هل تدفع تركيا أذربيجان لإعادة النظر في علاقاتها مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
أنقرة- استقبل وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أمس الثلاثاء، نظيره الأذربيجاني جيحون بيراموف، في لقاء تركز على مناقشة تطورات القضايا الإقليمية الجارية.
وأكد فيدان على عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين تركيا وأذربيجان، مشددًا على أنها تقوم على أسس تاريخية وثقافية ولغوية وهوية مشتركة، وشدد على أن البلدين سيظلان متضامنين في كافة الظروف، سواء كانت جيدة أو سيئة.
ولم تغب القضية الفلسطينية عن اللقاء، حيث تطرق النقاش إلى العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ أكثر من 10 أشهر، مما أثار تساؤلات حول مدى تطابق الرؤى بين البلدين بشأن هذه القضية.
باكو وحرب غزةفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين إسرائيل وأذربيجان ازدهارًا ملحوظًا على جميع الأصعدة، فأصبحت الأخيرة واحدة من أكبر وجهات صادرات الأسلحة الإسرائيلية التي شكلت -بما فيها الطائرات الدقيقة وأنظمة اعتراض الصواريخ- عنصرًا حاسمًا في تفوق باكو خلال حرب قره باغ الثانية.
ووفقًا للخبراء، فقد قدمت إسرائيل حوالي 70% من ترسانة أذربيجان بين عامي 2016 و2020، مما منح باكو ميزة كبيرة أمام أرمينيا، وساهم بشكل كبير في تعزيز صناعة الدفاع الإسرائيلية.
وعلى الجانب الآخر، قامت أذربيجان بزيادة إمداداتها من الطاقة لإسرائيل، لتصبح مصدرًا رئيسيًا يوفر حوالي 40% من احتياجات الطاقة الإسرائيلية بعد اندلاع حرب أوكرانيا، ولم تقتصر العلاقة بين الطرفين على التعاون الاقتصادي والعسكري فحسب، بل امتدت إلى المجال الاستخباراتي، حيث تجد إسرائيل في أذربيجان موقعًا إستراتيجيًا لممارسة أنشطتها الاستخباراتية ضد "خصمها اللدود" إيران.
ومع تزايد التوترات الإقليمية، خصوصًا مع إيران، تبرز أذربيجان كلاعب رئيسي غير مستعد للتخلي عن علاقته المربحة مع إسرائيل، خاصة في ظل دعمها من تركيا وتفاهماتها مع روسيا. وخلال التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد الفلسطينيين في غزة، اكتفت أذربيجان بإصدار بيانات تندد بالعنف وتدعو إلى وقف الحرب والعودة إلى مفاوضات السلام، دون اتخاذ خطوات أكثر حدة ضد إسرائيل.
ورغم تعاطف الشارع الأذربيجاني مع الفلسطينيين، فإن غياب ضغط شعبي قوي أتاح للحكومة الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع إسرائيل، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الامتنان الكبير الذي تحظى به الأخيرة، لدورها في تعزيز القدرات العسكرية لأذربيجان خلال نزاعها مع أرمينيا.
وفي السياق الدبلوماسي، صوتت أذربيجان لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي دعا إلى هدنة إنسانية فورية في غزة، إلا أن هذا التصويت يعكس الحد الأقصى الذي قد تصل إليه باكو في دعم القضية الفلسطينية، في ظل توازناتها السياسية ومصالحها الإستراتيجية، بحسب مراقبين.
أسلحة إسرائيلية بمعرض أذربيجان الدولي للصناعات الدفاعية في باكو عام 2014 (غيتي) تباين مع أنقرةمنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة، اتخذت أنقرة موقفًا حازمًا ضد الانتهاكات الإسرائيلية بحق المدنيين الفلسطينيين، حيث تصاعدت ردود الفعل التركية بدءًا من الإدانات والاستنكارات العلنية وصولاً إلى وصف الرئيسِ رجب أردوغان رئيسَ الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "هتلر العصر".
واتخذت تركيا خطوات ملموسة كتعليق التعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة، كما فرضت قيودًا على تصدير 54 منتجًا إلى إسرائيل. وفي مطلع مايو/أيار الماضي، صعدت أنقرة من إجراءاتها بتعليق جميع المعاملات التجارية مع إسرائيل، في خطوة تعكس عمق الاستياء التركي من السياسات الإسرائيلية في غزة.
وأثار التباين الواضح في موقف أنقرة وباكو تساؤلات حول مدى تأثير التوترات الأخيرة بين تركيا وإسرائيل على العلاقة الوثيقة التي تجمع الأخيرة بأذربيجان.
وفي هذا السياق، أشار عميد كلية الاقتصاد العالمي بجامعة أذربيجان الحكومية محمد يوجا -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن تركيا تدرك خصوصية العلاقة بين أذربيجان وإسرائيل، والتي تعتمد بشكل كبير على مصالح إستراتيجية لا يمكن لباكو التخلي عنها في الوقت الراهن.
وأضاف أن من أبرز هذه المصالح: الدعم الذي تتلقاه باكو، من اللوبي الصهيوني في واشنطن الذي يوازن تأثير اللوبي الأرمني، ويساعدها في تحقيق طموحاتها في التوسع بالمناطق الشمالية الغربية من إيران، المعروفة في أذربيجان باسم "أذربيجان الجنوبية".
