بعد مرور 500 يوم على اندلاع حرب جنرالات السودان، يتأمل المدنيون شمس البلاد الغاربة في ظل استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية والاقتصادية واتساع رقعة المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وتنامي الانتهاكات وجرائم الحرب، مع ازدياد أعداد النازحين واللاجئين المشردين الذين يعيشون في ظل ظروف معيشية قاسية منذ منتصف أبريل من العام الماضي.

التغيير- فتح الرحمن حمودة

وبالتزامن مع قرب إكمال عام ونصف العام من الحرب تحت ظلال القتال والمواجهات المميتة، طرحت «التغيير»  أسئلة اليوم الراهن على عدد من المواطنين، خاصة الشباب، بشأن تطلعاتهم وأمانيهم وتوقعاتهم في ظل هذا الواقع المؤلم والمستقبل الغامض، وما بين الآمال والمخاوف تباينت أصواتهم وردودهم وهم ينتظرون بفارغ الصبر لحظة الاستقرار التي تعيد إليهم حياتهم الطبيعية.

في وسط تصاعد أعمدة الدخان يقف الكثير من المدنيين الذين يظهر الحزن العميق في وجوههم لفقدهم اعز الناس كانوا قد شهدوا معاهم عدد من الاشتباكات الدامية الا أن قلوبهم ما زالت مثقلة بالألم و التمنى و هم يعبرون بحسرة عن امنياتهم للسلام و الرفاهية للشعب السوداني .

و قال المواطن محمد على لـ «التغيير» لقد عانينا كثيراً من هذه الحرب سوا من ناحية الأمراض و الجوع و الفيضانات و حتى في التعليم و الصحة لهذا لا نريد المزيد من المزايدات في استمرارها لأن هذا “كلام فارغ” على حد تعبيره .

من جانبه يقول أحمد الهادي أن الفتنة المزروعة بين اطراف القتال نسأل الله أن يوقفها كلنا اخوة سواء في الجيش والدعم السريع مضيفا في حديثه لـ «التغيير» :  نتمنى أن يبعد الله الفتن عن البلاد و أن تتوقف الحرب لنعيش في أمان و سلام.

اما الباشمهندس خليل عباس فإنه يستشرف المستقبل بأمل كبير و يقول لـ «التغيير» : نتمنى أن يعم السلام و أن تعود البلد أفضل مما كانت عليه ونسأل الله ألا تقوم حرب مرة أخرى وأن يعود كل نازح و لاجئ إلى منازلهم و أهلهم وجيرانهم.

بينما تحدثت المواطنة إنصاف إسحاق عن أمنيتها بإنتهاء الحرب وعودة الأمن بعد ما سمته ” التلتلة ” وتضيف قائلة

لـ «التغيير» :كل الناس الذين ماتوا سواء كانوا اطفالا او كبارا هم ابرياء لا ذنب لهم مضيفة مطلبنا الوحيد هو وقف النزاع فالناس تحتاج للأمان و الخبز و ليس للموت بسبب الجوع.

و من داخل مناطق الإشتباكات في مدينة امدرمان جاءت كلمات الحجة فاطمة أدم كصرخة وقالت لـ «التغيير»: نسأل الله أن يوقف هذه الحرب عن بلادنا و أن يقف هذا الموت نحن فقط نريد الأمان وأن تفتح المدارس و يعود النازحين و الفارين للعيش من جديد وسط أهلهم و جيرانهم.

و تواجه السودانيين الذين كانوا قد غادروا وطنهم بسبب الحرب الحالية تجارب ومعاناة متنوعة كما أن في الوقت نفسه يحمل بعضهم رؤى وتوقعات لما قد يحدث بعد مرور 500 يوم من النزاع المستمر .

“جوارح آدم” قالت إنها لم تتخيل في يوم من الأيام أن تخرج من البلاد لأخرى بعيدة عن أهلها و لكن بعد مرور ما يقارب العام من الحرب، أضطرت للمغادرة نحو بلد جديد كطبلغة مختلفة وناس مختلفين، وبيئة مختلفة.

و أوضحت لـ «التغيير» ” أنها ظلت تواجه صعوبات في كل شئ حتى الدراسة أصبحت صعبة بالنسبة لهم خاصة أنها لا تستطيع تحمل نفقاتها الدراسية بعد أن كانت أسرتها تفعل ذلك و قالت إنهم حالياً بحاجة لمن يصرف عليهم .

