كُنَّ مُخْتَلِفًا وَلَا تَكُنْ ذُا مُخٍ تَلِفٍ!
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
كُنَّ مُخْتَلِفًا وَلَا تَكُنْ ذُا مُخٍ تَلِفٍ!
الْكَاتِبَةُ :- هِبَةُ أَحْمَدَ الْحَجَّاجِ
مِنْ أَجْمَلِ صُوَرِ الصَّدَاقَةِ تِلْكَ الَّتِي تَفْتَقِرُ لِلْحَوَاجِزِ ، كَأَنْ تَجِدَ صَدِيقَكَ يَدْخُلُ غُرْفَتَكَ فَجْأَةً وَ يُوقِظُكَ مِنْ نَوْمِكَ وَيَجْرِكَ مِنْ فِرَاشِكَ . وَلَكِنَّ صَدِيقِي لَمْ يَجُرْنِي مِنْ فِرَاشِي هَذِهِ الْمَرَّةَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ لَكِنَّهُ أَيْقَظَنِي مِنْ نَوْمِي الْعَمِيقِ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِتَغْطِيَةِ حَدَثٍ مَا .
قُلْتُ لَهُ دَعْنِي أَخْمِّنُ الْمَوْضُوعَ الَّذِي تُحَدِّثُنِي عَنْهُ هُوَ « مَا بَيْنَ التَّخَلُّفِ وَ الِاخْتِلَافِ » وَ قَدْ يَكُونُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ شِدَّةِ مَا يُحَاوِلُ أَنْ يَكُونَ مُخْتَلِفًا ، صَارَ مُتَخَلّفًا ، وَلَا عَجَبَ فِي ذَلِكَ سَيَحْبِسُ نَفْسَهُ فِي دَائِرَةِ التَّخَلُّفِ حَتَّى وَلَوْ ادَّعَى الِاخْتِلَافَ وَالسَّعْيَ نَحْوَ التَّمَيُّزِ…
مقالات ذات صلة حجم التصهين العربي ! 2024/08/28أَجَابَنِي عَلَى الْفَوْرِ مُقَاطِعًا لِي :- تَمَامًا أَتَعَجَّبُ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُرَدِّدُونَ وَ عَلَى الْمَلَأِ : أَنَّ اخْتِلَافَ الرَّأْيِ لَا يُفْسُدُ لِلْوَدِّ قَضِيُّهُ، وَحِزْبٌ آخَرُ يُنَادِي : أَنَّ احْتِرَامَ الْآرَاءِ مِنْ فَضَائِلِ الْأَخْلَاقِ، وَيَأْتِيكَ مَنْ يُنَادِي فِي الْخُطَبِ وَاللِّقَاءَاتِ : أَنَّ ثَقَافَةَ الِاخْتِلَافِ فِي الرَّأْيِ يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَهَا الْأَبْنَاءَ وَنُشَجِّعُ عَلَيْهَا الْأَجْيَالَ .
لَا شَكَّ أَنَّهَا مِثَالِيَّاتٌ نَسْعَى لَهَا فِي حَيَاتِنَا الْيَوْمِيَّةِ ، وَلَكِنْ كَمْ مِنْ الْمِثَالِيَّاتِ لَيْسَتْ إِلَّا حِبْرًاً عَلَى وَرَقٍ أَوْ بِرْوَازًا لِصُورَتِنَا الَّتِي نُجْمِلُهَا لِلْآخَرِينَ لَا أَكْثَرَ ؟
ثُمَّ سَكَتَ بُرْهَةً مِنْ الزَّمَنِ ثُمَّ قَالَ :- مَا رَأْيُكَ أَنْ نَلْتَقِيَ فِي الْمَقْهَى الَّذِي نَلْتَقِي بِهِ دَومًا ؟
أَشْعُرُ أَنَّنِي نَاقِمٌ عَلَى هَذَا الْعَالَمِ أَجْمَعُ ، لِأَنَّهُ يَحْمِلُ الْكَثِيرَ مِنْ التَّنَاقُضَاتِ وَالْأَفْكَارِ الَّتِي تَجْعَلُنِي أَتَسَاءَلُ وَ أَطْرَحُ الْأَسْئِلَةَ الْخَمْسَةَ .
قَاطَعْتُهُ وَقُلْتُ لَهُ :- حَسَنًا هَوِّنَ عَلَيْكَ ، نَلْتَقِي بَعْدَ سَاعَةٍ فِي نَفْسِ الْمَقْهَى بِإِذْنِ اللَّهِ .
