بولو فاليري في مركز لإيواء النازحين بمدينة كوستي (2-2)
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
عبد الله علي إبراهيم
وصفت مجلة "أتر" الأسبوعية على الشبكة في تغطيتها للحرب الزؤام الناشبة بأنها مما يوصف به الإنسان الحمول في الشدائد بأن كتفيه فوق الماء. فكتبت عن السيول والفيضانات لا بمصطلح "واخراباه" بل بالإحاطة لا بمنشئها فحسب، بل في ما ينبغي لنا فعله حيالها. فأخذت على الدولة بؤس تخطيطها الحضري وغير الحضري الذي لم يعتبر مسارات الخيران في خطط الإسكان.
ومن آيات رفع الرأس فوق الماء اقتراح الصحفيون أن يعد السودان عريضة تظلم من الاحتباس الحراري للآلية الدولية للتظلم المناخي كضحية للغرب الذي أحدثت صناعاته هذه البلوى. فالسودان من بين 10 دول تأثرت بهذا التغير المناخي ويأتي في المرتبة السادسة منها. بل شهد الحرب المناخية الأولى في القرن الحادي وعشرين في ولاية دارفور في 2003 التي اقتتل فيها المزارعون والرعاة حول الموارد المحدودة في وقت جدب ضربها. وهي الحرب التي ما تزال مشتعلة وتمددت لسائر القطر. أما المظهر الآخر من هذا العقل من وراء المقال فهو نقده، في معرض دعوته في وجوب التفكير في كيفية بناء مدننا وقرانا بعد الحرب، أن تتوافر جهود البحث في المواد المحلية التي يبني معظم السودانيين منها بيوتهم. فالدراسات تركزت إلى يومنا على الخرسانة المسلحة والحديد والصلب التي تدخل في بناء 29 في المية فقط من المباني في البلد في حين تجد 61 في المية من الدور مبنية من المواد المحلية من الطين الجالوص وعروق الأشجار وفروعها.
ببلوغ "أتر" ضحايا الحرب اعطتهم صوتاً حاك عن مسألتهم. وخرجوا بسرديتهم من صورة الضحية "الغلبان"، في العبارة المصرية التي عممها عادل إمام، والتي تتداولها الوسائط وبالذات ممن بدا لي أنهم يتكففون بغلب هؤلاء الضحايا في طلب وقف الحرب. بدا من هذه السرديات أن للضحايا رأياً في نوع العناية التي يلقونها، أو لا يلقونها. فاستردوا هويتهم التي وصفها المسرحي ربيع يوسف ب"أنهم مواطنون نازحون"، أي أنهم مستحقون للعناية وهم في حال الحرب.
بل جاءت سردياتهم بنازع استئناف حياتهم رغم الحرب. فلم يستسلم محمد عمر، صاحب مكتبة الوارقين بالخرطوم، لطرد الدعم السريع له من مكتبته، فغادر الخرطوم إلى عطبرة وفتح فيها كشكاً لبيع الكتب. فاتصل بدار المصورات للنشر للحصول على كتب لدكانته. فأشارت له بأن كل ما بوسعها التصرف فيه هو مخزون من الكتب في مدينة الأبيض بولاية كردفان المحاصرة بالدعم السريع. فكلف من جاء بها من الأبيض. وحرصاً منه ألا يصيب حاملها سوء من أي جهة كتب اسمه ورقم هاتفه على صناديقها. فأوقفها ارتكاز للقوات المسلحة في كوستي على النيل الأبيض وهاتفوه وأصروا على مصادرة بعض الكتب. ولتأمين الكتب أكثر خلط سائق الشاحنة الكتب مع بضاعة فول سوداني مجازة للترحيل. وهربها بهذه الحالة إلى مدني. وتولى تأمينها بعض شباب المقاومة فيها. وسافر بها أحدهم من مدني إلى حلفا في رحلة استمرت 6 أيام ولقي معاكسة من السلطات الحكومية حتى وصل حلفا ثم منها لمدينة القضارف. وانعقد معرض ناجح للكتب فيها بحضور كبير باع فيه 70 في المية من المعروض من الكتب.
وكانت الثقافة مما تعلق به الضحايا لسلامة عقلهم. فانعقدت في مدينة سنار رابطتها الأدبية التي كانت تأسست منذ نصف قرن وتفرق أعضاؤها. وعاد بعضهم إلى المدينة بعد الحرب واستأنفوا حلقات نقاشهم التي كانت استلفتت السودانيين أول قيامها. واحتفى الفنانون بيوم المسرح (27 مارس) في مدينة بورتسودان. وعرضوا على الجمهور مسرحية بعنوان "همستي" (وهي "نتجاوز" بلغة شعب البجا في المنطقة) عن قضايا النوع العرقي والاجتماعي. كما عقد "المسرح الحر" دورته الثامنة في مدينة كوستي بعروض مسرحية في مراكز إيواء النازحين من الخرطوم. وقال ربيع يوسف من هذه الجماعة إن الفن شكل من أشكال المقاومة: "مقاومة القبح والموت والفقر". ونظم "منتدى شروق" التاريخي بالمدينة ليال شعرية محضورة. ونشأ "مقهى شليل (وشليل من ألعاب الصبية)" في القضارف وقدم نشاطاً موسيقياً مرموقاً. كما بعث الكاتب عوض مشاوي منتداه في القضارف حيث لاذ إليها من الخرطوم.
