عُقدت اليوم , الجلسة الثالثة من “ندوة الفتوى في الحرمين الشريفين وأثرها في التيسير على قاصديهما”، والمُقامة برحاب المسجد النبوي؛ بحضور عدد من أصحاب الفضيلة العلماء التي تُنظمها رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي بالتعاون مع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، وبالشراكة الإعلامية مع وكالة الأنباء ‎السعودية.


وكان عنوان الجلسة عن “جهود المملكة في تأصيل منهج الفتوى وتعزيز دورها في الحرمين”، ورأَسَها معالي المستشار بالديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور عبدالله بن سليمان المنيع.
وفي بداية الجلسة، تحدث معالي الأمين العام لهيئة كبار العلماء الشيخ الدكتور فهد بن سعد الماجد عن “جهود رئاسة الإفتاء في نشر الفتوى”، وقال: إن الإفتاء له منزلة عظيمة في الشريعة الإسلامية، ويدل لذلك الإشارة إليها في كتاب الله؛ حيث أمر الله -تعالى- بسؤال أهل الذكر، وأنكر أشد النكير على من قال عليه بغير علم، مُشيراً إلى أن عدم ضبط الفتوى قد يُوقع عموم الناس في الفوضى والاختلاف، ولهذا كان من مسؤوليات ولاة الأمر ضبط الفتوى، وشواهد التأريخ تؤيد ذلك.
ونوَّه الشيخ الماجد بما أولته هذه الدولة المباركة من عناية عظيمة بالإفتاء، وقال ” نص النظام الأساسي للحكم عليها، فجعل مصدرها كتاب الله -تعالى-، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبيَّن النظام ترتيب هيئة كبار العلماء، وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، وجاءت الأوامر الكريمة والتعليمات السامية مؤكدة اختصاص هاتين الجهتين بشأن الإفتاء في البلاد، لافتاً النظر إلى أن اللجنة الدائمة تتفرع عن هيئة كبار العلماء، وأعضاؤها يُختارون بأمر ملكي كريم من بين أعضاء هيئة كبار العلماء، وأن هيئة كبار العلماء تنظر في المسائل العامة التي تهم عموم الناس، في حين أن اللجنة الدائمة تنظر في المسائل الجزئية التي تهم أفرادهم” .
وبيًّن أن الهيئة واللجنة الدائمة تدرسان المسائل المطروحة، بالنظر في الواقعة وتصورها، وتطبيق الأدلة الشرعية عليها، مع النظر في كلام أهل العلم، مشيرًا إلى أن المسألة إذا كانت تستدعي أخذ رأي أهل الخبرة والاختصاص في أي مجال آخر، فإن الهيئة واللجنة الدائمة تبادر باستدعائهم أو استكتابهم؛ ليحصل لها التصور الكامل للمسألة، ولتستطلع المصالح والمفاسد المترتبة عليها، كما أنها تنظر في مآلات كل قول في المسألة.
كما تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي عن “أثر الفتوى في تعزيز مكانة الحرمين الشريفين”، وتناول في مقدمة البحث تعريف الأثر لغة واصطلاحاً، وأنه في اللغة ما بقي من رسم الشيء؛ أي ترك فيه أثراً حسياً كان أو معنوياً، وأنه في الاصطلاح يأتي بعدة معان، منها: ما يترتب على الشيء، وهو المعنى المراد به عند الفقهاء بالحكم.
ثم تابع فضيلته بتعريف الفتوى قائلًا: إن الفتوى إخبار عن حكم الشرع في قضية مسؤول عنها، وربما وقعت ابتداء بغير سؤال؛ توجيهاً للعامة في نازلة أو تصرف، لافتاً النظر إلى أهم معالم أثر الفتوى في الحرمين، ومن ذلك: تعزيز مكانة الحرمين الشريفين، وأثر الدروس المقامة في الحرمين، وكذلك التيسير ورفع الحرج، ومكافحة التطرف وتعزيز الأمن الفكري، وحفظ الدين.
كما أشار فضيلته إلى دور المنبر الخطابي في تعزيز مكانة الحرمين من خلال توعية الناس، وحثهم على سؤال الثقات من العلماء، وقدم جُملةً من الوصايا والمقترحات لرفع مستوى الخدمة في جانب الفتوى في الحرمين، من ذلك: توثيق الفتاوى، ومراعاة المفتي للمذهب السائد لدى المستفتي، وإقامة الدورات العلمية في مناهج الإفتاء، وإنشاء منصة إلكترونية أو قناة فضائية وأخرى إذاعية خاصة بالحرمين في مجال الفتوى، والعناية بمكتبات الحرمين فهي تعد من أكبر مكتبات العالم الإسلامي، وأنها رافد مهم للمفتي والمستفتي، وكذلك الإفادة من طلاب العلم الدارسين في الجامعة الإسلامية؛ وذلك لدعم الترجمة لأسئلة الزوار والإجابة عليها.
