سودانايل:
2025-03-06@04:17:28 GMT

من الذي يصنع تاريج السودان الجديد؟

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن تجارب التاريخ في العصر الحديث خاصة في بناء الدول لا تؤسسها فكرة جماعية، تجلس مجموعة من السياسيين إن كان ذلك من داخل مؤسساتهم الحزبية ، و المدنية و الأكاديمية أو غيرها، هي أنما تكون فكرة فردية يقتنع بها البعض و يحملونها حمل الجد في التطبيق.. أمريكا يعتبر جورج واشنطن هو الذي أسسها و حررها من قبضة بريطانيا 1786م.

. و لينين كان مفكرا و سياسيا و انتصر على الحكم القيصري في روسيا من خلال حزب العمال البلاشفيك و أسس في 25 أكتوبر 1917 الاتحاد السوفيتي.. و ماو سيتونج مؤسس الصين الحديث من خلال الثورة الثقافية.. و الصين الصناعية ذات الاقتصاد الحر هي فكرة دنغ شياو بينغ الذي يطلق عليه " المهندس العام" و رئيس البرازيل لويس ايناسيو لولا هو الذي نهض بالاقتصاد البرازيلي و جعلها من دول مقدمة العالم. و مهاتير محمد في ماليزيا مؤسس الدولة الحديث. كلها أفكار فردية وجدت دعم قوي من الشعب، و نهضت تلك الشعوب.. لكن القادة تمسكوا بالشفافية و النزاهة و النهضة..
أن هؤلاء الزعماء المفكرين الذين نهضوا بدولهم و هي الآن على قمة الحضارة الإنسانية، كانت أفكارهم تجد القبول من الشعب، و لم يحصروا النهضة في قطاع محدد من المجتمع، فكانوا حريصين أن على وحدة القوى التي تؤيدهم، لذلك نجحوا في غاياتهم... الأسئلة التي تطرح نفسها: هل نحن في السودان حريصين على وحدة وطنية ترتبط بفكرة النهضة، أم أن الأحزاب جميعها ذات خطابات محدودة في آطار عضويتها و تخلق صراعا مع الأخر يتسبب في إجهاض الأفكار؟ أم أن الخطأ كان في منصة التأسيس " مؤتمر الخريجين 1938م" حيث بدأ هناك تحالف المثقفين مع الطائفية، و التي خلقت الإنقسامات و الصراع الصفري المستمر حتى اليوم؟ هو نفسه الصراع الذي بدأ بعد سقوط الإنقاذ بين رؤيتين، الأولى تؤسس نفسها على الحق، و تهدف من أجل نجاح عملية التحول الديمقراطي بشروط الديمقراطية نفسها؟ و الفئة الثانية تبنى مشروعها على القوة فكانت ترفع شعارات الديمقراطية، و في نفس الوقت كانت تكرس مجهودها من أجل السلطة.. و الذي يجعل هدفه فقط السلطة، يكون قد أختار طريق الصراع المستمر الذي لا يضمن نتائجه..
ماذا كان ينادي شباب الثورة عندما اعتصموا بساحة القيادة العامة للقوات المسلحة ؟ لماذا صنعوا كل تلك اللوحات والجداريات؟ هل كان الهدف أن يظهروا أنهم مختلفين في كل شيء عن أجيال التي لم تورث البلاد إلا العجز؟ هل القيادات السياسية كانت على قناعة أن ثورة ديسمبر كانت ثورة شبابية؟ و أن تعبيرهم عن الثورة الذي استخدم فيه اسلوبا مختلفا و أدوات مختلفة متنوعة من الخطاب و الريشة و الموسيقى و الشعر و غيرها، أن تعدد انواع الخطابات تنبيء أن هناك عقل جديد بدأ يبرز و يؤسس ذاته على الخلق و الإبداع.. لماذا القيادات السياسة لم تفطن لهذا التحول و تخضعه للدراسة؟.. كان هؤلاء الشباب يريدون أن يتجاوزوا حتى الأسئلة التي طرحت من قبل الثورة.. الهوية و توزيع الثروة و السلطة و غيرها من أسئلة المجتمعات التي تعاني من أختلالات مجتمعية و سياسية و ثقافية.. كان شارع الشباب أكثر وعيا و إدراكا بالهدف، فهل بالفعل تأمرت عليه قبائل السياسيين و العسكر لكي يهزموا العقل الجديد؟.. أما أن العقل التقليدي الذي وصفه الدكتور منصور خالد بالفشل خاف أن يغادر محطاته و يضيع..
