عقدنا بداية حلقة نقاش عندما وضعنا أيدينا على فريسة قد تبدو غريبة وقد نبني عليها فيلما قصيرا من إخراجنا. داخل شقّة آيلة للسقوط بعد أن تكوّم نصفها، وعلى وقع صعقات الحرب التي كانت تدار بشتّى أنواع الأسلحة: الطائرات بكلّ تشكيلاتها المحلّقة، صليل الدبّابات المزمجرة وصوت زخّات الرصاص الذي لا يهدأ له بال.

بداية وقف الضابط أمامنا شارحا لفكرة الفيلم: بين أيدينا الآن طفل غزيّ بعمر خمسة عشر عاما من النوع "المنغولي" مصاب بمتلازمة داون، هنا تحلو الحكاية، بطل القصّة هذا الطفل الذي أرشّحه لكم للقيام بالدور قياما حقيقيّا وليس تمثيلا، بقيّة الممثّلين الذين سيجسّدون دور الذئاب الذكيّة عندما تأخذ شكلها البشريّ بعيدا عن أيّة زخرفة أو تمثيل، وسيمثّلون دور العدوّ المفترس الذي يستمتع بتعذيب ضحيّته ويتسلّى على آلامها بحنكة وذكاء، فيلم رعب هم فيه الروح الشرّيرة القادرة على إخراج كلّ تجليّات الشرّ الكامنة في أعماق أعماقها، سيجسّدون كيف وصلت هذه الروح إلى هذا القاع السّحيق من البشرية ذات الروح السوداء الكريهة المقيتة، سيظهرون في الفيلم كيف نجحت أرواحهم نجاحا باهرا في أن لا تستبقي شيئا من دواخلها الشرّيرة.



لا بدّ من أن يكون قد مرّ من يرشَح للقيام بهذا الدور بتجارب قد مارس فيها الإجرام بدرجات متفاوتة، ولا بدّ له من أن يرتقي في هذا السلّم درجة تلو الأخرى ليصل في النهاية إلى هذه القدرة الخارقة على ممارسة الجريمة بأبشع الصور التي لا يتخيّلها بشر ولا تمرّ بخياله ولو مرورا سريعا.

لا بدّ له مثلا من أن يكون قد دخل سباقا في نذالة الجريمة، قد هدم بيوتا فوق رؤوس ساكنيها من أطفال ونساء لا دور لهم في هذه الحرب، ودون أيّ مبرّر أو سبب، لا بدّ له من أن يكون قد مارس دورا في قصف القنبلة ذات الألفي رطل على بيوت النازحين البلاستيكية والمشافي والمدارس والجامعات ودور العبادة وأن يكون قد شاهد ذلك وهو يقهقه وينتشي ويفرح لا بدّ له مثلا من أن يكون قد دخل سباقا في نذالة الجريمة، قد هدم بيوتا فوق رؤوس ساكنيها من أطفال ونساء لا دور لهم في هذه الحرب، ودون أيّ مبرّر أو سبب، لا بدّ له من أن يكون قد مارس دورا في قصف القنبلة ذات الألفي رطل على بيوت النازحين البلاستيكية والمشافي والمدارس والجامعات ودور العبادة وأن يكون قد شاهد ذلك وهو يقهقه وينتشي ويفرح، ولا بدّ له من أن يكون قد اعتاد على أن يشعر بالطرب وهو يستمع لأنفاس الناس وصرخاتهم وهم يسلمون الروح، ولا بدّ له من أن يكون قد تسلّى كثيرا وهو يقوم بتعرية الناس وتعذيبهم شتى أنواع العذاب ليزداد طربا ويستعذب قلبه هذا العذاب، وأن يكون من الذين مارسوا السحل وتكسير العظام والحرق وكلّ أشكال البطش الشديد، والشرط أن لا تتحرّك في دواخلهم أية وخزة ضمير، بل يرتعش ضميرهم جزلا وسرورا وابتهاجا. هو بهذا وغير هذا يصبح مؤهلا للإبداع والتفكير خارج الصندوق المألوف في عالم الجريمة، يصبح له خيال خلّاق وفاتح لآفاق جديدة وذو قدرة عالية للوصول إلى الذروة التي لم يصلها أحد من قبله، لا من إنس ولا جانّ.