بدوره، تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور خالد بن سليمان المهنا عن “أثر الفتوى في تحقيق السمع والطاعة ولزوم الجماعة”، وقال: إن من أجلِّ ما يستعان به على تحقيق وحدة المسلمين، واجتماع كلمتهم على الحق: ضبط الفتوى في الحرمين الشريفين؛ لتجيء موافقةً لمراد الله ورسوله، محققةً لما تشوفت له الشريعة من لزوم جماعة المسلمين، مُشيراً إلى أن التيسير على قاصدي الحرمين الشريفين في الفتوى، هو منهج الشريعة الإسلامية الغراء، وتطبيقٌ للقواعد الكبرى لهذا الدين؛ كقاعدة: “المشقة تجلب التيسير”، وقاعدة “رفع الحرج عن المكلفين”، وقاعدة “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”، وأن قواعد الشريعة الإسلامية المحكمة مشيَّدةٌ على أدلة الوحيين -الكتاب والسنة-، وعلى رأسها تلك النصوص المتعلقة بأحكام العبادات المرتبطة بالحرمين الشريفين، ومن أشهرها وأكثرها استدلالًا واستعمالًا فتاوى إمام المفتين -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، لمن سأله يوم النحر، فإنه لم يسأل عن شيء قدم ولا أُخر في ذلك اليوم إلا قال: “افعل ولا حرج”.
وبيَّن فضيلته: أن العالِم قد يترك فعل الأفضل أو الإرشاد إليه؛ لمصلحةٍ راجحةٍ عليه تتعلق بعموم جماعة المسلمين، مستدلًا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة -رضي الله عنها-: “لولا قومك حديثٌ عهدهم، لنقضتُ الكعبة فجعلت لها بابين، باب يدخل الناس وبابٌ يخرجون”. وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان حريصاً على جمع الكلمة، وإرشاده إلى الاجتماع بالأبدان؛ حذراً من أن يؤدي تفرُّق الأبدان إلى افتراق القلوب ومنافرة النفوس.
وذكر الشيخ المهنا أن من شواهد تشوُّف الشريعة لاجتماع كلمة المسلمين: ما سار عليه الخلفاء الراشدون من توحيد العمل والفتوى في العبادات العامة التي يجتمع لها الناس، مؤكِّدًا ذلك بجملة من الشواهد؛ منها: أن عمر -رضي الله عنه- جمع أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسألهم عن التكبير على الجنازة، فأخبروه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كبَّر خمساً وستاً وأربعاً، فجمعهم -رضي الله عنه- على أربع تكبيرات، مُشيراً إلى دور أئمة الدين في اجتماع كلمة المسلمين، فقد جمع عثمان -رضي الله عنه- الناس على قراءة واحدة، وفي العصر الحديث إبطال الملك عبدالعزيز -رحمه الله- تفرُّق الناس وصلاة كل واحدٍ خلف إمام مذهبه، وتعيينه إماماً واحداً يصلي الناس كلهم خلفه.
كما تحدث وكيل رئيس الشؤون الدينية بالمسجد النبوي الشيخ الدكتور محمد بن أحمد الخضيري عن “جهود رئاسة الشؤون الدينية في إرشاد السائلين في الحرمين”، وقال: إن الإقبال المتزايد على الحرمين الشريفين، لا سيما في ظل رؤية (2030) التي تهدف إلى زيادة أعداد القاصدين إلى (5) ملايين حاج، و(30) مليون معتمر سنويًّا؛ تُظهر أهمية وجود جهة قادرة على مواكبة أعدادهم، وتلبية احتياجاتهم من الخدمات الدينية المتنوعة، وهذا ما أُنشئت لأجله رئاسة الشؤون الدينية في المسجد الحرام والمسجد النبوي، مُستعرضاً لمحةً عن برنامج إجابة السائلين في الحرمين الشريفين الذي يقدمه أصحاب الفضيلة المشايخ على مدار (24) ساعة، من خلال وسائل متنوعة يصل إليها القاصد بكل يسر، ومن هذه الوسائل؛ مكاتب وكبائن التوجيه، والهواتف الداخلية المنتشرة في أروقة الحرمين، وأرقام الاتصال المجاني، والروبوت التوجيهي.
وأشار إلى أن عدد المشايخ المشاركين في البرنامج يبلغ (84) في الحرم المكي، و(20) في المسجد النبوي، مبينًا أن البرنامج يوفر الترجمة بين السائل والمجيب بأكثر من (10) لغات عالمية.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية فی الحرمین الشریفین صلى الله علیه وسلم هیئة کبار العلماء الفتوى فی الحرمین الشؤون الدینیة المسجد النبوی الشیخ الدکتور رضی الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

