تقرير: الهجوم الأوكراني على كورسك مغامرة غير مدروسة
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
في الأسبوع الأول من الشهر الحالي، توغلت القوات المسلحة الأوكرانية في منطقة كورسك الروسية، فيما وصف بأنه أكبر هجوم بري تتعرض له روسيا منذ الحرب العالمية الثانية.
وتمكنت القوات الأوكرانية من السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي الروسية، فيما أثار ردود فعل متباينة بين المحللين والمتابعين، خاصة وأن روسيا ردت قبل يومين بأكبر هجوم جوي على الأراضي الأوكرانية منذ بدء الحرب بين البلدين في فبراير (شباط) 2022.
"The notion of wresting territory from Russia exudes a certain allure on the logic that paybacks are hell, but do the prospective rewards qualify as exceptional?" https://t.co/QzmMecvdnM
— National Interest (@TheNatlInterest) August 28, 2024وفي تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، قال الدكتور جيمس هولمز رئيس كرسي جيه.سي ويلي للاستراتيجية البحرية في كلية الحرب البحرية الأمريكية، والزميل في كلية الشوون العامة والدولية بجامعة جورجيا الأمريكية إن "كبار الخبراء الاستراتيجيين على مر التاريخ لو كانوا بيننا الآن لوبخوا قيادة أوكرانيا على شن هذا الهجوم بسبب تداعياته الخطيرة على أوكرانيا".
وأضاف "رغم أن المفكر الاستراتيجي الألماني الراحل كارل فون كلاوسفيتس، كان يؤيد فتح مسارح قتال ثانوية في ظروف معينة لتشتيت قوة العدو، لكنه فعل ذلك على مضض وحذر من أن يكون ذلك على حساب النجاح في مسرح العمليات الرئيسي والذي يمثل في نهاية المطاف المسرح الأهم بالنسبة لقيادة الجيش".
ويرى هولمز أن الاستراتيجية تعني قبل أي شيء تحديد الأولويات وتنفيذها. وهذا يتطلب ضبط النفس. وبالتالي من غير المنطقي من الناحية الاستراتيجية المخاطرة بالأهم من أجل شيء أقل أهمية، مهما كان ذلك مغرياً. وبالنسبة لأوكرانيا التي تخوض معركة وتواجه خطراً مدمراً، يجب أن تكون الأولوية القصوى للاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من الأرض الأوكرانية، في حين تسعى إلى استعادة الأرض التي سيطرت عليها روسيا في بداية الحرب، بدلاً من التوغل في أرض روسية لن تحقق أكثر من مكسب دعائي بلا أي فائدة حقيقية.
ويقول كلاوسفيتس صاحب كتاب "الحرب" الشهير، إن فتح أي مسرح ثانوي أثناء القتال يجب أن يخضع لثلاثة محددات هي "العائد والمخاطرة والموارد"، أي أنه يجب أن يكون لدى القيادة العسكرية الموارد الكافية لفتح هذا المسرح، دون أن يؤثر ذلك على المجهود الحربي في المسرح الرئيسي، وأن تكون المخاطر محسوبة، وأخيراً أن يكون العائد المنتظر أكثر من مجرد مكاسب يعد الحصول عليها أمراً محبوباً وإنما يكون "مكسباً استثنائياً". وفي كل الأحوال كان المفكر الاستراتيجي الكبير يقول إذا لم يكن من الضروري فتح مسرح ثانوي فمن الضروري عدم فتحه.
ويقول هولمز "هل يعتقد أحد أن القوات الأوكرانية تتمتع بتفوق عسكري حاسم على روسيا في مسرح العمليات الرئيسي بشرق أوكرانيا؟ إذا لم تكن الإجابة بنعم، فإن كييف ستكون أقدمت على مخاطرة غير مقبولة بفتح جبهة ثانوية في كورسك من وجهة نظر كلاوسفيتس الذي عاش خلال الفترة من 1780 إلى 1831، الذي كان سينتقد بالتأكيد القادة العسكريين والسياسيين الأوكرانيين بسبب عدم انضباطهم الاستراتيجي".
وربما لن ينتقد المفكر العسكري الصيني القديم صن تسو صاحب كتاب "فن الحرب" التوغل الأوكراني في كورسك، بل إن تسو كان سينصح جنرالات أوكرانيا بتبني نهج انتهازي شديد المرونة في التعامل مع العمليات في ساحة المعركة، باستخدام خطوط قتال "مباشرة"، والتي تترجم أحياناً بكلمة "عادية" أو "تقليدية"، وخطوط "غير مباشرة" تترجم أحياناً بكلمة "استثنائية" أو "غير تقليدية".