وطالما كان التعليم شاغل الأسر خرج متطوعون باسم "لجان الطوارئ" لسد الحاجة إليه. واصطرعت الحاجة للتعليم مع الحاجة للإيواء الذي كانت المدارس مقاره. فانعقدت مدرسة بحي السلام بمدينة الفاشر لخدمة مراكز إيواء نازحين به. وأراد به المتطوعون، بجانب تدريس مواد منهجية، التلطيف على التلاميذ وإيوائهم روحياً. فرتبوا لهم برامج ترفيهية وألعاب ومسابقات. فيدرس التلاميذ لأربعة أيام من الأسبوع ليطلبوا الرزق من بيع الماء ونقل البضائع في سوق المدينة الأسبوعي الذي ينعقد كل اثنين وخميس
وانعقدت تجربة استثنائية في التعليم بمدينة كوستي. فعرض المعلم الهادي راضي على المعلمين المتطوعين فيها أن يتواثقوا على نهج من وراء تعليمهم لأطفال شردتهم الحرب. فهم، في رأيه، جماعة مقهورة صح أن يتم تعليمهم على ضوء نظرية التربوي بول فاليري صاحب نهج "تعليم المقهورين" ليحصل التلاميذ على تعليم "من أجل الدعم النفسي". وقال الهادي في ختام الفصل الدراسي، "رغم أننا استلهمنا الفكرة من تعليم المقهورين، ولكن أظن أننا استطعنا تبيئتها بما يناسب الواقع العنيف في السودان بعد اندلاع الحرب فكانت النتائج مرضية لنا".
إذا جنح خبر الحرب في الوسائط إلى تصوير ضحية الحرب كغلبان فإنه في صحافة "أتر"، التي استردت له صوت المواطن النازح المقهور، حالة شقية من "السردبة"، في العبارة السودانية، التي هي الاصطبار.
IbrahimA@missouri.edu
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی مدینة
إقرأ أيضاً:
اليابان تهدي ألسن عين شمس مجموعة من الكتب القيمة
كتب- عمر صبري:
شهد السفير أوكا هيروشي، سفير اليابان بالقاهرة، والدكتور محمد ضياء زين العابدين، رئيس جامعة عين شمس، احتفالية تسليم كلية الألسن مجموعة قيمة من الكتب المهداة من مشروع "اقرأ عن اليابان".
جاء ذلك بحضور الدكتورة غادة فاروق، نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة والقائم بأعمال نائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، والدكتورة سلوى رشاد، عميدة كلية الألسن، والدكتورة شهيرة سمير، المدير التنفيذي لقطاع العلاقات الدولية والتعاون الأكاديمي، ولفيف من أعضاء هيئة التدريس والطلاب.
وفي كلمته، عبر السفير الياباني بالقاهرة، عن سعادته بحضور هذه المناسبة وبالتعاون المثمر بين جامعة عين شمس وسفارة اليابان.
كما أعرب عن سعادته بمشروع "اقرأ عن اليابان"، الذي تم من خلاله إهداء 157 كتابًا مختارًا عن اليابان في مختلف المجالات من ثقافة وفنون وسياسة، شملت كتبًا عن المرأة والكوارث الطبيعية التي واجهت اليابان، متمنيًا أن يستفيد منها طلاب الجامعة وأن تزداد معرفتهم عن اليابان من خلالها.
وأشاد السفير أيضًا بقسم اللغة اليابانية بكلية الألسن ومدى تمكن الطلاب والخريجين من اللغة اليابانية، متمنيًا مزيدًا من التعاون المثمر بين الجامعة وسفارة اليابان.
وفي كلمته، رحب الدكتور محمد ضياء زين العابدين، رئيس جامعة عين شمس، بالسفير الياباني في كلية الألسن، إحدى أقدم كليات الجامعة والتي تأسست عام 1835 على يد رفاعة الطهطاوي، الكاتب والمترجم والمفكر المصري.
