انتقد مقال بصحيفة (الغارديان) البريطانية ما سماه تجاهل رئيس الوزراء ناريندرا مودي للعنف الديني في الهند لزمن طويل، وأنه يجب أن يواجه عواقب ذلك.

وركزت كاتبة المقال بريا شارما، وهي ناشطة مسيحية وباحثة في مجال حقوق الإنسان، على إراقة الدماء بولاية مانيبور، في شمال شرق الهند، كأحدث مثال على الاحتكاكات العرقية المتفشية، وعلقت بأن من واجب رئيس الوزراء إظهار أنه الحل وليس المشكلة.

وألمحت إلى أن مودي متهم بغض الطرف عن ثلاثة أشهر من إراقة الدماء في بعض أفقر قرى الهند النائية في مانيبور، حيث بدأت تطفو التفاصيل الهمجية من تدمير لمئات القرى والكنائس والمدارس المسيحية، واعتداءات جنسية واسعة النطاق على النساء، مما أدى إلى فرار 50 ألف شخص من منازلهم، ومقتل ما لا يقل عن 124.

ولفتت الناشطة إلى اضطراره هذا الأسبوع إلى لتحدث عن هذا العنف بسبب اقتراح بحجب الثقة. والتهمة الموجهة إليه هي "لا مبالاة وقحة" لعمليات القتل.

مسيرة سلمية
وأفاضت في ذكر مظاهر العنف ضد مسيرة سلمية نظمها المسيحيون من شعب كوكي، وهي مجموعة إثنية موزعة في عدة قرى بولاية مانيبور، قبل ثلاثة أشهر احتجاجا على خطة عمل إيجابية، حيث هاجمت المسِيرةَ حشودٌ مسلحة من مجموعة ماي تاي الهندوسية في الغالب وأحرقت مستوطناتهم في التلال.

وعلقت بأن جذور هذا العنف غرست على مدى عقود، وفي الوقت الذي ينظر فيه العالم إلى الهند أنها "قوة اقتصادية"، كان هناك أجندة مثيرة للانقسام وذات دوافع دينية ظلت على مدى سنوات تعمل على إعادة تشكيل الهند لسنوات.

وتؤكد "هندوتفا"، القومية الدينية والسياسية التي تؤجج قوة حزب بهارتيا جاناتا، صراحة أن هوية الهند لا تنفصل عن الهندوسية. وأن تكون هناك أقلية دينية، مسلمة أو مسيحية أو عقيدة أخرى، فهذا يعنى مواجهة متقلبة ومستقطبة.


وأضاف المقال أن ما حدث في مانيبور مجرد مثال، حيث عمدت قوى سياسية تعارض قبول التعددية الدينية إلى زيادة حدة الخلافات العرقية، ويوفر الصراع غطاء لأولئك الذين يريدون القضاء على كل عقيدة أخرى.

استهداف الأقليات الدينية
وهذا يفسر لغزا حير الكثيرين. إذ إن الأغلبية العرقية لشعب ماي تاي في مانيبور لديهم أيضا أقلية مسيحية. وعندما هاجمت الغوغاء الهندوس، حُرقت كنائس الماي تاي وكنائس الكوكي كذلك. وهذا يشير إلى أن الصراع لا يتعلق بالعرق وحده، بل أيضا بإنكار مكان للأديان غير الهندوسية.

وختمت الناشطة مقالها بالإشارة إلى خطاب مودي المقرر أن يلقيه على أسماع مئات الملايين اليوم الخميس، ورأت أن هناك حاجة ماسة إلى استجابة صادقة منه، وتساءلت مشككة: هل يستطيع تحقيق ذلك؟

وفي سياق متصل اعتبر مقال بصحيفة نيويورك تايمز وسائل التواصل الاجتماعي الهندية مكانا همجيا ونافذة على الكراهية والعنف اليومي الذي استوطن البلاد في السنوات التسع منذ وصول حكومة مودي إلى السلطة، وكان أبرز ما يكون في ولاية مانيبور بعد الصور التي بدأت في الانتشار في يوليو/تموز وكانت مروعة بكل المقاييس.

