التَّصَوُّف الفلسفى .. قِصَّةٌ فَى الفَلْسَفَةِ الصّوفيَّةِ
تأليف
سامح صلاح محمد احمد
إسكندرية، قبل عامين تقريبًا، كان الطقس معتدلًا، لا يميل إلى البرودة ولا إلى الحرارة، كانت الشمس في منتصف السماء، وشارع الكورنيش مليئًا بالعائلات والرجال والنساء والأطفال الذين يتناولون البوظة والفواكه من موز وبرتقال .

..
كان هناك من يدخن ويرمي أعقاب السجائر على الرصيف، فيما يعمل العديد من عمال النظافة على تنظيف المكان بشكل دوري.
قال معن: "إلى أين نحن ذاهبون؟"
أجبت: "إلى محل لبيع الخمور قريب من هنا."
قال: "لا بأس، لا مانع من ذلك."
ثم أضاف: "أريد أن أغير شريحة الهاتف."
فأخبرته: "يوجد محل قريب تابع لشركة We، وهي شركة اتصالات حكومية مصرية."
ردّ: "ممتاز."
بعد الانتهاء من استخراج الشريحة، سألني معن أثناء توجهنا إلى محل بيع الخمور:
"ما الذي يدفعك للشرب؟"
أجبت: "لا أعلم، ربما لأن والدي سمح لي بذلك... لم أشعر يومًا بحرمة الخمر، وكذلك عمي، لكنهم يجرمون من يتناول الحشيش."
قال معن: وانا كذلك إبى يعاقر الخمر بشكل دائم "
-وإردف قائلاً "ويمكن أن تتغير هذه المقولة إذا كنا في جامايكا وكان آباؤنا من هناك، سيكون شرب المارجوانا فرض عين لكل ذكر بالغ عاقل."
أجبت: "نعم، بالضبط، نحن نتبع ما ألفينا عليه آباؤنا."
عندما وصلنا إلى محل بيع الخمور المطل على مركز الإفتاء التابع للأزهر الشريف، طلب مني معن أن أطلب أربعة علب بيرة كبيرة وربع ويسكي.
قلت للبائع: "أفضل أن تعطيني ما أحتاجه في كيس أسود، فإذا بليتم فاستتروا."
بعد أن انتهينا من شراء الكحول، بدأنا نفكر في مكان آمن للشرب.
قلت: "كثيرًا ما أعاني في العثور على مكان أشرب فيه. أعتقد أن القانون يعاقب على الشرب في الأماكن العامة."
قال: "ألا توجد حانات قريبة من هنا؟"
أجبت: "يوجد ملهى ليلي قريب، لكن لا يعمل إلا في المساء. يمكننا الذهاب إلى الكورنيش، فقد لاحظت أن هناك الكثير من زجاجات الخمر مرمية على الطريق."
ثم أضفت: "قبل فترة، بينما كنت أستمتع بشرب البيرة قرب محل لبيع الملابس، استوقفني رجل أمن مصرى قائلاً: 'لا، يا باشا، لا يمكنك فعل ذلك! أعطني بطاقة الإقامة.'"
فقلت له: "بطاقة من يا عم؟ ولماذا؟"
قال: "ممنوع الشرب في الشارع، يجب أن أحرر لك محضرًا."
أجبت: "أنا قادم من السودان وأعاني من صدمة عاطفية."
قال: "طيب، مارإيك أن نشرب قوة؟"
ثم ذهبنا إلى محل القوة وشربنا شيشة وقهوة. وقال لي: "إذا كنت تريد فتيات جميلات يسهرن معك، كلمني!""
قال معن: "حسنًا، ماذا علينا أن نفعل؟"
أجبت: "في مثل هذه الحالات، نتبع قانون 'البقاء للأقوى'. معًا يمكننا تشكيل قوة لا تُقهر."
قال: "حسنًا."