و تمضي جوارح في الحديث أنها لا تستطيع أن تقول ما الذي قد سيحدث في السودان سواء أنه أصبح بلد منتهي في كل مؤسساته واقتصاده في ظل غياب الأمن و الامان في  بلد بتعاني من ويلات حرب وقالت “ليس هناك ما اتوقعه أسوأ من ذلك”.

بينما أوضح الشاب محمد اللازم أن مغادرته للبلد لم تكن خيارا مطروحا قبل اندلاع الحرب التي تسببت في تبديد الكثير من الأحلام وقال لـ «التغيير» إنه غادر السودان بعد عام وشهرين من اندلاع الحرب بعد أن قضى كل هذه الفترة في مدينته التي أصبحت إحدى أكثر المناطق نشاطا في النزاع الحالي.

وأضح أنه  توجه إلى يوغندا في تجربة جديدة محاولا التكيّف مع الأوضاع المستجدة والبحث عن حياة بديلة بعيدا عن الأهل والأصدقاء والأماكن التي كانت جزءا من حياته اليومية.

و اشار اللازم إلى أنه على الرغم من التحديات يظل الأمل في توقف الحرب وإحلال السلام في كافة أنحاء السودان و هي مقدمة مقدمة أمنياته.

وكان قد سادت حالة من الإحباط أواسط السودانيين عقب فشل مباحثات جنيف التي شاركت فيها كل من السعودية وسويسرا كوسطاء، بجانب مصر والإمارات العربية والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، كمراقبين .

و على الرغم من الفشل أدت المباحثات وفقا للمبعوث الأمريكي الخاص بالسودان إلى تحقيق عدد من الاختراقات، كان أبرزها موافقة طرفي النزاع على فتح معبري أدري والدبة لمرور المساعدات الإنسانية.

الوسوم500 يوم إنهاء القتال الحرب لاجئين نازحين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: 500 يوم إنهاء القتال الحرب لاجئين نازحين

إقرأ أيضاً:

بدأتْ .. ولا بد أن تكتمل !

مناظير الثلاثاء 10 سبتمبر، 2024
زهير السراج

manazzeer@yahoo.com

* انطلقت يوم الاثنين ٩ سبتمبر في مدينة (جنيف) بسويسرا اعمال الدورة 57 لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، والذي سيناقش مجموعة تقارير عن أوضاع حقوق الإنسان في عدد من الدول، من بينها تقرير عن ارتكاب طرفي الحرب وحلفائهم لجرائم حرب في السودان، اوصى بحظر السلاح ونشر قوات اممية في السودان بشكل فوري لحماية المدنيين، ومن المتوقع أن يجيز المجلس، الذي ستستمر اعماله حتى الحادي عشر من شهر اكتوبر القادم، التقرير ويمد تفويض البعثة وتوسعتها، قبل احالة الموضوع لاحقا الى مجلس الامن لاتخاذ القرار المناسب !

* من ناحية اخرى يعقد مجلس الامن اجتماعا يوم الاربعاء (11 سبتمبر، 2024 ) للنظر في تمديد نظام العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار رقم 1591 لعام (2005 ) والتي لا تزال سارية حتى اليوم ومن ضمنها حظر الأسلحة على الاطراف المتحاربة في دارفور بما في ذلك حكومة السودان!

* وكانت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بمنع الإبادة الجماعية (أليس وايريمو ندريتو)، قد شددت في بيان صحفي صدر حديثا على ضرورة تنفيذ (جميع الإجراءات) التي تهدف إلى حماية السكان المدنيين في دارفور وجميع أراضي السودان.

* إستباقا لاجتماع مجلس الامن، طالبت المنظمة الحقوقية الكبيرة (هيومن رايتس ووتش) والتي تتمتع بنفوذ قوي في اروقة السياسة العالمية، مجلس الامن "بتوسيع نطاق حظر الأسلحة والقيود المفروضة على دارفور لتشمل جميع أنحاء السودان وفرض عقوبات مشددة على المخالفين".

* وقالت في تقرير صدر قبل بضعة ايام، بانها رصدت اسلحة ومعدات عسكرية تشمل طائرات بدون طيار وأجهزة تشويش على الطائرات وصواريخ مضادة للدبابات وقاذفات صورايخ متعددة مثبتة على شاحنات وذخائر هاون، تشير الأدلة المرئية الى حصول الاطراف المتحاربة عليها بعد اندلاع النزاع الحالي، كما تشير الأرقام إلى أن الذخيرة جرى تصنيعها في عام 2023، مما يثبت عدم كفاية الحظر الحالي المفروض على دارفور، فضلا عن المخاطر الجسيمة التي يفرضها اقتناء الأطراف المتحاربة لأسلحة جديدة.

