الخدمات المصرفية المفتوحة وتكامل واجهة برمجة التطبيقات
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
د. إيمان بنت راشد الكندية
تشهد صناعة الخدمات المالية تحولًا جذريًا بفضل الخدمات المصرفية المفتوحة وتكامل واجهة برمجة التطبيقات، حيث يسهمان في تعزيز الشفافية والمنافسة والابتكار في القطاع. نلقي هنا نظرة معمقة ومبسطة على هذه المفاهيم وتأثيراتها المتوقعة.
الخدمات المصرفية المفتوحة:
يشير مصطلح "الخدمات المصرفية المفتوحة" إلى قيام البنوك والمؤسسات المالية بمشاركة بياناتها مع مقدمي خدمات تابعين لجهات خارجية من خلال واجهات برمجة تطبيقات آمنة.
أهم مزايا الخدمات المصرفية المفتوحة:
تحسين تجربة العملاء: يمكن للعملاء الوصول إلى مجموعة واسعة من الخدمات المالية من مزودين مختلفين دون الحاجة إلى تغيير البنك. زيادة المنافسة: تظهر منتجات وخدمات مالية جديدة، ما يؤدي إلى تحدي النماذج المصرفية التقليدية ودفع البنوك إلى الابتكار. خدمات مالية مخصصة: تمكن البنوك من تقديم منتجات مالية تلبي احتياجات العملاء الفردية بناءً على البيانات الدقيقة.التحديات التي تواجه الخدمات المصرفية المفتوحة:
أمان البيانات والخصوصية: يعد حماية بيانات العملاء وضمان استخدامها بشكل مسؤول أمرًا بالغ الأهمية. التوحيد القياسي: اختلاف معايير البنوك قد يعقد عمليات التكامل، مما يتطلب جهودًا إضافية للتغلب على هذا التحدي.تكامل واجهة برمجة التطبيقات:
تسمح واجهات برمجة التطبيقات (APIs) بتواصل وتفاعل مختلف التطبيقات البرمجية مع بعضها البعض، مما يتيح لأطراف خارجية الوصول الآمن إلى البيانات المالية وإجراء المعاملات في إطار الخدمات المصرفية المفتوحة.
أنواع واجهات برمجة التطبيقات:
واجهات القراءة: تمكن الأطراف الثالثة من الوصول إلى معلومات حساب العميل، مثل الأرصدة وسجل المعاملات. واجهات الكتابة: تسمح للأطراف الثالثة بإجراء معاملات مثل المدفوعات أو التحويلات المالية.الفوائد الرئيسية لتكامل واجهة برمجة التطبيقات:
الابتكار: تسهم في تطوير خدمات وتطبيقات مالية جديدة يمكنها التفاعل مع أنظمة مصرفية متعددة. الكفاءة: تبسط العمليات من خلال أتمتة تبادل البيانات وتقليل التدخلات اليدوية. قابلية التوسع: تسهل التكامل مع الخدمات والتقنيات الجديدة في الأنظمة المصرفية القائمة.التحديات التي تواجه تكامل واجهة برمجة التطبيقات:
تعقيد التكامل: يمكن لاختلاف الأنظمة والمعايير أن يجعل عملية التكامل معقدة. الامتثال: الالتزام بالمتطلبات التنظيمية وضمان معايير الأمان يمثل تحديًا دائمًا. المراقبة والإدارة: تحتاج واجهات برمجة التطبيقات إلى مراقبة مستمرة لضمان الأداء والموثوقية.الآفاق المستقبلية للخدمات المصرفية المفتوحة وتكامل واجهة برمجة التطبيقات:
التوسع إلى ما بعد المدفوعات: تتجاوز الخدمات المصرفية المفتوحة حدود خدمات الدفع، لتشمل مجالات مثل الإقراض، الاستثمار، والتأمين. تركيز أكبر على موافقة المستخدم وأمن البيانات: يتزايد الاهتمام بإدارة موافقة المستخدم وحماية البيانات، مع تشديد اللوائح التنظيمية في هذا الصدد. التعاون بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية: يشهد القطاع مزيدًا من التعاون بين البنوك وشركات التكنولوجيا المالية للاستفادة من الابتكارات وتعزيز الخدمات المقدمة. التبني العالمي: تنتشر مبادرات الخدمات المصرفية المفتوحة على مستوى عالمي، حيث تطبقها دول مثل أستراليا وكندا، إلى جانب دول آسيوية بدأت في استكشافها.في الختام، تساهم الخدمات المصرفية المفتوحة وتكامل واجهة برمجة التطبيقات في دفع التحولات الكبرى في الصناعة المالية، مع فتح آفاق جديدة للابتكار والكفاءة وتقديم خدمات مالية شخصية بشكل متزايد. من المتوقع أن تستمر هذه التقنيات في تشكيل مستقبل القطاع المصرفي، بما يعود بالنفع على العملاء والمؤسسات المالية على حد سواء.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عطوان: ما هي خِيارات إسرائيل وأمريكا في مُواجهة المُسيّرات وصواريخ الفرط صوت اليمنيّة؟
عبد الباري عطوان
تعيش دولة الاحتلال الإسرائيلي، حكومةً ومُستوطنون، حالةً من الذّعر الهستيري هذه الأيّام بسبب الهجمات الصاروخيّة الباليستيّة من نوع “فِلسطين 2” الفرط صوتيّة، جنبًا إلى جنب مع قصفٍ بالمُسيّرات المُتقدّمة، لقلب يافا المحتلة المسماة “تل أبيب”، وإيقاعها إصابات بشريّة خطيرة، وحرائق ضخمة.
