جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-23@13:06:02 GMT

الحصُّ وحطيط وجورج قرم.. وداعًا

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

الحصُّ وحطيط وجورج قرم.. وداعًا

 

سالم بن محمد العبري

ما دعاني لكتابة هذه السطور ثلة من القادة العظام الذين نبارك لعائلاتهم ومنظماتهم ذلك الفوز العظيم في الآخرة والدنيا ففي أيام قلائل فقد لبنان ثلاث قامات عربية خسرها العرب جميعًا لا لبنان وحده وهم: دولة رئيس الوزراء الأسبق سليم الحص، والمفكر الاقتصادي جورج قرم، والخبير الاستراتيجي العميد أمين حطيط.

لقد تُوج هذا المُصاب الجلل بوفاة الشريف العظيم الذي يشهد له رفقاؤه وغير المماثلين له أمانةً وجهدا وأصالة وشرفاً إنه الوزير ورئيس الوزراء الأسبق سليم الحص الذي لا يتناسب لقبه مع عمله وسمعته فاللقب المناسب لتلك الشخصية شبه النادرة في هذا العالم وخصوصا عالم المسؤولية والمال هو (الأمين يوسف). وكأنني أراه الآن حين أوتي له بالمال الوفير فقال لهم: (إنكم بهديتكم تفرحون) فخرج على الإعلام ليقول عن تلك الهِبَة أو سموها كما تشاءون ضعوها في حساب الدولة، وكأنه استشار عبد الناصر الذي أخذ مبلغا مماثلا فبنى به برج القاهرة الغني عن التعريف والوصف.

وأتذكر حين كنَّا في مجلس إدارة النادي الثقافي في التسعينيات من القرن الماضي طُرح اقتراح باستضافة شخصه الكريم فحلّ بمسقط ضيف دولة لرجل دولة تصم الأمة حين تُقرأ مناقبه ومواقفه التي لا يخطها إلا الكبار وإذا به مساء الثاني والعشرين من يناير 1992 يعتلي منصة النادي الثقافي بقامته وهيئته وبراعته وكأنه يعتز وهو يحاضر للأمة العربية من وطنها الشرقي عُمان الذي يسابق المحتفي به في كل الصفات والمواقف يصوغ تاريخا مجيدا خالدا خلود السموات والأرض لبضع آلاف من التاريخ، وإذا النخبة العمانية من أهل العلم والفكر والأدب والتاريخ من العمانيين وغيرهم من العرب المقيمين بعُمان يحجون إلى النادي الثقاقي بُعيد المغرب ليصغوا لحديث سليم الحُصّ وما به من رسائل وخبرات للأمة وهو يكاشفها بحقيقة مسارها وما يراه لها من مسار يصحح ما اختلّ من توجهات لا تحمد عقباها، وإذا بقاعات ومكاتب وأفنية النادي الثقافي تمتليء عن بكرة أبيها مكتظة وزاحم أجيال الشباب آباءهم. وكأن الحص أتى لينوب في إلقاء خطاب عن زعيم الأمة جمال عبد الناصر، وإذا بالشوارع والطرقات والممرات الضيقة ومداخل المسكان ومواقفها قد زخرت بالسيارات بمختلف أنواعها وأشكالها وألوانها وإذا الجميع يستغيث بالمرور وأقسام الشرطة ويتساءلون:ماذا يحدث وإذا تلك الإدارات لا تملك جوابا فتتصل بجهاتها العليا وإذا بهاتف معالي يحيى المنذري وزير التربية والتعليم المشرف على النادي يرن بلون أحمر وهو يرد: تحملوا وهدّئوا الناس فلا غرابة ولا استغراب إن النادي يستضيف الدكتور سليم الحص ويرسل لهم السيرة الذاتية ليعرفوا أنّ مَن يحاضر بالقاعة ويحاضر للعروبة شخص يبدوأن يديه قابضتان على الجمر.

ومن أقواله المأثورة: (القوة الاقتصادية العربية تؤهلنا لمكان مرموق في عالم جديد)، وإسرائيل لن ترضى برسم حدودها لأنَّ ذلك يخالف عقيدتها الداعية" لأسرائيل الكبرى).ونحن أعضاء إدارة النادي نفسح لحضور المحاضرة ونتابع حديث الحصّ من زوايا مختفية ضيقة.

أما الشخصية الثانية؛ فهو الخبير العسكري المميز في مواقفه وتحليلاته الخبرية المميزة والموفقة فقد تابعته على مدار عقدين وكان لرأيه وتحيلاته سندا لقناعتي وتبشيري بأن سوريا صامدة منتصرة من الأسابيع الأولى لتلك الجريمة التي اقترفها الغرب الصهيوني وبعض العرب الذين أعمت قلوبهم نعم الله بوفرة المال، ثم تابعنا معه معركة طوفان الأقصى من أيامها الأولى وحتى وفاته - رحمه الله- وأسكنه فسيح رحمته ونعيمه الذي وعد به المجاهدين والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

ثم أتت وفاة الاقتصادي الكبير والشريف الدكتور جورج قرم، والذي يُقال عن مثله من الشرفاء (ففي الليلة الظلماء يفتقد البدر). ويقول البعض عنه: لوكان هو على رأس المصرف المركزي اللبناني لَمَا نُهِبت الملايين، فهو شبيه النبي يوسف عليه السلام في مسؤوليته فلو اعتلى سُدّة المصرف المركزيّ لقطع أيدي اللصوص وأوقع المتآمرين في حبائل العدالة.

