سودانايل:
2025-04-17@13:05:18 GMT

من الذي يصنع تاريج السودان الجديد؟

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن

أن تجارب التاريخ في العصر الحديث خاصة في بناء الدول لا تؤسسها فكرة جماعية، تجلس مجموعة من السياسيين إن كان ذلك من داخل مؤسساتهم الحزبية ، و المدنية و الأكاديمية أو غيرها، هي أنما تكون فكرة فردية يقتنع بها البعض و يحملونها حمل الجد في التطبيق.. أمريكا يعتبر جورج واشنطن هو الذي أسسها و حررها من قبضة بريطانيا 1786م.

. و لينين كان مفكرا و سياسيا و انتصر على الحكم القيصري في روسيا من خلال حزب العمال البلاشفيك و أسس في 25 أكتوبر 1917 الاتحاد السوفيتي.. و ماو سيتونج مؤسس الصين الحديث من خلال الثورة الثقافية.. و الصين الصناعية ذات الاقتصاد الحر هي فكرة دنغ شياو بينغ الذي يطلق عليه " المهندس العام" و رئيس البرازيل لويس ايناسيو لولا هو الذي نهض بالاقتصاد البرازيلي و جعلها من دول مقدمة العالم. و مهاتير محمد في ماليزيا مؤسس الدولة الحديث. كلها أفكار فردية وجدت دعم قوي من الشعب، و نهضت تلك الشعوب.. لكن القادة تمسكوا بالشفافية و النزاهة و النهضة..
أن هؤلاء الزعماء المفكرين الذين نهضوا بدولهم و هي الآن على قمة الحضارة الإنسانية، كانت أفكارهم تجد القبول من الشعب، و لم يحصروا النهضة في قطاع محدد من المجتمع، فكانوا حريصين أن على وحدة القوى التي تؤيدهم، لذلك نجحوا في غاياتهم... الأسئلة التي تطرح نفسها: هل نحن في السودان حريصين على وحدة وطنية ترتبط بفكرة النهضة، أم أن الأحزاب جميعها ذات خطابات محدودة في آطار عضويتها و تخلق صراعا مع الأخر يتسبب في إجهاض الأفكار؟ أم أن الخطأ كان في منصة التأسيس " مؤتمر الخريجين 1938م" حيث بدأ هناك تحالف المثقفين مع الطائفية، و التي خلقت الإنقسامات و الصراع الصفري المستمر حتى اليوم؟ هو نفسه الصراع الذي بدأ بعد سقوط الإنقاذ بين رؤيتين، الأولى تؤسس نفسها على الحق، و تهدف من أجل نجاح عملية التحول الديمقراطي بشروط الديمقراطية نفسها؟ و الفئة الثانية تبنى مشروعها على القوة فكانت ترفع شعارات الديمقراطية، و في نفس الوقت كانت تكرس مجهودها من أجل السلطة.. و الذي يجعل هدفه فقط السلطة، يكون قد أختار طريق الصراع المستمر الذي لا يضمن نتائجه..
ماذا كان ينادي شباب الثورة عندما اعتصموا بساحة القيادة العامة للقوات المسلحة ؟ لماذا صنعوا كل تلك اللوحات والجداريات؟ هل كان الهدف أن يظهروا أنهم مختلفين في كل شيء عن أجيال التي لم تورث البلاد إلا العجز؟ هل القيادات السياسية كانت على قناعة أن ثورة ديسمبر كانت ثورة شبابية؟ و أن تعبيرهم عن الثورة الذي استخدم فيه اسلوبا مختلفا و أدوات مختلفة متنوعة من الخطاب و الريشة و الموسيقى و الشعر و غيرها، أن تعدد انواع الخطابات تنبيء أن هناك عقل جديد بدأ يبرز و يؤسس ذاته على الخلق و الإبداع.. لماذا القيادات السياسة لم تفطن لهذا التحول و تخضعه للدراسة؟.. كان هؤلاء الشباب يريدون أن يتجاوزوا حتى الأسئلة التي طرحت من قبل الثورة.. الهوية و توزيع الثروة و السلطة و غيرها من أسئلة المجتمعات التي تعاني من أختلالات مجتمعية و سياسية و ثقافية.. كان شارع الشباب أكثر وعيا و إدراكا بالهدف، فهل بالفعل تأمرت عليه قبائل السياسيين و العسكر لكي يهزموا العقل الجديد؟.. أما أن العقل التقليدي الذي وصفه الدكتور منصور خالد بالفشل خاف أن يغادر محطاته و يضيع..