حالة الهستيريا هذا انعكست في أربع علامات فارقة:
الأولى: تهديدات أكثر من مسؤول إسرائيلي بشن عدوان ضخم على اليمن على غرار ما حدث في لبنان وقطاع غزة، وحملات اغتيال تستهدف قادة “أنصار الله” السياسيين والعسكريين خاصَّةً السيّد عبد الملك الحوثي.
الثانية: لُجوء أكثر من مِليونيّ مُستوطن إسرائيلي إلى الملاجئ، وانطلاق صافرات الإنذار في أكثر من 80 موقعًا في فِلسطين المُحتلّة طِوال الأيّام الأربعة الماضية.
الثالثة: إغلاق أجواء مطار اللد (بن غوريون) في وجه الملاحة الجويّة، الأمر الذي أحدث حالةً من الإرباك، والفوضى، والعُزلة، والانهيار المعنوي.
الرابعة: إفشال الاحتفالات الإسرائيليّة بإنجازين كبيرين جرى تحقيقهما وفقًا للصّحف العبريّة، وهُما: فرض وقف إطلاق النّار في لبنان، ووقف الهجمات بالتّالي من الحُدود اللبنانيّة الجنوبيّة، والثّاني بإسقاط النظام السوري الذي كان يُجسّد “سُرّة” محور المُقاومة ودُرّته، وتباهى نتنياهو بأنّه هو الذي لعب الدّور الأكبر في تحقيق هذا النّصر.
يسرائيل كاتس وزير الحرب الصهيوني خرج عن كُل الأعراف الإسرائيليّة المُتّبعة بإقراره رسميًّا وللمرّة الأولى، بالمسؤوليّة عن اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران، والسيّد الشّهيد حسن نصر الله في لبنان، وأخيرًا الشّهيد يحيى السنوار في مدينة رفح بالقطاع، وتوعّد بأنّ قادة حركة “أنصار الله” سيُواجهون المصير نفسه، وما حدث في غزة وبيروت من دمارٍ سيتكرّر في صنعاء والحديدة.
أكثر ما يُرعب الإسرائيليين، ويُثير قلق قيادتهم بشقّيها السياسيّ والعسكريّ، وصول الصّواريخ، والمُسيّرات اليمنيّة إلى قلب المُدُن الكُبرى خاصَّةً يافا وحيفا وعسقلان وأم الرشراش (إيلات) ونُزول ملايين المُستوطنين إلى الملاجئ، لأنّ هذا يعني فشل منظومات الدّفاع الجوّي المُتطوّرة جدًّا في اعتراض هذه الصّواريخ، ومنعها من الوصول إلى أهدافها، وعجزها عن توفير الأمن والحماية للمُستوطنين في هذه المُدُن الرئيسيّة ولعلّ تهديدات المسؤولين الإسرائيليين بشنّ هجمات على المُدُن اليمنيّة، يعكس حجم الألم الذي لَحِقَ بهم جرّاء هذه الهجمات.
