أوكرانيا تتخطَّى الخطوط الحمراء لموسكو وواشنطن
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
أوكرانيا بهجومها على كورسك لم تعبر حدودَ روسيا فقط ولكنها أيضا تخطت الخطوط الحمراء التي وُضِعَت في واشنطن. فمنذ غزو روسيا الشامل لأوكرانيا تصرُّ الولايات المتحدة على أن هدفها هو مساعدة أوكرانيا في الدفاع عن أراضيها والبقاء كدولة ذات سيادة. وأية فكرة بإمكانية نقل الحرب إلى داخل روسيا كانت تعتبر خطرة.
في أعقاب التوغل في كورسك أبدى فولوديمير زيلينسكي رئيس أوكرانيا استخفافا بالقيود التي وضعتها أمريكا على المجهود الحربي لأوكرانيا وأدان ما وصفه بالمفهوم «الساذج والوهمي لما يسمى بالخطوط الحمراء فيما يتعلق بروسيا والذي هيمن على تقييم الحرب بواسطة بعض الشركاء».
لكن هل حدث ذلك حقا؟ الاختلاف بين الحذر في واشنطن وركوب المخاطر في كييف يعكس ليس فقط اختلافا في التحليل حول مدى الضغط الذي يمكن أن يوجَّه للرئيس بوتين ولكنه يعكس أيضا اختلافا دقيقا في أهداف الحرب.
في بداية الصراع وضع الرئيس بايدن لإدارته هدفين. أولهما دعم أوكرانيا. لكن الثاني كان تجنب حرب عالمية ثالثة. وإذا أُجبِرت الولايات المتحدة على الاختيار بين هذين الهدفين فمن الواضح أنها ستختار الهدف الأخير.
غير أن أوكرانيا تقاتل من أجل بقائها. ومن شأنها أن تقبل بانخراط الولايات المتحدة مباشرة في حرب مع روسيا. وحسب كتاب صدر مؤخرا لديفيد سنجر، أستاذ العلوم السياسية بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، مضى بايدن حتى إلى الإيحاء لمعاونيه بأن زيلينسكي قد يحاول عن عمد جرجرة الولايات المتحدة إلى حرب عالمية ثالثة.
نتيجة لذلك هنالك شهية مختلفة للمخاطرة في واشنطن وكييف. فالولايات المتحدة ظلت دائما حذرة بشأن أنواع الأسلحة التي تزود بها أوكرانيا.
عندما سلَّحت أوكرانيا بصواريخ «هيمارس» بعيدة المدى لأول مرة وضعت إدارة بايدن قيودا على مدى إطلاقها. وفي مايو فقط أذنت واشنطن لأوكرانيا باستخدام الأسلحة التي تمدها بها الولايات المتحدة ضد أهداف داخل روسيا (قريبا من حدودها فقط.) هذه القيود لا تزال سارية على الرغم من أن الأوكرانيين يضغطون بشدة لرفعها.
الاختلاف في القبول بالمخاطر بين أمريكا وأوكرانيا انعكس داخل أوروبا. فالبلدان القريبة من الجبهة الأمامية للقتال والتي تشعر بأنها مهددة مباشرة من روسيا مثل استونيا وبولندا ضغطت لمنح أوكرانيا المزيد من الأسلحة المتقدمة والسماح لها بحرية أكبر في استخدامها. أما ألمانيا فتتباطأ كثيرا وباستمرار في التحرّك.
يشكو الأوكرانيون منذ فترة طويلة من أن حذر أقوى حلفائهم يعني أنهم يقاتلون وأياديهم خلف ظهورهم. فروسيا حرة في الضرب عميقا داخل أوكرانيا لكن أوكرانيا ممنوعة من الردّ.
تقول الحكومتان الأوكرانية والأمريكية كلتاهما: إن إدارة بايدن لم تُخطَر بالهجوم على كورسك قبل وقوعه. ذلك يبدو صحيحا على الرغم من أن من مصلحة أمريكا (وهذا واضح) إنكار التورط المباشر في التخطيط لهجومٍ على التراب الروسي.
في الهجوم على كورسك احتذى الأوكرانيون حذو إسرائيل بالقيام بعمل عسكري لم تصادق عليه واشنطن. والافتراض لدى كل من أوكرانيا وإسرائيل في ذلك أنهما في حال نجاح الهجوم ستحصلان على موافقة «بأثر رجعي» من أمريكا. وإذا فشل ستساعدهما في نهاية المطاف على التعامل مع العواقب.
في الوقت الحاضر هنالك تفاؤل حذر في واشنطن بشأن هجوم كورسك على الرغم من أن الشكوك لا تزال قائمة حول قدرة قوات كييف على التمسك بالأراضي التي سيطرت عليها والصمود أمام الهجمات الروسية في شرقي أوكرانيا.
