بعد أكثر من عقد من الزمان منذ أن ساعدت الولايات المتحدة وحكومات أوروبية وعربية الليبيين في الإطاحة بنظام، معمر القذافي، لا يزال السلام الدائم بعيد المنال. انقسمت البلاد بين حكومتين، وسط خشية من ازدياد الصراعات.

في منتصف أغسطس، أطاحت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس (غرب) بمسؤول البنك المركزي، الوصي على ثروة النفط الهائلة في الدولة العضو في منظمة أوبك، مما أشعل مواجهة جديدة، حيث أمرت الحكومة المنافسة في الشرق بوقف إنتاج النفط الخام، مما أدى إلى اضطراب بأسواق الطاقة العالمية، وفقا لما ذكرته وكالة "بلومبرغ"، الثلاثاء.

سنوات من الاضطرابات

ضعفت مؤسسات الدولة الليبية خلال حكم القذافي الذي دام 42 عاما، وتركت الإطاحة به فراغا ملأته ميليشيات عديدة، وكثير منها قائم على الانتماءات القبلية. نشأ انقسام بين غرب البلاد الأكثر ثراء والشرق، موطن معظم إنتاج البلاد من النفط.

بعد الانتخابات التي جرت في عام 2014، انقسمت ليبيا إلى نصفين، وحصلت معارك مسلحة بين قوات تابعة للحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرها العاصمة طرابلس في غرب البلاد، مع قوات تتبع للقائد العسكري، خليفة حفتر، وتحالف من القوات والمقاتلين غير النظاميين المعروفين باسم الجيش الوطني الليبي في الشرق.

ليبيا الغنية بالنفط تفصل رئيس شركة توزيع الوقود بعد نفاده من المحطات أوقف رئيس الوزراء في حكومة الوحدة الوطنية (غرب)، عبد الحميد الدبيبة، رئيس شركة توزيع الوقود الحكومية عن العمل، بعد نفاده من المحطات.

وحاولت قوات تتبع للمشير خليفة حفتر في أبريل عام 2019 اقتحام العاصمة طرابلس، وحدثت اشتباكات عنيفة استمرت لأشهر طويلة.

وأدى وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة دولية في أكتوبر 2020 إلى تشكيل حكومة انتقالية جديدة برئاسة رئيس الوزراء، عبد الحميد دبيبة، الذي كان من المفترض أن يقود البلاد إلى تصويت ديمقراطي في العام التالي.

ماذا حدث لاحقا؟

بعد فترة وجيزة، حصلت موجة من النزاعات القانونية حول المرشحين المثيرين للجدل، بما في ذلك أحد أبناء القذافي، فشلت الانتخابات الموعودة، وظل الدبيبة رئيسا للوزراء في طرابلس. وقد أدى ذلك إلى تجدد الاستياء إزاء استمرار هيمنة السلطة في غرب البلاد، مما دفع البرلمان في الشرق في عام 2022 إلى الإعلان عن حكومة خاصة بدعم من قوات حفتر، الذي كان يطمع في الرئاسة، وفقا لبلومبرغ.

وقد تفاقم الانقسام منذ ذلك الحين، وحدثت اشتباكات عنيفة بين قوات متنافسة في طرابلس ومحيطها، وحصلت صراعات دورية حول إدارة أصول البلاد، ولا سيما مؤسسة النفط الوطنية التي تديرها الدولة.

وفي ظل عدم وجود جدول زمني واضح للانتخابات، كان الدبيبة - الذي كان يتطلع إلى الترشح للرئاسة في عام 2021 - يعزز سيطرته على طرابلس وقطاع الطاقة الحيوي، مما أدى إلى تفاقم التوترات مع الشرق.

وأعاد الدبيبة تأسيس وزارة النفط في عام 2021 لتحقيق قدر أكبر من الرقابة على شركة النفط الوطنية، وتمت الإطاحة برئيس الشركة، الذي تسلمها لفترة طويلة، تحت تهديد السلاح في العام التالي بعد رفضه سن القرارات الوزارية. وقد كانت إدارة قطاع النفط الليبي محاطة بعدم اليقين منذ ذلك الحين، حيث تعرض مسؤولون لتعليق مفاجئ وتحقيقات في سلوكهم.

ما الذي أشعل فتيل الصراع الأخير؟

تحتوي ليبيا على أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في أفريقيا، وقد ضخت 1.2 مليون برميل يوميا خلال العام الماضي، مما يجعل البنك المركزي الذي يدير الإيرادات، مؤسسة مهمة للإدارات المتنافسة في ليبيا.

اندلع نزاع طويل الأمد بين محافظه، الصديق الكبير، والدبيبة في العلن في منتصف أغسطس عندما أمرت السلطات في طرابلس بتغيير كامل للإدارة ثم سيطرت بالقوة على البنك. وصف الكبير، الذي قاد البنك منذ عام 2012 وكان يواجه انتقادات بشأن إدارته للأموال، هذه الخطوة بأنها غير شرعية.

