جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-18@05:40:36 GMT

أثر الكلمة الطيبة

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

أثر الكلمة الطيبة

 

سلطان بن محمد القاسمي

 

في عالمنا المليء بالضغوط والتحديات اليومية، نبحث جميعًا عن طرق بسيطة وفعّالة لتحسين جودة حياتنا وتعزيز رفاهيتنا الشخصية، وبينما قد تبدو هذه الطرق أحيانًا بعيدة المنال أو تتطلب جهودًا كبيرة، إلّا أنَّ الحقيقة تُشير إلى أن هناك وسائل مُباشرة يمكنها إحداث تغيير إيجابي كبير في حياتنا اليومية، ومن بين هذه الوسائل، تأتي الكلمة الطيبة، التي تلعب دورًا هامًا في تحسين التفاعلات الاجتماعية، وتعزيز الشعور بالانتماء، ونشر السعادة بين النَّاس.

علاوة على ذلك، فإنِّها ليست مجرد كلمات عابرة، بل هي أداة للتعبير عن التقدير والاحترام. فعندما نقول "شكرًا" لشخص قدم لنا خدمة، أو "صباح الخير" لجارنا، فإننا لا نُعبر فقط عن الامتنان، بل نساهم أيضًا في تحسين مزاج الشخص الآخر وجعل يومه أفضل. وبالتالي، تمتلك هذه العبارات قدرة فريدة على خلق شعور بالانتماء والأمان، حيث يشعر الآخرون بالتقدير والاحترام.

إضافة إلى ذلك، فإن الحديث عن تأثيرها يقودنا إلى التفكير في كيفية تأثيرها على التفاعلات اليومية البسيطة التي قد تبدو عابرة، لكنها تحمل وزنًا كبيرًا في بناء علاقات قوية ومستدامة. وعندما نشعر بالتقدير من الآخرين من خلال كلمات صادقة، ينشأ في داخلنا دافع للرد بالمثل، مما يعزز من تماسك المجتمع. في هذا السياق، التفاعل الإيجابي المتبادل يساهم في خلق بيئة من الاحترام والتفاهم، مما يزيد من شعور الجميع بالانتماء إلى نسيج اجتماعي مشترك.

لنأخذ مثالًا بسيطًا على ذلك: قد يبدأ يوم أحدنا بشكل عادي أو حتى محبط، ولكن عندما نتلقى كلمة طيبة من شخص ما، قد يكون زميلًا في العمل أو شخصًا غريبًا، يتحسن مزاجنا بشكل ملحوظ. في الواقع، هذا التحسن في المزاج لا يبقى محصورًا في داخلنا، بل يمتد ليؤثر على الآخرين الذين نتفاعل معهم خلال اليوم. وبهذا، فإن لهذه العبارة تأثيرًا مضاعفًا؛ فهي تبدأ بتغيير شعور شخص واحد، ثم تنتقل لتؤثر على من حوله، مما يخلق سلسلة من التفاعلات الإيجابية.

من المهم أيضًا أن ندرك أن استخدام هذه الكلمات لا يتطلب مجهودًا كبيرًا، لكنه يحتاج إلى وعي بأهمية الكلمات وتأثيرها. لذا، فإن اختيار عباراتنا بعناية وضمان أنها تعكس نوايانا الطيبة يمكن أن يساهم بشكل كبير في خلق جو من الإيجابية. وعلى النقيض من ذلك، فإن استخدام كلمات سلبية أو جارحة يمكن أن يخلق جوًا من التوتر والعداوة، مما يؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية.

وفي سياق آخر، تؤدي هذه العبارات دورًا حاسمًا في بيئة العمل؛ حيث يتجاوز تأثيرها مجرد تحسين العلاقات بين الزملاء. فعندما يُستخدم التشجيع بصدق، تنشأ بيئة محفزة تُعزز شعور الانتماء والثقة المتبادلة. علاوة على ذلك، فإن تقدير المدير أو القائد لجهود الموظفين لا يقتصر فقط على رفع معنوياتهم؛ بل يسهم في إشعارهم بقيمتهم الحقيقية ودورهم المحوري في تحقيق أهداف المؤسسة. إلى جانب ذلك، يولد هذا التقدير اللفظي شعورًا بالمسؤولية والحماس لدى الموظفين، مما يدفعهم إلى تقديم أفضل ما لديهم. بالتالي، تشجع هذه البيئة الإيجابية على التواصل المفتوح وحل المشكلات بفعالية أكبر، حيث يشعر الجميع بأنهم جزء من فريق متكامل يسعى نحو هدف مشترك. ونتيجة لذلك، تؤدي هذه العوامل مجتمعة إلى زيادة الإنتاجية والابتكار، مما يُسهم في تحقيق نجاحات أكبر للمؤسسة ككل.

