بروكسل - "العُمانية": صدرت للكاتبة البلجيكية آميلي نوثومب التي تنشر كتابًا واحدًا كل سنة منذ عام 1992 رواية "العودة المستحيلة" تستكشف فيها مشاعرها المتناقضة نحو اليابان، وهو البلد الذي ترعرعت فيه وأسس طفولتها وتنظر إليه كفردوس لا يمكن بلوغه.

تحس آميلي نوثومب بجاذبية قوية إلى اليابان تجعل عودتها إليه مستحيلة؛ لأن أي شخص لا يمكنه إرجاع الزمن إلى الوراء ولا استعادة سنواته الأولى.

وكانت المؤلفة قد حاولت من قبل أن تعيش من جديد في هذا البلد، وهي محاولات باءت كلها بالفشل وحكتها في روايتيها "ذهول ورعدة" و "لا من حوى ولا من آدم".

فهل تنجح العودة إلى المصادر من خلال الرواية الجديدة في تهدئة الكاتبة البلجيكية التي لا تزال - رغم مرور الزمن - تحس بأنها مقتلعة من أصولها؟ ذلك ما تتناوله "العودة المستحيلة" بمزيج من الفكاهة ورهافة السمع المميزين لكتابات المؤلفة.

وتحقق روايات آميلي نوثومب أرقاما قياسية من المبيعات الأدبية وتتم ترجمتها إلى عدة لغات، كما فازت روايتها "ذهول ورعدة" في 1999 بالجائزة الكبرى لرواية الأكاديمية الفرنسية؛ وهو ما أدى إلى منحها اللقب الفخري "قائد وسام التاج" بواسطة قرار ملكي، بالإضافة إلى لقب "بارونة".

وفي عام 2015، جرى انتخاب المؤلفة عضوا في الأكاديمية الملكية للغة والأدب الفرنسيين في بلجيكا قبل أن تفوز في 2021 بجائزة "رونودو" الأدبية عن روايتها "الدم الأول".

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

العودة المؤجلة.. نازحو غزة في القاهرة يترقبون إعادة الإعمار

أهازيج العودة التي صدحت عبر القنوات التلفزيونية، مبشرة بالنصر وممجدة للتحرير، رافقت الآلاف في طريقهم من مناطق النزوح إلى قلب غزة. ولكن وقعها كان مختلفًا على من أجبرتهم الظروف على مغادرة ديارهم إلى الغربة.

ومشاهد العودة والسير على الأقدام لم تكن تمر مرور الكرام على الغزيين في القاهرة، على عكس من بقوا في ديارهم. فقد كانوا يحدقون في كل مشهد، يبحثون عن وجه مألوف، قريب أو صديق، ابن أو جار، متمنين أن يكونوا بينهم، وخائفين في الوقت ذاته من أن تعود المحنة التي ظنوا أنها انزاحت، دون أن يدري أحد إلى متى ستظل الأوضاع على هذا النحو.

سنعود يوما إلى ديارنا.. نزيل الغبار وآثار الخراب والدم

سوف نعود.. ونزرع نوافذنا ورود

ونملأ السهول اخضرار وكل الروابي والقفار

ليأتي الصبح مبتسما.. ويرسم الجوري على الخدود

"بيتنا اللي سكنت فيه سنة في منطقة تل الهوى عند دوار الدحدوح، عاد إليه أبنائي فوجدوه أثرًا بعد عين" بهذه الكلمات تروي أم غانم، الغزاوية التي جاءت إلى القاهرة قبل أسبوعين من اندلاع الحرب لحضور زفاف ابنها، لكنها لم تتمكن من العودة إلى الوطن منذ ذلك الحين.

وبصوت يختنقه الحزن والدموع، تحكي أم غانم للجزيرة نت عن لحظة عودة أبنائها من خان يونس إلى بيتهم في تل الهوى، وعن أبنائها التسعة الذين تفرقت بهم السبل بعد النزوح: أربعة استقروا في خان يونس، ومثلهم غادروا معها من غزة، بينما بقيت ابنتها الوحيدة مع أشقائها المتزوجين هناك بسبب إصابتها بشلل الأطفال. وبأسى تقول "لو كنت أعرف اللي هيحصل كنت أخذتها معي.. لكنه حكم الله ولا راد لحكمه".