اللّافت أنّ هذه التّهديدات، ومن قبلها الغارات الجويّة الإسرائيليّة والأمريكيّة والبريطانيّة على صنعاء والحديدة لم تُحقّق أغراضها في ردع الهجمات الصاروخيّة اليمنيّة، ووقف قصفها للعُمُق الإسرائيلي، بل أعطت نتائج عكسيّة تمامًا تجسّدت في مُواصلة إطلاق صواريخ الفرط صوت، والمُسيّرات الانغماسيّة، والأخطر من ذلك إسقاط طائرة أمريكيّة من نوع “إف 18” المُتطوّرة، وإصابة حاملة الطّائرات الأمريكيّة “هاري ترومان” في البحر الأحمر وهُروبها إلى شّماله تمهيدًا للانسِحاب من المِنطقة أُسوةً بسابقاتها آيزنهاور، ولينكولن، والعديد من المُدمّرات البحريّة الأُخرى.
البيانات العسكريّة اليمنيّة التي وردت على لسان العميد يحيى سريع في الأيّام الثّلاثة الماضية أكّدت أنّ قصف يافا وأسدود وعسقلان في العُمُق الإسرائيلي المُحتل ستتواصل طالما استمرّت حرب الإبادة في قطاع غزة، وجرى دعم هذه البيانات بإطلاق المزيد من صواريخ الفرط صوت والمُسيّرات برُدودٍ سريعة ومُباشرة على التّهديدات الإسرائيليّة، ممّا يعني أنّ اليمن لا يخاف وردّ على الصّاع بعدّة صاعات، ويملك نفسًا طويلًا في الصّمود، ومُسْتَعِدٌّ للتّضحية.
اليمن أصبح رأس حربة محور المُقاومة، وجبهته الرئيسيّة بعد أنْ هدأت الأوضاع في لبنان بعد اتّفاق وقف إطلاق النّار، والتزام المُقاومة الإسلاميّة رُغم الخُروقات، ومن غير المُستبعد أن تُقدّم دولة الاحتلال بدعمٍ أمريكيّ، وربّما عربيّ أيضًا، على خِيارين عسكريين رئيسيين في الأيّام القليلة القادمة:
الأوّل: الذّهاب إلى رأس الأخطبوط، أي إيران، حسب التّوصيف الإسرائيلي، بشن هُجوم ثُلاثي مُوسّع إسرائيلي أمريكي بريطاني لتدميره، حسب توصية ديفيد برنيع رئيس الموساد، لأنّ استهداف صنعاء والحديدة مُجدّدًا لن يُوقف الهجمات اليمنيّة بالصّواريخ والمُسيّرات على العُمُق الفِلسطيني المُحتل.
الثاني: تِكرار السّيناريو السوري في صنعاء، أي مُحاولة تقويض واستنزاف حركة “أنصار الله” الحاكمة، من خلال دعم الجماعات والحركات العسكريّة اليمنيّة المُعادية لها بتزويدها بالأسلحة الحديثة، وتوفير غطاء جوّي لقوّاتها المُهاجمة، وتحشيد دعم إقليمي لهذه الخطوة.
شن عدوان ثُلاثي مُوسّع على اليمن قد يفشل، ويُعطي نتائج عكسيّة، والشّيء نفسه يُقال عن الهُجوم المُتوقّع على إيران، وستكون دولة الاحتلال والقواعد التي قد تتعرّض لقصف بآلاف الصّواريخ الباليستيّة والأسرع من الصّوت، لأنّ خسارة محور المُقاومة لآخر ساحاته، وأكثرها قوّةً وفعاليّة، (اليمن) يعني نهاية هذا المحور وقيادته الإيرانيّة، وخلق شرق أوسط جديد بزعامة “إسرائيل الكُبرى”.
اليمن العظيم لن يستسلم، ولن يُهزَم، مثلما يُنبئنا التّاريخ بانتِصاره على كُلّ الغُزاة السّابقة، ولعلّ صُموده أكثر من ثماني سنوات في الحرب الخليجيّة المدعومة أمريكيًّا ضدّه، يُؤكّد أنّه سيصمد في وجه أيّ حربٍ إسرائيليّة- أمريكيّة- بريطانيّة جديدة تستهدفه، فحاضنته الداخليّة قويّة وصلبة وتستعصى على الكسْر بسبب التِفافها حول قيادتها التي تتجسّد في المُظاهرات المِليونيّة الضّخمة كُل يوم جمعة ولعدّة أشهر تضامنًا مع أهلنا في قطاع غزة.. والأيّام بيننا.