ذهبنا إلى الكورنيش بعد أن اشترينا كوبين من البلاستيك، وجلسنا على أحد المقاعد المصنوعة من الأسمنت على طول الكورنيش. بعد شرب ثلاثة كؤوس، بدأنا نشعر بالسكر يتسلل إلى أجسادنا.
شعور الاسترخاء بدأ يسيطر علينا، وكأن كل هموم العالم قد تلاشت. كانت الألوان أكثر حيوية، والأضواء تتلألأ حولنا، مما جعل الكورنيش يبدو كأنه لوحة فنية.
وأثناء استمتاعنا بتلك الحالة من الاسترخاء، أذن المؤذن لصلاة العصر. كان لدي تطبيق يقرأ آية الكرسي بعد الصلاة. استمعنا إلى الأذان والآية، فقلت: "ما أجمل صوت هذا المؤذن، وما أروع قول الله، إنه يدعو إلى الطمأنينة والراحة. لكنني لا أشعر بحرمة الخمر، بعكس الزنا الذي يثير اشمئزازي، لأني عشت تجربة تجلي من الرحمن على شكل إنسان تلا سورة الدخان في يوم 29 من رمضان."
سألني معن: "وأين حدث هذا التجلي؟"
أجبت: "في إندونيسيا عام 2016."
قال لي صديقي معن: "هل سافرت إلى دول أخرى غير أندونيسايا ومصر؟" فأجبته: "نعم، أتذكر عندما كنت في السادسة من العمر، كنت في سلطنة عمان، في منطقة تُدعى 'بركة الموز'. والدتي، أطال الله في عمرها، كانت تعمل أستاذة رياضيات."
قلت ل(مَعن) مبيناً له أحداث القصة :"في أحد الأيام، كان معي صديق عماني، وكنا نلعب معًا. وفور إنتهاءنا من اللعب ، قررنا الذهاب لإداء صلاة العصر في الطريق، التقينا برجلين، أحدهما يرتدي عمامة وجلباب، والآخر يرتدي بنطالًا وقميصًا، وكان يبدو أنهما هنديان يتبعان الديانة السيخية.
سألني الرجل المعمم: "إلى أين أنت ذاهب؟" فأجبت: "إلى المسجد." فقال: "يعني أنك مسلم؟" فأكدت له ذلك. ثم تناول حجر من الإرض ، ثم اخرجه من فمه ، واخذ حجر اخر و اخرجه من إذنه .
-قلت كيف فعلت ذلك !!!!
-قال : ليس هذا فقط بل لدى قدرة على استقراء المستقبل إيضاً،....ثم نظر إلي نظرة طويلة وقال: "ستفقد بصرك يوما ما !"
في تلك اللحظة، تجلت حكمة الله فى صديقي العماني، حين قال : "كذب المنجمون ولو صدقوا!!!!."
وبعد ثلاثين عامًا من تلك الحادثة، كنت أتأمل في هذه المقولة وما تعنيه في حياتي... بينما كنت أروي القصة لصديقي معن ونحن نتوجه إلى محل بيع الخمور بالقرب من المنزل ، مما يؤكد مقولة "ولو صدقوا"، حيث أن المنجم غالبًا ما يقصد فقدان "البصيرة". أما يؤكد مقولة الكذب "كذب المنجمون"، فيعبر عن الشعور بالذنب والإقبال على التوبة إلى الله.

samihsalah2018@gmail.com

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: إلى محل

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية في رسائل للمجتمع الدولي: استئناف حظر الملاحة البحرية موجه للكيان الصهيوني فقط

أكد وزير الخارجية والمغتربين جمال عامر أن استئناف اليمن لحظر الملاحة البحرية، إنما هو موجهة ضد الكيان الصهيوني فقط.

جاء ذلك في رسائل وجهها وزير الخارجية إلى رئيس وأعضاء مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة والأمناء العامين لمنظمتي الأمم المتحدة والتعاون الإسلامي والجامعة العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية والممثل الخاص للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية بالاتحاد الأوروبي وكافة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

وأشار الوزير عامر إلى أنه ونظراً لتنصل الكيان الصهيوني عن تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع حركة حماس وإعلانه إيقاف إدخال المساعدات الإنسانية وإغلاق المعابر مع القطاع، أعلن قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في 7 مارس 2025 عن مهلة للوسطاء مدتها أربعة أيام للعدو الصهيوني لفتح معابر غزة ودخول المساعدات إلى سكان القطاع ما لم فإن القوات المسلحة اليمنية ستستأنف عمليات حظر الملاحة البحرية ضد العدو الإسرائيلي.

وقال “وإزاء تعنت الكيان الصهيوني وعدم إحراز أي تقدم في المفاوضات التي تتم في الدوحة فقد دخل الحظر حيز النفاذ اعتباراً من مساء يوم الثلاثاء 11 مارس 2025 وتم استئناف حظر عبور السفن الإسرائيلية في منطقة العمليات المحددة والتي تشمل البحر الأحمر وبحر العرب ومضيق باب المندب وخليج عدن، وبحيث يتم استهداف أي سفينة إسرائيلية تعبر في منطقة العمليات المعلنة على أن يستمر الحظر حتى إعادة فتح المعابر مع قطاع غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بما في ذلك الغذاء والإمدادات الطبية”.

كما أكد وزير الخارجية أن السفن التي سيتم استهدافها هي السفن الإسرائيلية فقط التي تحاول انتهاك الحظر كما أن الخطوة التي أعلنتها القوات المسلحة هي الأولى وكل الخيارات مطروحة إن لم يتوقف العدو عن حصار الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتجويعه.

مقالات مشابهة