وأشار المقال إلى أن استهداف الأقليات، وخاصة المسلمين، من قبل المتطرفين الهندوس اليمينيين، أصبح الآن أسلوب حياة في العديد من الولايات. حتى إنه وصل إلى ضواحي نيودلهي، حيث هوجمت المساجد وقتل إمام مسجد وأحرقت ونهبت شركات وفرّ مئات من المسلمين.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الغارديان تصف البابا فرانسيس بـالغريب الإصلاحي والحليف للتقدميين

في رسالته الأخيرة الأحد الماضي بمناسبة عيد الفصح المجيد، لم يَغْفُل البابا الراحل فرنسيس عن ذكر قطاع غزة والإبادة الإسرائيلية التي يتعرض لها بدعم أمريكي، قائلا "أدعو الأطراف المتحاربة إلى وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى، وتقديم المساعدات للشعب الجائع الذي يتطلع إلى مستقبل سلام". 

وأضاف البابا حينها: "أمام قسوة الصراعات التي تشمل المدنيين العزّل، وتهاجم المدارس والمستشفيات والعاملين في المجال الإنساني، لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بأن ننسى أن الأهداف التي يتم استهدافها ليست أهدافاً، بل هي أشخاص لهم روح وكرامة".

وجاء في تقرير لصحيفة "الغارديان" أن كلمة البابا الأخيرة "جسّدت رحلته التي استمرت 12 عاماً على رأس الكنيسة الكاثوليكية. وكان البابا خارج المؤسسة عندما اختارته لجنة الكرادلة في خلوة مغلقة، وأطلقت الدخان الأبيض عام 2013، لكنه لم ينسَ جذوره التقدمية ونشأته في الأرجنتين".


وأضاف التقرير "أعلن الكاردينال كيفن فاريل، أمين سر الفاتيكان: في تمام الساعة 7:35 من صباح اليوم، عاد أسقف روما، فرنسيس، إلى بيت الآب، بعد أن كرّس حياته كلها لخدمة الرب وكنيسته".

وعانى البابا فرنسيس، الذي توفي عن عمر ناهز 88 عاماً، في الأسابيع الماضية من أزمة صحية حادة كادت تودي بحياته؛ إذ أُدخل إلى مستشفى جيميلي في 14 شباط/ فبراير بسبب التهاب رئوي مزدوج، وكان قد أُزيل جزء من إحدى رئتيه في شبابه. 

وأمضى 38 يوماً في المستشفى، وهي أطول فترة إقامة له فيه خلال بابويته. وغادر المستشفى في 23 آذار/ مارس، وظهر علناً آخر مرة يوم الأحد، حيث ألقى كلمة موجزة أمام الحشود المتجمعة في ساحة القديس بطرس لحضور قداس عيد الفصح.

ولم يتخلّ البابا، بعد خروجه من المستشفى، عن مهامه، حيث غادر مقر إقامته في كاسا سانتا مارتا عدة مرات، وزار سجناء في سجن ريجينا كويلي في روما يوم الخميس، كما قام بزيارة مفاجئة إلى كاتدرائية القديس بطرس مرتدياً زياً عادياً قبل أسبوع.

وكان قد بَسّط في العام الماضي طقوس الجنازات البابوية. وقال سابقاً إنه أعدّ قبره في كاتدرائية سانتا ماريا ماجوري في حي إسكويلينو في روما، حيث اعتاد الصلاة قبل وبعد رحلاته الخارجية.

وعادة ما يُدفن البابوات وسط ضجة كبيرة في الكهوف أسفل كاتدرائية القديس بطرس في مدينة الفاتيكان. ووسط الحزن الذي سيعم الكنيسة الكاثوليكية وأتباعها حول العالم، ستجتمع مؤسسة الفاتيكان للتشاور واختيار خليفته الـ268، حيث سيتدفق الكرادلة من أنحاء العالم لحضور خلوة سرية ومعقدة تعقد في دير سيستين، ويشارك فيها 138 من المؤهلين للتصويت.

وأشار تقرير الصحيفة إلى أن بعض المرشحين الذين تم تداول أسمائهم قبل وفاته هم ماتيو زوبي، الأسقف الإيطالي التقدمي، وبييترو بارولين، وزير خارجية الفاتيكان، والأسقف الفلبيني لويس أنطونيو تاغلي.

