كوالالمبور- يكاد قادة الفكر الإسلامي في ماليزيا يجمعون على اعتبار المفكر العراقي عبد المنعم صالح العلي العزي، المعروف باسمه الحركي محمد أحمد الراشد، أحد أبرز رواد الدعوة والفكر الإسلامي المعاصر، إلى جانب تأثيره الدعوي والفكري الواسع في البلاد.

وهو ما باح به للجزيرة نت محمد زين، أحد قادة العمل الدعوي والإنساني في ماليزيا.

وقال إنه تتلمذ على أيدي الشيخ الراشد أثناء دراسته في العراق في وقت مبكر من سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ثم تابع دراسة فكره وكتبه وبقي على اتصال مباشر به حتى توفاه الله يوم الثلاثاء 27 أغسطس/آب 2024.

ويعتقد زين، الذي قارب السبعين من عمره، أن الإرث الفكري والدعوي للشيخ الراشد سيزداد زخما بعد وفاته، نظرا لآلاف الشخصيات الدعوية والفكرية التي تتلمذت على يديه من ناحية، ومن خلال المؤسسات التي ساهم في تأسيسها من ناحية ثانية، وعلى رأسها مؤسستا "إكرام" و"حلوان" ورابطة خريجي معاهد التربية الماليزية و"جمعية مسلمي ماليزيا".

تشييع المفكر الراشد إلى مثواه الأخير في مقبرة جامعة بوترا الماليزية (الجزيرة) رائد الدعوة

ونتيجة لذلك، ربما لم تكن مصادفة أن يشيّع المفكر الراشد في جامعة بوترا الماليزية ويدفن في مقبرتها، وقد التف حول جنازته ثلة من العلماء والدعاة والأساتذة الأكاديميين من مختلف التخصصات.

ويقول بدلي شاه بن بحرين رئيس مؤسسة "إكرام" إن الأستاذ الراشد ترك إرثا عظيما لا يندثر، كحال الدعاة والمجددين الذين أفنوا حياتهم في خدمة الفكر الوسطي والعلم والدعوة، وتميّز بنظرة سياسية وفكرية متزنة لأوضاع المسلمين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وعمل على تغييرها من واقع فكري عميق يستند إلى تجربة وتراث إسلامي كبيرين.

ويعتبر ابن بحرين نفسه من الجيل الأول الذي تتلمذ على كتب وأفكار أستاذه الراشد، ويقول إن كتب "المنطلق" و"العوائق" و"الرقائق" تمنح الدعاة الأدوات النفسية والعلمية والفكرية المطلوبة للعمل الإسلامي.

أما رئيس مؤسسة "حلوان" الدكتور عبد الرحمن سودين، فوصف الراشد بأنه أحد رجال الدعوة "الأفذاذ"، مشيرا إلى أن مساهماته الدعوية والفكرية لا تحصى داخل ماليزيا وخارجها. وقال للجزيرة نت "لا يكاد يوجد أحد من رجالات الدعوة والفكر الإسلامي المعاصر في ماليزيا إلا تأثر بفكر الراشد ومنهجه، ذلك أن كثيرين منهم تتلمذوا على يديه في العراق وبريطانيا وماليزيا وغيرها".

ويضيف سودين أن ترجمة كتب الراشد للغة المحلية ساهمت في نشر فكره ومنهجه على مختلف المستويات، لا سيما الكتب المشهورة مثل المنطلق والرقائق والعوائق، نظرا لأن كل واحد من هذه الكتب يناقش فسلفة تربوية ودعوية مختلفة.

ويرى سودين أن السيرة العملية، لمن يكرر وصفه برائد الدعوة، ستبقى مصدر إلهام للدعاة والمفكرين من بعده، ويقول إن تجربة الراشد الشخصية تؤكد تجاوزه كل التحديات والعقبات التي واجهته منذ بداية عمله الدعوي وفي بيئات سياسية واجتماعية واقتصادية صعبة.

