كشف11 مصدراً، تحقيق برنامج الأغذية العالمي مع مسؤوليين كبيرين فيه بالسودان في مزاعم تشمل التحايل وإخفاء معلومات عن المانحين حول قدرته على توصيل المساعدات الغذائية للمدنيين وسط أزمة الجوع الشديدة التي يشهدها السودان.

ويتزامن تحقيق مكتب المفتش العام لبرنامج الأغذية العالمي مع عمل البرنامج على توفير المواد الغذائية للملايين في السودان الذي تمزقه الحرب، والذي يعاني من واحدة من أشد أزمات نقص الغذاء في العالم منذ سنوات.

وقالت 5 مصادر لرويترز إن المحققين يحققون في شبهة تستر موظفي البرنامج على دور محتمل للجيش السوداني في عرقلة المساعدات وسط حرب وحشية مستمرة منذ 16 شهراً ضد قوات الدعم السريع.

وذكرت 6 مصادر أن من بين الذين يخضعون للتحقيق نائب مدير البرنامج في السودان خالد عثمان الذى كُلف "بمهمة مؤقتة" خارج السودان، وهو ما يُعتبر تعليقا فعلياً لعمله.

وحسب 4 مصادر، شمل التحقيق أيضا مسؤولاً كبيراً ثانياً هو محمد علي مدير مكتب البرنامج في مدينة كوستي السودانية، في باختفاء أكثر من 200 ألف لتر من وقود المنظمة في المدينة. ولم يتسن لرويترز التأكد إذا كان علي لا يزال في منصبه.

وأحجم عثمان وعلي عن التعقيب عندما اتصلت بهما رويترز، وأحالاها إلى المكتب الإعلامي لبرنامج الأغذية.

ورداً على سؤال حول التحقيق قال البرنامج إن "مكتب المفتش العام يجري مراجعة عاجلة في مزاعم بارتكاب مخالفات فردية في العمليات بالسودان" ورفض التعليق على طبيعة المخالفات المزعومة أو وضع موظفين بعينهم.

وقالت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في بيان، إنها تلقت إخطاراً من برنامج الأغذية يوم 20 أغسطس (آب)عن "وقائع تحايل محتملة تؤثر على عمليات برنامج الأغذية العالمي في السودان". وتقول الوكالة إنها أكبر مانح منفرد للبرنامج إذ تقدم ما يقرب من نصف المساهمات سنوياً.

وجاء في بيان الوكالة "هذه الاتهامات تثير قلقاً بالغاً ويجب إجراء تحقيق شامل فيها... أحالت الوكالة الأمريكية للتنمية هذه الاتهامات على الفور إلى مكتب المفتش العام للوكالة".

ويأتي التحقيق في وقت حرج للبرنامج، الذي يصف نفسه بأكبر منظمة للمساعدات الإنسانية في العالم. وفاز البرنامج بجائزة نوبل للسلام في 2020 لدوره في مكافحة الجوع وتعزيز السلام.

ويكافح البرنامج الجوع الحاد على جبهات متعددة. ويسعى إلى جمع 22.7 مليار دولار من التمويل لمساعدة 157 مليوناً من بينهم نحو 1.3 مليون على شفا المجاعة، معظمهم في السودان، وقطاع غزة، وأيضاً في دول مثل جنوب السودان، ومالي.

وإلى جانب توزيع المواد الغذائية، يعمل البرنامج على تنسيق وتقديم الدعم اللوجستي لحالات الطوارئ الكبيرة في أنحاء العالم بالتعاون مع منظمات إنسانية أخرى.

وفي السنوات القليلة الماضية، واجهت عمليات البرنامج مشاكل كبيرة بسبب سرقة المساعدات الإنسانية أو استخدامها في أغراض أخرى في بلدان مثل الصومال، واليمن.

وفي العام الماضي، علّق البرنامج والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية توزيع الغذاء في إثيوبيا بعد تقارير عن سرقة المساعدات الإنسانية على نطاق واسع هناك.

وقال أكثر من 6 عاملين في المجال الإنساني والدبلوماسيين إنهم قلقون من تسبب سوء الإدارة في مكتب برنامج الأغذية في السودان، في الإخفاق حتى الآن في توصيل مساعدات كافية خلال الحرب الدائرة في البلاد.

