لجنة بمجلس الأمن تدرس فرض عقوبات على اثنين من قادة الدعم السريع
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
تدرس لجنة تابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض عقوبات على اثنين من الجنرالات في قوات الدعم السريع السودانية لتهديدهما السلام والأمن والاستقرار في البلاد بما في ذلك من خلال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.
التغيير: وكالات
تدرس لجنة تابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فرض عقوبات على اثنين من الجنرالات في قوات الدعم السريع السودانية لتهديدهما السلام والأمن والاستقرار في البلاد بما في ذلك من خلال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.
وإذا تم تصنيف الرجال، فستكون هذه أول عقوبات تفرضها الأمم المتحدة بسبب الحرب الحالية في السودان ، والتي اندلعت في منتصف أبريل، من العام الماضي بسبب صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية قبل الانتقال المخطط له إلى الحكم المدني.
وقال دبلوماسيون وفقاً لوكالة (رويترز) للأنباء، إن الولايات المتحدة اقترحت رسميا فرض حظر دولي على السفر وتجميد الأصول على رئيس عمليات قوات الدعم السريع عثمان محمد حامد محمد وقائد قوات الدعم السريع في غرب دارفور عبد الرحمن جمعة بركة الله.
وتعمل لجنة العقوبات على السودان، التي تتألف من 15 عضواً، في مجلس الأمن بالإجماع. وإذا لم يبد أحد أي اعتراض على الاقتراح بحلول ظهر الجمعة، فسيتم تعيين الرجال. ويمكن للأعضاء أيضاً أن يطلبوا مزيداً من الوقت لدراسة الاقتراح، أو تعليقه، أو ببساطة عرقلته.
لقد أدت الحرب في السودان إلى موجات من العنف العرقي الذي ألقي باللوم فيه إلى حد كبير على قوات الدعم السريع. وتنفي قوات الدعم السريع إلحاق الأذى بالمدنيين وتنسب هذا النشاط إلى جهات مارقة.
وتقول الولايات المتحدة إن الأطراف المتحاربة ارتكبت جرائم حرب، كما ارتكبت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها جرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي.
وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص ـ أي نصف سكان السودان ـ يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وإن المجاعة تلوح في الأفق ، كما فر 10 ملايين شخص من ديارهم. وغادر أكثر من 2.2 مليون شخص من هؤلاء منازلهم إلى بلدان أخرى.
أنشأ مجلس الأمن نظام العقوبات المستهدفة للسودان في عام 2005 في محاولة للمساعدة في إنهاء الصراع في دارفور . ويوجد حاليًا ثلاثة أشخاص على قائمة العقوبات، التي أضيفت في عام 2006. كما فرض المجلس حظرًا على الأسلحة على دارفور في عام 2004.
وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قدرت الأمم المتحدة أن 300 ألف شخص قتلوا في دارفور عندما ساعدت ميليشيات “الجنجويد” ـ التي تشكلت منها قوات الدعم السريع ـ الجيش في سحق تمرد قادته جماعات غير عربية في الأساس.
والواقع أن المحكمة الجنائية الدولية تلاحق زعماء سودانيين سابقين بتهمة الإبادة الجماعية وارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع عقوبات على
إقرأ أيضاً:
البرلمان البريطاني من ونستون تشرشل إلى سليمان صندل
كتب الدكتور عزيز سليمان أستاذ مادة السياسة والسياسات العامة
كأن التاريخ يعيد نفسه بقلمٍ ساخرٍ، وبحبرٍ مسموم، ففي مقر البرلمان البريطاني، ذلك الحرم الذي شهد أعظم الخطب وأنبل القرارات، يُسمح اليوم لمجموعات تتبع الجنجويد – أو بالأحرى قوات الدعم السريع السودانية – بعقد ندوة تروّج لما هو أبعد من مجرد كلام، بل لتبرير فظائع جعلت العالم يذهل ويقشعرّ. العقلاء يتساءلون: ما الذي أصاب بريطانيا حتى تُدنّس أعتاب ديمقراطيتها العريقة بمثل هذه المهزلة؟
بريطانيا والجنجويد: سقوط في هاوية البرلمان المقدس
لنعد الشريط قليلاً. البرلمان البريطاني ليس مجرد مبنى حجري في وستمنستر، بل هو رمزٌ للحرية والكرامة الإنسانية. في قاعاته، وقف ونستون تشرشل يهزّ العالم بخطبه في وجه النازية، معلناً أن بريطانيا لن تستسلم. فيه، نوقشت إلغاء تجارة الرقيق، وصيغت قوانين ألهمت دولاً بأسرها. وفيه، عقدت أعظم الاجتماعات، كتلك التي جمعت قادة الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، حيث كان مصير البشرية على المحك و هو ذات البرلمان الذي اعتذرت فيه بريطانيا للعالم عن حقب الاستعمار المريرة . كيف، إذن، تحول هذا المكان من منارة للعدل إلى منصة تُروَّج منها لمليشيا متهمة بإبادات جماعية، تطهير عرقي، وانتهاكات موثقة من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان؟
اسم "الجنجويد" ليس مجرد لقب عابر، بل هو مرادف للموت والدمار في السودان. قوات الدعم السريع، التي تطورت من هذه المليشيات، تركت خلفها جبالاً من الجثث في دارفور، وأشعلت حرباً أهلية أزهقت أرواح عشرات الآلاف، وشردت الملايين. تقارير دولية، من مجلس الأمن إلى الخارجية الأمريكية، وثّقت جرائمها: اغتصاب جماعي، حرق قرى، وتجويع شعوب بأكملها. ومع ذلك، تُفتح لهم أبواب البرلمان البريطاني، كأن الأمر لا يعدو كونه نقاشاً أكاديمياً، وليس ترويجاً للبربرية.