لكن حتى النجاح الأوكراني من المستبعد أن يقود إلى تخلي الولايات المتحدة عن الحذر. فالأمريكيون لا يزالون عازمين على تجنب القتال المباشر مع روسيا ويأخذون تهديد الحرب النووية مأخذ الجد.
تعلم الولايات المتحدة أن بوتين هدد علنا باستخدام الأسلحة النووية وأن الروس ظلوا يتدربون باستمرار على استخدامها في التمارين العسكرية. ففي عام 2022 رصدت الاستخبارات الأمريكية محادثات متكررة وأحيانا تفصيلية بين المسؤولين العسكريين الروس عن استخدام السلاح النووي.
من المحتمل أن بعض تلك المحادثات كان القصد منها أن تصل إلى الأسماع (في واشنطن). لكن على أية حال تعاملَ الأمريكيون مع تهديدات روسيا العلنية وثرثرتها السرية بقدر كاف من الجدية إلى حد أنها دفعت جيك سوليفان مستشار بايدن للأمن القومي إلى تحذير روسيا من «عواقب كارثية» إذا لجأت إلى الخيار النووي. يشير الأمريكيون إلى تحذير جيك سوليفان لدحض فكرة أنهم ببساطة استسلموا في وجه التهديدات الروسية. فالولايات المتحدة بدلا من احترام خطوط روسيا الحمراء تخطّتها رويدا رويدا، هي وحلفاؤها، لمعرفة إلى أي حد يمكن الضغط على روسيا عبر التصعيد التدريجي.
يعتقد المحللون الغربيون أن هجوم كورسك كشف الآن وعلى نحو قاطع خواء التهديدات النووية الروسية. ويحاجج فيليبس أوبرايان أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة سانت آندروز بقوله: إن غزو روسيا «ظل دائما الخط الأحمر الأخير المفترض لاستخدام الأسلحة النووية... والأوكرانيون يتقدمون عبره تماما».
لكن الولايات المتحدة لا تعتقد أن الخط الأحمر الأخير تم تخطيه بنجاح. فمستشارو بايدن ما زالوا يعتقدون أن الروس قد يلجأون إلى استخدام الأسلحة النووية إذا كان بوتين يظن أن بلاده على شفا هزيمة كاملة. والأوكرانيون على حق عندما يشْكُون من أن حلفاءهم مرعوبون من فكرة الانتصار.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی واشنطن
إقرأ أيضاً:
واشنطن ترحب بتمديد عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا
رحب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بتمديد العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا بسبب حربها ضد أوكرانيا.
الأمم المتحدة تتلقى إشعارًا بانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ واشنطن تشيد بدور ملك المغرب القيادي في النهوض بالسلام والأمن الإقليمي والدوليجاء ذلك، حسبما نشرته الخارجية الأمريكية في بيان اليوم الأربعاء خلال اتصال هاتفي أجراه روبيو مع الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية كايا كالاس لمناقشة القضايا الأمنية والتعاون بين الجانبين.
وشدد روبيو على أهمية تعزيز الأمن عبر الأطلسي، داعيا أوروبا إلى زيادة الإنفاق الدفاعي، كما ناقش التحديات التي تطرحها الصين.
وبحسب البيان، بحث الجانبان سبل تعزيز التعاون الأمريكي-الأوروبي بشأن الأولويات المشتركة.
الأمم المتحدة تتلقى إشعارًا بانسحاب واشنطن من اتفاقية باريس للمناخ
كشفت الأمم المتحدة، أنها تلقت إشعارًا أميركيًا يفيد بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ.
بحسب سكاي نيوز عربية، قد أعلن دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، عقب تنصيبه في 20 يناير الجاري انسحاب بلاده من الاتفاقية.
ووقعت اتفاقية المناخ عام 2015 بهدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل عصر الصناعة لتجنب تأثير الأمر على المناخ.
وفي وقت سابق، وقع ترامب، على أمر تنفيذي بالانسحاب من اتفاق باريس في قاعة كابيتال وان أرينا في واشنطن أمام حشد من مؤيديه وقال إن الاتفاق خدعة غير عادلة ومنحازة وستنسحب منها واشنطن.
ولفت إلى أن استمرار الولايات المتحدة في الاتفاقية يجعل صناعتها تتعرض للضرر في الوقت الذي تطلق فيه الصين العنان للتلوث دون عقاب.
وتعد الولايات المتحدة من أكثر الدول التي تساهم في الانبعاث الحراري كما أنها من أكبر مصدري النفط والغاز الطبيعي في العالم.
وفي وقت سابق، شهد ساحة الأمم المتحدة بجنيف، وقفة تضامنية حاشدة، نظمها ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان، بمشاركة منظمات حقوقية ونشطاء من مختلف دول العالم.