يستمر النائب السابق وليد جنبلاط بالمسار السياسي الجديد الذي ظهّره للعلن بعد بدء معركة "طوفان الاقصى"، اذ ان الرجل لا يطلق مواقف قريبة ومتناغمة مع سياسات واستراتيجيات "حزب الله" فقط، بل يمارس العمل السياسي بالكامل متحالفاً مع الحزب، ولعل الجهد الذي قام به جنبلاط في الايام الماضية في ظل اجواء الحرب الشاملة لإستقبال النازحين المفترضين من الجنوب وتهيئة البيئة الدرزية لاحتضانهم ومعالجة الازمات والاشكالات التي حصلت في بعض القرى، كبير جداً، حتى ان الحزب بات يتحدث بإيجابية مبالغ بها عن جنبلاط بعد كل الخلافات السياسية التي حكمت العلاقة بين الطرفين في المرحلة الماضية، لا في السنوات العشرين الاخيرة.




حتى ان جنبلاط دخل في خلافات حزبية مع بعض القيادات البارزة في حزبه والذين كانت لديهم آراء مختلفة مرتبطة بالموقف من "حزب الله" أولاً وبإستقبال النازحين ثانياً، لكن جنبلاط حسم هذا الخلاف بعدما تصدى بشكل شبه كامل للشأن الحزبي الداخلي والسياسي ايضاً في ظل موقف متحفظ لدى النائب تيمور جنبلاط استراتيجيا وداخليا. لذا فإن مواقف جنبلاط لا يمكن اعتبارها خطوات اعلامية أو آنية بل ان الرجل يقوم بإعادة تموضع سياسية واستراتيجية طويلة الأمد، وسيكون لها آثر حقيقي في المرحلة المقبلة على التوازنات الداخلية والاستحقاقات الدستورية، وعلى التحالفات وعلاقة القوى والاحزاب ببعضها البعض.


حاولت القوى المسيحية المعارضة، وتحديداً حزبا "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية" عدم خوض أي نقاش او كباش اعلامي وسياسي علني مع جنبلاط، وبقيت التصريحات ايجابية وديبلوماسية من النقلة النوعية التي قام بها الرجل بالرغم من "تلطيشاته" بين الحين والآخر التي اصابت حلفاءه السابقين، لكن المصلحة الإنتخابية للقوات مثلاً تفرض عليها عدم الذهاب بعيداً في الخلاف مع جنبلاط والمصلحة الإستراتيجية للمعارضة تجعل من جنبلاط الحليف الذي لا غنى عنه في المرحلة المقبلة، لان التوازنات داخل المجلس النيابي ستجعل من المعارضة أقلية حقيقية من دون اي قدرة لا على التعطيل ولا على ايصال مرشح منها او إقرار قانون .


في الايام الاخيرة بدأ بعض قيادات"القوات اللبنانية" تحديداً مهاجمة الحزب الإشتراكي وانتقاد جنبلاط وان كان ذلك ضمن حدود دنيا من الاشتباك الكلامي والخطابي، لكن التحول الكبير الذي قام به جنبلاط افقد قوى المعارضة القدرة على الضغط على "حزب الله" وتحول موقفها المعارض للحزب وخطوته العسكرية الى موقف مسيحي بحت من دون ان يأخذ طابعاً وطنياً كما كان ايام ثورة 17 تشرين او ايام الخلاف التقليدي بين 14 و8 اذار، لذلك فإن الاحتضان الدرزي للحزب، شعبياً وسياسياً، اضافة الى وجهة النظر السنيّة العامة مما يحصل في المنطقة أعطى الحزب غطاء وطنياً وجعله قادراً على تخطي الضغوط الداخلية وتجاوزها بسهولة.


لا مفر من الذهاب الى خلاف واضح بين قوى المعارضة، المسيحية تحديدا، وبين الحزب التقدمي الاشتراكي، اذ ان الاختلاف في وجهات النظر اليوم يؤثر بشكل جذري على كامل المشروع السياسي للمعارضة ويصيبها عمليا في مقتل، لذلك فإن تدحرج العلاقة بين الطرفين نحو السلبية لن يطول وقد يشكل الامر خدمة سياسية لجنبلاط تخرجه من الاحراج السياسي وتجعله اقدر على تطويع قيادة الحزب اولا والذهاب نحو خيارات داخلية جذرية في الانتخابات الرئاسية على سبيل المثال، كل ذلك لن يكون من السهل احتواء نتائجه في المدى المتوسط.. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

بوريل في كليمنصو.. وهكذا أشاد به جنبلاط

زار مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل كليمنصو للقاء الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.   وأكد جنبلاط، اليوم الاربعاء، بعد لقائه بوريل، أنه "برز بوريل في الاتحاد الأوروبي بعد الاستباحة الكاملة لحقوق الإنسان والانسانية في غزة هو وفيليب لازاريني وغوتيريش على أمل أن نرى شخصيات مماثلة في العالم العربي أو الدولي".  

مقالات مشابهة

  • مقالةٌ في الصراع العبثي ضد هيئة الانتخابات التونسية
  • الأحرار يشيد بالنتائج التي حققها في الإنتخابات الجزئية الأخيرة
  • جنبلاط يبعد ناصرالدين وهذا هو السبب
  • حزب الاتحاد يثمن الحوار البناء بشأن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد
  • الهندرة الحزبية ضرورة للإصلاح السياسي
  • "تطوير المسار البشري".. مبادرة لتعزيز سعادة وإنتاجية موظفي الشرقية
  • أبو الغالي يقدم تفاصيل جديدة عن "النزاع التجاري" الذي أفضى إلى تجميد عضويته في "البام"
  • أمين عام جبهة العمل الأردنية يكشف لـعربي21 أهم القوانين التي يسعون لتغييرها
  • هل تلقى جنبلاط تهديدات بالقتل؟
  • بوريل في كليمنصو.. وهكذا أشاد به جنبلاط