لماذا تفعل بريطانيا هذا؟
لنكن صريحين: المصالح لم تكن يوما تقاس بمعيار الأخلاق، بل برقعة شطرنج المصالح. سماح بريطانيا بهذه الندوة ليس خطأً عفوياً " و ان حاولوا اخفاءه عبر حديث البرلمانية الفطير"، بل خطوة محسوبة في سياق أعمق. هناك من يرى فيها محاولة لإعادة صياغة صورة قوات الدعم السريع ـ"كجهة شرعية"، ربما لخدمة أجندات إقليمية تتقاطع مع مصالح دول كبرى، مثل الإمارات، التي اتهمت بدعم هذه القوات لوجستياً وعسكرياً. لكن السؤال الأكبر: هل هناك رابط مع ما يُسمى "الصهيونية العالمية"؟
الصهيونية، كمصطلح، أصبحت كرة مطاطية تُرمى في كل اتجاه، لكن دعونا ننظر بعين السياسة لا الشعارات. إسرائيل، كلاعب إقليمي، لها مصلحة في اضعاف السودان أو على الأقل في احتواء الفوضى و توجيهها في صالحها بما يضمن أمن حدودها الجنوبية عبر البحر الأحمر. قوات الدعم السريع "، استخدمت كأداة لفرض واقع جديد في السودان، يُبقي البلاد ضعيفة ومفتتة، وهو ما يتماشى مع استراتيجيات تاريخية لتقسيم المنطقة. بريطانيا، بدورها، قد تكون شريكاً في هذا المشهد، إما عن وعي أو كجزء من ضغوط أمريكية غربية لإعادة تشكيل النظام السوداني و المنطقة.
لكن هذا لا يبرئها. أن تُدنّس بريطانيا سمعتها وتاريخها الديمقراطي بهذا الشكل هو انحدار أخلاقي وسياسي. كان بإمكانها أن ترفض، أن تقول "لا" كما فعلت في وجه الطغاة سابقاً. لكنها اختارت الانصياع، ربما لأنها لم تعد تلك الإمبراطورية التي "لا تغيب عنها الشمس"، بل دولة تائهة تبحث عن دور في عالم تتغير قواعده.
السودان: كيف يرد على هذه الإهانة؟
السودان، كدولة، يقف اليوم على مفترق طرق. هذه الندوة ليست مجرد حدث عابر، بل رسالة: العالم مستعد للتعامل مع منتهكي حقوق شعبكم كشركاء. لذا، يجب أن يتحرك السودان بذكاء وحزم، وفق هذه الخطوات
قطع العلاقات الدبلوماسية مع بريطانيا مؤقتاً ليس من باب العقاب فقط، بل لإرسال رسالة أن السودان لن يقبل التواطؤ مع من يبررون إبادته. هذا سيضع لندن في موقف محرج أمام العالم.
اللجوء إلى الأمم المتحدة: تقديم شكوى رسمية ضد بريطانيا في مجلس الأمن، مستندة إلى التقارير التي تدين قوات الدعم السريع، مع المطالبة بتحقيق دولي في دعمها الضمني.
تعزيز التحالفات الإقليمية: التقارب مع دول مثل الصين و روسيا " مع الحذر الواعي"، التي لها مصلحة في استقرار السودان، لمواجهة أي محاولات لفرض حكومة موازية مدعومة من الخارج.
توثيق الفظائع محلياً ودولياً: إنشاء لجنة وطنية مستقلة لتسجيل جرائم الجنجويد، مع عرضها في محافل مثل المحكمة الجنائية الدولية، لقطع الطريق على أي محاولة لتبييض صفحتهم
الضغط الشعبي: حشد الجالية السودانية في بريطانيا للتظاهر أمام البرلمان، كما فعلوا من أجل فلسطين، لفضح هذه الخطوة وإحراج الحكومة البريطانية.
خاتمة: الخرطوم تستحق أفضل من هذا
السودان، بتاريخه العريق وشعبه الصامد، لا يستحق أن يُعامل كساحة لتجارب المصالح الدولية. بريطانيا، التي كانت يوماً مستعمرة له، تعود اليوم بقناع جديد، لكن الرائحة نفسها: رائحة الاستعلاء والتلاعب. لكن كما قال أحد حكماء السودان: "ليس للبربرية مستقبل". الخرطوم ستنهض، وسيبقى البرلمان البريطاني شاهداً على عارٍ سيلاحقه التاريخ، كما لاحق غيره من قبل. أما السودانيون سيظلون يتراغبون مواقف كل الدول ابان محنة السودان هذه.
quincysjones@hotmail.com