ويقول موظفو الإغاثة إنهم يواجهون صعوبة في توصيل الإمدادات، وذلك جزئياً بسبب القيود اللوجستية والقتال. لكنهم يشيرون أيضاً إلى سلطات مرتبطة بالجيش أعاقت وصول المساعدات عبر حجب التصاريح، والموافقات اللازمة للانتقالات، بينما نهبت قوات الدعم السريع إمدادات المساعدات. وينفي الجانبان هذه الاتهامات. 

وذكرت 4 مصادر مطلعة أن من النقاط التي يشملها التحقيق أيضاً شكوكاً في تضليل موظفين كباراً في البرنامج بالسودان الجهات المانحة، بما في ذلك الدول الأعضاء في مجلس الأمن، من خلال التهوين من شأن ما تردد عن دور الجيش السوداني في منع تسليم المساعدات إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع.

وقال مصدران مطلعان على التحقيق إنه في إحدى الحالات في يونيو (حزيران) 2024 أخفى عثمان، نائب مدير البرنامج، عن الجهات المانحة أن سلطات متحالفة مع الجيش في بورتسودان، رفضت منح تصاريح لـ 15 شاحنة لنقل مساعدات أساسية إلى نيالا بولاية جنوب دارفور حيث تواجه بعض المناطق خطر المجاعة. وانتظرت الشاحنات 7 أسابيع قبل  الإذن لها بالتحرك.

وذكرت 8 مصادر أن عثمان، الذي ترقى داخل مكتب برنامج الأغذية بالسودان بسرعة غير عادية، كانت له علاقات على مستويات عالية بالجيش. وتحكم عثمان في حصول زملائه في البرنامج على تأشيرات لدخول السودان، ما سمح له بتقييد وصول الإمدادات والحد من التدقيق في إدارة الجيش للمساعدات، وفق ثلاثة مصادر مطلعة.

ولم تتمكن رويترز من التأكد من صحة الاتهامات لعثمان بشكل مستقل أو دافعه المحتمل لتضليل المانحين.

وفي رد مكتوب على أسئلة لرويترز قال برنامج الأغذية إنه اتخذ "إجراءات سريعة" لتعزيز عملياته في السودان بسبب حجم التحديات الإنسانية وبعد تأكيد التصنيف المرحلي المتكامل تفشي المجاعة في دارفور. وأضاف أنه بدأ "إجراءات توظيف فورية لضمان سلامة واستمرارية عملياتنا المنقذة للأرواح".

واتهمت الولايات المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان طرفي الصراع بارتكاب جرائم حرب، وهو ما ينفيانه.

وتعمل وكالات الأمم المتحدة انطلاقاً من بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، حيث انتقلت الحكومة المتحالفة مع الجيش بعد فقدان السيطرة على معظم العاصمة الخرطوم في بداية الحرب.

واشتكى برنامج الأغذية ووكالات أخرى للأمم المتحدة من صعوبة الانتقالات التي تمنعها من الوصول إلى المحتاجين، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع مثل الخرطوم، وإقليمي دارفور وكردفان. لكن وكالات الإغاثة تجنبت إلى حد لوم على أي من الطرفين في الصراع علناً.

ورداً على طلب للتعليق على دور الجيش في أزمة الجوع، قال المتحدث باسم القوات المسلحة السودانية نبيل عبدالله إن الجيش يبذل قصارى جهده لتسهيل المساعدات "لتخفيف معاناة شعبنا".

كما قال متحدث باسم قوات الدعم رداً على أسئلة، إن التحقيق خطوة جيدة ويجب أن يشمل جميع المساعدات الإنسانية.

وقال بعض مسؤولي الإغاثة إنهم يخشون الإدلاء بتصريحات علنية تنطوي على اتهامات، خوفا من أن يطردهم الجيش من بورتسودان ويمنعهم من الوصول إلى المناطق التي يسيطر عليها حيث يشتد الجوع.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح يوم المرأة الإماراتية أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية أحداث السودان برنامج الأغذیة العالمی قوات الدعم السریع البرنامج على فی السودان

إقرأ أيضاً:

واشنطن بوست: شركة تركية متورطة في تزويد الجيش السوداني بطائرات مسيّرة وشحنة أسلحة سرية

كشف تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" عن تورط شركة بايكار، إحدى أبرز شركات الصناعات الدفاعية بتركيا، في الحرب الأهلية المستمرة بالسودان، من خلال إرسال شحنات أسلحة وذخائر بقيمة 120 مليون دولار سراً إلى الجيش السوداني بين آب/أغسطس وتشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي.