وتوقع التقرير أن تؤدي وفاة البابا إلى زيادة التوتر داخل الكنيسة، حيث سيحاول المحافظون استعادة السيطرة من الإصلاحيين. 

وخلال بابويته، كان فرنسيس – أول بابا يسوعي على الإطلاق – من أشد المدافعين عن الفقراء والمحرومين والمشردين، وناقداً لاذعاً لجشع الشركات وعدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية.

وانتقد في الفاتيكان الإسراف والامتيازات، داعياً قادة الكنيسة إلى التحلي بالتواضع. وقد أثارت آراؤه استياء عدد كبير من الكرادلة ومسؤولي الفاتيكان النافذين، الذين حاولوا في كثير من الأحيان إحباط جهوده لإصلاح المؤسسات العتيقة للكنيسة. لكن تعاطفه وإنسانيته أكسباه مكانة مرموقة لدى الملايين حول العالم.

انتُخب فرنسيس، المولود باسم خورخي ماريو بيرغوليو في بوينس آيرس، الأرجنتين، عام 1936، بابا للكنيسة الكاثوليكية في آذار/ مارس 2013. وأظهر على الفور أسلوبه المتواضع باستقلاله الحافلة بدلاً من السيارة البابوية إلى فندقه، حيث دفع فاتورته بنفسه قبل أن ينتقل إلى دار الضيافة في الفاتيكان، متجنباً الشقق البابوية الفخمة.

وفي أول ظهور إعلامي له، أعرب عن رغبته في "كنيسة فقيرة وكنيسة للفقراء". وركّز اهتمامه البابوي على الفقر وعدم المساواة، واصفاً الرأسمالية الجامحة بـ"روث الشيطان".

 وبعد عامين من توليه البابوية، أصدر رسالة بابوية من 180 صفحة حول البيئة، مطالباً أغنى دول العالم بسداد "ديونها الاجتماعية الباهظة" للفقراء. وأعلن أن تغير المناخ هو "أحد التحديات الرئيسية التي تواجه البشرية في عصرنا". كما دعا للتعاطف والرحمة، وطالب بإظهار الكرم تجاه اللاجئين، مؤكداً على عدم استخدامهم "كبيادق على رقعة شطرنج الإنسانية".


وبعد زيارته لجزيرة ليسبوس اليونانية، عرض على 12 سورياً اللجوء في الفاتيكان. كما سلط الضوء على السجناء وضحايا العبودية الحديثة والاتجار بالبشر في نداءاته المتكررة للرحمة والعمل الاجتماعي.
وخلال فترة وجوده الأخيرة في المستشفى، واصل اتصالاته الهاتفية بكنيسة العائلة المقدسة في غزة، وهو إجراء روتيني ليلي منذ 9 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

وكانت أكبر مشكلة واجهت البابا هي الانتهاكات الجنسية داخل الكنيسة الكاثوليكية، حيث كان عليه مواجهة فضيحة تلو الأخرى، واتُّهِم من قبل الناجين وعائلات الضحايا بأنه فشل في فهم حجم الأزمة والانتهاكات، والحاجة الماسّة لاقتلاع جذورها ومنع التستر عليها. 

وفي عام 2019، استدعى البابا فرنسيس أساقفة من جميع أنحاء العالم إلى روما لمناقشة الأزمة، وأصدر لاحقاً مرسوماً يُلزم الكهنة والراهبات بالإبلاغ عن الاعتداءات الجنسية لسلطات الكنيسة، وضمان حماية المبلّغين عنها.

وكانت هذه خطوة مهمة نحو الاعتراف بمسؤولية الكنيسة عن تلك الفضائح، وتجاوزت الإجراءات التي اتخذها أسلافه.

واتبع البابا فرنسيس في مساره خطى مثاله البابا يوحنا الثالث والعشرين، الذي قال عشية افتتاح مجلس الفاتيكان الثاني عام 1962 إنه يريد "فتح نافذة لدخول بعض الهواء النقي".

وفي توبيخ لا يُنسى للخدمة المدنية في الفاتيكان، انتقد أول بابا غير أوروبي في العصر الحديث "مرض السلطة"، وهاجم بشدة من وصفهم بـ"المطلعين الذين يشعرون بأنهم أسياد القصر وأنهم متفوقون على الجميع وكل شيء".