لقد قمنا بالفعل بتأهيل هذه المجموعة من الجنود وقد تأهّلت في هذه الحرب ووصلت ذروة الابداع، ثمّ إنّها ذات سبق في دوري الجريمة الممتاز، ولها تجارب في البحث عن أشكال جديدة لم يصلها أحد، فرصة تثبت للقاصي والداني في هذه العصابة أنّها لا يشقّ لها غبار ولا يحدّها حدّ في تحقيق أعظم التجلّيات، وأنتم مررتم بهذه التجارب لذلك أرشحكم للقيام بهذا الدور الفظيع.

ولتحقيق أفضل مشهد درامي في سينما إنتاج أفلام الرعب أضع بين أيديكم هذا الطفل الملائكيّ المصاب بمتلازمة داون، إنّ في ذلك لفرصة عظيمة، لأن الجريمة عندما يكون لها مبرّر تفقد جودتها، هذا الطفل لا مبرّر بأي حال من الأحوال يجيز الاعتداء عليه، وهنا يكمن فنّ الجريمة، هكذا أريد أن أقتلك دون مبرّر صادق أو حتى كاذب، ثم إن شكله يوحي بكلّ شيء عن مرضه وإعاقته، فرسالتنا في الفيلم واضحة العيان: لا داعي أيها الجندي العظيم عندما تقتل الفلسطينيّ أن يكون لك مبرّر لقتله، يكفي أن يكون فلسطينيّا.

هنا تبلغ الجريمة مداها العظيم ويبلغ الفيلم ذروته، يُنزع من حضن أمّه فنضرب بذلك قلبها في مقتل، ثم رصاصة في رأسه، لا أبدا هكذا تبدو الجريمة اعتياديّة والإخراج سيئ، تريح ضحيّتك بهذه السّرعة وكأنّكم لم تسمعوا وصيّة عظيمنا المقدّس بن غفير عندما قال: "لا يعتبر الموت عقوبة كافية للفلسطيني، يجب أن نذيقه ما هو أصعب من الموت". الرصاصة في الرأس غير كافية، ما رأيكم دام فضلكم؟

هتف أحدهم مغتبطا بفكرته:

- نقتل أمه ونتركه مكبّلا حتى يموت جوعا وعطشا.

هزّ الضابط المخرج رأسه منكرا:

- قد يأتي من ينقذه بعد مغادرتنا المكان.

قال ثالث مزهوا بفكرة بدت له أنّها عظيمة:

- نقوم بالعكس، نقتله ونترك أمّه تموت حسرة عليه.

أنكر عليه الضابط مقولته:

- فكرة ولكنّها مكرورة مملّة، حصل مثلها كثير. ثم أين المتعة فيها وأين التسلية؟

قال الرابع وهو يظنّ أنه يحسن صنعا:

- نقتل الاثنين برصاصتين غير مميتتين ثم نتركهما ينزفان حتى الموت.

لم تعجب الضابط، استخفّ بها ونعق:

- لا جديد، أريد فكرة خلّاقة، جديدة، طازجة لم يسبقنا إليها أحد.

قال شرّير واضح أنه قد رضع من حليب إبليس في صغره:

- وجدتها، لِمَ لا نطعم كلبنا، نترك الكلب يفترسه ولننظر كيف يواجه هذا المعتوه مصيره، وننظر في وجه أمّه كيف نقرأ رواية البؤساء في تقاطيعه الجميلة، نطعم كلبنا ونسلّي أرواحنا.