اعلان

وأثار التقرير تساؤلات حول احتمال انتهاك الشركة للعقوبات الدولية التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على السودان، لا سيما فيما يتعلق بإقليم دارفور. وأوضح أن هذه الشحنات تمت بموجب عقد وقعته بايكار مع وكالة المشتريات التابعة للجيش السوداني، المعروفة باسم منظومة الصناعات الدفاعية، ما يعكس مستوى الدعم العسكري الذي حصلت عليه القوات السودانية خلال النزاع.

ووفقًا للوثائق التي استعرضتها الصحيفة، وصلت الشحنة الأولى إلى بورتسودان، الميناء الرئيسي المطل على البحر الأحمر، في آب/أغسطس، بينما أظهرت رسائل موثقة أن آخر دفعة من المعدات وصلت في 15 أيلول/سبتمبر.

كما أشار التقرير إلى أن العقد الرسمي، الذي يحمل توقيع ميرغني إدريس سليمان، المدير العام للمباحث والمعلومات، مؤرخ في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أي بعد خمسة أشهر من فرض الولايات المتحدة عقوبات على السودان.

جنود سودانيون من وحدة قوات الدعم السريعHussein Malla/ AP

وتضمنت الشحنة العسكرية ست طائرات مسيّرة من طراز TB2، إضافة إلى ثلاث محطات تحكم أرضية، و600 رأس حربي. كما نص الاتفاق على إرسال 48 خبيرًا تقنيًا إلى السودان، في إطار عرض لتقديم "الدعم الفني داخل البلاد".

وأبرز التقرير أيضًا مذكرة داخلية من شركة بايكار، تفيد بأن مسؤولين سودانيين أبلغوا ممثلي الشركة، خلال اجتماع عُقد في 9 أيلول/سبتمبر، بأن تركيا أصبحت "الدولة الأكثر دعمًا لهم"، ما يشير إلى مستوى التعاون العسكري المتزايد بين أنقرة والخرطوم وسط الصراع المستمر.

معركة بالوكالة بين القوى الأجنبية

أصبحت شركات الدفاع التركية جزءًا من شبكة واسعة من الأطراف الدولية المتنافسة على النفوذ في الحرب المستمرة منذ 22 شهرًا. إلى جانب تركيا، وُجهت اتهامات لدول مثل الإمارات العربية المتحدة وروسيا بلعب أدوار مختلفة في تأجيج النزاع وتعقيد المشهد العسكري والسياسي.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، أفادت منظمة العفو الدولية بأن قوات شبه عسكرية في السودان تستخدم مركبات مدرعة من صنع الإمارات العربية المتحدة، مزودة بتكنولوجيا عسكرية فرنسية، ما يعكس تداخل المصالح الدولية في النزاع.

سفير السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس يستمع إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان.Mary Altaffer/ AP

وفي خطوة تصعيدية أخرى، أعلنت محكمة العدل الدولية، الخميس، أن السودان قدم شكوى ضد الإمارات، متهمًا إياها بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية عبر دعمها لقوات الدعم السريع، وهي القوة شبه العسكرية المنافسة للجيش السوداني. ورغم هذه الاتهامات، يواصل المسؤولون الإماراتيون نفي أي تورط في النزاع.

وفي غضون ذلك، عززت روسيا وجودها في السودان من خلال توقيع اتفاق، خلال الشهر الماضي، لإنشاء محطة بحرية في بورتسودان،ما يوفر لها حضورًا استراتيجيًا إضافيًا على امتداد البحر الأحمر. وتم توقيع الاتفاقية بين وزير الخارجية الروسي ونظيره السوداني.

ورغم تمديد حظر الأسلحة المفروض على دارفور في تشرين الأول/أكتوبر الماضي عبر تصويت بالإجماع في مجلس الأمن الدولي، لم تتخذ الأمم المتحدة أي إجراءات ضد الدول المتهمة بانتهاك هذا الحظر، ما يثير تساؤلات حول فاعلية القرارات الدولية في الحد من تدفق السلاح إلى أطراف النزاع.

