إحلال الإنسانية لأجــل نزعهــا
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
البروفيسور الذي قضى جلّ حياته في وضع النظريات، لم يخطر بباله أن الحياة ستكون من القسوة بحيث تلعب أمامه تمثيلاً واقعياً لنظرياته، التي وضعها وهو يجلس آمناً في مكتبه، يُفكر ويكتب. ديفيد ليفينغستون سميث David Livingstone Smith، والذي كرّس جزءا طويلا من حياته لدراسة موضوع «نزع الإنسانية»، يُخبرنا أن ثمة نمطا للبروباغندا التي تسبق أي إبادة.
كان التعبير «حيوانات بشرية» فأنت إذا ما كنت أمام حيوان، فستُحاكمه على هذا الأساس. الحيوان لا يُحاكم أخلاقيا ولا جزائيا، ولا يُجازى لأنه سلك سلوكه «الطبيعي»، فقليلاً ما نُفكر أن الحيوانات تشذ. الإنسان هو من يرتكب. ووصفهم بحيوانات يحقرهم، لكنه لا يذهب أبعد من ذلك، أي لا يوجد مبرر لإبادتها. مع هذا فهذا الكائن الذي بين يدينا، ليس إنساناً، فإذا ما ارتكب الإنسان فعلاً، فإنه يُجازى من جنس عمله. إلا أن ثمة نوعا محددا من البشر هم تمثيل للشر، ونموذج للوحشية، لا يُمكن مجادلتهم، ولا ضبطهم. كائنات يُمثل وجودها بحد ذاته، تهديداً. وبهذا لا يكون لاضطهادهم حمولة أخلاقية، ولا يكون في قتلهم خرق للحق الإنساني، لأن هذا حق هم ليسوا أهلاً له، لأنهم لم يستوفوا الاشتراطات الإنسانية. وهكذا يتم استقبال العنف من الطرفين على نحو مختلف. فعنف المُضطهِد يُطبع معه، وعنف المضطهَد دليل على جانبه الوحشي غير الإنسي. يقول سميث إن «الدون بشري (subhuman)» هو كائن وجوده معضلة (لأنه يجمع حالتين متناقضتين)، ووضعه يُشبه الزومبي، الذي هو حي وميت في الوقت نفسه.
يلتقي «نزع الإنسانية» بالتعريق «Racialization»، وهو الإيمان بأن الهوية العرقية لمجموعة ما مركبة هيكلياً من خلال المجتمع. يُمكن لهذا أن يؤخذ ليعني أن الإنسان-الحيوان جوهرياً مختلف. لهذا يُحدّق إليه (في أوضاع السلم) تحديقة إعجاب إكزوتيكية، إلى ملابسه، فنونه، طريقة حياته. إعجابٌ متعالٍ، وتقدير مؤمن بالتفوق، كما يحدث ويُقدّر في كلبة شارع حنانها على صغارها. أو يجدون فيه دافعاً للممايزة، ليؤكدوا على تفوقهم: حتى تلك المجموعة الإكزوتيكية تفعل كذا، أو أتريدوننا أن نكون مثل تلك الجماعة. هذه العقلية ذاتها التي -وإذا ما جاء وقت الحرب- تُستثمر في تجريدهم شيئا فشيئا من إنسانيتهم، عبر تكبير الاختلافات. بما في ذلك الاختلافات في السمات الشكلية. فعيون الفتناميين تُصبح ممطوطة أكثر، ولحية العربي أطول.
يُفهم مصطلح «نزع الإنسانية» بطرق أخرى، أي باعتبارها أدوات نفسية كولونيالية، الأحرى أنها أدوات سلطة، يُمكن لصاحب السلطة أن يستخدمها ضد شعبه، حتى وإن اشترك معه في الهوية العرقية. وظيفة هذه الأداة أن تُشعر هذا الكائن أنه منزوع التاريخ، والإرث، والذكريات. وأن وجوده على الأرض التي يقف عليها طارئ، ولأنه منبثق من العدم، فمن السذاجة أن يُدافع بهذه القوة عن مكان يعبره، من السذاجة أن يضع عواطفه، وآماله، أن يُصرّ ويتحسر في شيء أُجرّ له، أو مُنح له كمنّة، أو صادف أنه وُجد عليه.
أحياناً، يُقصد به التعامل مع الإنسان كرقم، كمجموعة بيانات تُسلم لخوارزمية تتخذ القرارات، وتفرضها عليه، ويُترك بيد الآلة أن تُحدد مصيره، وما إن كان هدفاً يستحق القتل من عدمه.
هذه معانٍ لا يقصدها سميث عندما يتحدث عن نزع الإنسانية. فالنزع بالنسبة له حالة ذهنية، حتى وإن لم يكن لها تجلٍ سلوكي، وهي مقدمة لشرعنة الإبادات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: نزع الإنسانیة
إقرأ أيضاً:
وزير الري يصل القليوبية ويتفقد عملية إحلال وتجديد قنطرة فم بحر مويس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
وصل الدكتور هانى سويلم وزير الموارد المائية والري صباح اليوم الثلاثاء إلى محافظة القليوبية، وذلك لتفقد مشروعات الموارد المائية والرى بالمحافظة، وكان في استقباله المهندس أيمن عطية محافظ القليوبية، والذى أعرب عن ترحيبه بزيارة الوزير، حيث تم مناقشة التنسيق المشترك بين الوزارة والمحافظة فيما يخص تنفيذ السياسة المائية بالمحافظة .
وتفقد الدكتور سويلم يرافقه المهندس عطية موقع تنفيذ عملية إحلال وتجديد قنطرة فم بحر مويس ، حيث تابع سيادته أعمال الإحلال الجارية بالقنطرة، موجها بمراعاة كافة المعايير والمواصفات المتبعة لضمان جودة التنفيذ، وقيام قطاع التفتيش الفني والمالي والإداري بمراجعة كافة الأعمال والاختبارات للتأكد من الالتزام بكافة المعايير والمواصفات والاشتراطات الفنية واجبة التنفيذ .
كما وجه بالحفاظ علي الطابع الأثري للقنطرة القديمة، وإشراك وزارة السياحة والآثار في عمليات الترميم للحفاظ علي الطابع الأثري للقنطرة التى مر على إنشائها حوالى ١٥٠ عاما ، كما وجه سويلم بدراسة الإستفادة من نواتج التكريك بموقع العملية وبحث إستثمارها بالشكل الأمثل .
وصرح الدكتور سويلم أنه وبناءاً على قاعدة بيانات المنشآت المائية والسابق إعدادها لعدد 47 ألف منشأ مائى بهدف تقييم الحالة الفعلية لهذه المنشآت، فقد بدأت الوزارة فى تفعيل بروتوكول تعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لتنفيذ أعمال تأهيل المنشآت المائية والتى تتضمن كمرحلة أولى إحلال قنطره فم بحر مويس و5 سحارات و3 تغطية و6 برابخ و47 منشأ نهاية ترعة و257 بوابة ، حيث تهدف الوزارة لتطوير وتحديث البوابات كأحد أدوات تطوير منظومة الرى 2.0 كخطوة لتوزيع المياه اعتمادا على التصرفات بديلا عن المناسيب .
ووجه سويلم، رئيس الإدارة المركزية لصيانة المجارى المائية بمتابعة إزالة نواتج التطهيرات من على جسور المجارى المائية بالتنسيق مع أجهزة المحليات .
زيارة وزير الري للقليوبية 1000041101 1000041102 1000041100 1000041096 1000041099 1000041098 1000041094 1000041097 1000041093 1000041092 1000041095 1000041091