القدس المحتلة- أجمعت قراءات محللين سياسيين من فلسطينيي 48 وباحثين بالشؤون الإسرائيلية أن العملية العسكرية التي يشنها الجيش الإسرائيلي على مدن ومخيمات شمالي الضفة الغربية المحتلة تنسجم مع الحرب على قطاع غزة، وتأتي في سياق حرب الإبادة الهادفة للقضاء على الوجود السكاني للفلسطينيين بفلسطين التاريخية.

وقدرت التحليلات أن هذه العملية العسكرية التي قد تمتد إلى جميع مناطق الضفة، وتعتبر الأوسع منذ عملية "السور الواقي" عام 2002، تنسجم مع سياسات حكومة اليمين المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو، التي لوحت مع بدء معركة "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى تهجير الفلسطينيين، بذريعة أنهم يشكلون خطرا وجوديا على استمرار المشروع الصهيوني.

وتوافقت القراءات على أن العملية العسكرية الإسرائيلية تعتبر وجها آخر لخطة "الحسم" التي تهدف لتكريس المشروع الاستيطاني، وفرض وقائع على الأرض تحول دون إقامة دولة فلسطينية، وخلق بيئة طاردة للفلسطينيين لدفعهم للهجرة القسرية، إلى جانب الإمعان في ضم الضفة والأغوار إلى السيادة الإسرائيلية.

إغبارية: إشعال انتفاضة شاملة مسلحة من شأنه أن يعمق المأزق الإستراتيجي لإسرائيل (الجزيرة) خطة الحسم

يعتقد المحلل السياسي الكاتب طه إغبارية أن العملية العسكرية شمالي الضفة تندرج ضمن خطة حكومة اليمين المتطرف لحسم الصراع مع الفلسطينيين، عبر الضم المتدرج الذي يدفع إليه تيار "الصهيونية الدينية" برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة.

وأوضح إغبارية للجزيرة نت أن العملية العسكرية الواسعة شمالي الضفة جزء لا يتجزأ من سياسات حكومة نتنياهو تجاه القضية الفلسطينية، وهي تضاف إلى حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، التي تندرج في سياق المخطط الشامل لتكريس المشروع الاستيطاني في كل فلسطين التاريخية، عبر إخلاء وتهجير متدرج للفلسطينيين.

ولفت إلى أن سياسات حكومة اليمين في الضفة تأتي استمرارا لنهج الحكومة السابقة برئاسة نفتالي بينيت التي أطلقت عملية "كاسر الأمواج". بيد أن العملية العسكرية الحالية التي تقودها حكومة نتنياهو تأخذ أبعاد أكثر تطرفا، وذلك رهانا منها على توسيع المشروع الاستيطاني، وتحقيق مكاسب سياسية بأوساط المجتمع الإسرائيلي.

وردا على سؤال: لماذا تعتبر إسرائيل أنه من الضروري التعامل مع الضفة على أنها غزة ثانية؟ أجاب المحلل السياسي بالقول إن "المؤسسة الإسرائيلية تخشى أن تنتقل المقاومة المسلحة إلى جميع المناطق بالضفة، وعليه تسعى إلى استباق الأمور بعملية عسكرية في مدن ومخيمات شمالي الضفة، التي يتم التعامل معها على أنها نموذج مصغر لغزة".

وأشار إلى أن إسرائيل -التي تخشى من اندلاع انتفاضة مسلحة في ظل جبهات الإسناد لقطاع غزة المشتعلة بالإقليم- ترى بالضفة الخطر الداهم والجبهة التي قد تكون الأوسع، وقد تؤدي إلى إشعال انتفاضة شاملة في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبين المحلل السياسي أن إسرائيل ترى بالضفة أخطر الجبهات، كونها مرتبطة جغرافيا بالعمق الإسرائيلي، حيث إن إشعال الضفة بانتفاضة شاملة مسلحة من شأنه أن يعمق المأزق الإستراتيجي الذي تعاني منه إسرائيل، بكل ما يتعلق في الصراع مع الفلسطينيين.

أبو شحادة: اجتياح الضفة يكشف الحالة الهستيرية التي تقود إسرائيل (الجزيرة) الفكر الانتقامي

ذات الطرح تبناه رئيس حزب التجمع الوطني سامي أبو شحادة، الذي أكد أن هذه العملية العسكرية تأتي في سياق حرب شاملة تسعى إليها إسرائيل في المنطقة لاستهداف الوجود الفلسطيني، من خلال استمرار حرب الإبادة والمجازر في غزة، والتصعيد الخطير في مدن ومخيمات الضفة، وتشديد الخناق وملاحقة النشاط السياسي لفلسطينيي 48.

وأوضح أبو شحادة، وهو أستاذ بالعلوم السياسية وتاريخ الشرق الأوسط، -في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه- أن ما يقود المؤسسة الإسرائيلية هو الفكر الانتقامي والعدائي لكل ما هو عربي وفلسطيني، حيث تحظى القيادة الإسرائيلية بدعم واسع بالمجتمع الإسرائيلي لاستمرار الحرب على غزة، بل وتوسيعها إلى لبنان والضفة واستهداف القدس والأقصى.

