بريطانيا ساعدت إسرائيل في انتهاك القانون الدولي
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
يجب أن يكون تاريخ بريطانيا في إرساء القانون الدولي ودعمه مصدرا للاعتزاز. فقد كانت المملكة المتحدة ذات يوم في صدارة الدول التي تحاكم جرائم الحرب وتحمي حقوق الإنسان الدولية وتشارك في وضع اتفاقية جنيف. غير أن حكومات حديثة تعاملت مع القانون الدولي بازدراء، إذ شرَّعت إدارات متعاقبة تابعة لحزب المحافظين ما ينتهك اتفاقية التبادل التجاري مع الاتحاد الأوروبي بعد شهور من إقرارها، وانتهكت اتفاقية اللاجئين بخطة رواندا، وكررت التهديد بالانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
ولقد سنحت بالانتخابات العامة فرصة لإعادة ضبط المسار. فكان من أوائل ما قامت به حكومة ستارمر أن أوقفت محاولة المملكة المتحدة لإعاقة قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع في حكومته يوآف جالانت. كما استأنف رئيس الوزراء الجديد تمويل وكالة أونروا لغوث اللاجئين.
غير أن هذه الخطوات الإيجابية لا تحكي القصة الكاملة. فقد دعا ديفيد لامي حينما كان في المعارضة إلى نشر المشورة القانونية بشأن مبيعات الأسلحة البريطانية لإسرائيل. ومنذ تولى السلطة، يزعم لامي أن نشر المشورة «عملية شبه قانونية ومن المهم أن أتبع الإجراءات بالطريقة الملائمة». والحكومة لديها السلطة المطلقة لنشر المعلومات بموجب الفقرة الثامنة والسبعين من قانون المعلومات لعام 2000. أما قرار عدم النشر فهو قرار سياسي.
غير أن بوسعنا أن نرى لمحة من رؤية الحكومة القانونية في مذكراتها المقدمة بشأن الاعتراضات المستمرة على مبيعات الأسلحة لإسرائيل (إذ لا تزال حكومة ستارمر تدافع عن القضية). يبدو أن موقف الحكومة لا يزال بصفة عامة هو أن مبيعات الأسلحة قانونية لأن إسرائيل لا تنتهك القانون الدولي. غير أن الحكومة تعتمد بصورة كبيرة على الضمانات المقدمة من إسرائيل نفسها. وليس من الواضح ـ في هذه الأوراق على الأقل ـ ما لو أن المملكة المتحدة قد بذلت أي جهد للتحقق من مزاعم إسرائيل.
إن قضية مبيعات الأسلحة المرفوعة على الحكومة أمر يتعلق بالقانون المحلي. ولكن للمملكة المتحدة أيضا التزامات (بل ومسؤوليات محتملة) بموجب القانون الدولي. في مايو، انتهت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة إلى أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وهذه تتضمن التعذيب والقتل والعنف الجنسي واستعمال التجويع ضد المدنيين باعتباره وسيلة حرب. وفي يوليو قضت محكمة العدل الدولية بأن احتلال إسرائيل للضفة الغربية وغزة غير قانوني. وانتهت إلى أن إسرائيل انتهكت حقوق الفلسطينيين في تقرير المصير واستحقاقهم للتخلص من «التمييز العنصري والفصل العنصري».
في غداة حكم محكمة العدل الدولية، كلفتني منظمة (العدالة العالمية الآن)، وهي منظمة تنموية غير حكومية، بتقديم مشورة قانونية حول ما إذا كانت المملكة المتحدة (أي أفراد في الحكومة) قد تكون انتهكت القانون الدولي بدعمها أنشطة إسرائيل. وحينما تقوم دولة أو فرد بتقديم «عون أو مساعدة» تيسِّر جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية أو انتهاكا لقانون دولي آخر، فمن الممكن معاملة أي منهما كما لو أنه ارتكب هذه الأخطاء بنفسه. فلو أن أسلحة أو معلومات من أسلحة المملكة المتحدة أو معلوماته ـ على سبيل المثال ـ قد استعملت في عمليات تتضمن تعذيبا أو قتلا، قد تقرر محكمة أن المملكة المتحدة أسهمت في هذه الأخطاء.
في أغلب الحالات تتحمل الدولة أو الفرد مسؤولية قانونية في حال «المعاونة والمساعدة» مع معرفتهما أن هذه المساعدة سوف تسهم «وفقا لمسار الأحداث الطبيعي» في ارتكاب الخطأ. وفي الجرائم الأشد خطرا، من قبيل الإبادة الجماعية أو انتهاك حق تقرير المصير، لا يلزم إثبات المعرفة. وبما أن كثيرا من جوانب علاقة المملكة المتحدة بإسرائيل تخضع للسرية، فمن المستحيل معرفة النطاق الكامل لمساعدة المملكة المتحدة أو معرفتها. غير أن هناك دواعي منطقية للقلق.
تتجاوز «المعاونة والمساعدة» المقدمة من المملكة المتحدة لإسرائيل كثيرا مبيعات الأسلحة. فاتفاقية التبادل التجاري بين البلدين تمنح كلتا الدولتين القدرة على الوصول إلى أسواق إحداهما الأخرى بشروط تفضيلية. والأراضي المحتلة مدمجة في اقتصاد إسرائيل. وبعض الشركات تجري أعمالا في هذه الأراضي قبل نقل المنتجات إلى إسرائيل للتصدير. ومن الصعب الاعتقاد بأن مسؤولي الحكومة لا يعرفون أن تيسير التبادل التجاري الذي يتيح لإسرائيل و/أو لشركات إسرائيلية التربح من الأراضي المحتلة يعين ويساعد الاحتلال الإسرائيلي. فبدلا من التفاوض من أجل اتفاقية أقوى، قد يتوقع المرء مراجعة، وبخاصة في ما يتعلق باتفاقية تساعد إسرائيل على التربح من احتلال غير مشروع بما يضع المملكة المتحدة يقينا في موضع انتهاك القانون الدولي.