الدكتور صلاح القادري شدد على ارتباط فكر الراشد بنهضة الأمة وتحرير فلسطين (الجزيرة) النهضة وفلسطين

وبحسب ما قاله للجزيرة نت الدكتور صلاح القادري، فإن الراشد ربط بين مشروعي النهضة وتحرير فلسطين. وقال القادري، أستاذ الدعوة والإدارة الإسلامية في جامعة العلوم الإسلامية الماليزية، إنه تتلمذ وأمثاله من الشباب على كتب الراشد في المرحلة الثانوية، ويعرب الأستاذ الجامعي البالغ من العمر 63 عاما، عن ثقته بأن أجيالا كثيرة ستتبنى منهج المفكر الراشد.

ويؤكد القادري أن الراشد حمل همّيْن متداخليْن، وكافح من أجلهما بقلمه ولسانه، هما: نهضة الأمة وتحرير فلسطين، ويتجليان في كتاباته وجميع أعماله التي ركز فيها على إعداد الشباب والأمة لتحمل المسؤولية الكبرى.

ويضيف القادري بأن الراشد استبشر كثيرا بمعركة طوفان الأقصى التي اعتبرها ثمرة إعداد تربوي وتنظيمي وعسكري جاد ومتواصل، بل رأى فيها ثمرة ونتاجا لفكره في الإعداد والتربية.

وهو ما أكده كذلك رئيس مؤسسة "إكرام" البروفيسور بدلي شاه، وقال إن طموحات الراشد كانت كبيرة تتعلق بنهضة الأمة، وكان يتوقع أن تتحقق في حياته، وأولى اهتماما خاصا بفلسطين، واستشعر مع بداية طوفان الأقصى بداية العد العكسي للتغيير لما تسببت به من نهضة توعية عالمية.

وفي السياق ذاته، يعتقد بدلي شاه بن بحرين أن الراشد كان محقا في أن طوفان الأقصى يبشر بتغيير كبير، يؤكده حجم الإقبال على الإسلام في الغرب، حيث تشير بعض التقديرات إلى أن نسبة من يدخلون في الإسلام في بريطانيا تضاعفت 4 مرات منذ بداية الحرب على غزة.

أما أستاذ علوم القرآن في جامعة العلوم الإسلامية الماليزية الدكتور سامر سمارة، فأكد من خلال معرفته الشخصية بالأستاذ الراشد بأنه أحد أكبر المفكرين الذين تبنوا قضية فلسطين باعتبارها قضية الأمة. وقال في كلمة تأبين "إنه كان يحمل هم أمة ومات على هذا الهم، وأنه جاهد وتحمل السجن والاضطهاد وهاجر في سبيل نهضة أمته وتحرير الأقصى وفلسطين".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

الأسبوع الثالث للدعوة يختتم فعالياته في سوهاج بمحاضرة حول “دور الشباب بين عمران النفس وعمران الكون”

اختتمت الأمانة العامة للجنة العليا للدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، أسبوعها الثالث بجامعة ومساجد ومراكز شباب محافظة سوهاج، اليوم، بمحاضرة حول دور الشباب ببن عمران النفس وعمران الكون، والتي عقدت بجامعة سوهاج.
وقال الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، إن مضاد كلمة العمران الإبادة والخراب، وأمة الإسلام ليست مخيرة في مسألة العمران وإنما مكلفة به، وإن كانت أمتنا خير أمة أخرجت للناس؛ فخروجها للناس لا يعنى التفرد والتميز عن باقي الأمم بلا قيد، بل بتَحمّل المسؤولية والعمل والإخلاص والإصلاح سعيا لعمران الأرض.

وأضاف أمين الدعوة والإعلام الديني، أن التدين ليس مجرد عبادة في المساجد؛ وإنما العبادة في المساجد جزء من التدين، والتدين الحق هو الإصلاح وعمارة الأرض، والناظر إلى سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد أن النبي المعلم دائما كان يعطي دروسا لأصحابه في حب العمل وإعمار الكون، فكان يوجه الصحابة للعمل بما يناسب قدراتهم حتى لو كانت زهيدة، كالرجل الفقير الذي  أمره الرسول أن يحتطب وألا تمنعه قلة حيلته وضيق رزقه عن مواصلة العمل، وفي ذلك نموذجا في حسن القيادة  وحسن التوجيه في الاستثمار، لترسيخ أن العمل واليد العاملة هي من أساسيات فقه العمران.