وَبِالْفِعْلِ ذَهَبْتُ إِلَى الْمَقْهَى ، وَجَلَسْتُ عَلَى طَاوَلَتِنَا الْمُعْتَادَةِ وَطَلَبْتُ فِنْجَانًا مِنْ الْقَهْوَةِ ، بَيْنَمَا أَنْتَظِرُهُ .
كَانَتْ حَوْلَيْ طَاوِلَتَانِ ، الطَّاوِلَةُ الْأُولَى كَانَ عَلَيْهَا الْجِنْسُ الَّذِي يَمْتَازُ بِاللَّطَافَةِ وَالْعَاطِفَةِ وَ الطَّيِّبَةِ ، كَائِنٌ ضَعِيفٌ لَايَعْرِفْ الْقَسْوَةَ . وَلِحَسَاسِيَتِهَا وَمَشَاعِرِهَا الْمُرْهَفَةِ وَجَدْعَنَتْهَا الَّتِي تَكْسُوهَا مَلَامِحُ الْخَجَلِ وَالْخِفَّةِ سُمِّيَتْ بِالْجِنْسِ اللَّطِيفِ، تُشْعِرُ وَكَأَنَّ الْمَرْأَةَ فِى كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ تَمُدُّ الْحَيَاةَ وَبِالْأَخَصِّ أُسْرَتُهَا بِكُلِّ أَشْكَالِ اللُّطْفِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْبَذْلِ وَالْعَطَاءِ.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلطَّاوِلَةِ الْأُخْرَى ، كَانَ عَلَيْهَا الْجِنْسُ الْخَشِنُ ، فَالْخُشُونَةُ هُنَا تَعْنَى الْقُوَّةَ وَالتَّحَمّلَ وَالتَّحَدِّي ، وَهِيَ لَا تَعْنِي أَنّ هَذَا الْأَمْرَ يَتَجَرَّدُ مِنْ اللَّطَافَةِ ، فَضْلًاً عَنْ اعْتِبَارَاتِ الْوَسَامَةِ وَالْأَنَاقَةِ .. إِلَخْ .
وَبِمَا أَنَّ هُنَاكَ اخْتِلَافٌ فِي الْأَجْنَاسِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ اخْتِلَافٌ فِي الْآرَاءِ وَالثَّقَافَاتِ وَالْأَفْكَارِ ، أَوْ حَتَّى بِالِاهْتِمَامَاتِ وَالْمَوَاضِيعِ .
فَمَثَلًا عَلَى طَاوِلَةِ الْجِنْسِ اللَّطِيفِ ، كَانَتْ هُنَاكَ جَلْسَةٌ بِعُنْوَانِ ” أَنْتَ مِشْ كُولْ ” أَيْ بِمَعْنَى إِنْسَانَةٍ غَيْرِ مُتَحَضِّرَةٍ.
وَالسَّبَبُ أَنَّ هُنَاكَ فَتَاةً رَفَضَتْ أَنْ تُشَارِكَ صَدِيقَاتِهَا فِي الْأَرْجِيلَةِ وَالتَّدْخِينِ ، وَكَانَتْ لَا تُحِبُّ شُرْبَ الْكَابْتِشِينُو وَلَا الْقَهْوَةِ وَلَا حَتَّى النُّسْكَافِيَّةَ، فَمِنْ الطَّبِيعِيِّ أَنْ لَا تَكُونَ مِنْ عُشَّاقِ مَحَلَّاتِ مَشْرُوبَاتِ الْقَهْوَةِ الْمَعْرُوفَةِ عَالَمِيًّا ، وَخَتَمَتْهَا لَهُمْ عِنْدَمَا سُئِلَتْ عَنْ نَوْعِ الْمِكْيَاجِ الَّذِي تَسْتَخْدِمُهُ هَلْ هُوَ ” دِيُورْ أَمْ كِيكُو ؟ ” لِأَنَّهَا مَارِكَاتٌ عَالَمِيَّةٌ وَأَجَابَتْ لَا هَذَا وَ لَا هَذَا .
صَعَقُوا جَمْعَيْهِمْ وَكَأَنَّ صَاعِقَةَ رَعْدٍ أَصَابَتْهُمْ وَقَالُوا جَمِيعًا بِالْفَمِ الْمِلْيَانِ :- إِنْتِ مُشْ كُولٌ .