والمملكة المتحدة أيضا تقدم المعلومات والمساعدة (وكذلك مبيعات الأسلحة). وثمة ما يدعو إلى الاعتقاد بأن الحكومة تعرف أن هذا ييسر ارتكاب أخطاء. وقد قال مارك سميث ـ المعني بكشف تجاوزات وزارة الخارجية ـ بشأن هجوم إسرائيل على غزة: إن «أي شخص لديه الحد الأدنى من فهم هذه الأمور يمكن أن يرى أن جرائم حرب تُرتكب...جهارا، وعيانا، وبانتظام». وفي شهر مارس، قالت أليشيا كيرنز، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية (آنذاك)، في فعالية لجمع التبرعات لصالح حزب المحافظين: إنها تعتقد أن الحكومة تلقت مشورة قانونية مفادها أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي.
لقد انتهى تحقيق تابع للأمم المتحدة إلى أن سلوك إسرائيل يعكس مبدأ الضحية. ويقتضي هذا المبدأ استعمال قوة غير متناسبة ضد المدنيين من أجل ردع المقاومة. ولو أن لدى الحكومة أسبابا للاعتقاد بأن إسرائيل تستعمل هذا المبدأ في غزة، فمن الصعب أن تنكر معرفتها بأن توفير المعونة والمساعدة لعمليات إسرائيل سوف ييسر «في مسار الأحداث الطبيعي» ارتكاب أخطاء. وفي حين أن لامي يميز بين الإمداد بأسلحة «هجومية» وأسلحة «دفاعية»، فلا قيمة للإشارة إلى أن عمليات إسرائيل في غزة هي جميعا عمليات توصف بـ«الدفاع عن النفس».
ثمة احتمال كبير بأن تكون المملكة المتحدة مذنبة ـ هي أو أفراد فيها ـ بمعاونة ومساعدة انتهاكات ثابتة أو مزعومة من إسرائيل للقانون الدولي. والحقيقة تكمن في المعلومات المتعلقة بمبيعات الأسلحة، وتبادل المعلومات، والتجارة، والمشورة القانونية التي لا تزال الحكومة تحافظ على سريتها دون الجمهور. ومن المفارقات أن تكون الحكومة وحدها هي التي تعرف على وجه اليقين ما لو أن المملكة المتحدة تنتهك القانون الدولي. إن على المملكة المتحدة، وهي عضو في مجال الأمن التابع للأمم المتحدة، واجبا بأن تكون قدوة في احترام القانون، وحكومة حزب العمال الآن لديها فرصة لأن تكون أفضل من الحكومات السابقة وعليها التزام بذلك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المملکة المتحدة القانون الدولی مبیعات الأسلحة أن إسرائیل أن تکون غیر أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
الحكومة تراجع قانون تعويض ضحايا حوادث السير بعد 40 سنة من الجمود
زنقة 20 | الرباط
شرعت الحكومة رسميا في مراجعة الظهير المتعلق بتعويض ضحايا حوادث السير الصادر سنة 1984.
و عقد وزير العدل عبد اللطيف وهبي أول أمس الثلاثاء ، لقاء لمدارسة مقتضيات القانون المنظم لحوادث السير والتأمين مع العديد من المؤسسات العاملة بالقطاع.
الوزير كان قد انتقد بشدة في جلسات البرلمان ، الظهير الذي لم يتغير منذ 40 سنة ، بسبب أن التعويضات التي ينص عليها لا تليق بالمواطن المغربي اليوم ، كما انتقد وهبي تأخر شركات التأمين في صرف التعويضات.
و بحسب متخصصين، فإن من أكثر عيوب القانون المتعلق بتعويض ضحايا حوادث السير هناك التمييز بين الضحايا على أساس الدخل وعدم تقدير التعويضات المعنوية بشكل لائق.
و ينص الجدول الملحق بالظهير، على أن الحد الأدنى لتحديد مقدار التعويض هو 9270 درهم سنويا، أي أن الأجرة الشهرية حوالي 772 درهم، في حين أن الحد الأدنى الحالي للأجور الذي يصل في القطاع العام والخاص إلى أزيد من 3 آلاف درهم.
وزير العدل عبد اللطيف وهبي، كان قد اتهم المدير السابق لصندوق ضمان حوادث السير برفض تنفيذ الأحكام لصالح المواطنين والمواطنات الذين لديهم ملفات، دون أن يكشف عن أوجه محاسبته.
وهبي، وخلال جلسة برلمانية سابقة، قال أن المدير السابق لصندوق ضمان حوادث السير كان يخرق القانون، عبر رفض تنفيذ الأحكام التي تقضي بأداء تعويضات لضحايا حوادث السير.
وأوضح وهبي أنه منذ ثلاثة سنوات يواجه مشكلة مع صندوق ضمان حوادث السير التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، حيث أنه لم يؤد منذ 2015 سوى 947 تعويض عن حوادث السير، مشيرا إلى أن الصندوق لم يقم بأداء تعويضات تهم 4486 ملفا.