أن الحرب رغم أنها شردت ملايين الناس من مناطقهم و منازلهم بسبب نهب ثرواتهم و ممتلكاتهم و الاعتداء عليهم بالاغتصاب و القهر و الجوع و فقدان الصحة و غيرها، إلا أنها سوف تكون مرحلة جديدة و مشوار جديد لإعادة التفكير في عملية التعمير و البناء و الخلق و الإبداع.. سوف يتجاوز فيه الناس إعادة طرح الأسئلة القديمة التي فشل العقل التقليدي الإجابة عليها، و ذلك أن مئات الآلف من الشباب استجابوا لدعوة الاستنفار و المقاومة الشعبية، و هؤلاء الذين قاتلوا جميعهم في كل مناطق السودان جنبا إلي جنب جاوبوا على سؤال الهوية تماما بامتزاج دمهم مع بعضهم البعض بهدف " وحدة السودان" و ماداموا يؤمنون بسودان واحد يكونوا قد تجاوزوا الجهوية و المناطقية و الأثنية و مستعدين أن يقدموا أرواحهم رخيصة من أجل أن تسود روح الأخاء بينهم، و أيضا سوف لن يعجزوا في الإجابة على اسئلة كيفية توزيع الثروة و السلطة لآن هدفهم أن يكون الوطن أولا..
أن العقل التقليدي قد فشل أن يحقق للمواطنين استقرارا سياسيا و اجتماعيا و أمنيا في البلاد.. و سبب فشل العقل التقليدي أنه لم يستفيد من التجارب السابقة في فشله، و فشل العقل التقليدي أن يغير طريقة تفكيره و انانيته.. فشل أن يستوعب رؤية الشباب الجديد في تجاوز أدوات الماضي، كلما نظر إليه بعد نجاح الثورة هو توقيع اتفاقية "سيداو و المثليين وإرجاع المريسة و غيرها " فالعقل الذي يفكر في صغائر الأشياء لا يستطيع أن يدير أزمته بنجاح.. و كان المطلوب أن النخب السياسية تعمل لخلق بيئة صالحة أن يؤسس فيها حوارا وطنيا و تتبادل فيها الأفكار لكنها ملأت الساحة بخطابات الحماس و الصراع الصفري و دعوات الإقصاء، و تبنت طريق السلطة ثم بعد ما خسرته بدأت تصرخ.. أن الثورات الناعمة في أوروبا ضد الأنظمة التي حكمت أكثر من سبعة عقود مارست فيها كل انتهاكات الحقوق و القتل حتى خارج بلدانها تطارد معارضيها.. عندما أنتصر دعاة الديمقراطية لم يمارسوا الاقصاء على خصومهم، بل جعلوهم يقدموا انفسهم للشعب من خلال صناديق الاقتراع.. كانت النتيجة أن الأحزاب الشيوعية جاءت في مؤخرت الأحزاب التي دخلت البرلمان.. الفائدة كانت استمرار الديمقراطية و الاستقرار السياسي و الأمني في بلادهم.. أن العقليات التي ساهمت في إفشال الثورة لن تكون مفيدة في أي عمل سياسي أخر.. و هي تعرف ذلك، و لذلك تراهن على الخارج أن يشكل لها رافعة للسلطة... أن القوى الجديدة التي جاوبت على سؤال الهوية بالتلاحم في ساحات القتال؛ أولئك هم الذين سوف يصنعون تاريخ السودان الجديد، و يحققون للوطن استقراره السياسي و الاجتماعي و الأمني، حتى تستطيع الأجيال الجديد أن تقدم إبداعاتها و تصوراتها من جديد من خلال تعدد ادواتهم... نسأل الله حسن البصيرة..


zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

وزير الأوقاف: الإنسان المصرى أثبت أنه متدين تدينا يصنع الحضارة

قال الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف إن قضية الشخصية المصرية هى من أهم القضايا التى كانت تشغله لمحاولة المعايشة الصادقة للشخصية المصرية.