وشدد أبو شحادة أن السياسات الإسرائيلية تؤكد الرفض والتعنت بالتوصل لأي حل سياسي لإنهاء الحرب، بل تسعى إسرائيل لاستمرارها بشكل أوسع، قائلا إن "الاجتياح للضفة يكشف الحالة الهيستيرية التي تقود إسرائيل والإصرار على ضرب إرادة الشعب الفلسطيني، وتلويح بعض القيادات الإسرائيلية بالتهجير للفلسطينيين، أي تطبيق خطة الحسم التي يلوح بها سموتريتش منذ عام 2017".

مخول: العملية العسكرية بالضفة تسعى لتكريس المشروع الاستيطاني وتهجير للفلسطينيين (الجزيرة) الوطن البديل

من جانبه، يرى الباحث في "مركز التقدم العربي للسياسات" والمختص بالشؤون الإسرائيلية أمير مخول أن العملية العسكرية شمالي الضفة تأتي في سياق الحرب على غزة، وضمن سياق مخطط أوسع للقضاء على الوجود السكاني الفلسطيني في كل فلسطين التاريخية.

وردا على سؤال حول الخطر الداهم الذي تراه القيادة العسكرية والأمنية بإسرائيل في المقاومة الفلسطينية، بمدن ومخيمات شمال الضفة، أوضح مخول للجزيرة نت أن "إمعان المؤسسة الإسرائيلية بالتهويل من الخطر الأمني وتغلغل النفوذ الإيراني لدعم فصائل المقاومة في الضفة، يأتي لتبرير العدوان على الشعب الفلسطيني".

ولفت إلى أن العملية العسكرية تندرج ضمن مخططات حكومة اليمين المتطرف لتصفية القضية الفلسطينية، والشروع بتطبيق عملي لخطة "الحسم" الهادفة لتعزيز وتكريس المشروع الاستيطاني وتهجير للفلسطينيين، وهي الخطة التي تمهد بشكل عملي إلى ما يسمى "الوطن البديل" في الأردن.

وشدد الباحث بالشأن الإسرائيلي على أن العملية العسكرية الإسرائيلية -التي قد تمتد إلى جميع مناطق الضفة- تعتبر جزءا من حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني وتدور فصولها الأولية في قطاع غزة، وتهدف إلى تشتيت الشعب الفلسطيني، وفصل غزة عن الضفة، وتقويض السلطة الفلسطينية وأي مقومات بنيوية من شأنها أن تفضي إلى إقامة دولة فلسطينية.

وحذر مخول من تداعيات العملية العسكرية في مدن ومخيمات شمالي الضفة، لافتا إلى أنها تأتي في سياق عدوان شامل على الشعب الفلسطيني، يشبه إلى حد كبير العملية العسكرية الكبرى والاجتياح الشامل لجنين ومخيمها عام 2002.

ويعتقد الباحث بالشأن الإسرائيلي أن العملية العسكرية الحالية على شمالي الضفة تتجاوز كافة الأهداف المعلنة بذريعة توفير الأمن والأمان للإسرائيليين، وتتركز في الهدف الأصلي للمؤسسة الإسرائيلية بالقضاء على الوجود الفلسطيني، قائلا إن "المرحلة المقبلة من العدوان ستطال فلسطينيي 48".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أن العملیة العسکریة المشروع الاستیطانی الشعب الفلسطینی حکومة الیمین تأتی فی سیاق حرب الإبادة مدن ومخیمات شمالی الضفة أبو شحادة على أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

آخر أخبار فلسطين.. استمرار العدوان على غزة وحملة اعتقالات في الضفة الغربية

أفادت وسائل إعلام فلسطينية باستشهاد وإصابة العشرات من الفلسطينيين جرّاء قصف الاحتلال الإسرائيلي لعدة مناطق في قطاع غزة، خلال فجر الأربعاء، مضيفة أنه في مدينة خان يونس، استشهد 13 فلسطينيًا وأصيب عدد آخر بجروح جرّاء قصف طيران الاحتلال الحربي منزلًا يعود لعائلة القرا في بلدة خزاعة شرق المدينة، بحسب ما جاء في «القاهرة الإخبارية».

الوضع داخل غزة 

ونقل عدد من المصابين إلى مستشفى غزة الأوروبي، كما استُشهد صياد جرّاء استهدافه من قبل زوارق الاحتلال في عرض البحر مقابل مواصي خان يونس، وفي بلدة جباليا شمال قطاع غزة، استُشهد 9 فلسطينيين بينهم ثلاثة أطفال وامرأتان، وعدد من المفقودين، إثر قصف الاحتلال لمنزل يعود لعائلة النجار.