صفّق الجميع للفكرة، وسال لعابهم على مشهد سينمائيّ هوليودي رهيب:

- أرأيتم كيف تشرق الفكرة القويّة وتزهو بها الأرواح؟ أحضروا أمّه لتشاهد معنا الفيلم، هيّا أطلقوا الكلب عليه.

اعترض جنديّ صامت هادئ من الواضح أنه حديث عهد في هذه الجنديّة، وجّه كلامه لضابط المجموعة:

- لا أرى ذلك مناسبا سيدّي، إن كان ولا بدّ فدعوني أجهز عليهما برصاصتين.

قهقه الجند وضابطهم:

- ما زلت طريّ الفؤاد يا ولدي، محارب فاشل.

يدر بخلده الصغير ولم يمر في حياته أن هناك ضباعا على شكل بشر، حسِب الكلب صديقا أو دمية، ولكن الكلب أنشب أنيابه في يده فمزّقها، امتقع وجهه هلعا، وتداخلت مشاهد الرجاء والخوف والسذاجة والبراءة في صورة سيريالية واحدة في وجهه، امتزجت فيها كلّ الألوان القاتمة، تجعّد صباحه وشخصت عيناه، بكى بمرارة وحزن يقطّع القلوب، ثم صرخ من أعماقه صرخة اهتزّت لها الجدران
ناشدتهم أمّه باكية بعد أن رأت الشرّ في عيونهم وقرأ قلبها ما يحيط بفلذة كبدها من مخاطر:

- إنّه معاق، من أطفال متلازمة داون، ألا ترون شكله، بالله عليكم، أرجوكم ارحموه، اتركوه وشأنه.

سأل أحدهم ساخرا:

- أنتِ أم هو؟ الكلب جائع ونريد أن نطعمه.

- أنا، فليأكلني كلبكم واتركوا ولدي.

قهقه الضابط ونعق:

- أنت لحمك أزرق ناشف لا ينفع للأكل.

هجم الكلب بكلّ عنفوانه وأنيابه مشرّعة، صرخت أمّه بأعلى صوتها.. من وسط صراخها سمعت ابنها وهو يخاطب الكلب:

- "بس حبيبي، خلص".. لم يدر بخلده الصغير ولم يمر في حياته أن هناك ضباعا على شكل بشر، حسِب الكلب صديقا أو دمية، ولكن الكلب أنشب أنيابه في يده فمزّقها، امتقع وجهه هلعا، وتداخلت مشاهد الرجاء والخوف والسذاجة والبراءة في صورة سيريالية واحدة في وجهه، امتزجت فيها كلّ الألوان القاتمة، تجعّد صباحه وشخصت عيناه، بكى بمرارة وحزن يقطّع القلوب، ثم صرخ من أعماقه صرخة اهتزّت لها الجدران.

- ماما أنا بحبّك.. وكانت آخر كلماته.

نهش الكلب وجهه ليخفي صوته، لعق من دمائه ونزل الدم غزيرا من رقبته.

صرخت أمّه صرخّة تردّدت في جنبات خراب غزّة ثم راحت في غيبوبة طويلة.. نجحنا بتصوير الفيلم على هواتفنا، اشتدّ القصف علينا فولّينا هاربين..

هنا انتهت رواية الجنديّ بنهاية فيلمهم.

وجدت أمّه نفسها في خيمة يقال عنها مشفى، سألت عن ولدها لعلّها كانت في رؤيا سيئة أو كابوس في منامها، ولكن الناس ترحّموا عليه وقالوا لها ترضّي عنه، سبقك إلى الجنةّ والرفيق الأعلى. تذكّرت المشهد الأخير من فيلم الرعب وجّهت قلبها لربّها وناجت:

"اللهم إنّك تسمع وترى ولا تخفى عليك خافية، إنهم ظلمة جبابرة طغاة وحوش كاسرة، قد طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد فصبّ عليهم سوط عذاب، اللهم ما صنعوا مع ولدي أرهم إياه أضعافا مضاعفة، وانتقم لي ولولدي انتقامك لأحبابك على أعدائك، اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه أطفال غزة الاحتلال أطفال جرائم قصة مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة صحافة اقتصاد تكنولوجيا اقتصاد سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ولا بد فی هذه

إقرأ أيضاً:

محاكمة سارقي كيم كارداشيان تنطلق بعد 9 سنوات من الجريمة!

