لجريدة عمان:
2025-01-23@05:04:09 GMT

حرب نتانياهو في الشرق الأوسط

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

باستمرار ظلت مسألة المفاوضات حول الأسرى الإسرائيليين بين حماس وإسرائيل عبر الوسطاء تراوح مكانها على مدى 10 أشهر. وفي كل مرة يضخ فيها الإعلام تطمينًا للجميع بأن الصفقة ستبرم عبر اتفاق نهائي لا محالة؛ تظهر عقبات إما أن تؤدي إلى تأجيل المفاوضات أو انهيارها، لتكر المسألة مرة أخرى مع تبشير أمريكي جديد بقرب التوصل إلى صفقة، لكن الجميع يتفاجأون بعد ذلك بخيبة أمل متجددة.

من الواضح جدًا - كما صرح أكثر من طرف في المفاوضات - أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو - وحده - من لا يريد لهذه الحرب أن تنتهي إلا بحرب إقليمية كبرى تعفيه من استحقاقات اليوم التالي لوقف إطلاق النار - في حال انتهاء الحرب في غزة دون تداعيات إقليمية.

تشدد نتانياهو، أولاً، بالإصرار على البقاء في معبر فيلادلفيا - الذي تعارض مصر البقاء فيه - ثم بإضافته مزيدًا من الشروط لعرقلة إتمام الصفقة، وصولًا إلى بلوغه خطوطا حمراء لم يبلغها أحد غيره من قبل في إسرائيل، كأمره باغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران، وكذلك اغتيال الرجل الأول في حزب الله بعد أمينه العام حسن نصر الله (فؤاد شكر) كل ذلك يدل على أن الرجل عالق في مأزق جنوني خطير يتصل بالخوف على مستقبله الشخصي.

وبرغم ارتفاع مستوى شعبية نتانياهو إثر مقتل هنية وشكر، إلا أن المظاهرات عادت مرة أخرى في إسرائيل للمطالبة بإتمام الصفقة من أجل إطلاق سراح الأسرى الذين تحتجزهم حماس في غزة.

كما بدا واضحا من الأنباء التي تفيد بأن نتانياهو ينوي إقالة كل من وزير الدفاع الإسرائيلي وقائد هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، أن نتانياهو ينوي السيطرة على الجيش ليتحكم في قرار الحرب عبر شخصيات مطيعة له في كل من الجيش ووزارة الدفاع.

وحين يقول الجيش الإسرائيلي أنه قد قضى على لواء رفح التابع لحماس في غزة وأن مهمته قد انتهت في غزة، فإن المثير للاستغراب هو؛ كيف يمكن لجيش قضى 10 أشهر في غزة بحثًا عن محاولة لاستعادة الأسرى الذين أسَرَتهم حماس منذ يوم 7 أكتوبر الماضي دون أن يستعيدهم، كيف يزعم أن مهمته انتهت؟

من الواضح جداً أن وراء ذلك الزعم الذي يروج له الجيش الإسرائيلي في انتهاء مهمته في غزة، قرار لنتانياهو بالتخلي عن الأسرى الإسرائيليين في غزة، ما يعني محاولاته المستميتة في الاستمرار بالحرب إما في الجبهة الشمالية بلبنان أو في الضفة الغربية، كما دلت على ذلك مؤشرات كثيرة.

واقع الحال يقول إن نتانياهو أدرك تماماً أن نجاته من المصير الذي ينتظره بعد الحرب هو فقط في إشعال حرب إقليمية يصبح فيها مصيره الشخصي عندئذ تفصيلاً صغيراً مقابل الأهوال التي ستخلفها حرب إقليمية كبرى في المنطقة.