أما في المجتمع، فإنها تسهم بدور محوري في بناء الثقة وتعزيز التماسك الاجتماعي. وعندما نستخدم كلمات مشجعة مع الجيران أو أفراد المجتمع الذين نتفاعل معهم يوميًا، نساهم في بناء مجتمع قائم على الاحترام المتبادل والتفاهم. في الواقع، هذه الروابط الاجتماعية القوية تخلق بيئة يسودها الأمان والطمأنينة، حيث يشعر الجميع بأنهم جزء من مجتمع يهتم بهم ويقدرهم.

كما إنها تشكل أساسًا قويًا في بناء علاقات أسرية متينة ومستدامة، حيث تسهم في تعزيز ثقة الأطفال بأنفسهم وتنمية قيم إيجابية تستمر معهم طوال حياتهم؛ فالتواصل الدافئ بين الآباء وأبنائهم يعزز من نموهم العاطفي والنفسي، مما ينعكس على قدرتهم في مواجهة تحديات الحياة بثقة. ولا شك أن عبارات مثل: "أنا فخور بك" أو "أنت قادر على تحقيق أحلامك" تساهم في ترسيخ شعور الأمان والانتماء داخل الأسرة، مما يقلل من التوترات والصراعات اليومية. إلى جانب ذلك، فإن هذه العبارات تعزز الروابط العائلية، وتجعل المنزل مكانًا للراحة والتعافي، حيث تكون طوق نجاة يعيد التوازن النفسي ويقوي التضامن بين أفراد الأسرة، مما يجعلهم قادرين على مواجهة الصعوبات بروح الفريق الواحد، ويؤكد أهمية الكلمات الطيبة كأساس لبناء مستقبل مشرق ومستدام للجميع.

وفي الختام.. إنَّ الكلمة الطيبة ليست مجرد وسيلة للتعبير عن اللطف؛ بل هي قوة قادرة على إحداث تغيير حقيقي في حياتنا وحياة من حولنا. ومن خلال استخدامها بوعي واستمرار، يمكننا المساهمة في بناء مجتمع أكثر تماسكًا وسعادة، وتعزيز روح الإيجابية والاحترام المتبادل. لذلك، لنكن جميعًا جزءًا من هذه الدائرة الإيجابية، ونعمل على نشر السعادة والسلام في حياتنا وحياة الآخرين من خلال قوة الكلمة الطيبة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

منتديات .. شباب الزمن الضائع !

بقلم: حسين الذكر ..

كنت في دعوة إفطار رمضاني بنادي الصيد مع مجموعة من الصحفيين والإعلاميين والفنانين والرياضيين وآخرين .. وقد تحدث الدكتور علي الهاشمي بالمناسبة عما سماه فن الإدارة والتخطيط الذي درسه في الاتحاد السوفيتي السابق مذكرا بنصيحة استاذه الروسي الذي قال له : ( ان تخطط بلا تنفيذ افضل من تنفيذ بلا تخطيط ) . بعد ذاك تحدث د حسنين معلة رئيس النادي قائلا : ( ان نادي الصيد حينما تسلمناه قبل سنوات كان ناديا اجتماعيا مغلق على هذا العنوان ولكن بعد الاحتكاك والتعاطي مع الواقع العراقي الجديد والتباحث مع الإدارة ارتأينا الانفتاح على ملفات أخرى مثل الرياضة والاعلام والفن وغير ذلك مما يسهم في التغيير الإيجابي والمنسجم مع متطلبات الحياة والمتماشي مع الحضارة .