رئيس أكاديمية الشرطة: بناء الشخصية المصرية ركيزة لأمن واستقرار الوطنميكروباص يصطدم بنقل.. إصابة 4 أشخاص في حادث بالدقهلية"مفردات بناء الشخصية المصرية ومردودها على الأمن".. ندوة بأكاديمية الشرطة بعد قليلبعد 5 ساعات.. الحماية المدنية تجرى عمليات التبريد بحريق مغالق الشرابية

وأضاف وزير الأوقاف خلال كلمته فى المؤتمر العلمى السنوى لكلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة والذى عقد تحت عنوان "مفردات بناء الشخصية المصرية ومردودها على الأمن"، انه قرأ الكثير من الكتب التى تحدثت عن هوية الشخصية المصرية للعديد من كبار الكتاب، مؤكدا أن تلك الكتابات اتاحت له معرفة عمق الشخصية المصرية.

وأكد وزير الأوقاف أن أثر الخطاب الديني فى الشخصية المصرية من القدم لأن الإنسان المصرى منذ الآف السنين وهو شديد الارتباط بالاله وبالقيم الدينية من القدماء المصريين .

وأضاف وزير الأوقاف أن ثروة بلادنا تكمن فى الإنسان ، فعلى مر التاريخ أثبت الإنسان المصرى انه قادر على حمل رايه الوطن وتقديم الأفضل والمعجزات لبلادنا .

وأكد وزير الأوقاف أن الإنسان المصرى متدين تدينا يصنع الحضارة ، فالإنسان المصرى حيث تدين أبدع.


جاء ذلك خلال المؤتمر العلمى السنوى لكلية الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة والذى عقد تحت عنوان "مفردات بناء الشخصية المصرية ومردودها على الأمن".

وعقد المؤتمر داخل مركز بحوث الشرطة بأكاديمية الشرطة بحضور اللواء هانى أبو المكارم مساعد وزير الداخلية رئيس أكاديمية الشرطة وعدد من قيادات وزارة الداخلية والشخصيات العامة وطلبة الجامعات.

ويحاضر فى الندوة عدد كبير من الشخصيات العامة منهم الدكتور أسامة الأزهرى وزير الأوقاف والدكتورة درية شرف الدين وزير الإعلام الأسبق واللواء أحمد ضياء الدين خليل محافظ المنيا الأسبق واللواء سمير فرج الخبير الاستراتيجي.

مقالات مشابهة

  • الحرب في عامها الثالث.. ما الثمن الذي دفعه السودان وما سيناريوهات المستقبل؟
  • الخطاب الجديد للقحاتة: تحريض العالم ضد السودان
  • مناوي: الخرطوم كانت محاصرة والآن هي حرة .. الجزيرة كانت محاصرة والآن هي حرة
  • وزارة الخارجية تعرب عن إشادة المملكة بالإجراءات التي اتخذتها الجهات الأمنية في الأردن لإحباط مخططات كانت تهدف إلى المساس بأمنه وإثارة الفوضى
  • دهوك يصنع التاريخ ويتوج بدوري أبطال الخليج لكرة القدم
  • شاهد بالفيديو.. طفل سوداني يفاجئ المطربة عشة الجبل ويرمي عليها أموال النقطة أعلى المسرح الذي كانت تغني فيه وساخرون: (المشكلة بعد الحفلة تنتهي يبكي يقول عاوز قروشي)
  • الإمارات تدين الفظائع التي ترتكب في السودان وتدعو إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار
  • وزير الأوقاف: الإنسان المصرى أثبت أنه متدين تدينا يصنع الحضارة
  • نائب رئيس حزب الامة القومي: الحرب التي شنتها المليشيا هدفت الى طمس هوية السودان
  • هنادي بت الفاشر الطبيبة التي قتلت وهي تدافع عن أهالها بمخيم زمزم