كل المؤشرات تتجه بأنه إما أن يكون الرد الإسرائيلي على إيران (حال قيام الأخيرة بقصف إسرائيل ردا على مقتل هنية) مستدعيا لحرب إقليمية مهما كان الرد الإيراني ناعما (كالذي حدث في أبريل الماضي) أو أن نتانياهو سيتبرع بجريمة أخرى من وزن ثقيل لإشعال حرب إقليمية في المنطقة كاغتيال الأمين العام لحزب الله - حسن نصر الله - وقد سبق لإسرائيل أن اغتالت أمين عام حزب الله السابق عباس الموسوي عام 1992م ففي وجه الأزمات التي تهب على نتانياهو، وآخرها احتمال أزمة دستورية قد تتجه إليها إسرائيل نتيجة لتهربه من إقامة لجنة تحقيق رسمية في الإخفاقات التي رافقت هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر، خوفاً من إدانته بالتقصير، ليس من المستبعد أن يقوم نتانياهو بما يطيل من أمد الحرب، لاسيما وأنه يدرك الوضع المشلول للرئيس الأمريكي جو بايدن، وانشغال الولايات المتحدة بالانتخابات المقبلة.

سيظل نتانياهو يلعب دور المعطل لأي اتفاق يقضي بعودة الأسرى مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين وصولاً إلى لحظة تنفجر فيها التناقضات المؤدية إلى حرب إقليمية بأي سبب من الأسباب التي ذكرناها سابقاً، ليصبح من الوضوح بمكان - كما قلنا من قبل - أن ما حدث في عملية طوفان الأقصى؛ إما أن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، وهذا ما يبدو مستبعداً في ظل المزاج اليميني المتطرف للمجتمع الإسرائيلي خصوصا بعد عملية طوفان الأقصى، وإما حرب إقليمية يبدو أن نتانياهو هو الشخص الوحيد الذي يريدها في الشرق الأوسط.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أن نتانیاهو حرب إقلیمیة فی غزة

إقرأ أيضاً:

