الكلام عن المفكر أحمد بهاء الدين، يطول، ونحن نعيش هذه الأيام فى ذكرى رحيله، كان بهاء سباقاً بفكره لعلم المستقبليات ظهر هذا ونحن نتابع إعداد مجلة صباح الخير حين كان رئيسًا لتحريرها وأطلق عليها شعاراً يحفز على إعمال العقل وتغليب الفكر التقدمى على الغيبيات والوقوع فى براثن الخرافات التى أفرزت نماذجًا سلبية من الشباب ظهر فى تصرفاتهم اليومية ثم تمكنت منهم بصورة مستحكمة فى انتشار الأعمال الدرامية ذات الحوارات (الممطوطة) وتبادل ألفاظ الشارع المصرى وأغلبها يميل إلى السوقية والسقوط، وعلى مدى السنوات سقط معها كثير من الأجيال، ليرتفع شعار أحمد بهاء الدين (القلوب الشابة والعقول المتحررة) وهو شعار مجلة صباح الخير.
* حينما كتب الشاعر عبدالرحمن الشرقاوى قصيدته الخالدة.. رسالة إلى الرئيس ترومان، لم يكن المثقفون المصريون والعرب يتوقعون رد الفعل المباشر وغير المباشر- أيضًا- فقد كانت كلمات القصيدة النارية تهدف إلى تطوير الأوضاع وليس مجرد تحريك مواقف تنهض إلى الأمام خطوات وسريعًا ما تتراجع أميالًا بفضل المناورات والألاعيب الصهيونية العالمية التى تقدمها المراكز الإسرائيلية ضد العرب، كان الشرقاوى فطنًا إلى أكثر من الوعى السائد وقتها وأدرك سريعًا أننا يجب أن نستثمر ما نكسبه من خطوات أفضل جدًا من السكون، أقول إنها قصيدة خالدة لأنها تعيش حتى الآن وعمرها تجاوز الستين عامًا.
* إبراهيم عبدالمجيد قامة روائية عالية أثبت أنه أديب محارب شجاع أعماله التى تجاوزت أربعين كتابًا تشير إلى تطور فن الرواية بعد نجيب محفوظ وإدريس وكانت بصمته واضحة حين تمكن من تشريح أزماتنا وأحلامنا وعلم على طرق السقوط والصعود.. الثلاثة عبدالمجيد وصنع الله ابراهيم والراحل بهاء طاهر علامات مشرفة فى تاريخ تطور أدبنا العربى حتى يبقى دائمًا فى مفترق الطرق.
* غد بظهر الغيب واليوم لى/وكم يخيب الظن فى المقبل/ولست بالغافل حتى أري/ جمال دنياى ولا اجتلى/ اقرأ هذه الأبيات الشعرية للشاعر الفيلسوف عمر الخيام ترجمه شاعرنا المجدد احمد رامى، أقرأ وأندهش كيف يمكن أن تتحول هذه الكلمات إلى غناء يردده الناس بكامل الفهم والإدراك، كيف تمكن رياض السنباطى بعبقريته أن يخترق كل الحواجز لتستوعب ألحانه كما من الفلسفات الكونية والوجودية - بمعناها الأشمل - ويحول كيانًا صلبًا إلى أغنية تتغناها أم كلثوم فى مصر عام ١٩٥٥ وبعد سبعه وعشرين يومًا تطير أم كلثوم إلى لبنان لتغنيها فى خمسة حفلات كبيرة أهمها حفله على مسرح اليونسكو بشمال بيروت وحفل منطقة عالية اللبنانية، كان نجاحاً باهرًا يفتح الكثير من التساؤلات، ولكن لا ننسى الفضل الأكبر لشاعر الشباب احمد رامى وقد ترجمها من اللغة الفارسية عام ١٩٥٣ وترجمها من قبله الشاعر اللبنانى بطرس البستانى وميشيل بحر وكان أستاذا جامعياً كتب باللغات العربية والفرنسية والفارسية.. إلا أن ترجمة أحمد رامى كانت أكثرهم حياة وأكثرهم نضارة وبهاء وخضرة. ولكن حينما قرأت أم كلثوم القصيدة رفضتها تماما - مثلما رفضت قصائد ولد الهدى ونهج البردة وأغلب قصائد أمير شعرائنا أحمد شوقى، وقصيدة الأطلال أيضا لإبراهيم ناجى، فقد ارتعبت أم كلثوم من ضخامة المعانى والتركيبات، وأكدت لـ رامى أنه من المستحيل نجاح مثل هذا النوع من الفلسفات الصعبة.
ولكن كان الفضل لأحمد رامى الذى أصر على أن تغنى أم كلثوم هذه القصائد دون تعديل أو اضافة وظلت المفاوضات شهورًا - فى كل قصيدة - حتى انتصر رامى وكانت هذه القمم الأدبية الفكرية الموسيقية.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كاريزما قضايا أحمد بهاء الدين
إقرأ أيضاً:
الحوثيون على غرار حزب الله.. مجلة أمريكية: ''اغتيال زعيم الحوثيين لن يكون كافيًا لهزيمتهم''
قالت مجلة "وور أون ذا روكس" الأمريكية المتخصصة في الشؤون الأمنية والعسكرية أن اغتيال زعيم الحوثيين، عبد الملك الحوثي، لن يكون كافيًا لإنهاء تهديد الجماعة، مؤكدة أن استراتيجيات القضاء على القادة لا تضمن دائمًا انهيار التنظيمات المسلحة.
وأشارت المجلة إلى أن الحوثيين أصبحوا كيانًا مؤسسيًا يمتلك بنية تنظيمية قوية، حيث تحوّلوا من مجرد حركة تمرد إلى كيان يشبه الدولة، مدعومًا ببيروقراطية رسمية وهياكل قيادية موازية على غرار حزب الله.
وأضاف التقرير أن التجارب السابقة، مثل اغتيال زعيم حزب الله عباس الموسوي عام 1992، لم تضعف التنظيم بل مهدت الطريق لصعود حسن نصر الله، الذي عزز من قوة الحزب. كما أن مقتل حسين الحوثي عام 2004 لم يؤدِ إلى انهيار الجماعة، بل منح شقيقه عبد الملك الفرصة لتوسيع نفوذها وتحويلها إلى قوة عسكرية تمتلك ترسانة صاروخية خطيرة.
وأكدت "وور أون ذا روكس" أن القضاء على الحوثيين يتطلب استراتيجية شاملة تتجاوز استهداف القادة، وتشمل تدمير البنية الاقتصادية للجماعة، ومكافحة دعايتها، وتقويض أدوات قمعها، والحد من قدراتها العسكرية. كما شددت المجلة على أن تعليق الآمال على اغتيال الحوثي وحده سيكون مقامرة محفوفة بالمخاطر وغير مضمونة النتائج.