ويرى يوجا أن الظروف الحالية تسمح باستمرار العلاقة بين أنقرة وباكو دون اضطرابات كبيرة، لكنه يحذر من أنه في حال نشوب حرب إقليمية، قد تجد أذربيجان نفسها مضطرة لاختيار حليف واحد، مع احتمال أن تكون تركيا هي الخيار الأقرب، نظرًا للعلاقات التاريخية والإستراتيجية بين البلدين.
انزعاج تركيفي حديثه للجزيرة نت، أكد المحلل السياسي المختص بالشأن التركي طه عودة أوغلو أن العلاقات التركية الأذربيجانية تتميز بصلابة واضحة، تجلت في الدعم الكبير الذي قدمته تركيا لأذربيجان خلال حرب قره باغ، واستمرار التواصل الوثيق بين البلدين.
ومع ذلك، أشار أوغلو إلى أن حرب غزة قد عقدت الأوضاع في عدة ساحات، حيث يظهر تناقض في العلاقة التركية الأذربيجانية على خلفية التصريحات المتتالية للرئيس التركي ضد إسرائيل ورئيس وزرائها، مقابل موقف أذربيجان الذي يتسم بالتحفظ وعدم انتقاد الاحتلال واستمرار التعاون العسكري والطاقوي مع إسرائيل.
وأضاف المحلل السياسي أن هذا التباين تسبب في تعقيد الأمور بين أنقرة وباكو، رغم متانة العلاقة التي تظهر في الإعلام، مشيرًا إلى وجود انزعاج تركي من موقف أذربيجان في هذا الملف، كما أوضح أنه لا يعتقد أن أنقرة تستطيع التأثير بشكل كبير على باكو فيما يتعلق باستمرار علاقاتها مع إسرائيل، خاصة وأن النفط الأذربيجاني يُنقل ويُصدر من ميناء جيهان التركي، وهو ما تحتاجه أنقرة بشدة الوقت الحالي.
وأكد أوغلو أن التوتر بين تركيا وإسرائيل سيؤثر بشكل كبير على أذربيجان، مشيرًا إلى أنه قبل اندلاع حرب غزة لعبت باكو دورًا بارزًا في تقريب وجهات النظر وتطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، وهو ما أثمر عن اجتماع بين أردوغان ونتنياهو، وكان هناك توقعات بزيارة الأخير إلى أنقرة، إلا أن اندلاع الحرب في غزة أوقف هذا المسار وأجج التوترات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مع إسرائیل بین ترکیا بشکل کبیر إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
قبل سقوطه.. الأسد اشتكى لإيران من دعم تركيا للمعارضة
قال مسؤولان إيرانيان لرويترز، إن الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد اشتكى لوزير الخارجية الإيراني في الأيام الأخيرة التي سبقت الإطاحة به؛ من أن تركيا تدعم بقوة قوات المعارضة لإسقاطه.
وانتهت خمسة عقود من حكم عائلة الأسد يوم الأحد عندما فر الرئيس إلى موسكو، حيث منحته الحكومة اللجوء.
دعمت إيران الأسد في الحرب الأهلية الطويلة في سوريا، وكان يُنظر إلى الإطاحة به على نطاق واسع على أنها ستكون ضربة كبيرة "لمحور المقاومة" بقيادة إيران، وهو تحالف سياسي وعسكري يعارض النفوذ الإسرائيلي والأمريكي في الشرق الأوسط.
ومع استيلاء مقاتلين من هيئة تحرير الشام، التي كانت متحالفة مع تنظيم القاعدة في السابق، على المدن الكبرى وتقدمهم نحو العاصمة، التقى الأسد بوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في دمشق في الثاني من ديسمبر (كانون الأول).
ووفقاً لمسؤول إيراني كبير، عبر الأسد خلال الاجتماع عن غضبه، مما قال إنها جهود مكثفة من جانب تركيا لإزاحته.
وقال المسؤول إن عراقجي أكد للأسد استمرار دعم إيران ووعد بإثارة القضية مع أنقرة.
وفي اليوم التالي، التقى عراقجي بوزير الخارجية التركي هاكان فيدان للتعبير عن مخاوف طهران البالغة بشأن دعم أنقرة لتقدم المعارضة.
وقال مسؤول إيراني ثان "التوتر خيم على الاجتماع. عبرت إيران عن استيائها من انحياز تركيا للأجندات الأمريكية والإسرائيلية ونقلت مخاوف الأسد"، وذلك في إشارة إلى دعم أنقرة للمعارضة السورية وتعاونها مع المصالح الغربية والإسرائيلية في استهداف حلفاء إيران في المنطقة.
وقال المسؤول إن فيدان ألقى باللوم على الأسد في الأزمة، مؤكداً أن عدم انخراطه في محادثات سلام حقيقية وسنوات حكمه القمعي هي الأسباب الجذرية للصراع.
وقال مصدر في وزارة الخارجية التركية مطلع على محادثات الوزير إن هذه ليست التصريحات الدقيقة التي أدلى بها فيدان، وأضاف أن عراقجي لم يحمل أو ينقل أي رسائل من الأسد إلى أنقرة، لكنه لم يقدم تفاصيل.
وقال فيدان للصحفيين في الدوحة يوم الأحد إن نظام الأسد كان لديه "وقت ثمين" لمعالجة المشاكل القائمة في سوريا، لكنه لم يفعل، وسمح بدلًا من ذلك "بالتفكك البطيء وانهيار النظام".
وقال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي يوم الأربعاء إن الإطاحة بالأسد كانت نتيجة لخطة من الولايات المتحدة وإسرائيل.
وأضاف أن إحدى دول جوار سوريا كان لها دور أيضاً. ولم يذكر بلداً بالاسم لكن بدا أنه يشير إلى تركيا.