إعلان

وتتابع أم غانم حديثها عن منزل العائلة في تل الهوى، الذي شيدته على مساحة 400 متر، وزينته بحديقة جميلة وأثاث اختارته بعناية، بعد سنوات من الكفاح والعمل. لكن فرحتها بمنزلها لم تدم طويلًا، إذ جاءت الحرب لتدمر كل شيء. وتقول بمرارة "قضينا عاما واحدا فقط بالمنزل، ثم أتت الحرب على كل شيء، والحمد لله أن الولاد بخير وما حدا فيهم انضر".

وقد نجا من القصف والدمار منزل الزوجية القديم في حي الدرج، الذي غادرته قبل 3 أعوام، فأصبح ملاذًا لأبنائها وأسرهم، الذين سكنوا فيه مع أعمامهم وعائلاتهم بعد أن دُمرت منازلهم، بانتظار إصلاحها. وتقول "نعيش كل أسرتين في غرفة، لكن والله أفضل من الخيام. الحمد لله على رحمة ربنا".

ولا ترى أم غانم أملا في عودة قريبة لقطاع غزة، فكيف تعود مع أبنائها الأربعة وزوجها لتزيد هموم الموجودين هناك، لكن أملها الوحيد أن تخرج ابنتها المريضة من القطاع للعلاج في مصر لأن "حالتها تتدهور ولا أمل في علاجها هناك".

نازحو رفح لم يلمسوا أثرا لاتفاق وقف إطلاق النار بسبب تدمير المدينة ومخاطر العودة إليها (الجزيرة)

ورغم أن أم غانم شهدت عمليات إعادة إعمار القطاع في السابق، إلا أنها تدرك أن الأمر ليس بالسهولة أو السرعة التي قد يظنها البعض. وتوضح قائلة "الإعمار يستغرق سنوات.. فحتى بعد آخر عملية إعادة إعمار، لا تزال هناك مناطق في غزة لم تصلها يد البناء وتعاني من آثار الحرب السابقة حتى اليوم. فما بالك بهذه الحرب التي دمرت كل شيء؟".

وإلى القاهرة، رحلت أميرة مع أطفالها الثلاثة، تاركة وراءها أسرتها وأشقاءها وزوجها. وكُتب لها النجاة مع أبنائها، لكنها لم تكن نجاةً كما تصفها، بل كانت معاناة من نوع آخر: وحدة ثقيلة ومسؤولية كبيرة ألقيت على عاتقها في بلاد الغربة، ومعاناة لا تنتهي مع كل خبر تتابعه على شاشات التلفاز أو عبر الهاتف، الذي لا ينقل لها أصوات أحبّتها إلا حين تتوفر الكهرباء والشبكة وشحن الهواتف.

إعلان

وكل يوم، كان ألم أميرة ذات الـ26 عامًا يزداد، مترقبّة لحظة إعلان وقف إطلاق النار، حتى جاءها الخبر أخيرًا. لكنه لم يكن فرحة خالصة، بل امتزج بالحزن، كما تقول للجزيرة نت "مشاهد العودة كانت صعبة، وكل متابعتي لها كانت بالبكاء. كنت أتمنى أن أكون مع أهلي وإخوتي وزوجي، كما مررت معهم بكل لحظات النزوح والتشريد والمعاناة في الخيام، كنت أتمنى أيضًا أن أعيش معهم فرحة العودة إلى غزة وبيوتنا".

الخطة الآن لا توجد

بينما كان زوجها وعائلتها يعودون إلى غزة، كانت أميرة تواجه تحديًا آخر في القاهرة، حيث اضطرت للانتقال من شقة إلى أخرى بمفردها، متحملة مسؤولية أطفالها الثلاثة. لكنها لا تقارن وضعها بما يعيشه أهل غزة اليوم، ولا همومها بهمومهم. فبالنسبة لها، ما تعتبره معاناة هنا هو في الواقع رفاهية يتمناها كل غزّاوي، كما تقول "أتمنى أن يتمّم الله عليهم شعور الراحة والأمان وهدوء البال. بعد الحرب، أدركت أن الخوف أقسى بكثير من المرض أو الموت أو حتى الفقر والاحتياج".