* نفس النتيجة توصلت إليها منظمة العفو الدولية (أمنستي إنترناشونال)، والتي افادت في تقرير نشرته في شهر يوليو الماضي باستمرار تدفق أسلحة حديثة الصنع إلى السودان، مطالبةً بفرض حظر فوري على توريد السلاح الى السودان!

وخلال زيارته الى بورتسودان قبل يومين، قال مدير منظمة الصحة العالمية (تيدروس غيبريسيوس) ان الاجراءات المتخذة للحد من الصراع في السودان غير كافية، متحدثا عن حجم الدمار الصادم، والازمة العاصفة وانهيار الوضع الصحي والاعداد المرتفعة للضحايا المدنيين التي تتزايد كل يوم مما يتطلب اتخاذ اجراءات فورية لانهاء الازمة، وعودة الحياة الى حالتها الطبيعية.

* وفي النرويج والدنمارك أصدرت ثلاث منظمات، هي المجلس النرويجي للاجئين والمجلس الدنماركي للاجئين ومنظمة ميرسي كوربس تقريرا مشتركا عن الاوضاع في السودان، قالت فيه، "ان السودان يشهد أزمة مجاعة ذات أبعاد تاريخية، يموت الناس من الجوع كل يوم، ومع ذلك يظل التركيز على المناقشات الدلالية والتعريفات القانونية".

* وأضاف التقرير: "يعاني أكثر من 25 مليون شخص – أكثر من نصف السكان – من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ولقد اضطر العديد من الأسر إلى أكل أوراق الشجر أو الحشرات”.

* وكعادة حكومة بورتسودان باتهام كل من يتحدث عن حقيقة الحالة المزرية في السودان والمعاناة الفظيعة للمواطنين، بالكذب والتآمر على السودان، نفى وزير الزراعة المكلف (أبو بكر البشرى) وجود مؤشرات لمجاعة بالبلاد واتهم المنظمات الانسانية التي تتحدث عن وجود مجاعة بالسودان بالكذب والتآمر على البلاد، وقال ان هناك ما يكفي من الغذاء في السودان، ويبدو أنه كان يتحدث عن نفسه ومجموعة المنتفعين التي تدير الحرب وتتربح منها.

* وفي واشنطن اصدرت وزارة الخارجية الامريكية بيانا صحفيا عن جولة جديدة للمبعوث الامريكي (توم بيرييلو) يزور فيها تركيا ومصر والسعودية، لمواصلة الجهود العاجلة لإنهاء الحرب والمجاعة الناجمة عنها !

* في اثناء ذلك لا يزال طرفا الحرب يمارسان ارتكاب الجرائم والانتهاكات وقصف المناطق المدنية والمنشئات الحيوية وقتل وتشريد وترويع ونهب وتجويع المواطنين، وتبادل الاتهامات ونشر الاكاذيب، والحديث عن الكرامة والديمقراطية وحماية المدنيين .. ولكن إلى متى؟!

* لمن لا يعرف فإن دورة إتخاذ القرار في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والعالم الغربي طويلة، ولكن عندما تبدأ لا بد أن تكتمل .. تابوها مملحة تاكلوها قروض !

   

مقالات مشابهة

  • محادثات القاهرة: مصر وأميركا تتفقان على إنهاء الأزمة السودانية
  • من أكبر مخططات العدو من الحرب فصل دارفور عن السودان
  • فيصل أحمد سعد يناشد عبر «التغيير»: أوقفوا هذه الحرب ودعونا نعيش مثل الأمم
  • منصور خالد: أهدى طُرق الرجل في البحث هي التي يتَجنّبُ (1-3)
  • خبير في العلاقات الدولية: توافق مصري ألماني بضرورة التحرك لوقف الحرب على غزة
  • سودانيون مصابون بمرض السرطان يشتكون شح الدواء وارتفاع تكاليف العلاج – شاهد الفيديو
  • الكرملين ينتقد تصريحات ترامب وهاريس عن بوتين ويصفها بالاستفزازية
  • بدأتْ .. ولا بد أن تكتمل !
  • السفير الأوكراني يطالب الهند بدور أكبر في إنهاء الحرب
  • هل تتفاوض أوكرانيا المنقسمة حول إنهاء الحرب؟