ما خسرته إيران ربحه العرب

آخر تحديث: 22 يناير 2025 - 9:42 صبقلم: فاروق يوسف إذا كانت لديك مشكلة في لبنان فعليك الذهاب إلى إيران التي لها رأي لا يستهان به في مستقبل سوريا. أما حركة حماس فإنها لا تخطو خطوة واحدة إلا بعد أن تعرضها على الولي الفقيه. ذلك كله صار من الماضي. لقد تم فك الأنشوطة الإيرانية التي لُفّت حول رقبة الشرق الأوسط. أما العراق فإنه وإن كان يبدو كما لو أنه حكاية أخرى فإن مستقبله الإيراني على وشك الأفول. إيران اليوم تفكر في مستقبلها لا في مستقبل العراق. لم يعد العراق جزءا من أوراقها التي تمارس من خلالها الضغط على الولايات المتحدة التي لم تعد من جهتها مالكة لقرار التمسك به أو التخلي عنه. لقد دخلت إسرائيل على الخط بعد أن صار استهدافها من العراق عملا تحريضيا إيرانيا. وهكذا لم يعد التفكير في صورة الشرق الأوسط الجديد بنسخته الأميركية ملزما بقدر ما صارت ضرورات الأمن الإسرائيلي هي التي ترسم الخرائط السياسية لمنطقة آن لها أن تستريح من الصداع الإيراني الذي هو عبارة عن متاهة، كل دروبها مغلقة. بين السابع من أكتوبر عام 2023 والسابع من ديسمبر عام 2024 امتد خط الزلزال الذي اعتقدت إيران أن نتائجه ستكون لصالحها. فعلت ما كانت تراه مناسبا لمستقبلها في المنطقة وكانت تعرف أنها لن تخسر شيئا على مستوى وجودها السياسي داخل أراضيها. غامرت إيران بالآخرين الذين أبدوا استعدادا للانتحار من أجلها. غير مرة نفت إيران صلتها بما حدث في غزة كما أن حسن نصرالله زعيم حزب الله السابق كان قد أكد مرارا أن إيران لم تأمره بشن حرب على إسرائيل. وقد لا تكون إيران قد أخبرت بشار الأسد بأن موعد رحيله عن السلطة بات قريبا بعد أن تم استبعادها من الصفقة الأميركية – الروسية التي قامت تركيا بتنفيذ بنودها على الأرض السورية. نكون سذجا إذا ما اعتقدنا أن علي خامنئي كان مهتما بمصير بشار الأسد. لقد تم استهلاك الفصل السوري من الحكاية سريعا بعد أن فقد الإيرانيون وبشكل نهائي درة تاجهم في المنطقة وهو حزب الله الذي بات نسيا منسيا بالنسبة إلى صناعة القرار في لبنان. هل يعني ذلك أن إيران في طريقها إلى المسافة صفر من مشروعها التوسعي الذي ظن البعض أنه صار واحدة من الحقائق الراسخة في منطقة الشرق الأوسط؟ بالنسبة إلى صناع القرار السياسي والعسكري ومنفّذيه لم تكن هناك إمكانية لإعادة رسم الخرائط السياسية في المنطقة إلا إذا كانت تلك العملية تُجرى لصالح تكريس النفوذ والهيمنة الإيرانية إلى زمن ليس بالقريب. كان الحديث عن إمبراطورية فارس التي عادت إلى الوجود وهي تطل على بحرين وتتحكم بخط سير جزء مهم من التجارة العالمية هو واقع حال لا يقبل جدلا بحيث صار أنصار إيران ينتظرون الساعة التي يعترف فيها العالم بها قوة إقليمية عظمى تستأذنها القوى الكبرى في ما يتعلق بالشرق الأوسط. ربما كان السلوك الروسي بما انطوى عليه من نفاق سياسي قد وهبها مكانة لا تستحقها حين كانت جزءا من مباحثات كانت تُجرى لتصريف الشأن السوري. وربما لعبت الولايات المتحدة دورا في تكريس ذلك الوهم حين ظلت تغض النظر عن الأبواب العراقية المفتوحة على إيران لإنقاذ اقتصادها. لقد ظن الكثيرون أن مستقبل الشرق الأوسط سيكون موزعا بين ثلاث قوى، إيران وإسرائيل وتركيا. تلك قراءة تلغي بشكل تام تأثير العامل العربي، وعلى أساسها لن يكون العرب سوى كتلة بشرية لن يكون لها دور في التأثير على مستقبل الشرق الأوسط الجديد الذي ليست فكرة التبشير بولادته جديدة، بل تعود إلى عقود ماضية. تلك قراءة أثبتت أنها لا تتمتع بالعمق والدراية والتمعن في المستجدات التي يمكن أن تقع بطريقة صادمة كما حدث حين سمح المجتمع الدولي لإسرائيل بأن تفعل ما تراه مناسبا لأمنها وبالطريقة التي تناسبها بل والأنكى من ذلك أن جزءا مهما من العالم فتح لإسرائيل مخازن أسلحته ليعينها في مشروعها. إذا كان موقف الولايات المتحدة وأوروبا محسوما لصالح إسرائيل فماذا عن موقفي الصين وروسيا؟ ما صار واضحا أن هناك قرارا دوليا يقضي بإعادة إيران إلى حدودها وإنهاء أسطورتها التي لم تكن سوى ورقة خاسرة في لعبة هي أكبر منها بل وحتى أكبر من تركيا أما إسرائيل وهي دولة صغيرة، قليلة السكان فإن ما يهمها سوى أن يكون لها مكان آمن في ذلك الشرق التي تعرف أنها لن تقوى على حكمه. وما لا يمكن إنكاره أن الجهد العربي في إفشال المشروع الإيراني سيعيدهم إلى الخارطة السياسية بطريقة تتناسب مع رغبتهم المؤكدة في صنع مستقبل حيوي للمنطقة بعيدا عن الشعارات الجوفاء.

مقالات مشابهة

  • بعد وقف إطلاق النار..عودة حماس إلى شوارع غزة تحرج نتانياهو
  • لا سلام فى الشرق الأوسط بعيدًا عن مصر
  • كيف سيعيد ترامب تشكيل الشرق الأوسط ؟
  • تقرير: نتانياهو محاصر بين "الوعد الوهمي" والالتزام أمام ترامب
  • ما خسرته إيران ربحه العرب
  • ترامب يسحب الحماية من بولتون ويؤكد: غبي فجر الشرق الأوسط
  • طارق فهمي: قرارات ترامب ستؤدي إلى تجاذبات إقليمية ودولية وتزايد تأثيرات أمن الطاقة
  • تأكيدا لموقف أُعلن منذ بداية الحرب.. ما قصة قرارات الإفراج التي سلمتها المقاومة للأسيرات؟
  • تأكيدا لموقف أُعلن من بداية الحرب.. ما قصة قرارات الإفراج التي سلمتها المقاومة للأسيرات؟
  • راصد الزلازل الهولندي الشهير يحذر الشرق الأوسط من كارثة