وأوضح الدكتور أحمد همام مدير عام الإعلام بأمانة الدعوة بمجمع البحوث الإسلامية، أن العمران الحقيقي له دعائم، ومن دعائم العمران سواعد الشباب وإرادته الواعية، شريطة أن يتقرب الشباب من الله، فكم من إنسان تعلم وقدم ولم يُخلّد ذكره ولم يُحفظ اسمه، موضحًا أن أول خطوة من خطوات البناء والعمران هي أن يقرأ الشباب، ومن يقرأ يقرأ لله، ومن يُعمر يُعمر لله، لا لمنصب ولا شهرة ولا سمعة، وقبل إعمار المجتمع يجب على الشباب أن يعمر نفسه أولا، كذلك لا يكفي الدعاء والتضرع لله لإتمام العمران دون عمل وسعي، بل على الشباب أن يجمع  بين السعي والعبادة والاستمرار في طاعة الله، حتى يشتد العمران ويكون المجتمع في أبهى صورة.

وشهدت المحاضرة تفاعلًا كبيرًا بين علماء الأزهر وطلاب الجامعة، حيث تم فتح باب النقاش والأسئلة، ومن بين هذه الأسئلة استفسار الشباب عن مدى تأثير الإعلام والثقافة في عمران المجتمع؟ أجاب الهواري، أن النفس البشرية أعقد من أن نحيط بأسرارها، وأصبحنا اليوم نقلد غيرنا تقليدا أعمى بسبب أننا محتلون عقليا، ناصحا الشباب أن لا يملكهم فكر، إلا ما أمرنا الله به، ولا يسلموا لرأي دون مصادرنا الأساسية وهي مصادر الشرع، وعلى الشباب أن يسأل نفسه من أنا وماذا أريد؟، وليعلم الشباب أن الله أعطاه الحرية وكرمه بالعقل والتمييز، مشددًا أن الإسلام إذ أمرنا بالتفكير، فإنه يأمرنا أن يكون تفكيرا مفيدا بناء، وفي حال الاطلاع على آراء وثقافة الغير، يجب أن نتحقق من صحة المصادر والمعلومات وكونها ليست موجهة.

حضر الندوة الدكتور حازم مشنب عميد كلية العلوم جامعة سوهاج، نائبا عن رئيس الجامعة، كما حضر عمداء وأساتذة الجامعة، ولفيف من علماء الأزهر الشريف، وشهد المحاضرة عدد كثيف من طلاب وطالبات جامعة سوهاج. 

تأتي لقاءات «أسبوع الدعوة الإسلامي» الثالث، التي انعقدت على مدار هذا الأسبوع في رحاب جامعة ومساجد سوهاج، في إطار مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي،" بداية جديدة لبناء الإنسان"، وتهدف إلى إعداد خريطة فكرية تتناول بناء الإنسان من جميع جوانبه الفكرية والعقدية والاجتماعية، وترسيخ منظومة القيم والأخلاق والمُثُل العليا في المجتمع، وذلك بمشاركة نخبة من علماء الأزهر الشريف.

مقالات مشابهة

  • منظمات روهينغية تدعو ماليزيا لتغيير ميثاق آسيان والتدخل لوقف إبادتهم
  • اليمن يبدأ معسكره في ماليزيا استعدادا لخليجي 26
  • المنتخب الوطني يدشن معسكره الخارجي في ماليزيا
  • اليمن يبدأ معسكره في ماليزيا استعدادا لـ”خليجي 26″
  • قافلة دعوية في مساجد العلمين والضبعة والحمام لمواجهة الفكر المتطرف
  • ماليزيا تأسف لفشل مجلس الأمن بفرض وقف إطلاق النار بغزة
  • الأوقاف تضع خطة شاملة لتطوير الدعوة ومواجهة التطرف في شمال سيناء
  • قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف محيط مسجد "الدعوة" شمال شرق مخيم النصيرات
  • المديرة التنفيذية الجديدة للأمانة القارية للآلية الإفريقية للتقييم.. تلتزم بتجسيد مبادئ الديمقراطية والحكم الراشد
  • الأسبوع الثالث للدعوة يختتم فعالياته في سوهاج بمحاضرة حول “دور الشباب بين عمران النفس وعمران الكون”