متابعة بتجــرد: بعد قرابة عقد من سرقة العشرة ملايين دولار التي أذهلت العالم، ستبدأ محاكمة العصابة الباريسية الإجرامية، التي سرقت كيم كارداشيان وتركتها مقيدة ومكممة ومرعوبة.

وقبل المحاكمة التي طال انتظارها، كشف تحقيق أجرته صحيفة “ميل أونلاين” عن الصورة الكاملة حتى الآن لما حدث في الليلة التي اقتحم فيها مسلحون ملثمون شقة نجمة تلفزيون الواقع، والتي تبلغ كلفة إقامتها 12 ألف جنيه إسترليني لليلة الواحدة، حيث كانت كارداشيان عارية تماماً باستثناء رداء الحمام حيث قيدوها وكمموا فمها واحتجزوها داخله، قبل أن يسرقوا مجموعة مجوهراتها الفاخرة، بما في ذلك خاتم خطوبة بقيمة 4 ملايين دولار من مغني الراب كانييه ويست.

وباستخدام وثائق الشرطة والنيابة العامة المفصلة، ​​بالإضافة إلى روايات بعض من شاركوا في المداهمة، يمكن إعادة بناء كيفية تنفيذ عملية السرقة الهوليودية بدقة!

“كارداشيان 12”
جميع المتهمين الاثني عشر،أو الذين أُطلق عليهم لقب “كارداشيان 12” نسبةً إلى سلسلة أفلام سرقة “أوشنز” من بطولة جورج كلوني وبراد بيت، طلقاء حالياً بعد إطلاق سراحهم من زنزاناتهم الاحتياطية شديدة الحراسة قبل محاكمتهم.

في قلب القضية بأكملها شخص يُدعى عمر آيت خداش، وهو مجرم محترف اعترف بنفسه. المجرم البالغ من العمر الآن 69 عامًاً، يعاني من ضعف السمع وقصر النظر ومرض قلبي حاد، لكنه لا يخجل من تورطه في عملية السرقة، التي وقعت في الساعات الأولى من صباح 3 تشرين الأول/أكتوبر 2016، واصفاً إياها بأنها الأكثر تميزاً في حياته.

في الواقع، يُقرّ عمر العجوز صراحةً بأنه كان زعيم العصابة التي أخضعت نجمة تلفزيون الواقع الأميركية لمحنةٍ يُقال إنها لا تزال تُطاردها.

وهو ليس الوحيد الذي يُقرّ بذلك، فقد ألّف أحد مساعديه الرئيسيين، يونس عباس، البالغ من العمر الآن 72 عاماً، كتاباً بعنوانٍ لا لبس فيه، “لقد اختطفتُ كيم كارداشيان”.

ومع ذلك، لن يظهر آيت خداش وعباس والمتهمون العشرة الآخرون أخيراً أمام محكمة باريس الجنائية، مُتّهمين بـ”السطو المُسلّح في عصابة مُنظّمة”، و”الاختطاف”، و”التآمر الجنائي”، إلا في نهاية الشهر المُقبل على أقرب تقدير.

ورغم خفة دم بعض المتورطين، تُعدّ هذه تُهماً بالغة الخطورة، وقد تُؤدي إلى حبس المتهمين الأكبر سناً مدى الحياة.

المحاكمة المؤجلة
ولكن التأخيرات كانت مُستمرة على مدار السنوات التسع، لذا لن يُفاجأ أحدٌ بتأجيل موعد نيسان/أبريل.