واليوم نحن نستذكر تلك الأيام وتلك القامات بعد أن غيبتها حتمية الفناء دون أن تصل وتسمع كلماتهم أُذن (من به صمم)، ويظهر جليا أن الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين ليس له حدود ولن يرسم حدودا، فهو غُدة سرطانية لا تتراحع، بل تقضم وتقضي وتتوسع، على حساب أوطاننا. وإنّ ما يجري بغزة والضفة والمنطقة بأسرها دليل وبرهان ساطع لمن يبصر على حجم المؤامرة على وطننا العربي الكبير من المحيط إلى الخليج

لقد كان كل الشرفاء من مجاهدين وشهداء كإسماعيل هنية وغيره يتمنون الشهادة ويرجونها؛ فقد كان دائمًا يردد على مسامع مرافقيه وحراسه قبيل اغتياله بسويعات أو أيام قائلا: بلغت من العمر 67، فلا رغبة في المزيد وأرجو من الله أن يختم عمري بالشهادة. وكل المجاهدين رددوا هذا القول ولم يطلبوا يوماً بلوغ الثمانين. كما يقول الشاعر الكبير الخالد زهير بن أبي سلمى:

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش // ثمانينا حولًا لا أبا لك يسئم

وهكذا كبار الشخصيات، ويقال: إن الشيخ نور الدين السالمي لما صلى الجمعة بنزوى وأقام بعض الحدود شرع يدعو الله أن يقبضه إليه، فكان له ما أراد، وفي طريقه إلى الحمراء لمقابلة أستاذه الأول الشيخ العلامة ماجد بن خميس بن راشد العبري سقط من على راحلته حيث اصطدم بجدار (شجرة أنبا/المانجو)، وقلت في ذلك شعرا أذكر منه:

فنام قرير العين يحمد ربه // ويرجو لقاء بالشهادة يعضد

فسار إلى الحمراء يقصد شيخه // ليجري حوارا للبرية يرشد

فعاجله وعد من الله سابق // أعد له زادا وظل له يشد

(تنوف) وقد شرفت يوما ببيعة // لك الشرف الباقي إذا هو يرقد

وهكذا كل العظام ينشدون حسن الخاتمة بالشهادة فلا غرو أن يكون كل المجاهدين من قادة أو جنود.

فتحية إكبار وإجلال لتلك القامات وأمثالها وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

التحية للدكتور الصادق الرزيقي القوي الذي وقف وقفة مشرفة

حضرت حلقتين من برنامج بودكاست بالسوداني مع الدكتور الصحفي الصادق الرزيقي وشايف نزلو حلقة ثالثة
د.الصادق عهدي بيهو قديم منذ أن كنت في الأساس،وذلك انو الوالد رحمة الله عليه كان محبا للاطلاع والقراءة فكان في اليوم يقرأ قرابة الست سبع صحف
أنا لمن وعيت كده كانت صحيفة الانتباهة هي التوب و لا صحيفة تعلوا عليها
الصادق في الحلقة الأولى تكلم عن نشأته وتنقله بين نيالا والجنينة و الضعين فهو رزيقي وتكلم عن مراحل تعليمه بتلك المناطق وتكلم كلام يغيب عن الكثيرين فيما يخص مشاكل دارفور و أن السبب الرئيس فيها هم فيه الآن بعض مثقفيها الذين تأثروا بجون قرنق وغيره
و إلا دارفور كانت حاضنة لشتات كبير من القبائل العربية و الإفريقية و من شمال السودان وشرقه وكانت سوقا تجاريا كبيرا والناس يعيشون في وئام وسلام ومصاهرة، ومن منتصف السبعينات تقريبا بدأت الاضطرابات شيئا فشيئا،مهم جدا لو زول مهتم بشأن دارفور يراجع الحلقة الأولى