في ذات الجلسة شاركنا مائدة الإفطار الأستاذ محسن السعيدي رئيس لجنة الشباب والرياضة في البرلمان العراقي وقد وسالني عن حال المنتديات والشباب في العراق بالتفاتة مهمة ووجدتها فرصة اهم لايصال حقيقية واقع الشباب وما يعنيه هذا الملف الحيوي في واقع ومستقبل الامة .. فشرحت عما كانت تمثله مراكز الشباب سابقا : ( مطلع سبعينات القرن الماضي شرعت الحكومة بناء وتبني سياسات ممنهجة لتربية وتدريب وتثقيف الشباب فتم بناء مراكز الشباب التي وزعت بمختلف محافظات واقضية ومدن العراق آنذاك وقد خصصت لها مساحة ارض كبيرة وكافية لتلبية الطلب وتحقيق الهدف فتم بناء مقر إدارة معزز بقاعات لمختلف الفنون مثل السينما والمسرح والموسيقى وكذلك قاعة للرسم وأخرى للتمثيل والنحت وغير ذاك الكثير من لجان الشعر والادب والقاعات والملاعب الرياضية لمختلف الألعاب المعروفة آنذاك مثل كرة القدم والسلة والطائرة واليد والملاكمة والجمباز والدراجات والساحة والميدان والمصارعة والملاكمة الاثقال والشطرنج ..
صحيح ان المنهجية كانت لتثقيف الشباب بمنهج وفكر السلطة آنذاك لكن مئات الاف المتخرجين من هذه المراكز منحوا فرصة التثقيف والتعلم والتوظيف من قبل مراكز الشباب التي كانت فعلا منطلقا لخدمة الدولة والشباب .. بعد 2003 اول قرار اتخذ تم بموجبه تغيير الاسم من مراكز الشباب الى منتديات ومع ان المعنى لا يختلف كثيرا وينبغي ان يكون مسار الهدف بذات المعنى الا من ناحية التثقيف السياسي الذي ينبغي ان ينسجم مع التغيرات والتبدلات القائمة .. الا ان المشكلة التي عانتها تلك المنتديات تمثلت بالتهميش شبه التام وانحرفت الأهداف عن مسارها المطلوب وقد قضي عليها تماما حينما اخضعت هذه المنتديات الى الاستثمار حيث تحولت الى مصالح خاصة من قبيل المولات والمطاعم والمسابح التجارية وغير ذلك مما ليس له اطلاقا باي من الأهداف المرسومة قبل وبعد 2003 ).
ثم جائت فكرة اللامركزية التي بموجبها انفصلت مديريات الشباب عن وزارة الشباب والحقت بمجالس المحافظات مما قضى على الفكرة الأساس واختفت الأنشطة الشبابية عن المشهد الا ما ندر وبحدود ضيقة وكأن العملية برمتها سارت وتسير بمنهجية لا نقدر القول اكثر مما عليه حال الشباب اليوم الذين وجدوا انفسهم تحت رحمة ( الكوفيات والكازينوهات والاركيلة والمواقع والتدخين وغير ذلك الكثير مما نهش الجسد القيمي والأخلاقي والديني والصحي العراقي بشكل محزن وبارقام وشواهد مرعبة ) .
تقول الحكمة الأبدية : ( ان تات متاخرا افضل من ان لاتات ابدا ) . ومن يريد الإصلاح عليه ان يعالج الحال برغم الماساة الواقعة التي يعانيها الشباب وعلى الحكومات ان تنتبه الى هذه العلة وتباشر بايلاء العناية اللازمة للشباب من خلال إعادة الروح الى مراكز الشباب ليس بصورتها التقليدية القديمة .. فان الواقع والعالم تغير وشباب العولمة والتواصل ليس كما كانوا عليه في زمن الطيبة والبساطة والفقر .. فاليوم وبعد سنوات شراهة الاستهلاك والانفتاح والتواصل العالمي مع الاجندات الضاربة حد الجذور والمخترقة للاعماق ينبغي التفكير بحلول احدث وانجع وان يكون للقطاع الخاص والعام حصة في عمليات الاحياء .
والله من وراء القصد وهو ولي التوفيق !

حسين الذكر

مقالات مشابهة

  • الزمالك صنع اسمي.. أول تعليق من عمر جابر بعد تجديد تعاقده مع الأبيض
  • عمر جابر : سعيد بتجديدي للزمالك
  • أحمد موسى: كل مواطن عليه دور في إظهار الأمور الإيجابية والتحدث عنها
  • السوداني يؤكد مواصلة الحكومة بناء جهاز أمني مهني
  • البابا شنودة الثالث.. أديب وشاعر جمع بين الكلمة والإيمان
  • بلدية دبي: تسهيلات سكنية متكاملة للأُسر المواطنة
  • صلاح عبد الله: شخصية عبد العزيز أبو العزم مليئة بالتحولات بين الطيبة والشر.. جلوسي على كرسى متحرك كان أمرا صعبا.. وظهوري في سيد الناس وقبائل الصخرة مجرد ضيف شرف.. حوار
  • عون: نعمل على بناء دولة يعود من خلالها لبنان أفضل مما كان
  • منتديات .. شباب الزمن الضائع !
  • نصائح للبنات لرفع طاقة الأنوثة وزيادة الطاقة الإيجابية