يُبدي ضباط فرقة مكافحة قطاع الطرق (BRB) التابعة للشرطة القضائية في باريس غضباً بالغاً إزاء هذا الأمر، بعد أن ألقوا القبض على جميع أفراد العصابة المزعومة في مداهمات متزامنة في كانون الثاني/يناير 2017.

كان المحققون على قناعة بأن العدالة ستكون سريعة وحاسمة، لكن مشاكل الجدول الزمني الناجمة عن محاكمات إرهابية رفيعة المستوى تسببت في تراكم القضايا.

وكانت هناك مخاوف أيضاً من أن الدعاية الناجمة عن عملية ارتباط كارداشيان ستدمر قطاع السياحة الراقية في باريس في وقتٍ شهد فعالياتٍ فخمة من فئة الخمس نجوم، حتى دورة الألعاب الأولمبية في صيف العام الماضي.

وبعد تسع سنوات، أصبح معظم المتهمين الرئيسيين أيضاً كباراً في السن ومرضى، ما يعني أنهم أُطلق سراحهم جميعاً من زنازين الحبس الاحتياطي شديدة الحراسة حيث كان من المتوقع أن يبقوا حتى موعد المحاكمة.

مداهمة استثنائية
وفي الوقت نفسه، قدّم المحققون الذين شعروا بالإحباط من التأجيلات المستمرة، روايةً استثنائيةً عن المداهمة إلى صحيفة “ميل أونلاين”.

تتضمن التسريبات وثيقة مطبوعة بدقة تذكر اسم نجمة تلفزيون الواقع قبل طلاقها في عام 2022، وتقول، الضحية: السيدة كيمبرلي كارداشيان ويست (ضرر بقيمة 10 ملايين دولار).

يُظهر ملف الشرطة كيف أدى مزيج من تحليل الحمض النووي وكاميرات المراقبة، والتنصت على الهواتف وتحديد المواقع الجغرافية، بالإضافة إلى إصرار المحققين الدؤوب، بما في ذلك التعقب الجسدي للمشتبه بهم، إلى تحطيم شركة عمر وشركائه في غضون شهرين من سرقتهم الهوليوودية.

“سرقة النقانق”
بدأت القصة في صيف عام 2016، عندما تلقى عمر العجوز بلاغاً يفيد بقدوم نجمة أميركية كبيرة إلى المدينة، وأنها تتباهى بثروتها الطائلة على “إنستغرام”.

في ذلك الوقت، كان مجرمون من الطراز القديم يتخلون عن عمليات السطو التقليدية، ويتجهون إلى ما يُسمى بـ”سرقات النقانق”، وهي سرقات تتضمن تتبع الأثرياء إلى منازلهم، و”لفّهم كالنقانق” ثم إجبارهم تحت تهديد السلاح على الإفصاح عن مكان حفظ ممتلكاتهم الثمينة، قبل سرقتها.

ووفقاً للادعاء العام، جاءت المعلومات عن عائلة كارداشيان من فلوروس هيروي، التي كانت تدير حانة في حي لو ماريه.

يُقال إن هيروي حصلت على معلومات دقيقة عن تحركات كارداشيان خلال أسبوع الموضة في باريس من غاري مادار، وهو موظف استقبال لكبار الشخصيات كان يستقبل النجوم بانتظام لدى وصولهم إلى مطار “لو بورجيه” في باريس على متن طائرة خاصة.

والأهم من ذلك، أن مادار كان محل ثقة ومحبة السيدة كارداشيان، وكانت تربطه صلات عائلية وثيقة بشركة السيارات التي كانت تستخدمها دائماً في فرنسا،وقد تم تصويرهما معاً عدة مرات.

الإعجاب بمجوهرات كيم
كان عمر العجوز هارباً من العدالة في ذلك الوقت، بعد اعتقاله بتهمة تورطه المزعوم في تجارة مخدرات، وكان يعتمد على عشيقته الشقراء كريستيان غلوتين، لتوفير ملاجئ آمنة له.