أن الحرب رغم أنها شردت ملايين الناس من مناطقهم و منازلهم بسبب نهب ثرواتهم و ممتلكاتهم و الاعتداء عليهم بالاغتصاب و القهر و الجوع و فقدان الصحة و غيرها، إلا أنها سوف تكون مرحلة جديدة و مشوار جديد لإعادة التفكير في عملية التعمير و البناء و الخلق و الإبداع.. سوف يتجاوز فيه الناس إعادة طرح الأسئلة القديمة التي فشل العقل التقليدي الإجابة عليها، و ذلك أن مئات الآلف من الشباب استجابوا لدعوة الاستنفار و المقاومة الشعبية، و هؤلاء الذين قاتلوا جميعهم في كل مناطق السودان جنبا إلي جنب جاوبوا على سؤال الهوية تماما بامتزاج دمهم مع بعضهم البعض بهدف " وحدة السودان" و ماداموا يؤمنون بسودان واحد يكونوا قد تجاوزوا الجهوية و المناطقية و الأثنية و مستعدين أن يقدموا أرواحهم رخيصة من أجل أن تسود روح الأخاء بينهم، و أيضا سوف لن يعجزوا في الإجابة على اسئلة كيفية توزيع الثروة و السلطة لآن هدفهم أن يكون الوطن أولا..
أن العقل التقليدي قد فشل أن يحقق للمواطنين استقرارا سياسيا و اجتماعيا و أمنيا في البلاد.. و سبب فشل العقل التقليدي أنه لم يستفيد من التجارب السابقة في فشله، و فشل العقل التقليدي أن يغير طريقة تفكيره و انانيته.. فشل أن يستوعب رؤية الشباب الجديد في تجاوز أدوات الماضي، كلما نظر إليه بعد نجاح الثورة هو توقيع اتفاقية "سيداو و المثليين وإرجاع المريسة و غيرها " فالعقل الذي يفكر في صغائر الأشياء لا يستطيع أن يدير أزمته بنجاح.. و كان المطلوب أن النخب السياسية تعمل لخلق بيئة صالحة أن يؤسس فيها حوارا وطنيا و تتبادل فيها الأفكار لكنها ملأت الساحة بخطابات الحماس و الصراع الصفري و دعوات الإقصاء، و تبنت طريق السلطة ثم بعد ما خسرته بدأت تصرخ.. أن الثورات الناعمة في أوروبا ضد الأنظمة التي حكمت أكثر من سبعة عقود مارست فيها كل انتهاكات الحقوق و القتل حتى خارج بلدانها تطارد معارضيها.. عندما أنتصر دعاة الديمقراطية لم يمارسوا الاقصاء على خصومهم، بل جعلوهم يقدموا انفسهم للشعب من خلال صناديق الاقتراع.. كانت النتيجة أن الأحزاب الشيوعية جاءت في مؤخرت الأحزاب التي دخلت البرلمان.. الفائدة كانت استمرار الديمقراطية و الاستقرار السياسي و الأمني في بلادهم.. أن العقليات التي ساهمت في إفشال الثورة لن تكون مفيدة في أي عمل سياسي أخر.. و هي تعرف ذلك، و لذلك تراهن على الخارج أن يشكل لها رافعة للسلطة... أن القوى الجديدة التي جاوبت على سؤال الهوية بالتلاحم في ساحات القتال؛ أولئك هم الذين سوف يصنعون تاريخ السودان الجديد، و يحققون للوطن استقراره السياسي و الاجتماعي و الأمني، حتى تستطيع الأجيال الجديد أن تقدم إبداعاتها و تصوراتها من جديد من خلال تعدد ادواتهم... نسأل الله حسن البصيرة..


zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

السويد في مواجهة الجدل.. هل أكياس النيكوتين تقلل من التدخين التقليدي؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

في السويد، تتواصل المناقشات المثيرة حول فعالية أكياس النيكوتين “السنوس” كبديل للتدخين التقليدي. 

ومع تزايد الجدل بين المؤيدين والمعارضين، ظهر باتريك سترومر، الأمين العام لجمعية مصنعي السنوس السويدية، كأحد أبرز المؤيدين لهذه المنتجات، متحدثًا عن دورها الكبير في تقليل مخاطر التدخين التقليدي. 

وفي مقال نشرته صحيفة "نورا هالاند"، قدم "سترومر" حججًا قوية تؤكد أن السويد قد تمكنت من خفض معدلات التدخين اليومية بشكل ملحوظ، إذ لا يتجاوز المدخنون اليوميون 3٪ فقط من السكان، وفقًا لآخر الإحصائيات. 

وأوضح قائلاً: "نحن نخطو خطوات كبيرة نحو أن نصبح دولة خالية من الدخان، والسنوس يعد جزءًا أساسيًا من هذا التحول."
تشير الدراسات إلى أن أكياس النيكوتين تمثل بديلاً أقل خطورة مقارنة بالسجائر التقليدية، وذلك لأن المخاطر الصحية المرتبطة بحرق التبغ، مثل السرطان وأمراض الرئة، تكون غير موجودة في هذه المنتجات. وبينما لا يمكن تجاهل أن النيكوتين نفسه يسبب الإدمان، إلا أن الأبحاث تظهر أن منتجات النيكوتين البديلة لا تحمل نفس المخاطر المترتبة على التدخين التقليدي. 

في هذا السياق، يعتبر "سترومر" أن الإصرار على ربط هذه المنتجات بالتدخين التقليدي هو أمر غير دقيق. 

وقال: "المواطنين في السويد أصبحوا أكثر وعيًا بأن السنوس ليس هو نفسه السجائر، والإحصائيات تشير إلى أن استخدام السنوس ساهم في خفض معدلات التدخين التقليدي بشكل كبير."
لكن على الرغم من هذه الأدلة، لا تزال منظمات مثل "جيل غير مدخن" تعارض منتجات النيكوتين البديلة، معتبرة أنها قد تساهم في نشر النيكوتين بشكل أوسع بين الأجيال الجديدة.

 وتستمر هذه المنظمات في التأكيد على مخاطر الإدمان الناتج عن النيكوتين، حتى لو كان بشكل أقل خطورة. هذه المعركة بين المؤيدين والمعارضين توضح أن قضية النيكوتين لا تزال معقدة وتحتاج إلى مزيد من البحث والفهم العلمي.
وفي ردوده على هذه الانتقادات، أكد "سترومر" أن السويد قد أثبتت نجاحها في تقليل معدلات التدخين التقليدي، وقال: "هذه الإحصائيات لا يمكن تجاهلها. لا يمكننا الاستمرار في ربط السنوس بالتدخين التقليدي بينما تتناقض هذه المقارنة مع الواقع العلمي." 

وأشار إلى أن السنوس لا يمثل "بوابة" للتدخين كما يزعم البعض، بل هو خيار منخفض المخاطر ساعد كثيرًا في الحد من التدخين في السويد.
على الرغم من أن السويد تعد رائدة في هذا المجال، إلا أن الطريق نحو "دولة خالية من الدخان" ما زال طويلًا. وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، يعتبر البلد خاليًا من الدخان إذا كانت نسبة المدخنين اليوميين فيه أقل من 5٪. وفي هذا السياق، يُنظر إلى السويد كنموذج يُحتذى به، ويعتقد العديد من الخبراء أن التجربة السويدية قد تكون خطوة أولى لدول أخرى في تبني هذه المنتجات كجزء من استراتيجية الحد من المخاطر.
مؤخرًا، اتخذت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) خطوة كبيرة في الاعتراف بمنتجات السنوس كبديل منخفض المخاطر للتدخين التقليدي. 

جاء هذا القرار بعد سلسلة من الدراسات التي أظهرت أن الأشخاص الذين تحولوا من السجائر إلى السنوس شهدوا انخفاضًا ملحوظًا في المخاطر الصحية. 

هذه الخطوة تُعد بداية تحول في النظرة العالمية نحو بدائل التدخين الخالية من الدخان، مثل السجائر الإلكترونية، التبغ المسخّن، أكياس النيكوتين، والتبغ الممضوغ. 

ويُنتظر أن تؤثر هذه التطورات في سياسات العديد من الدول في المستقبل، مع التأكيد على أن الإقلاع عن التدخين يظل أحد أفضل القرارات التي يمكنك اتخاذها لصحتك.

مقالات مشابهة

  • العسكر واللعبة المزدوجة: “دعم مدني” أم استنساخ للأزمات؟
  • الدستور الانتقالي 2025 .. السودان الجديد يولد من رماد الحرب
  • الدستور الانتقالي السوداني لعام 2025 ما بين التأسيس الجديد والتحديات الراهنة
  • شرق النيل كانت بمثابة أرض ميعاد الدعم السريع
  • سودانايل تنشر نص خطاب دكتور عبدالله حمدوك رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) حول نداء سلام السودان .
  • السويد في مواجهة الجدل.. هل أكياس النيكوتين تقلل من التدخين التقليدي؟
  • محمد الأشمر.. من هو الثائر السوري الذي تحدى الفرنسيين؟
  • لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟
  • صفورية التي كانت تسكن تلال الجليل مثل العصفور.. جزء من هوية فلسطين
  • جريمة الإفلات من العقاب في السودان