رَدَّتْ بِكُلِّ ثِقَةٍ :- سَأَكُونُ مُخْتَلِفَةٌ ، حَتَّى لَوْ صِرْتُ وَحِيدَةً.
أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلطَّاوِلَةِ الْأُخْرَى كَانَتْ بِعُنْوَانِ ” أَنْتِ وِينْ عَايِشْ ! “
وَالسَّبَبُ أَنَّ أَحَدَ أَصْدِقَائِهِ طَلَبَ مِنْهُ حِسَابَ انْسِتِغْرَامِ الشَّخْصِيِّ وَ فُوجِئَ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ لَدَيْهِ انْسِتِغْرَامٌ!
ثُمَّ تَابَعَ مُسْتَغْرَبًا مِنْ إِجَابَتِهِ ، أَلْدِيكْ نَتْفِلْكْسْ؟! قَالَ :- لَا .
حَسَنَا مَا هُوَ نَوْعُ هَاتِفِكْ ، أَيْفُونْ وَلَا جَالِكْسِي؟!
أَجَابَهُ :- هَاوَاوِي !
وَفَرِيقُكَ الَّذِي تُشَجِّعُهُ مَدْرِيدْ أَوْ بَرْشِلُونَةْ؟
قَالَ :- لَا هَذَا وَلَا هَذَا، يُوفَنْتُوسْ .
وَسِيَارَتُكَ ؟! قَالَ :- مَا بِهَا ؟
ثُمَّ نَظَرَ نَظْرَةَ اسْتِهْزَاءٍ وَقَالَ :- مَرْسِيدِسْ أَمْ بِي أَمْ دَبْلِيُو ؟
أَجَابَ بِكُلِّ اسْتِغْرَابٍ :- كِيًّا !
فَقَامَ بِصَفَقِ الْيَدَيْنِ وَنَظَرِ نَظْرَةً تَمْلَائُهَا الشَّفَقَةَ الْمَمْزُوجَةَ بِالْحُزْنِ وَقَالَ:- يَا لَهُ مِنْ إِنْسَانٍ مِسْكِينٍ ، كَيْفَ تُوَاكِبُ هَذَا الْعَالَمُ فِي ظِلِّ هَذَا التَّطَوُّرِ ؟!
أَجَابَهُ بِكُلِّ ثِقَةٍ :- إِذَا كَانَ التَّطَوُّرُ مَقْصُورٌ فَقَطْ عَلَى مُودِيلِ السَّيَّارَاتِ وَ الْهَوَاتِفِ النَّقَّالَةِ وَالْفِرَقِ الرِّيَاضِيَّةِ وَ مَوَاقِعِ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ … إِلَخْ ، لَا أُرِيدُهُ .
بَلْ سَأَكُونُ مُخْتَلِفًا فَالْعَالَمُ لَمْ يَعُدْ بِحَاجَةٍ لِمَزِيدٍ مِنْ النُّسَخِ.
قُلْتُ فِي نَفْسِي:- لِنَتَّفِقَ ، الْمُصَابُونَ بِعُقْدَةِ النَّقْصِ هُمْ الْأَكْثَرُ عُلُوّا فِي أَصْوَاتِهِمْ وَهُمْ الْأَكْثَرُ ادّعَاءً بِامْتِلَاكِ الْحِكْمَةِ وَالْحَقِيقَةِ الْمُطْلَقَةِ وَهُمْ لَيْسُوا كَذَلِكَ.
وَبَنَمَا أَنَا كَذَلِكَ لَفَتَ انْتِبَاهِي، طِفْلَةً صَغِيرَةً مِنْ الْوَاضِحِ جِدًّا عَلَيْهَا عَدَمُ الْأَنَاقَةِ فِي الْمَظْهَرِ ، أَمَّا بَاقِي أَفْرَادِ عَائِلَتِهَا كَانُوا مُرَتَّبِينَ وَبِكَامِلِ أَنَاقَتِهِمْ ، نَظَرَتْ إِلَيْهَا نَظْرَةٌ مُمْلَؤِهِ بِالدَّهْشَةِ وَالتَّعَجُّبِ وَابْتَسَمَتْ . نَظَرَتْ إِلَيَّ أُمُّهَا وَقَالَتْ:- مِنْ الْوَاضِحِ جِدًّا أَنَّهَا هِيَ الَّتِي اخْتَارَتْ مَلَابِسَهَا أَلَيْسَ كَذَلِكَ ؟ قُلْتُ لَهَا مُبْتَسِمًا :- كُنْ مُخْتَلِفًا فَالتَّشَابُهُ لَا يَلْفِتُ النَّظَرَ . وَأَنَا لِذَلِكَ دَهَشْتُ هَهْهَهُهْهْهَهْهَهُ .
وَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ أَنْظُرُ إِلَى هَذِهِ الطِّفْلَةِ بِكُلِّ حُبٍّ وَإِعْجَابٍ، أَخَذَ صَدِيقِي الْمُنْتَظِرِ الْكُرْسِيَّ وَجَلَسَ عَلَيْهِ وَقَالَ :- اسْمَعْ مَاذَا كَتَبَ هَذَا الصَّحَفِيُّ فِي هَذَا الْمَقَالِ ، وَ أَعْجِبَنِي جِدًّا قَوْلَهُ يَقُولُ :- “يُجَادِلُ الْعُلَمَاءُ الشَّرْعِيِّينَ وَيُنَاقِشُ الْأَحْكَامَ الْفِقْهِيَّةَ، وَهُوَ لَا يَحْفَظُ جُزْءَ عَمٍّ، وَلَا يَعْرِفُ طُرُقَ الِاسْتِدْلَالِ! يُقَدِّمُ الْوَصَفَاتِ الطِّبِّيَّةَ وَيُنَاقِشُ الْأَطِبَّاءَ، وَهُوَ لَمْ يَقْرَأْ مِنْ الْوَصَفَاتِ إِلَّا وَصْفَةَ «الْفِيكْسْ»! يُقَدِّمُ تَحْلِيلَاتٍ سِيَاسِيَّةً تَسْتَشْرِفُ مُسْتَقْبَلَ الْعَالَمِ ، وَمَعْلُومَاتُهُ مَصْدَرُهَا الْوَحِيدُ مَوَاقِعُ التَّوَاصُلِ الِاجْتِمَاعِيِّ! يَقُولُ: وَهَلْ تُرِيدُنِي أَنْ أُسْلِمَ عَقْلِي لِمِثْلِكَ؟! أَنَا إِنْسَانٌ أَعْطَانِي الْمَوْلَى عَقْلًا وَمِنْ حَقِّي اسْتِخْدَامُهُ! وَقَدْ صَدَقَ !
قُلْتُ لَهُ:- أَتَعْلَمُ ، لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي بِقِصَّةٍ مِنْ أَرْوَعِ الْقِصَصِ الْعَالَمِيَّةِ،
قِصَّةٌ قَصِيرَةٌ نُشِرَتْ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ سَنَةَ 1904 فِي مَجَلَّةِ سْتِرَانْدْ الْبِرِيطَانِيَّةِ بِقَلَمِ هِرْبِرْتْ_جُورْجْ_وِيلْزْ
يُحَدِّثُنَا فِيهَا الْمُؤَلِّفُ وَكَاتِبُ الْقِصَّةِ هَذِهِ عَنْ مَرَضٍ غَرِيبٍ انْتَشَرَ فِي قَرْيَةٍ نَائِيَةٍ مَعْزُولَةٍ عَنْ الْعَالَمِ بِجِبَالِ الِانْدِيزِ فَأَصَابَ الْمَرَضُ سُكَّانَ الْقَرْيَةِ بِالْعَمَى .
وَمُنْذُ تِلْكَ اللَّحْظَةِ انْقَطَعَتْ صِلَتُهُمْ بِالْخَارِجِ وَلَمْ يُغَادِرُوا قَرْيَتَهُمْ قَطُّ تَكَيَّفُوا مَعَ الْعَمَى وَأَنْجَبُوا أَبْنَاءَ عُمْيَانَ جِيلٌ بَعْدَ جِيلٍ حَتَّى أَصْبَحَ كُلُّ سُكَّانِ الْقَرْيَةِ مِنْ الْعُمْيَانِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ مُبْصِرٌ وَاحِدٌ.
وَذَاتَ يَوْمٍ وَبَيْنَمَا كَانَ مُتَسَلِّقُ الْجِبَالِ (نِيُونْزْ) يُمَارِسُ هِوَايَتَهُ انْزَلَقَتْ قَدَمُهُ فَسَقَطَ مِنْ أَعْلَى الْقِمَّةِ إِلَى الْقَرْيَةِ لَمْ يُصِبْ الرَّجُلُ بِأَذًى .
