ظلت المقاهى المصرية لسنوات هى مصدر الترفيه والأخبار والخدمات والنميمة.. وفيها منافع أخرى.. يتبادل روادها حصيلتهم من المعلومات والبضائع.. وحسب ما تريد من معلومات تجدها، وكل أنواع البضاعة متوفرة.. سياسة، تجارة، ثقافة، فكر، فن، أدب.. قلة أدب، حتى خدمات دواوين الحكومة المجانية بالنهار تباع بمقابل فى المقاهى بالليل!
ومقاهى الحوارى الشعبية فى القاهرة تختلف عن مقاهى شوارع وسط البلد الرئيسية، ومقاهى الأرياف تختلف كذلك عن مقاهى البندر، والمقاهى التى بجوار المستشفيات ليست مثل التى بجوار أقسام الشرطة والمحاكم.
ففى الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضى كانت هناك مقاه تتسبب فى إقالة حكومات، ومقاه تتشكل فيها حكومات.. وأخرى لرواد الفكر والإبداع ومنها مقهى «البوستة» التى كان يرتادها جمال الدين الأفغانى ومقهى «اللواء» المكان المفضل لشاعر النيل حافظ إبراهيم «ومتاتيا» قبلة الفن المصرى وفى مقدمتهم نجيب الريحانى والأديب العالمى نجيب محفوظ.. وفى شارع شريف بالقاهرة مقهى الأنجلو وكان يفضله العديد من الفنانين، والسياسيين، والكتاب، والصحفيين!
فى منتصف السبعينات القرن الماضى، ومع الانفتاح الاقتصادى انتشرت الكافيهات فى مناطق مثل المهندسين والزمالك ومصر الجديدة ثم مدينة نصر ومؤخراً التجمع الخامس هذا بخلاف كافتريات ومطاعم القرى السياحية بالساحل الشمالى.. ومع ذلك ظلت المقاهى القديمة موجودة، ولكن مستواها متدنٍ ولم تعد شعبية كما كانت، وأصبحت «بيئة» تفتقد لأصول المقاهى القديمة وأصبحت الكافيهات كذلك لا تختلف كثيراً عنها من حيث انتشارها فى الكثير من الشوارع والحوارى.. حتى الذين يعملون فيها غير حرفيين ولا ينتمون للمهنة..!
وزبائن المقاهى والكافيهات هذه الأيام عبارة عن مجموعات تجلس معاً ولا يتبادلون الحديث والجميع ينظر لشاشة الموبايل وكأن كل واحد منهم يجلس بمفرده، والسبب فى هذه العزلة هو التماهى والاستغراق فى السوشيال ميديا (الفيسبوك، التيك توك، انستقرام.. وغيرها) التى تحولت إلى مقاه إلكترونية.. وكل صاحب حساب على هذه المنصات هو فى الواقع الافتراضى صاحب مقهى.. وهو «معلم» المقهى الذى يجلس على «البنك» ويفرض على رواد منصته أو «نصبته» فى ماذا يتكلمون ولا يتكلمون!
وفى زمن المقاهى الرقمية الكل «معلمين» يقولون الأخبار بمزاجهم، وينقلون المعلومات على هواهم، ويتعاملون مع الانطباعات والمشاهدات اليومية باعتبارها آراء ووجهات نظر سياسية واقتصادية واجتماعية.. ويطلقون الأحكام على الجميع وكأنهم فوق الجميع، وفى المقاهى الرقمية كل واحد يستطيع أن يحكى ويرقص ويغنى ويلعب.. ومع ذلك الوحدة تقتله لأنه يفعل كل ذلك بمفرده ومن خلف شاشة الموبايل أو الكمبيوتر فى غرفة مغلقة مظلمة.. بينما مقاهى الشوارع زمان كانت هى الحياة نفسها بحلوها ومرها.. ولكن لكل زمن مقاهٍ ولكل مقاهٍ زمن!
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الناصية
إقرأ أيضاً:
المغرب..شاب يهاجم مطعماً ويدهس 4 زبائن
شهدت مدينة الدار البيضاء المغربية حادثاً صادماً، إذ أقدم شاب على اقتحام مطعم بسيارته، ما أسفر عن دهس أربعة أشخاص وتهشم واجهة المكان وتحقيق خسائر مادية عديدة.
وفي التفاصيل، فقد أوقفت عناصر الشرطة بمنطقة عين السبع الحي المحمدي بولاية أمن الدار البيضاء شاباً ثلاثينياً بتهمة ارتكاب جريمة الإيذاء العمدي عن طريق الدهس بالسيارة، وإلحاق خسائر مادية بالواجهة الزجاجية لمحل لبيع الوجبات الخفيفة.
وكشفت التحريات الأولية أن الشاب المتهم البالغ من العمر 31 عاماً، من ذوي السوابق القضائية، ومبحوث عنه في قضيتين تتعلقان بالاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن الشاب أثناء قيادته لسيارة مستأجرة قد دخل في نزاع عرضي مع صاحب المحل وبعض زبائنه، بسبب عرقلة السير بالمكان المخصص لمن يطلبون وجباتهم على متن السيارات، وهو ما دفعه للتسبب في إصابة أربعة أشخاص بجروح بعدما تعمّد الاصطدام بهم بالسيارة، مع إلحاق خسائر مادية بالواجهة الزجاجية للمحل.
وتمكنت الشرطة من تحديد هوية المتهم وإيقافه على متن سيارة أخرى، بعدما تخلى عن السيارة المستأجرة المستعملة في ارتكاب هذه الأفعال الإجرامية، حيث تم العثور بحوزته على 44 جرعة من مخدر البوفا وقطع من مخدر الشيرا، علاوة على مبلغ مالي يشتبه في كونه من عائدات الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية.
وتم احتجاز الشاب تحت تدبير الحراسة النظرية رهن إشارة البحث القضائي الذي أمرت به النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، وكذا تحديد دوافعها وخلفياتها المباشرة.