”.
الحرة
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الولایة الشمالیة الأمطار والسیول الأمطار الغزیرة فی السودان إلى أن
إقرأ أيضاً:
عامٌ على جريمة رداع.. حملة إلكترونية تطالب بالعدالة لضحايا التفجير الحوثي
دشّن ناشطون وإعلاميون يمنيون حملة إلكترونية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم #مرور_عام_على_جريمة_رداع، لإحياء الذكرى الأولى للجريمة المروعة التي ارتكبتها ميليشيا الحوثي في مدينة رداع بمحافظة البيضاء، حين أقدمت على تفجير عدد من المنازل على رؤوس ساكنيها، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات، بينهم نساء وأطفال.
وتأتي هذه الحملة في ظل استمرار إفلات مرتكبي الجريمة من العقاب، وسط اتهامات للحوثيين بمحاولة طمس القضية من خلال تقديم تعويضات مالية هزيلة، وإجراء تغييرات شكلية في قياداتهم الأمنية دون محاسبة فعلية للجناة.
في مارس 2024، فجّرت ميليشيا الحوثي منازل عدة في حارة الحفرة بمدينة رداع، باستخدام كميات كبيرة من المتفجرات، مما أدى إلى انهيار المنازل وسقوط الضحايا تحت الأنقاض في فعل انتقامي على خلفية قيام الشاب عبدالله الزيلعي، أحد أبناء حي الحفرة وسط مدينة رداع بمحافظة البيضاء، بأخذ ثأر أخيه من عناصر ميليشيا الحوثي في شهر رمضان بعد رفض إنصافه، وتسبب ذلك في ملاحقته وتفجير منزله ومنازل جيرانه من قبل الحوثيين.
وكان من بين الضحايا أسرة مكوّنة من تسعة أفراد قُتلت بالكامل، إلى جانب سقوط منازل مجاورة وتأثر العشرات من المدنيين بالانفجار.
وشملت المنازل المهدمة كليًا منازل أسر إبراهيم الزيلعي، محمد اليريمي، علوي المجاهر، آل ناقوس، أحمد خلبي، صالح هادي، وآل الفقيه، فيما تضررت منازل أخرى بشكل جزئي.
وعقب الجريمة، اندلعت احتجاجات غاضبة في مدينة رداع، تخللتها اشتباكات بين مسلحين قبليين وميليشيا الحوثي، تنديدًا بالمجزرة.
وبعد الضغوط الشعبية والإدانات الدولية، حاولت ميليشيا الحوثي التخفيف من تداعيات الجريمة عبر تقديم تعويضات مالية وصفت بالهزيلة، إذ تراوحت المبالغ بين 20 ألفاً إلى 50 ألف ريال يمني لكل متضرر، وهو ما اعتبره السكان إهانة واستفزازًا لمشاعرهم، إذ لا تكفي هذه المبالغ حتى لشراء نافذة واحدة، فضلاً عن إعادة بناء منزل مدمر بالكامل.
ورفض معظم الأهالي هذه التعويضات، مؤكدين أنهم لن يقبلوا إلا بتحقيق العدالة ومحاكمة المتورطين، وعدم السماح للحوثيين بإغلاق القضية تحت غطاء الوساطات القبلية والترضيات المالية.
غضب في رداع بعد مكافأة المتهم الرئيس بالجريمة
في خطوة أثارت غضبًا واسعًا في أوساط أهالي رداع، قامت ميليشيا الحوثي بمكافأة المتهم الرئيس بتفجير المنازل، المدعو عبدالله العربجي (أبو حسين)، والذي كان يشغل منصب مدير أمن المحافظة أثناء تنفيذ الجريمة، عبر تعيينه في قيادة المنطقة العسكرية الثانية الخاضعة للجماعة.
واعتبر ناشطون وأهالي الضحايا أن هذه الخطوة تعكس استهتار الحوثيين بالعدالة ومحاولاتهم لحماية الجناة عوضًا عن تقديمهم للمحاسبة، مؤكدين أن هذا التعيين دليل إضافي على تورط القيادات الحوثية العليا في التخطيط والتنفيذ لهذه الجريمة.
حملة إلكترونية للمطالبة بالعدالة
مع حلول الذكرى الأولى للجريمة، أطلق ناشطون وإعلاميون حملة إلكترونية تهدف إلى إبقاء القضية حيّة في الرأي العام المحلي والدولي، والضغط على الجهات الحقوقية والمنظمات الأممية لمحاسبة الجناة وعلى رأسهم عبدالله العربجي (أبو حسين)، والذي كان يشغل منصب مدير أمن المحافظة، وحميد صبر مدير امن رداع.
وطالب المشاركون في الحملة المجتمع الدولي بتحمل مسؤوليته تجاه هذه الجريمة، والضغط على ميليشيا الحوثي لإحالة مرتكبيها الحقيقيين إلى العدالة، وعدم الاكتفاء بالإجراءات الشكلية التي قامت بها الميليشيا، والتي وصفوها بأنها مجرد محاولات لامتصاص الغضب الشعبي وتبرئة القيادات الحوثية المتورطة في الجريمة.
وعقب الجريمة مارس الحوثيون ضغوطًا كبيرة على الأهالي لقبول التحكيم القبلي ودفن جثامين الضحايا، في محاولة لإنهاء القضية دون محاكمة المتورطين الحقيقيين، وارسالوا وساطات حوثية، منها مسؤولون من وزارة الداخلية، ومحافظا ذمار والبيضاء، ومسؤولون من صعدة، في محاولات عديدة باءت بالفشل بسبب إصرار الأهالي على تحقيق العدالة وعدم السماح بإغلاق القضية بتسويات قبلية.
ومع استمرار الإفلات من العقاب، يطالب الناشطون في الحملة المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية، بالتدخل الجاد لمحاسبة المسؤولين عن الجريمة، وعدم السماح للحوثيين بتمييع القضية كما حدث في جرائم سابقة.
واعتبر الناشطون أن الصمت الدولي والتخاذل في محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في اليمن، يشجع الحوثيين على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق المدنيين دون أي رادع.
مع مرور عام على جريمة رداع، لا تزال عائلات الضحايا تنتظر العدالة، فيما تستمر ميليشيا الحوثي في المراوغة والتهرب من المحاسبة، وسط تساؤلات هل ينجح الأهالي والناشطون في إبقاء القضية حيّة حتى تحقيق العدالة، أم أن الجناة سينجون كما نجوا من جرائم سابقة؟