كاثي المولودة في ماريه والبالغة من العمر 79 عاماً، والتي أُدينت لأول مرة بتهمة الاتجار بالمخدرات في أوائل التسعينيات، مدرجة على لائحة اتهام كارداشيان كمنظم رئيسي لعملية السرقة. في عام 2016، زُعم أنها انضمت إلى عمر وأعضاء آخرين في العصابة “للتطفل على مجوهرات كيم بعد البحث عن صورها على غوغل”، وفقاً لمحقق شرطة.

وأضاف المصدر: “لم يكن لدى أي منهم فكرة واضحة عن هوية كيم، لكنهم أعجبوا بمجوهراتها الثمينة”.

كان الجميع مهتمين بشكل خاص بخاتم خطوبة كارداشيان الذي يزن 18.88 قيراطاً، خاصة بعد أن أعلنت بفخر أنها “لا تضع مجوهرات مزيفة”.

تتبع نجمة تلفزيون الواقع
وقال عمر للمحققين إن معرفة عنوان النجمة في باريس كان أمراً سهلاً، فكل ما كان على العصابة فعله هو تتبع سيارة مرسيدس الفئة V الخاصة بكارداشيان لتعرف أنها تقيم في فندق “دي بورتاليه”، وهو قصر مُجدد بالقرب من كنيسة “لا مادلين”.

تُعرف شقق “بورتاليه” باسم “العنوان المحدود”، وهي عبارة عن مجموعة من شقق الأحلام التي استقبلت العديد من نجوم هوليوود، بمن فيهم ليوناردو دي كابريو وروبرت دي نيرو، بالإضافة إلى مادونا…

والأهم من ذلك، كانت النصيحة أن تستمتع السيدة كارداشيان ببعض الوقت الخاص بمفردها في شقة “سكاي بنتهاوس” في “بورتاليه”، مع السماح لموظفيها وأفراد عائلتها بالخروج في المدينة.

تفاصيل السرقة الهوليوودية
وهذا ما حدث بالضبط في الساعات الأولى من صباح 3 تشرين الأول/أكتوبر، عندما اقترب ثلاثة راكبي دراجات نارية يرتدون سترات صفراء فوسفورية من “العنوان المحدود” في الساعة 2:20 صباحاً، وأوقفوا دراجاتهم في الفناء.

وصل اثنان آخران سيراً على الأقدام، وكان جميعهم يرتدون أقنعة سوداء قبل أن يواجهوا عبد الرحمن أواتيكي، بواب العقار الوحيد، وهو جزائري وأب لطفل واحد وطالب دكتوراه في جامعة باريس، وكان عمره آنذاك 39 عاماً.

وصوّب أفراد العصابة مسدس “ماوزر “عتيق عيار 7.65 ملم نحو رأسه، وقادوا أواتيكي إلى الطابق العلوي، حيث كانت كارداشيان مستلقية على سريرها مرتدية رداء الحمام.

كانت الأم البالغة من العمر 35 عاماً آنذاك، وحيدة بعد أن خرج حارسها الشخصي الألماني باسكال دوفييه الذي طردته لاحقاً، للرقص في ملهى “لارك”، وهو ملهى ليلي يقع بجوار قوس النصر، برفقة مجموعة ضمت أيضاً شقيقتها كورتني كارداشيان.

تذكرت كيم كارداشيان سماعها أصواتاً خارج الباب، وقالت للضباط لاحقاً: “قلتُ “مرحباً!”، ولكن بما أن أحداً لم يُجب، عرفتُ أن هناك خطبًا ما”. ثم اقتحم رجلان “عدوانيان” يرتديان زي شرطة أسود، ومعهما أواتيكي مكبل اليدين.

حمام فرنسي
وحاولت كارداشيان في البداية الاتصال برقم الطوارئ 911، وهو رقم طوارئ الشرطة الأميركية، من هاتفها الآيفون 6، لكن بالطبع لم ينجح الأمر في فرنسا.