وأكد على خالص التقدير لسفارة اليابان ومشروع "أقرأ عن اليابان" على هديتهم الثمينة المتمثلة في مجموعة قيمة من الكتب ذات الفائدة الكبيرة للباحثين والدارسين في مختلف التخصصات، مثل الأدب والتاريخ واللغة اليابانية والسياسة والاقتصاد، وهو ما من شأنه إثراء مكتبات الجامعة وتوفير معلومات قيمة للباحثين. وهذا يؤكد على عمق العلاقات بين جامعة عين شمس وكلية الألسن والسفارة والمؤسسات اليابانية الشريكة، والتي تنبع من الروابط القوية التي تربط بين البلدين الصديقين، مصر واليابان، منذ عقود. متمنيًا أن تساهم الكتب المهداة في تعزيز التفاهم المتبادل بين اليابان ومصر من خلال تعميق فهم الشباب المصري لدولة اليابان وثقافتها ولغتها وتاريخها، مشيدًا بالدور البارز لسفارة اليابان والمؤسسات اليابانية في تعزيز العلاقات بين البلدين.
وأكد أن جامعة عين شمس تربطها علاقات قوية بالجامعات اليابانية، حيث توجد عدة شراكات وزيارات متبادلة، على سبيل المثال زيارة جامعة كيوشو لجامعة عين شمس هذا الشهر بهدف توسيع مجالات التعاون، خاصة وأنه تم توقيع بروتوكول سابق بين الجانبين. معربًا عن تمنياته باستمرار التعاون البناء والمثمر بين جامعة عين شمس وكافة الجامعات والمؤسسات التعليمية في اليابان.
وجهت الدكتورة سلوى رشاد، عميدة كلية الألسن، الشكر للسفارة اليابانية على الكتب المهداة للكلية، مؤكدة أنها تعد إضافة ممتازة إلى المصادر الثقافية للطلاب، وخاصة المجموعة المتعلقة بالتاريخ والثقافة والفلسفة اليابانية والأدب والفنون.
وأضافت أن تلك المبادرات المستمرة على مدار السنوات الماضية تأتي في ظل العلاقات المتميزة بين مصر واليابان، والتي شهدت نموًا كبيرًا خلال السنوات الماضية في عدة مجالات.
وفيما يتعلق بالتعاون في مجال التعليم العالي، شهد الطرفان المصري والياباني زخمًا إيجابيًا حيث قاما بإنشاء قسم اللغة اليابانية بكلية الألسن، والذي يعد ثاني قسم متخصص في هذا المجال على مستوى جمهورية مصر العربية، والذي كان بمثابة فرصة عظيمة للنظر في مستقبل الدراسات اليابانية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولتحقيق ذلك، تمت الاستعانة بنخبة من الخبراء اليابانيين المتميزين لتعزيز الدراسات اليابانية.
السفير أوكا هيروشي الدكتور محمد ضياء زين العابدين رئيس جامعة عين شمس
تابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقة ندوة بعنوان "أفريقيا جنوب الصحراء والصراع العربي الإسرائيلي 1967-1973" أخبار مستشفيات جامعة عين شمس تستعد لافتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ والسكتة أخبار قرارات جديدة بصيدلة عين شمس 2024 أخبار أخبار مصر اليابان تهدي "ألسن عين شمس" مجموعة من الكتب القيمة منذ 13 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر "الأوقاف": 100 ندوة عن العواقب المدمرة للإلحاد بالمديريات الإقليمية منذ 16 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر وزيرة التنمية المحلية: مصر ملتزمة بمواجهة التحديات المناخية وتعزيز منذ 19 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر الركوب مجاني.. خريطة تشغيل 100 أتوبيس لنقل رواد المنتدى الحضري العالمي منذ 20 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر رئيس الوزراء: مدن مصر الساحلية تتعرض لضغوط متزايدة بسبب التغيرات المناخية منذ 23 دقيقة قراءة المزيد أخبار مصر الرئيس السيسي يستقبل مدير "سي آي إيه".. تحذير من التصعيد ودعم للأونروا منذ 30 دقيقة قراءة المزيدإعلان
أخبار مهرجان الجونة
المزيد حوار مع المخرجة جوانا حاجي توما والمخرج اللبناني خليل جريج في "الجونة أخبار مهرجان الجونة الخميس.. "الجونة السينمائي" يعرض "شكرا لأنك تحلم معنا" و"قصة سليمان" أخبار مهرجان الجونة "الجونة السينمائي" يناقش قضية "ترميم الأفلام: رؤية جديدة" في دورته أخبار مهرجان الجونة مهرجان الجونة السينمائي ينظم مؤتمرا صحفيا لفريق فيلم "الفستان الأبيض" أخبار مهرجان الجونة "القاهرة والناس" تذيع فعاليات حفل ختام مهرجان الجونة بدورته السابعةإعلان
أخباراليابان تهدي "ألسن عين شمس" مجموعة من الكتب القيمة
أخبار رياضة لايف ستايل فنون وثقافة سيارات إسلاميات© 2021 جميع الحقوق محفوظة لدى
إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك 28القاهرة - مصر
28 19 الرطوبة: 37% الرياح: شمال المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار bbc وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك