جنين- منذ منتصف الليلة الماضية ومع اللحظات الأولى لاقتحام مدن شمال الضفة الغربية وتحديدا جنين وطولكرم، حاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي مداخل مستشفى جنين الحكومي ومنعت سيارات الإسعاف من الخروج من ساحته باتجاه مخيم جنين أو الدخول إليه لنقل المرضى.

ويبدو المشهد معتادا لأهالي جنين، حيث عمدت قوات الاحتلال لحصار مشافي المدينة أثناء اقتحاماتها المتكررة خلال الشهور الماضية، لكن مع ساعات الصباح الأولى، تغير الوضع في المستشفى الحكومي الوحيد الذي يخدم كافة أنحاء محافظة جنين، بعد إبلاغ الجانب الفلسطيني بنية إسرائيل اقتحامه.

المريض ماهر فزاع بعد خروجه من المستشفى الحكومي عقب التهديد باقتحامه متحدثا مع المسعفين (الجزيرة) سيناريو مستشفيات غزة

وبإعلان إسرائيل نيتها اقتحام مستشفى جنين الحكومي، تبادر إلى أهالي جنين سيناريو مستشفيات غزة التي حاصرها الاحتلال لأيام قبل مداهمتها واعتقال عدد من الكوادر الطبية والمرضى منها وتدميرها وإخراجها عن الخدمة.

وقال محافظ جنين كمال أبو الرب إن الاحتلال الإسرائيلي أبلغ بشكل رسمي نيته اقتحام مستشفى خليل سليمان الحكومي، في حين عمدت قوات الاحتلال لقطع كافة الطرق الواصلة لمستشفى ابن سينا الخاص وسط المدينة، ووضع السواتر الترابية في الطرق المؤدية إليه.

وتحدث أبو الرب للجزيرة نت حول خطورة التهديد الإسرائيلي، وقال إن هذا المستشفى يخدم حوالي 400 ألف نسمة هم عدد سكان محافظة جنين، في حين يحاصر داخله حاليا قرابة 180 مريضا مع عدد كبير من عائلاتهم المرافقة لهم، إضافة لأكثر من 75 من الموظفين والطاقم الطبي.

ويضيف: "الناس يعيشون في قلق دائم سواء من هم داخل المستشفى أو خارجه، هذا التهديد خطير وهو امتداد لجرائم الاحتلال في جنين، وفي عموم الضفة الغربية التي استيقظت على عملية عسكرية واسعة لكافة مدنها ومخيماتها، لا يمكن السكوت على هذه التهديدات التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر".

ويضيف محافظ جنين: "الحصار مستمر على عموم مدينة جنين حيث يمنع الدخول والخروج منها، طواقم الهلال الأحمر منعت حتى من نقل الشهداء الذين تم استهدافهم في قصف على مركبتهم قرب قرية صير جنوب شرق جنين، ولذلك تم نقلهم إلى مدينة طوباس".

نقص المياه والوقود

وفي حديثه عن الوضع العام داخل مستشفى جنين الحكومي، قال الدكتور وسام بكر إن الوضع في أقسام المستشفى صعب للغاية، والمرضى في  حالة خوف وهلع، وإن ساحة المستشفى وقسم الطوارئ يزدحمان بالمواطنين من ذوي المرضى ومرافقيهم.

ويضيف بكر للجزيرة نت: "التهديد باقتحام المستشفى هو تهديد بتعريض حياة المرضى للخطر، الوضع خطير جدا، والناس تعيش في حالة خوف شديد، لا شيء جديد على الاحتلال ونحن نتوقع منه كل شيء، لأنه لا يحترم القوانين الإنسانية والدولية ولا يحترم حرمة المشافي والمراكز الطبية".

ويوضح: "حاليا توجد الآليات العسكرية على مداخل المستشفى. منذ ساعات الليل، لم يدخل أي طبيب أو ممرض من خارج المستشفى إليه بسبب حصاره، الكادر الطبي سيواصل عمله لوقت متأخر، لعدم تبديل الشيفت، والمرضى يخشون من دخول الجنود إلى داخل الغرف، والمرافقون يخافون على حياتهم وحياة أبنائهم".

وخلال الساعات الـ10 التي منع دخول وخروج أي أحد من المستشفى وعرقلت فيها حركة سيارات الإسعاف، كانت الاحتياطات الخدماتية في المستشفى الحكومي تنخفض بشكل مستمر، حيث يؤكد بكر أن احتياطيات الوقود والمياه قليلة جدا، ما يعني أن المستشفى قد يكون على موعد مع نفاد كميات الوقود إذا ما استمر الحصار لعدة أيام.

"نحتاج يوميا لـ40 كوب من المياه لتزويد قسم غسيل الكلى الذي يعمل على 3 شفتات خلال اليوم. إذا استمر الحصار سيكون لدينا نقص حقيقي في كميات المياه في آلات الغسيل الكلوي" يقول بكر.

وكانت وزارة الصحة الفلسطينية أصدرت بيانا حذرت فيه من حصار مستشفيات مدينة جنين، وطالبت المنظمات الدولية بالتدخل الفوري لوقفها.

وجاء في البيان الذي وصلت إلى الجزيرة نت نسخة منه أن عشرات المرضى يعالجون في هذه المشافي، وأن أي اقتحام لها هو تهديد مباشر لحياتهم، وقالت إنها وجهت كافة طواقمها الطبية في محافظة جنين للتوجه إلى أقرب مركز صحي ومساندة زملائهم الأطباء في هذه الظروف الطارئة.

وأمام مدخل مستشفى جنين ينتشر عدد من الآليات العسكرية والجنود، في حين تقف سيارات الإسعاف على مسافة 50 مترا من بوابة المستشفى الرئيسية تنتظر السماح لها بالتقدم، وبعد عملية التدقيق في هويات المسعفين والمرضى داخلها، يسمح لها بالدخول إلى المستشفى.

وتحدثت جمعية الهلال الأحمر عن منع أحد طواقمها العاملة في مدينة جنين من نقل حالة ولادة في ساعات الصباح المبكر، إضافة لمريض بحاجة لعلاج عاجل في قسم الطوارئ.

العملية الأوسع منذ 2002

وفي الشارع الرئيسي المؤدي إلى المستشفى يمكن رؤية أعداد من المرضى وأقاربهم يغادرون بأجساد متعبة يظهر عليها المرض، في حين خرج بعضهم من دون نزع إبر الوريد من يده، ما يعني مغادرتهم قبل إكمال علاجهم خوفا من الاقتحام الإسرائيلي المرتقب.

وقال ماهر فزاع من جنين إنه اضطر لمغادرة المستشفى على عجل وقبل إتمام علاجه بسبب وصول قوات الاحتلال لساحة المستشفى الخارجية، وخوفه من دخولهم إلى داخله "خرجت ولم أنتظر نزع الإبرة من يدي، لم أتلق كامل علاجي لكني أفضل التوجه إلى أي طبيب خاص، على تعريض حياتي وحياة ابنتي التي قدمت معي للخطر".

وفزاع اختار الخروج من المشفى بعد سماح قوات الاحتلال الإسرائيلي للمواطنين والمرضى بالخروج طواعية بعد التدقيق في هوياتهم وتفتيشهم.

ومثل فزاع، كان والد الطفلة تالا يمسك بيد طفلته الصغيرة ويمشي مسرعا باتجاه مركز المدينة بعد خروجه من المستشفى، حيث قال: "أدخلت طفلتي إلى المستشفى يوم أمس وكان من المقرر أن تخرج صباحا وحتى الآن لم أتمكن من إخراجها بسبب الحصار على المستشفى، الحمد لله الآن تمكنا من الخروج بعد تفتيشنا".

وكما الحال في جنين، بدأت قوات الاحتلال حصارا واسعا لمستشفى ثابت ثابت الحكومي في مدينة طولكرم ومنع سيارات الإسعاف من الوصول إليه، ضمن العملية العسكرية الواسعة التي بدأتها إسرائيل على مدن شمال الضفة الغربية وتركزت في جنين وطولكرم وطوباس.

وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قالت إن الجيش بدأ عملية عسكرية هي الأوسع منذ عام 2002 في مدن شمال الضفة وأطلقت عليها اسم "المخيمات الصيفية". ومنذ الساعات الأولى للعملية، قتلت إسرائيل 9 فلسطينيين في قصف لمواقع مختلفة في جنين وطوباس، إضافة لاقتحام مدينة طولكرم ومخيماتها وإصابة 3 مواطنين في قصف بمخيم نور شمس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات سیارات الإسعاف قوات الاحتلال مستشفى جنین فی جنین فی حین

إقرأ أيضاً:

أهالي جنين ينفضون آثار العدوان.. عودة للحياة وإصرار على المقاومة

رصدت صحيفة "الغارديان" البريطانية عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة بعد عدوان إسرائيلي هو الأوسع والأكثر دموية منذ ما يقرب من 20 عاما.

وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن في بداية الأسبوع، في يوم الأحد الماضي، خنقت حركة المرور وسط مدينة جنين لأول مرة منذ ما يقرب من أسبوعين بعد إصلاح الطرق؛ حيث باع الباعة الجائلون الخوخ وأول رمان الموسم بعدما عادت المدينة ببطء إلى الحياة. 

ولكن في بعض الأماكن، لا تزال مياه الصرف الصحي تتدفق عبر الشوارع التي حفرتها الجرافات العسكرية الإسرائيلية. وأظهرت العديد من المباني المحترقة علامات قتال عنيف، والآن أصبحت الطوابق العليا مليئة بثقوب الرصاص والنوافذ المكسورة. وتضررت البنية التحتية للمياه والكهرباء بشدة، وليس من الواضح متى سيتم استعادة هذه الخدمات، وفقا للتقرير. 


وقال أبو محمود (61 عاما) الذي افتتح متجره لملابس الأطفال لأول مرة منذ 10 أيام، بعد أن اتضح أن جيش الاحتلال الإسرائيلي غادر، إن الدمار الذي لحق بأجزاء كبيرة من البلدة كان غير مسبوق. 

وأضاف خلال حديثه للصحيف البريطانية، مشيرا إلى الانتفاضة الفلسطينية الدموية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، والتي كانت جنين خلالها في المركز: "حتى في الانتفاضة الثانية لم يكن الأمر كذلك، لم يدمروا الطرق والشوارع ويذهبوا من منزل إلى منزل". 

وتابع "شباب البلدة يقاتلون الاحتلال، نعم، لأنهم لا يستطيعون العثور على عمل ولا يرون مستقبلا. لكننا لم نبدأ هذا. الإسرائيليون فرضوا هذا علينا". 

وأشار التقرير إلى أنه "في الساعات الأولى من صباح 28 آب/ أغسطس، نزل مئات الجنود الإسرائيليين والشرطة وعناصر المخابرات على جنين وطولكرم ونابلس وطوباس وقلقيلية في شمال الضفة الغربية كجزء مما أطلق عليه الجيش الإسرائيلي عملية المخيمات الصيفية، مستخدما ما أسمته الأمم المتحدة تكتيكات حربية مميتة".

وتأججت أعمال العنف في الضفة الغربية بسبب تصرفات المستوطنين اليمينيين المتطرفين وأنصارهم في الائتلاف الحاكم بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفقا للصحيفة.

حتى الآن، ركزت المداهمات الإسرائيلية بشكل أساسي على مخيمات اللاجئين الحضرية، بما في ذلك مخيم في جنين، الذي تم بناؤه لإيواء الفلسطينيين الذين طردوا من منازلهم بعد إنشاء "إسرائيل" عام 1948. واليوم تشبه المخيمات الأحياء الفقيرة المبنية بكثافة والتي تفتقر إلى الخدمات، حيث ينتشر الفقر والجريمة والتشدد. 


وأشار التقرير، إلى "تدهور الوضع المتدهور أصلا في الضفة الغربية بشكل كبير منذ اندلاع الحرب على غزة: فقد شنت عملية المخيمات الصيفية فورا تقريبا بعد أن قرر الجيش  الإسرائيلي ترقية وضع المنطقة إلى جبهة ثانوية".  

وكان الهجوم الإسرائيلي هو الأكبر في الضفة الغربية منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول، وببعض المقاييس كان الأكبر في المنطقة منذ انتهت الانتفاضة الثانية في عام 2005. 

وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية في رام الله، فقد استشهد 36 شخصا خلال الاقتحامات في الضفة الغربية، بما في ذلك 21 في جنين، دون التمييز بين القتلى من المسلحين والمدنيين. وقالت الوزارة إن ثمانية أطفال واثنين من كبار السن من بين الشهداء. وقال نضال أبو صالح، رئيس بلدية جنين، إن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية تقدر بنحو 13 مليون دولار. 

قالت الصحيفة البريطانية، إن "الجيل الجديد من المقاتلين المتمركزين في المخيمات لا ينتمون إلا إلى الفصائل الفلسطينية التقليدية: وبدلا من ذلك، قال العديد ممن تحدثت إليهم الغارديان إنهم سيقاتلون تحت لواء أي مجموعة قادرة على تسليحهم وتمويلهم". 

وقال أبو محمود: "تخيل أنك شاب هنا: لا يوجد عمل، ولا بديل سوى المقاومة. لقد فقد سبعة أشخاص أعرفهم طفلين على الأقل.. لا تميز إسرائيل بين الفصائل. وبشكل ما لا نميز نحن أيضا. فكلنا جنين معا". 

وصف سكان المدينة والمخيم الظروف المروعة أثناء الغارة، حيث حوصر حوالي 20 ألف شخص في منازلهم بدون ماء أو كهرباء وقليل من الطعام. كما أوقف جنود الاحتلال سيارات الإسعاف التي كانت تجلي الجرحى بحثا عن مقاومين. 

تعيش خُلد عامر، وهي معلمة تبلغ من العمر 39 عاما، وزوجها، وهو موظف حكومي، مع أطفالهما الأربعة في مبنى حديث من خمسة طوابق على بعد شارع واحد من المخيم. منذ عام 2022، استخدم الجنود الإسرائليون سقفهم بانتظام كموقع للقنص، وفقا للتقرير.

في عام 2023، أجبرت قوات الاحتلال جميع الأشخاص الخمسين الذين يعيشون في المبنى على البقاء في غرفة واحدة لمدة 12 ساعة بدون طعام أو ماء، ومنذ ذلك الحين تفر معظم العائلات الآن إلى منازل الأقارب عندما يدركون أن الجيش قادم. إذا بقوا، يجبرهم الجنود على الخروج على أي حال. 

عادت خُلد عامر وعائلتها إلى شقتهم هذه المرة ليجدوا أجهزة كمبيوتر محمولة محطمة ومرحاضا مسدودا وباب شرفة مكسورا. وقالت: "لا بد أنه كان هناك جندية أو أكثر، لأنه من الواضح أنهم كانوا يستخدمون الشامبو ومستحضرات التجميل الخاصة بي. كان هناك شعر أشقر في فرشاة شعري. إنه شيء تافه، قطرة في البحر مقارنة بما يمر به الناس في غزة. لكن لا ينبغي أن يحدث هذا على أي حال".  


إنها تحاول بيع الشقة والانتقال إلى قرية أصهارها من أجل الأطفال، ولكن ليس من المستغرب أن لا يوجد مشترين. قالت: "كانت الشقة 400 ألف شيكل (81 ألف جنيه إسترليني) وبقي لدينا سبع سنوات على الرهن العقاري. لكننا سنكون محظوظين إذا بعناها بنصف هذا المبلغ". 

ومن المأمول، حسب التقرير، أن يساعد وقف إطلاق النار في غزة كثيرا في تهدئة التوترات في الضفة الغربية، ولكن على الرغم من الجهود المتجددة للوسطاء الدوليين، لا يبدو أن الهدنة واتفاق إطلاق سراح الرهائن في الأفق. 

بدلا من ذلك، يستعد سكان جنين للأسوأ. وقال قاسم الحاج (18 عاما) وهو يتفقد الأضرار التي لحقت بمنزله في حرارة منتصف النهار الشديدة، بينما كانت مياه الصرف الصحي تملأ حذائه، إنه لا يعتقد أن عملية المخيمات الصيفية قد حققت أهدافها. وأضاف: "جيلا بعد جيل، ستصمد المقاومة وتصبح أقوى". 

مقالات مشابهة

  • الإعلام الإسرائيلي يحذر من سيناريو اشتعال الضفة
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 40 مواطنًا من الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 40 فلسطينيا في الضفة الغربية
  • بزي نسائي .. تفاصيل اعتقال الاحتلال مريضا من مستشفى بالضفة
  • قوات الاحتلال تقتحم قلقيلية وبلدة ترمسعيا ومستشفى حلحل
  • "الإعلامي الحكومي": الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجزرة وحشية فظيعة بقصف مدرسة "الجاعوني"
  • فيروس جديد يصيب الخفافيش وينتقل إلى البشر وسط مخاوف من تكرار كارثة
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 30 فلسطينيًا في الضفة الغربية
  • أهالي جنين ينفضون آثار العدوان.. عودة للحياة وإصرار على المقاومة
  • 5 شهداء بقصف مسيّرة إسرائيلية على طوباس