وفي ظاهره، يمكن أن يكون غزو أوكرانيا لكورسك هجوماً واسعاً غير مباشر يرضي صن تسو. فلا شك أن هذا الهجوم فاجأ موسكو. ولكن هذا هو جوهر الأمر. فمثله كمثل كلاوسفيتس بعد ألفي عام، كان الحكيم الصيني مهتماً دائماً بعنصري المخاطر والموارد. فإذا كان الجيش يضم 10 أضعاف عدد جنود العدو، فإنه يحث الجنرال على إصدار الأوامر بتطويق العدو، وإذا كان عدد جنوده 5 أضعاف عدد جنود العدو، فإنه يتعين على الجنرال مهاجمة العدو،.
وهكذا كلما قلت نسبة تفوق قوات الدولة على قوات العدو، قلت قدرة القائد على المجازفة، وإذا ما قرر المجازفة في هذه الحالة فستكون النتيجة كارثية. ويقول صن تسو "إذا كانت قوتك أقل من قوة العدو من الناحية العددية فحاول الانسحاب، وإذا كانت القوة أقل من قوة العدو بكل المقاييس فحاول الهرب منه لأن القوة الصغيرة هي في النهاية غنيمة للقوة الأكبر".
ويقول هولمز إنه "إذا نظرنا إلى الحرب بين روسيا أوكرانيا من منظور تعداد جيش كل دولة منهما، فمن الصعب تصور أن صن تسو كان سيؤيد توغل أوكرانيا في روسيا. ورغم أن الجيش الأوكراني يقاتل بطريقة استثنائية مدهشة منذ بداية الغزو الروسي، فإنه لا يمكن أن يخفي ذلك حقيقة أن أوكرانيا كانت وستظل الطرف الأضعف في مواجهة عدو أكبر وأكثر موارد، ويرى أن مصالحه الحيوية على المحك ومستعد لاستخدام كل ما يملكه من وسائل للدفاع عنها. فأوكرانيا أضعف من روسيا وفق أغلب المقاييس وعليها أن تتصرف وفقاً لهذه الحقيقة".
وأضاف "أخيراً يمكن القول إن (صوت كلاوسفيتس القادم من أوروبا في القرن الـ 19، وصوت صن تسو القادم من الصين منذ أكثر من ألفي عام، يحثان كييف على وقف عملية كورسك وتركيز قواتها للدفاع عن أشياء أكثر أهمية".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح يوم المرأة الإماراتية أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية روسيا أوكرانيا كورسك الحرب الأوكرانية روسيا كورسك أن یکون
إقرأ أيضاً:
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بقصف مدرسة
وكالات
وجهت الجيش الأوكراني اتهامات إلى روسيا بقصف مدرسة لجأ إليها مسنون في مدينة سودجا الواقعة في القسم الذي تسيطر عليه كييف من منطقة كورسك الروسية.
وأسفر القصف عن مقتل 4 أشخاص في الهجوم، مضيفا أن الطيران الروسي قصف المدرسة بواسطة قنبلة جوية موجهة، فيما ذكرت تقارير أن الضربة كانت متعمدة.
ولفتت السلطات المحلية أن عند وقوع الهجوم، كان عشرات السكان داخل المبنى يستعدون للخروج منه، مشيرة إلى أن جاري القيام بكل ما هو ممكن لإسعاف الناجين.
وأشارت إلى أنه تم إنقاذ 84 مدنياً وتقديم المساعدة الطبية لهم، وحالتهم الصحية جيدة، و4 في حالة خطيرة، فيما توفي 4 أشخاص.
من جهتها، اتهمت الحكومة الروسية أوكرانيا بشن هجوم صاروخي داخل المدرسة في سودجا، وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أن القوات المسلحة الأوكرانية ارتكبت جريمة حرب أخرى بشن ضربة صاروخية موجهة ضد مدرسة داخلية في سودجا”، مضيفة أن عملية الإطلاق تمت من مدينة سومي شمال شرقي أوكرانيا.
يذكر أن أوكرانيا شنت هجوماً مفاجئاً في أغسطس الفائت بمنطقة كورسك، وتمكنت من السيطرة على عشرات القرى والمدن الصغيرة، بينها مدينة سودجا المركزية والتي كان يقيم فيها نحو 6 آلاف شخص قبل المعارك.