وقد عزز الكبير العلاقات مع شرق ليبيا، وحذر رئيس البرلمان في الشرق، عقيلة صالح، من أن "عائدات النفط لن تتدفق إلى أيدي غير جديرة بالثقة". في 26 أغسطس، أعلنت الإدارة الشرقية أنها علقت إنتاج وتصدير كل النفط الليبي ردا على إقالة الكبير، التي وصفها حفتر بأنها غير شرعية.

جاءت المواجهة بعد فترة من التوترات المتزايدة. ففي وقت سابق من أغسطس، عندما علق أكبر حقل نفطي في البلاد، الشرارة، الإنتاج، وصفت طرابلس ذلك بأنه عمل من أعمال "الابتزاز السياسي". وكثيرا ما تستخدم عمليات إيقاف إنتاج النفط في ليبيا لأجل مطالب سياسية. ووفقا لشركة فيريسك مابلكروفت الاستشارية للمخاطر، تم إغلاق حقل الشرارة 28 مرة على الأقل منذ عام 2011.

كما أدى حشد الجماعات المسلحة إلى زيادة التوتر. فقد نقل نجل حفتر، صدام، قوات نحو الجنوب الشرقي، وهي منطقة خاضعة رسميا لسيطرة طرابلس، في حين وحد الدبيبة ميليشيات طرابلس وأجهزة الأمن في قوة شرطة واحدة مكلفة بتأمين العاصمة. وقال المبعوث الأممي إلى ليبيا يوم 20 أغسطس إن الوضع السياسي والعسكري والأمني ​​"تدهور بسرعة كبيرة" خلال الشهرين الماضيين.

الإعلان عن "اجتماع طارئ" لحل أزمة البنك المركزي الليبي أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عزمها عقد اجتماع "طارئ" لحل أزمة البنك المركزي، التي تسببت بتوتر سياسي أدى إلى وقف سلطات شرق البلاد إنتاج النفط وتصديره.

وأعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عزمها عقد اجتماع "طارئ" لحل أزمة البنك المركزي، التي تسببت بتوتر سياسي أدى إلى وقف سلطات شرق البلاد إنتاج النفط وتصديره.

وأكدت البعثة في بيان، ليل الاثنين الثلاثاء، عزمها عقد "اجتماع طارئ" بحضور الأطراف المعنية بالأزمة "للتوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وعلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة".

وكانت سلطات الشرق أعلنت، الاثنين، وقف إنتاج النفط وتصديره حتى إشعار آخر، احتجاجا على قيام الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس (غرب) بالسيطرة على مقر المصرف المعني بإدارة عائدات النفط، وإعفاء محافظه.

وأعلنت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب ومقرها بنغازي (شرق)، "حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ النفطية، وإيقاف إنتاج وتصدير النفط حتى إشعار آخر".

وأتى ذلك ردا على سيطرة "لجنة تسليم واستلام الصلاحيات"، المعينة من قبل المجلس الرئاسي في طرابلس على مقر المصرف، وتمكين مجلس إدارة جديد بدلاً من المحافظ المقال الصديق الكبير.

وأعربت البعثة الأممية في بيانها عن "عميق أسفها لما آلت إليه الأوضاع في ليبيا جراء القرارات أحادية الجانب"، محذرة من أن التمسك بها "سيعرض ليبيا لخطر الانهيار المالي والاقتصادي".

ودعت الأطراف السياسية إلى "تعليق العمل بكل القرارات الأحادية" المتعلقة بالمصرف، و"الرفع الفوري للقوة القاهرة عن حقول النفط"، وضمان "سلامة موظفي المصرف المركزي، وحمايتهم من التهديد والاعتقال التعسفي".

وأيدت الولايات المتحدة المبادرة.

وحثت السفارة الأميركية لدى طرابلس في بيان كل الأطراف على "اغتنام هذه الفرصة" بعدما أدت التوترات لـ"تقويض الثقة في الاستقرار الاقتصادي والمالي في ليبيا".

كما اعتبرت أن "ترهيب موظفي البنك المركزي" مثير للقلق، داعية إلى محاسبة المسؤولين "بشكل صارم".

ويشرف البنك المركزي الليبي على إدارة إيرادات النفط وميزانية الدولة ليتم بعد ذلك إعادة توزيعها بين المناطق المختلفة بما فيها الشرق. وبفضل فترة الهدوء مؤخرا، ارتفع الإنتاج إلى حوالى 1.2 مليون برميل يوميا.

ويتولى الصديق الكبير منصب محافظ المصرف المركزي منذ 2012، ويواجه انتقادات متكررة بشأن إدارته إيرادات النفط الليبي وموازنة الدولة، من شخصيات بعضها مقرب من الدبيبة.