أمين الفتوى: لا خلاف بين المسلمين على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف

أكد الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم هو أمر مشروع ومتفق عليه بين المسلمين، مشيرًا إلى أن الاختلافات التي قد تطرأ تكون في تفاصيل وطرق الاحتفال.

وأضاف أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حلقة برنامج «فتاوى الناس»، المذاع على فضائية «الناس»، اليوم الأربعاء، أن الله سبحانه وتعالى منّ على الأمة ببعثة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قائلاً: «إن الله سبحانه وتعالى قد من على هذه الأمة ببعثه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو أعظم هدية ومنحة من الله لهذه الأمة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: «إن الله أنزل أمانين لهذه الأمة، أحدهما وجود سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، والثاني هو الاستغفار».

وأشارإلى أن الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ليس محل خلاف بين المسلمين، بل هو أمر مشروع، حيث قال: «الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور المشروعة والمباحة.. الاختلاف يقع في الهيئة والطريقة التي يتم بها الاحتفال».

وأضاف: «الاحتفال بحد ذاته يعني التكريم والاهتمام، ويشمل ذلك صلواتنا وسلامنا على النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أن الصلاة عليه تُعتبر نوعاً من الاحتفال به، وتذكر بمكانة سيدنا النبي».

وأوضح أن مسألة حلاوة المولد ومظاهر أخرى مثلها تُعتبر من المباحات، قائلاً: «حلاوة في أصلها ليست حراماً، فهي من الطيبات التي أحلها الله.. مسألة إضافتها في أيام المولد النبوي ليس فيها إشكال».

وأكد على أهمية فهم معنى البدعة، قبل إلصاقها إلى أى أمر، قائلاً: «نحتاج إلى معرفة ما هي البدعة وما هي مواصفاتها، والبدعة هي كل ما يُضاف إلى الدين دون أن يكون له أصل في الشريعة، ولكن إذا كانت المظاهر متوافقة مع الشرع فلا تعتبر بدعة».

وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد فعل أصل الطاعات، بينما تفريعات الطاعات يمكن أن تكون محل اجتهاد، موضحاً: «النبي صلى الله عليه وسلم فعل أصل الطاعات، وتفريعات الطاعات تأتي وفقًا لما يتوافق مع الشرع».

وختم قائلاً: «ما دام الاحتفال أو العمل يتوافق مع أحكام الشرع، فإنه لا يتعارض مع الدين، سواء كان في المولد النبوي أو في أي مناسبة أخرى».

وكانت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، قد أطلقت قناة الناس في شكلها الجديد، باستعراض مجموعة برامجها وخريطة الجديدة التي تبث على شاشتها خلال 2023.

وتبث قناة الناس عبر تردد 12054رأسي، عدة برامج للمرأة والطفل وبرامج دينية وشبابية وثقافية وتغطي كل مجالات الحياة.

مقالات مشابهة

  • إسحاق فضل الله: (..) هؤلاء فكروا فى بيع جثتي للإمارات وخرجت من العيلفون على متن “درداقة”
  • ليلة محمدية في حب خير البرية: وكيل أوقاف بالفيوم يشهد أحد عشر احتفالا بميلاد النبي "صلى الله عليه وسلم" بإدارة فيديمين
  • هل الميت المظلوم يشعر لو عاد حقه في الدنيا.. أمين الفتوى يجيب
  • أمين الفتوى: الاحتفال بالمولد النبوي يعكس التعظيم والتقدير لشخصية النبي الكريم
  • أمين الفتوى: لا خلاف بين المسلمين على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف
  • خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية
  • خادم الحرمين الشريفين يعزّي أمير دولة الكويت في وفاة الشيخ بدر ناصر الحمود الجابر الصباح
  • أمين الفتوى: شكر الله يكون بالصلاة وقراءة القرآن والصيام (فيديو)
  • أمين الفتوى: الاحتفال بالمولد النبوي أمر مشروع ومتفق عليه بين المسلمين
  • الإفتاء: التجسس على الناس والخوض في أعراضهم جريمة أخلاقية وذنب عظيم (فيديو)