Relatedحمدوك يطلق مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في السودان تحت عنوان "نداء سلام السودان"جنوب السودان على صفيح ساخن: الجيش يحاصر منزل نائب الرئيس ويعتقل حلفاءه.. بداية أزمة جديدة؟معركة القصر الرئاسي السوداني: كيف تطورت الأحداث وما التالي؟

واندلعت الحرب بالسودان في نيسان/أبريل 2023 إثر صراع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق محمد حمدان دقلو، الذي يقود قوات الدعم السريع، ما أدى إلى مواجهات عنيفة، لا سيما في العاصمة، واشتباكات ذات طابع عرقي امتدت إلى مناطق أخرى من البلاد.

وتصف الأمم المتحدة الحرب الأهلية في السودان بأنها أسوأ كارثة إنسانية في العالم، حيث أدت إلى نزوح نحو 14 مليون شخص، فيما تهدد المجاعة عدة مناطق في البلاد. وبينما تظل الأرقام الدقيقة لعدد الضحايا غير واضحة، تتراوح التقديرات بين 20,000 و150,000 قتيل، ما يعكس حجم المأساة الإنسانية المستمرة.

المصادر الإضافية • AP

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية جنوب السودان على صفيح ساخن: الجيش يحاصر منزل نائب الرئيس ويعتقل حلفاءه.. بداية أزمة جديدة؟ حمدوك يطلق مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في السودان تحت عنوان "نداء سلام السودان" معركة القصر الرئاسي السوداني: كيف تطورت الأحداث وما التالي؟ قوات الدعم السريع - السودانعبد الفتاح البرهان أسلحةجمهورية السودانتركياالإمارات العربية المتحدةاعلاناخترنا لكيعرض الآنNext "تلغراف": مخطط استخباراتي روسي للسيطرة على طرق الهجرة إلى أوروبا عبر ليبيا يعرض الآنNext بعد مرور 100 يوم على ولايتها الثانية.. فون دير لاين تستعرض التحديات واستراتيجيات أوروبا الجديدة يعرض الآنNext بن غفير يطرح مشروع قانون لإلغاء اتفاقيات أوسلو والخليل وواي ريفر يعرض الآنNext فيديو مثير للجدل لرئيس لجنة الأمن القومي بالكنيست الإسرائيلي يدعو فيه للسيطرة على سوريا والأخير ينفي يعرض الآنNext إصابة شخصين في انفجار سيارة بتل أبيب اعلانالاكثر قراءة تسريب بيانات خطير في إسرائيل يكشف هويات وعناوين آلاف حاملي الأسلحة باريس تضخ 195 مليون يورو إضافية لدعم أوكرانيا من الأصول الروسية المجمدة تصاعد الاشتباكات في إدلب..مشيعون يتوعدون بالانتقام بعد مقتل أفراد من قوات الأمن السورية "الجنس مقابل السمك".. كيف تُستغلّ النساء في زامبيا بسبب الجفاف وقلة المساعدات الدولية وزير الخارجية الأمريكي يدعو إلى محاسبة "مرتكبي المجازر" ضد الأقليات في سوريا اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومسورياإسرائيلروسياأبو محمد الجولاني بشار الأسدأوكرانياطائفةمواجهات واضطراباتالمفوضية الأوروبيةشرطةدونالد ترامبالكنيستالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • عمرة أنا ووالدتي.. مدفع رمضان يحقق حلم مواطنا من الشرقية
  • منسقة الأمم المتحدة تحذر من تخفيض المساعدات للسودان وتدعو لتكثيف الدعم الإنساني
  • "التموين" و"الصحة" و"الأغذية العالمي" يطلقون برنامجًا قوميًا لتعزيز الخبز المدعم ومكافحة الأنيميا
  • برنامج الأغذية العالمي يدعو لتمويل عاجل للمساعدات في أفريقيا
  • واشنطن بوست: شركة تركية متورطة في تزويد الجيش السوداني بطائرات مسيّرة وشحنة أسلحة سرية
  •  مقتل 9 مدنيين في قصف مدينة استعادها الجيش السوداني  
  • الجيش يهاجم الدعم السريع بعدة جبهات ويسعى للسيطرة على مركز الخرطوم
  • أي دور للإمارات في حرب السودان بين الجيش و”الدعم السريع”؟
  • طوارئ أبوشوك للنازحين تطالب برنامج الغذاء العالمي بتنفيذ برنامج المساعدات الغذائية
  • برنامج الأغذية العالمي: الملايين بمنطقة الساحل معرضون لخطر المجاعة