ويحظى محافظ البنك المركزي بثقة مجلس النواب الذي جددها قبل أيام، معتبرا أن المجلس الرئاسي في طرابلس لا يملك صلاحية تعيين المحافظ أو إقالته.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: البنک المرکزی إنتاج النفط فی طرابلس فی لیبیا فی الشرق أدى إلى فی عام

إقرأ أيضاً:

إساءة للقيادات.. القصة الكاملة وراء خناقة تامر عبد المنعم و"المالكي" ووصولها للقضاء

تقدم المحامي ياسر قنطوش وكيل الفنان تامر عبد المنعم رئيس البيت الفني للفنون الشعبية والإستعراضية بدعوى قضائية ضد المخرج محمد المالكي والذي قام بسب الفنان تامر عبد المنعم في أعقاب عرض نوستالحيا ٩٠/٨٠ في يونيه الماضي عبر شبكات التواصل الاجتماعي. 

تامر عبد المنعم : قصة سب "المالكي" لي بين يدي القضاء المصري ولن أتنازل عن حقي
 

وقد تقدم المحامي ياسر قنطوش بشكوى لدى مباحث الإنترنت اثبت من خلالها تعدي المتهم بالسب والقصف في حق موكله الفنان تامر عبد المنعم وكيل وزارة الثقافة للشئون الفنية وقتها.

ومن جانبه صرح "عبّد المنعم" أن الموضوع برمته بين يدي القضاء المصري الشامخ مؤكدا أنه لن يتنازل عن حقه السياسي ضد المشكو في حقه المالكي الذي تجاوز كل الخطوط الحمراء، معتبرا أن حسابه عبر منصات التواصل الاجتماعي محصن ضد القانون.

من ناحية أخرى أكد المحامي ياسر قنطوش أن المتهم حاول مرارا وتكرارا الإساءة الي قيادات وزارة الثقافة وإلصاق التهم بهم وأن سبه الفنان تامر عبد المنعم لم يكن الأول فقد أساء لرؤساء هيئات ووكلاء وزارة تحت غطاء أنه فنان ومخرج على الرغم من أنه شخص مغمور لا يعرفه أحد ويستغل الإساءة للقيادات للظهور.

كما أكد "قنطوش" أن العقوبة تتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات سجن لسب موظف عام وأحد قيادات وزارة الثقافة ووصفه بالباطل.

راندا البحيري تتقدم بشكوى عاجلة ضد طليقها سعيد جميل

تقدمت الفنانة راندا البحيري بشكوتين ضد طليقها المذيع سعيد جميل، إحداهما إلى نقابة الإعلاميين والثانية إلى المجلس الأعلى للإعلام، بطلب وقف برنامجيه المذاعين علي قناة القاهرة والناس، وجاء ذلك خلال بيان رسمي نشرته عبر حساباتها الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، و"إنستجرام".

وجاء البيان كالتالي: "تقدم مكتب المستشار علاء قطب محامي الفنانة راندا البحيري ونجلها بشكوتين إحداهما إلى نقابة الإعلاميين والثانية إلى المجلس الأعلى للإعلام ضد المذيع سعيد جميل - بطلب وقف برنامجيه المذاعين علي قناة القاهرة والناس أو الأمر بتغيير محتواهما وذلك لتضرر نجلها المعنوي من هذا المحتوى".

وتابع البيان: "لما يتعرض له من إيلام نفسي شديد حين يشاهد والده علي شاشات التلفاز يقدم النصح والأمل للناس في حين أنه لا يأبه له أو يهتم به أو يعلم عنه شيء فضلاً عن استغلاله صفته كأب له واستصدر أمراً بمنعه من السفر ما أضر بمستقبله التعليمي كونه يتلقي جزءًا من منهجه التعليمي في إحدي الدول العربية تنفيذاً للبروتوكول الخاص بمدرسته".

مقالات مشابهة

  • دار الإفتاء طرابلس: الغرياني والسفير البريطاني أكدا على أهمية الالتزام بالمذهب المالكي في ليبيا
  • ليبيا تسعى لتعزيز إنتاج النفط وسط تحديات جيوسياسية متزايدة
  • التسلح والسياحة من المفارقات الليبية
  • بعد عفو ترامب عنه.. القصة الكاملة حول مؤسس موقع طريق الحرير
  • عبدالصادق: زيادة إنتاج الخام مفتاح إعادة الإعمار في ليبيا
  • أجواء العراق.. طقس معتدل مع فرص لهطول امطار جنوب وغرب البلاد
  • مادورو: نتجه إلى إنتاج 1.5 مليون برميل نفط يومياً ووقعنا استثمارات كبيرة
  • إساءة للقيادات.. القصة الكاملة وراء خناقة تامر عبد المنعم و"المالكي" ووصولها للقضاء
  • القصة الكاملة للنصب على مجدي أفشة لاعب الأهلي
  • واقعة جديدة في النيابة.. القصة الكاملة لبلاغ بسمة وهبة وشاليمار