وتكلم عن الانتهاكات و الضغوطات التي تمارس على كل أبناء تلك المناطق الآن في حالة أن واحدا منهم أنكر جرائم الميليشيا وذكر أن كثيرا من معارفه و أهله تعرضوا للأذى بسبب موقفه القوي في دعم الجيش
وهنا أنا داير أنبه لمسألة انو في كثير من الأهالي الهم من حواضن الميليشيا هم كارهون لفعالها لكن ما بقدرو يصرحو و لا يتكلموا وحكمهم حكم المضطر ،بتذكر لمن تحررت مدني تواصل معي أحد الفضلاء المشهورين باعتباره وهو من تلك المناطق وفرحان فرح شديد لكن قالي ما بقدر أنشر و لا أكتب و لا أظهر شيئا من ذلك ،دي نقطة مهمة جدا لازم الناس تفهمها وما تعمم في حكمها
أثناء كلامه عن المراحل التعليمية وقدراتهم الوقت داك كطلاب و حبهم للاطلاع وده كان حال غالب طلاب الفترات تلك جمعيات ثقافية وأدبية و سياسية

وتجي تقارن حسي تتأسف أسف شديد لما آلت إليه الأمور و آل إليه التعليم
ياخي لوقت قريب كانت في ثقافة الصحف و الاطلاع وتلقى الناس الصباح متلمين حول بتاع الجرائد الكلام ده قل و تأثر بانتشار الميديا و جات قحت كمان وانتهت منه فعليا بمحاربتها لصحفيين كبار و بذلك توقفت العديد من الصحف إلى أن اختفت ظاهرة الصحف تماما
أنا بقول الكلام ده لانو الوالد الله يرحمو كان لازم كل يوم أمشي اجيب ليهو جرائد وكان كلما يوم التحصل عليها ببقى صعب و بتعب جدا عشان ألقاها لحدي ما اختفت تماما
فللأسف الآن بقت مصادر الثقافة شبه مختفية ومعدومة ماف إلا مشاهير الميديا ديل البغلب عليهم السفه و الطيش و الجهل والعوارة
ما تقدر تقارن واحد بربع أي صحفي في بدايات الألفينات خلي ما قبلها
ياخي زمان ثقافة قراية العواميد و النقاشات
حسين خوجلي و مصطفى أبو العزائم و د.محمد الجزولي فك الله أسره والصادق الرزيقي و اسحاق فضل الله و أحمد البلال و الشمارات بتاعت جريدة الدار

و المهاترات الرياضية بين مزمل أبو القاسم و بتاع قوون داك عبدالماجد منو نسيت اسمو
كان في ثقافة القراية والاطلاع
ياخ جريدة الانتباهة دي لمن مرقت كانت صيحة وضجة كبيرة جدا في المجتمع السوداني ومنبر السلام العادل وكتابات الطيب مصطفى رحمه الله تعالى القوية وقتها و التي كانت فيها جرأة كبيرة
و د.الصادق الرزيقي المذيع الطاهر حسن التوم سألوا قاليهوا كيف أنت تمشي من جريدة ألوان و تمشي لجريدة جديدة و معروفة بدعوتها للانفصال وكان يقال أنها عنصرية
و الوقت داك جريدة ألوان كانت التوب وجات اكتسحتها الانتباهة (هوي ما تقولو كبير الوقت داك عمري ١٢ سنة تقريبا)
فدكتور الصادق الرزيقي قال ما كانت جريدة عنصرية أكتر منها كانت صحيفة لمجابهة الاستفزاز والابتزاز الذي كان تمارسه الحركة الشعبية مسنودة في ذلك بالضغط الخارجي
وانو الناس ما عندها مشكلة في السلام و رفع التهميش لكن برضو ما يكون رفع التهميش عن طائفة و إيقاعه في طوائف أخرى

والآن أنا شايف الموضوع ده برضو في من بعض السياسين النفعيين وبتكلموا بأسماء أقاليم بعينها
يتم الابتزاز المدعوم بأيدي خارجية لتحقيق سلام غير عادل ولتحقيق مكاسب شخصية و ده طبيعي جدا حيعمل ليك حركة مناهضة من الأطراف الأخرى وحيقوليك نحن زاتنا مهمشين و سيزداد خطاب العنصرية
يا حليل الصحف والجرائد و ربنا يعلمنا
والتحية للدكتور الصادق الرزيقي القوي والذي وقف وقفة مشرفة

مصطفى ميرغني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • كواليس حفظ التحقيقات في بلاغ يتهم الفنانة هالة صدقي بالشهادة الزور
  • ما التناجي الذي نهى عنه الرسول ومتى يجوز؟.. الإفتاء تجيب
  • أذكار الصباح اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025.. «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء»
  • أبو خابصها ظاهرة بنكهة عراقية .. في سطور
  • التحية للدكتور الصادق الرزيقي القوي الذي وقف وقفة مشرفة
  • عضو بهيئة كبار العلماء: كلام الرئيس السيسي سليم مائة بالمائة فالثوابت لا مساس بها
  • البابا الذي كسر التقاليد: دفن فرنسيس خارج أسوار الفاتيكان ( كامل التفاصيل)
  • علامات المؤمن الصادق وصفاته.. تعرف عليها
  • عباس إبراهيم: وداعًا للبابا الذي حمل همّ المقهورين ودافع عن فلسطين
  • نونيز إلى دوري روشن السعودي.. تعرف على النادي الذي اختاره