إِذْ سَقَطَ عَلَى عُرُوشِ أَشْجَارِ الْقَرْيَةِ الثَّلْجِيَّةِ أَوَّلَ مُلَاحَظَةٍ لَهُ كَانَتْ أَنَّ الْبُيُوتَ بِدُونِ نَوَافِذَ وَأَنَّ جُدْرَانَهَا مُطْلِيَّةٌ بِأَلْوَانٍ صَارِخَةٍ وَبِطَرِيقَةٍ فَوْضَوِيَّةٍ .
فَحَدَّثَ نَفْسَهُ قَائِلًاً : لَا بُدَّ أَنَّ الَّذِي بَنَى هَذِهِ الْبُيُوتَ شَخْصٌ أَعْمَى.
وَعِنْدَمَا تُوغَّلَ إِلَى وَسَطِ الْقَرْيَةِ بَدَأَ فِي مُنَادَاةِ النَّاسِ، فَلَاحَظَ أَنَّهُمْ يَمُرُّونَ بِالْقُرْبِ مِنْهُ وَلَا أَحَدَ يَلْتَفَتُ إِلَيْهِ هُنَا عَرَفَ أَنَّهُ فِي (بَلَدِ الْعُمْيَانِ) .
فَذَهَبَ إِلَى مَجْمُوعَةٍ وَبَدَأَ يُعْرَفُ بِنَفْسِهِ ، مَنْ هُوَ ؟ وَمَاهِي الظُّرُوفِ الَّتِي أَوْصَلَتْهُ إِلَى قَرْيَتِهِمْ ؟
وَكَيْفَ أَنَّ النَّاسَ فِي بَلَدِهِ (يُبْصِرُونَ) ؟
وَمَا أَنْ نَطَقَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ.. حِسٌّ بِخَطَرِ الْمُشْكِلَةِ وَانْهَالَتْ عَلَيْهِ الْأَسْئِلَةُ : مَا مَعْنَى يُبْصِرُونَ ؟ وَكَيْفَ؟ وَبِأَيِّ طَرِيقَةٍ يُبْصِرُ النَّاسُ؟ سَخِرَ الْقَوْمُ مِنْهُ وَبَدَأُوا يُقَهْقِهُونَ.
بَلْ وَوَصَلُوا إِلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ حِينَ اتَّهَمُوهُ بِالْجُنُونِ وَقَرَّرَ بَعْضُهُمْ إِزَالَةَ عُيُونِ (نِيُونْزْ) فَقَدْ اعْتَبَرُوهَا مَصْدَرَ هَذَيَانِهِ وَجُنُونَهِ .
لَمْ يَنْجَحْ بَطَلُ الْقِصَّةِ (نِيُونْزْ) فِي شَرْحِ مَعْنَى الْبَصَرِ، وَكَيْفَ يُفْهَمُ مَنْ لَا يُبْصِرُ مَعْنَى الْبَصَرِ؟ فَهَرَبَ قَبْلَ أَنْ يَقْتَلِعُوا عَيْنَيْهِ وَهُوَ يَتَسَاءَلُ كَيْفَ يُصْبِحُ الْعَمَى صَحِيحًاً بَيْنَمَا الْبَصَرُ مَرَضًاً !؟
وَتَشْعُرُ وَكَأَنَّ هُوَلَاءَ الْأَشْخَاصِ كَرِهُوا الْآخَرَ الْمُخْتَلِفَ.. وَالتَّبْرِيرَ لِأَنَّهُ أَخْتَلِفُ فَقَطْ عَنْهُمْ فَقَامُوا بِإِيصَالِ الْأَذَى لِكُلِّ مَنْ أَخْتَلِفُ..
نَظَرْتُ لَهُ وَابْتَسَمْتُ ابْتِسَامَةً مَمْزُوجَةً ، وَبِمَا أَنَّنَا نَتَكَلَّمُ عَنْ التَّحَضُّرِ وَالتَّقَدُّمِ وَكُلِّ مَا وَصَلَ لَهُ الْعَالَمُ مِنْ الْإِنْجَازَاتِ وَالتَّطْوِيرِ وَ التَّجْدِيدِ ، مِنْ التَّخَلُّفِ وَ الرَّجْعِيَّةُ أَنْ تُوقِظَ شَخْصٌ مِنْ نَوْمِهِ فِي يَوْمِ عُطْلَتِهِ الْوَحِيدِ ! !