يتذكر أواتيكي: “صوّب مسدساً مباشرةً إلى رأسها. كانت تبكي وتصرخ. كانت تقول لا تقتلوني، لدي أطفال، أرجوكم، لدي أطفال! أنا أم! خذوا ما تريدون!”. كانت ترتدي رداءً فقط وشعرها مربوط للخلف.

ولمنع كارداشيان من الصراخ بصوت عالٍ، أغلق اللصوص فمها بشريط لاصق قبل حبسها في حمامها. وأمضوا 49 دقيقة كاملة في الشقة، قبل أن يغادروا ومعهم مسروقات تُقدر قيمتها بنحو 10 ملايين دولار.

وأثناء فرارهم، أسقط أحدهم صليباً من البلاتين مرصعاً بالألماس عُثر عليه صباح اليوم التالي.

باريس… ذهاباً وإياباً
وبعد أن قطعت قيودها بنفسها، توجهت كارداشيان إلى شقة أخرى في الطابق السفلي، حيث كانت مصممة أزيائها، سيمون هاروش، قد حبست نفسها في الحمام.

وتم إبلاغ الشرطة، فأخذت إفادة كارداشيان قبل أن يُسمح لها بالسفر إلى “لو بورجيه” الساعة 7:40 صباحاً، لتستقل طائرتها الخاصة إلى منزلها.

وبدوره، أنهى كانييه ويست حفلاً موسيقياً في نيويورك مبكراً، بسبب “حالة عائلية طارئة”. كان يعتني بطفلي الزوجين الصغيرين، سانت ونورث.

وبعد عودتهما إلى باريس، جمع المحققون بصمتين جينيتين على أربطة سيرفلكس المستخدمة لتقييد كارداشيان وأواتيكي.

توافقت العينات مع بصمات آيت خداش وعباس، وكلاهما كانت تفاصيلهما منتشرة في جميع قواعد بيانات الطب الشرعي للشرطة نظراً لسوابقهما الجنائية.

وبجمع جميع تسجيلات الفيديو في المنطقة بعناية فائقة، عثر المحققون أيضاً على العديد من الصور التي تُدينهما.

وشملت هذه الصور مشاهدات متعددة لسيارة “بيجو 508” كان يقودها ابن آيت خداش، هارميني آيت خداش.

وراجع العميد كريستوف كوريل، أخصائي هواتف الشرطة، 7591 مكالمة هاتفية جوالة أُجريت في منطقة مادلين حول حادثة السرقة بين 2 و3 تشرين الأول/أكتوبر.

أسماء جديدة
من بينها رقم وصفه العميد كوريل بأنه “هاتف حربي” تقليدي يستخدمه زعماء الجريمة للتخلص من الهواتف.

وكان “هاتف الحرب” المذكور مملوكًا لعمر العجوز، بينما ارتبطت هواتف أخرى بجميع المشتبه بهم الرئيسيين الآخرين.

ومن بينهم ديدييه دوبروك، المعروف باسم “العيون الزرقاء”، الذي يُزعم أنه اللص الثاني الذي دخل الشقة، إلى جانب عمر العجوز.

كان دوبروك قد قضى 23 عاماً في السجن بتهمة سرقة مكتب بريد واستيراد طنين من الكوكايين الكولومبي إلى أوروبا عبر طائرة خاصة.

وبدلاً من إلقاء القبض على المشتبه بهم فوراً، شنّ جهاز مكافحة الجريمة عمليات تعقب، شملت وضع أجهزة مراقبة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على سيارات المشتبه بهم.

في هذه الأثناء، ظهرت “وجوه” جديدة، من بينها مارسو “راف نوز” بومغيرتنر، وهو رجل أعمال مزعوم في باريس، ومتهم بـ”إخفاء ذهب ومجوهرات وساعات مسروقة”.