وقال إن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية بحاجة إلى "الخروج من ذاتها والتوجه إلى الأطراف"، لتصبح "كنيسة الفقراء للفقراء" و"مستشفىً ميدانياً للمؤمنين".

وعلى مدى العقد التالي، سيطرت مواضيع الفقر والتواضع والتضامن مع الفقراء والبيئة الطبيعية، وهي مواضيع فرنسيسكانية تقليدية، على أسلوب وجوهر البابوية الجديدة.

وكان قراره العيش المتقشف في دار ضيافة دينية داخل مدينة الفاتيكان، بدلاً من القصر البابوي، متناقضاً بوضوح مع نمط حياة سلفه البابا بنديكت السادس عشر، المحب للفخامة الاحتفالية. وكان فرنسيس يرتدي ثوباً أبيض بسيطاً وحذاءً أسود، ويقود سيارة فورد فوكس زرقاء بدلاً من الليموزين البابوي، وهو ما أرسل رسالة واضحة مفادها أن "الكنيسة الفقيرة" هي الأصل.

ثم بدأ بإصلاح الهياكل المالية التي لم تكن منظمة يوماً. وطلب من بنك الفاتيكان الامتثال لقواعد مجلس أوروبا لمكافحة غسل الأموال، وتم تعيين مراجع حسابات مستقل.


وبدت هذه التحركات مثيرة ومُرحَّب بها لدى التقدميين، لدرجة أن بعض الليبراليين الغربيين اعتبروا البابا فرنسيس واحداً منهم، فاختارته مجلة "تايم" شخصية العام، وأشاد به موقع "غاوكر" للمشاهير واصفاً إياه بـ"بابانا الجديد الرائع"، ونُشرت أعمال فنية تصور البابا كسوبرمان في شوارع روما.

لكن هذا الحب لم يدم طويلاً، إذ قال البابا للصحافيين: "من أنا حتى أحكم على المثليين؟". وباعتباره ابن مهاجر إيطالي إلى الأرجنتين، استثمر كثيراً في الدفاع عن الهجرة والمهاجرين.

 وبعد توليه البابوية، زار جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، وشجب لامبالاة أوروبا بالقوارب الغارقة في البحر المتوسط. كما زار في عام 2017 معسكرات الروهينغا المسلمين في بنغلاديش، الذين تعرضوا لمذابح على يد الجيش البورمي.

وفي عصر استخدم فيه سياسيون مثل دونالد ترامب وجورجيا ميلوني وفيكتور أوربان الهوية المسيحية كسلاح، شكّلت مواقف البابا فرنسيس تصحيحاً وشهادة حاسمة. وقد تُوِّج ذلك بجهوده في تحسين الحوار بين الأديان، والتي تجسدت في لقائه المميز مع المرجع العراقي آية الله علي السيستاني، خلال زيارة بابوية تاريخية للعراق، إحدى الدول التي زارها، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة والمغرب ومصر والأراضي المقدسة.

مقالات مشابهة

  • النائب السابق لرئيس الموساد: هناك رفض للأوامر ويجب عدم ترك إسرائيلي بالأسر
  • بسمة وهبة: الإخوان تاريخ من القـ.تل والخراب.. ويجب محاسبتهم
  • عبدالرحمن عرابي لاعب منتخب مصر للملاكمة يستغيث من تجاهل الاتحاد
  • غادة عبد الرازق غاضبة من تجاهل تكريمها في المهرجانات
  • مودي يقطع زيارته للسعودية وحملات واسعة للقوات الهندية في كشمير
  • غضب مصري بعد وصف صحيفة الغارديان السيسي بـ الرئيس المؤقت .. خطأٌ عابر أم هدفٌ متعمّد؟
  • بسببه قطع مودي زيارته للسعودية فورا بعد لقاء محمد بن سلمان.. ماذا نعلم عن هجوم جامو وكشمير؟
  • تعليقاً على مقال:” عامان من حرب السودان: لم ينجح أحد*
  • الغارديان تصف البابا فرانسيس بـالغريب الإصلاحي والحليف للتقدميين
  • "الشباب والرياضة" تواصل تجاهل طلب "الأولمبية الدولية"