العودة غير مطروحة

توضح أميرة للجزيرة نت أن عودتها وأطفالها لم تعد مرتبطة فقط بوقف إطلاق النار، فالوضع في غزة أصبح أكثر تعقيدًا وأشد صعوبة. وتقول "لا يوجد أي مقومات للحياة حاليًا فلا كهرباء ولا مياه ولا غاز ولا منازل، حتى الأرض لم تُمهَّد بعد لإعادة البناء".

وفي انتظار ما ستؤول إليه التطورات الدولية بعد التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي، تأمل أميرة أن تبدأ عملية إعادة الإعمار، وتضيف "لذلك، أنتظر العودة بعد إعادة الإعمار، إلى جانب أنه ليس مسموحًا لنا الآن بالعودة إلى القطاع بأوامر من إسرائيل".

وتتابع المواطنة بمرارة "خرجنا من غزة بإرادتنا، لكننا الآن مجبرون على البقاء بعيدًا عنها" وتشير إلى أن خروج زوجها من القطاع للالتحاق بها في القاهرة أمر شبه مستحيل حاليًا بسبب التشديد على المعابر، حيث يقتصر السفر على الأسرى والمصابين فقط.

العودة لا تعني السلامة أو النجاة

على الجانب الآخر، كان جميل سعيد زرد (45 عامًا) -الذي أمضى في القاهرة 10 سنوات منذ مغادرته غزة عام 2015- يقضي ليلته محدقًا في شاشة الأخبار، يتابع لحظات عودة الغزيين إلى وطنهم، باحثًا بين الوجوه عن ابنه الوحيد بين 10 آخرين من إخوته، ولكن منير (23 عامًا) أصرّ على البقاء هناك. وانتقل بين غزة وخان يونس، ثم عاد إلى منزله المهدم، حيث وجد تحت أنقاضه أسرة عمه بأكملها، بعد أن قُصِف المنزل عليهم، ليستشهدوا تحت الركام، إذ لم يغادروا مع النازحين.

إعلان

ويقول زرد بصوت يملؤه الحزن "ابني رفض مغادرة غزة، رغم أن جميع إخوته خرجوا خلال الحرب. جاؤوا مع أزواجهم وأبنائهم، ودبرنا أمورهم هنا في القاهرة".

زرد -الذي يملك مطعمًا فلسطينيًا في القاهرة- لم يعد مطعمه مجرد مصدر رزق لعائلته، بل أصبح ملاذًا لكل غزيّ يطرق بابه طلبًا للمساعدة. ويقول "قدّمت ما استطعت هنا، لعل الله يلطف بابني الذي بقي هناك ويعيده لي سالما". ثم يستدرك وكأن الكلمات تخنقه "لكنه لن يعود سليمًا، حتى لو نجا".

مقالات مشابهة

  • عرض ترفيهي يتحول إلى كابوس.. دب سيرك يهاجم مدربه أمام ذهول الحضور
  • عنف مرتبط بالمخدرات.. قتيل في إطلاق نار بالعاصمة البلجيكية
  • مقتل شخص في إطلاق نار بالعاصمة البلجيكية
  • حرب عصابات المخدرات.. قتيل في إطلاق نار بالعاصمة البلجيكية
  • العودة المؤجلة.. نازحو غزة في القاهرة يترقبون إعادة الإعمار
  • حلمي عبدالباقي: قررت العودة للغناء بسبب جمهوري
  • بعد القدس الدور على مكة.. قراءة في كتاب العودة إلى مكة
  • الإفراج عن الناشط السعودي عبد العزيز العودة بعد 5 سنوات من الاعتقال
  • أربعيني يشعل النار في جسده وسط ذهول الحاضرين ..فيديو
  • نيمار يرغب في العودة إلى برشلونة