يُعرف هذا الرجل، البالغ من العمر 70 عاماً، بأنه تاجر غجري في السوق، ولديه كلب أليف يُدعى آل كابوني. سُجِّلت عنه رحلات إلى أنتويرب، عاصمة الألماس في أوروبا، برفقة عمر العجوز وغلوتين لبيع مجوهرات كارداشيان.

أبلغ عمر العجوز الشرطة أن الذهب قد صُهِر وأُعيد بيعه، مؤكداً أنه “لا يعرف” أين انتهى المطاف بخاتم كارداشيان.

وبحلول 5 كانون الأو/ديسمبر 2016، زُعم أن ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالي كانوا يراقبون العصابة “تتقاسم الغنائم” على شرفة مقهى في ماريه بالقرب من المقهى الذي تلقى فيه عمر أول معلومة عن كارداشيان.

التقطت عدسات التصوير ذات التركيز البعيد صورهم جميعاً وهم يدخنون بشراهة ويحتسون قهوة الإسبريسو تحت شمس الشتاء.

بعد شهر، في 9 كانون الثاني (يناير) 2017، اقتحمت قوة مكافحة الإرهاب منازل جميع أفراد العصابة، وقيدتهم بالأصفاد، ووضعتهم رهن الاحتجاز.

أنكر آيت خداش في البداية أي مخالفة، ولكن عندما سمع بدليل الحمض النووي ضده، أدلى باعتراف كامل.

وجاء ذلك في أعقاب قول أحد المحققين له في مقابلة مسجلة: “لدينا ابنك هارميني آيت خداش وصديقتك كاثي غلوتين رهن الاحتجاز، وسنجعل حياتهما بائسة إذا لم تتحدث”.

استجواب كيم كارداشيان
ونظراً لصدمتها الشديدة جراء السرقة، تجنبت السيدة كارداشيان باريس لأكثر من عام، ما اضطر قاضية التحقيق أرميل برياند للسفر إلى الولايات المتحدة الأميركية لاستجوابها.

وكان أول ما قالته السيدة كارداشيان للقاضية برياند: “لدي شعور بأن باريس ليست المكان المناسب لي، أعني باريس. أتذكر أنني شعرتُ بشعورٍ لا يوصف، وكأن قلبي سيفارق جسدي، وظننتُ أنني سأموت”.

ووفقاً لشهادتها المسجلة، أضافت كارداشيان: “لقد فتحت هذه التجربة عينيّ على حقيقة أن العالم لم يعد مكاناً آمناً”.

وأوضحت أن “علاقتها بالأشياء الثمينة قد تغيرت”، وأن “تحمل مسؤولية هذه الأشياء الثمينة أصبح عبئاً”.

ومن غير المعروف ما إذا كانت كارداشيان ستصل إلى باريس في نيسان (أبريل) للإدلاء بشهادتها في المحكمة ضد المعتدين المزعومين عليها.

main 2025-03-18Bitajarod

مقالات مشابهة

  • اعتراف أمريكي بصعوبة المعركة في اليمن
  • محاكمة سارقي كيم كارداشيان تنطلق بعد 9 سنوات من الجريمة!
  • هل يخوض حزب الله المعركة بـأبناء العــشائر؟
  • لأول مرة بمستشفى سوهاج العام.. إجراء الغسيل البريتوني لطفل رضيع
  • مهاجم وست هام يروي تفاصيل إصابته في حادث مروع
  • محافظ دمياط يسلم كرسيا متحركا لطفل من ذوي الهمم
  • آخرهم أم لطفل.. هجمة إسرائيلية غير مسبوقة على صحفيي القدس
  • حديث أركو مناوي ..الذي نفذ في خضّم المعركة ورغم مرارات الحرب
  • بعد عقر 9 اطفال .. القضاء على الكلب الضال في المنوفية
  • العراق ساحة المعركة القادمة .. بعد بيروت ودمشق إيران قد تفقد بغداد