نَظَرَ إِلَيَّ نَظْرَةٌ يَمْلَاؤُهَا الْعَجَبُ وَالِاسْتِغْرَابُ مُتَسَائِلًا:- مِنْ ؟ أَنَا !! وَمِنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي أَيْقَظْتُهُ !!
قُلْتُ لَهُ :- أَنَا !!
قَالَ مَذْهُولًا وَتَعَابِيرُ وَجْهِهِ لَا تُفَسِّرُ مُتَسَائِلًا :- أَنْتَ صَدِيقِي أَلَيْسَ كَذَلِكَ ؟
قُلْتُ لَهُ :- نَعَمْ بِالتَّأْكِيدِ .
رْدَّ بِكُلِّ تَعَجْرُفٍ وَغُرُورٍ :- إِذَنْ أَيَقْظِكَ بِالْوَقْتِ الَّذِي أُرِيدَ ، يَتَعَافَى الْمَرْءُ بِأَصْدِقَائِهِ ، وَهَذِهِ الْحَرَكَةُ تَحْدِيدًا تُعْتَبَرُ بِقِمَّةِ التَّحَضُّرِ وَالِاخْتِلَافِ هِهْهِهِه.
لِقِرَاءةِ المَزِيد منْ مَقَالاتِي تَابِعُوا مُدَوِنَتِي :
لِأَكُنْ جَلِيسَكَ
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: ه ذ ا ال ع ال م ال ق ر ی ة ال ج ن س
إقرأ أيضاً:
سمو الأمير يقوم بزيارة النادي الكويتي الرياضي للصم
(كونا) – قام حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه مساء اليوم بمعيته سمو ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح حفظه الله ومعالي رئيس مجلس الوزراء بالإنابة الشيخ فهد يوسف سعود الصباح بزيارة إلى النادي الكويتي الرياضي للصم. حيث كان في استقبال سموه معالي وزير الإعلام والثقافة ووزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن بداح المطيري والمدير العام للهيئة العامة للرياضة بالتكليف بشار عبدالله السالم ورئيس مجلس إدارة النادي الكويتي الرياضي للصم أنور منيف الحربي. وألقى حضرة صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله ورعاه كلمة بهذه المناسبة… هذا نصها: “بسم الله الرحمن الرحيم معالي الأخ عبدالرحمن بداح المطيري الأخوات والإخوة والأبناء في النادي الكويتي الرياضي للصم: معكم يتجدد اللقاء، ويسعدنا وأخي سمو ولي العهد، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، ورئيس مجلس الوزراء بالإنابة، الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، والأخوة المرافقين، أن نهنئكم جميعا بشهر رمضان الكريم، داعين الله العلي القدير أن يعيده عليكم، وعلى وطننا العزيز وأمتينا الإسلامية والعربية باليمن والبركات والخير الكثير. الأخوة والأبناء: الأخوة والأبناء: وختاما،،، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”. كما ألقى رئيس النادي الكويتي الرياضي للصم كلمة بهذه المناسبة.. جاء فيها: “بسم الله الرحمن الرحيم يسعدني بالأصالة عن نفسي ونيابة عن إخواني الموقرين أعضاء مجلس إدارة النادي وجميع منتسبي النادي بفرعيه الرجال والفتيات أن أبارك لسيدي حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد حفظه الله ورعاه وإلى سمو الشيخ صباح خالد الحمد الصباح ولي العهد حفظه الله وإلى معالي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح رئيس مجلس الوزراء بالإنابة الموقر وإلى أصحاب المعالي والسعادة الموقرين والحضور الكريم بشهر رمضان المبارك سائلين المولى عز وجل أن يعيده على سموكم وعلى الشعب الكويتي الكريم وعلى أمتنا العربية والإسلامية بالخير واليمن والبركات. هذه الزيارة التي ننتظرها بشغف وحب كبيرين في هذا الشهر المبارك فرحين بلقاء سموكم الكريم وهو شرف عظيم وخير دليل على حرص سموكم في الاطمئنان على أبنائكم والوقوف على احتياجاتهم مما يدفعنا إلى رفع مستوى رياضة الصم محليا ودوليا. وتم خلال هذه الزيارة إهداء سموه حفظه الله هدية تذكارية بهذه المناسبة. وقد تفضل سموه رعاه الله بالتوقيع على سجل الشرف. هذا وقد رافق سموه حفظه الله في هذه الزيارة كبار المسؤولين بالدولة. |