واستُشهد مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، 4 فلسطينيين وأصيب 11 آخرون، جرّاء استهداف الاحتلال لمنزل يعود لعائلة أبو عطيوي في بلوك C بالمخيم، كما شنت طائرات الاحتلال الحربية غارة على حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، وعلى منزل في محيط أرض المفتي شمال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، كما أطلقت مدفعية الاحتلال قذائفها المناطق الشمالية من مخيم النصيرات، والجنوبية الغربية من مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

وأطلقت طائرات «الأباتشي» المروحية الحربية الإسرائيلية النار على منازل الفلسطينيين في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، كما أطلقت آليات الاحتلال النار بكثافة صوب حيي الزيتون والصبرة في مدينة غزة.

الوضع داخل الضفة الغربية

وفي الضفة الغربية، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، 17 فلسطينيًا ونصبت حواجز عسكرية بعدة مناطق في محافظة الخليل.

وأفادت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، بأن حملة الاعتقالات شملت عدة مدن، منها مدينة الخليل بلدة بيت كاحل وبلدة إذنا وبيت أمر شمال الخليل وبلدة إذنا، وفتشت قوات الاحتلال منازل المعتقلين ملكيتها لعائلة العسود والجياوي وأبو جحيشة وعاثت بمحتوياتها خرابًا.

كما واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اعدوانها على مدينة ومخيم طولكرم بـ الضفة الغربية المحتلة، لليوم الثاني على التوالي، وألحقت دمارًا كبيرًا في البنية التحتية وممتلكات الفلسطينيين، وفقا لوسائل إعلام فلسطينية، والتي أوضحت أن قوات الاحتلال لا تزال تحاصر مخيم طولكرم، وتدفع بمزيد من آلياتها وجرافاتها الثقيلة إليه، وسط تجريف وتخريب كل شارع وزقاق داخل المخيم.

وأضافت أن قوات الاحتلال نشرت دورياتها الراجلة بين أزقة المخيم وتحديدًا في حارات النادي والشهداء والبلاونة، وداهمت منازل الفلسطينيين وفتشتها، وحولت العديد منها إلى ثكنات عسكرية.

وكثفت قوات الاحتلال من تواجدها على مداخل مخيم طولكرم وتحديدًا شارع نابلس المحاذي لمدخله الشمالي الرئيسي، وتمركزت بآلياتها في عدة مناطق على طول الشارع، وسط منع حركة تنقل المركبات والفلسطينيين بشكل تام، وإطلاق النار على كل شيء يتحرك.

وما زالت قوات الاحتلال تحتجز 5 من طواقم إسعاف الهلال الأحمر داخل المخيم، إذ أفاد الهلال بانقطاع الاتصال معهم حتى اللحظة.

ماذا عن دعوى جنوب إفريقيا؟

ومن جانبها، أعلنت دولة جنوب إفريقيا عزمها تقديم مذكرة إلى محكمة العدل الدولية، أكتوبر المقبل، تضم أدلة تثبت ارتكاب إسرائيل جريمة إبادة في فلسطين؛ إذ قالت رئاسة جنوب إفريقيا في بيان: «ستقدم جنوب إفريقيا مذكرتها إلى محكمة العدل الدولية أكتوبر المقبل»، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».

وأضافت رئاسة جنوب إفريقيا، إنها تعتزم تقديم الحقائق والأدلة لإثبات أن إسرائيل ترتكب جريمة الإبادة الجماعية في فلسطين، مؤكدة أن هذه القضية ستستمر حتى تصدر المحكمة حكمها، كما أعربت عن أملها أن تلتزم إسرائيل بالأوامر المؤقتة التي أصدرتها المحكمة حتى الآن، بينما تتقدم القضية، مشيرة إلى أن القضية تمثل جهدًا عالميًا متزايدًا نحو ضمان السلام في الشرق الأوسط.

 

 

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تواجه تصعيدا أمنيا بالضفة الغربية سيؤدي إلى مقتل المئات
  • مقررتان أمميتان تدينان مضايقات "إسرائيل" على الصحفيين بالضفة
  • مقررتان أمميتان تدينان مضايقات "إسرائيل" للصحفيين بالضفة الغربية
  • خبير: مشروع سياسي يحدث خلف الآليات العسكرية الإسرائيلية (فيديو)
  • إعلام عبري يكشف عن «الانتفاضة الصامتة» بالضفة الغربية في فلسطين.. ما القصة؟
  • العملية العسكرية في مخيم طوباس مستمرة على مدار 6 ساعات حتى الآن
  • عاجل| ارتفاع عدد شهداء طوباس منذ تجدد العملية العسكرية الإسرائيلية على المدينة
  • الخارجية الفلسطينية تحذر من مخطط الاحتلال لتهجير سكان الضفة الغربية
  • آخر أخبار فلسطين.. استمرار العدوان على غزة وحملة اعتقالات في الضفة الغربية
  • عملية دهس قرب مستوطنة «جعفات زئيف» بالضفة الغربية (فيديو)