لجريدة عمان:
2025-03-04@12:10:44 GMT

جدلية العلاقة بين الواقع والخيال

تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT

الجدل حول العلاقة بين الإبداع والواقع قديم جدا وليس وليد اليوم، ولم يقتصر هذا الجدل على نقّاد الأدب والإبداع (تشكيل وسينما ومسرح)، بل تجاوزهم إلى الفلاسفة الذين شُغلوا بهذا الأمر كثيرا، وقدم الكثير منهم رؤية خاصة لهذه العلاقة الجدلية بين الإبداع والواقع. وتباينت الأطروحات حول تلك العلاقة وزاوية رؤيتها، فبين من يرى الإبداع على أنه إعادة تمثيل للواقع كما كان طرح أرسطو، وبين من يرى أن الإبداع ما هو إلا محاولة للتحرر من الواقع عبر ابتكار أبعاد جديدة للتجربة الإنسانية كما هو طرح كانط على سبيل المثال، وبين من يرى أن الإبداع ما هو إلا طريقة لفهم الواقع، لا من خلال تمثيله أو الهروب منه، بل عبر إعادة تشكيله وفهمنا له.

يتعمق هذا الجدل ويتحول إلى نقاش فلسفي وفكري في اللحظة التي يستطيع فيها الإبداع والخيال تمثيل الواقع بشكل دقيق تجعلنا نشعر أنه نحن بكل أبعادنا وبكل تعقيداتنا ومشاعرنا وصراعاتنا الداخلية، وهنا تكمن عبقرية الخيال الذي يستطيع كشف الدواخل الإنسانية وتمثيلها أمامنا؛ حيث يتجاوز الكلمة المكتوب أو الصورة المشاهدة ليتحول إلى انعكاس لتجاربنا وعواطفنا التي لا يستطيع الجميع التعبير عنها أو تمثيلها ونقلها للآخرين.

لكنّ السؤال الذي يطرح نفسه في هذه اللحظة هل علينا أن نسائل هذا الإبداع والخيال إذا ما كشف عن أعماقنا وتسلل إلى تعقيداتها إلى الدرجة التي تشعرنا وكأننا أمام أنفسنا حدّ التماهي؟

إن مثل هذه المساءلة من شأنها أن تجرد الإبداع من مهمته ودوره في تشكيل الواقع وتفسيره أو حتى التحرر منه كما في طرح الفيلسوف كانط. إن الإبداع مهما كانت وسيلته يبني حيوات جديدة وينفخ فيها الحياة، فنراها إلى جوارنا وكأنها واقعنا الذي نستطيع فهمه أكثر وأدق عبر محاكاته وتمثيله، وحينها لنا أن نتحرر منه أو أن نعيد تشكيله بطريقة تمكننا من فهمه أو من التعايش معه أو حتى تكريسه في دواخلنا .. وفق مختلف الأطروحات الفلسفية التي تفسر العلاقة بين الواقع والخيال الإبداعي.

إن الإبداع الحقيقي يكمن في قدرته على إثارة كل هذه الأشياء فينا، وفي التقاط جوهرنا الداخلي ووضعه أمامنا مباشرة لنسائله فكريا وفلسفيا بالضبط كما نسائل التاريخ.. والأدب والإبداع العظيم لا يقلد الحياة فقط، إنما دوره أن يرتقي بها، أن يرينا إياها كما لم نرها من قبل، أن يساعدنا على أن ندرك حقيقة الواقع في مرآة المتخيل.. وهذا النوع من الإبداع يستحق أن نحتفي به؛ لأنه يقربنا من التجربة الإنسانية بكل تعقيداتها وجمالياتها.

وفي جميع الأحوال فإن الجدل الحقيقي حول الواقع والخيال في التجربة الإبداعية ليس ساحة لبناء الفجوات الإنسانية وهدم التجربة الإبداعية نفسها، إنه مساحة لابتكار أبعاد جديدة للتجربة الإنسانية ومشاهدة تطورها في السياق الزمني الأمر الذي يسهل قدرتنا على فهم المستقبل وتوقع مساراته.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

حبيب غلوم: «ثالوث الإبداع» يجتمع في «شغاب»

تامر عبد الحميد (أبوظبي)

أخبار ذات صلة صيام صحي وآمن لمرضى السكري والقلب ماغي.. محامية «بالدم»

أعرب الممثل والمنتج الإماراتي حبيب غلوم عن اعتزازه بأن تكون كل أعماله الدرامية التي قدمها كمنتج منفذ طوال مسيرته الفنية، لصالح شركة «أبوظبي للإعلام»، والتي عرضت جميعها على قناتي «أبوظبي» و«الإمارات» خلال مواسم رمضان المختلفة؛ منوهاً بأن هذا التعاون والشراكة الفنية الناجحة، أثمرا تنفيذ أعمال درامية متميزة ومتنوعة في القصص والمضامين، تناسب استراتيجية وتوجه «أبوظبي للإعلام» في تقديم وإنتاج كل ما يرتقي بمستوى المشاهد الخليجي والعربي.
توليفة غنية
ويطل غلوم في الدراما الرمضانية على جمهوره هذا العام عبر قناة «الإمارات» في المسلسل التراثي الاجتماعي «شغاب».
 وقال: أكثر ما يميز العمل هو التوليفة الغنية التي تجمع بين النجوم المخضرمين والممثلين الشباب، منهم: أحمد الجسمي، هيفاء حسين، مروان عبدالله، أمل محمد، أحمد الأنصاري، عبدالله الجنيبي، حميد العوضي، وحمد الكبيسي، فكانت أجواء التصوير في عجمان بـ «قرية جرناس التراثية» بمثابة دروس في التمثيل، خصوصاً أن أحداث المسلسل تقع بين ثلاث حقب زمنية في تاريخ الإمارات، وفي كل حقبة شخصيات متعددة وأحداث مختلفة عن الأخرى.
تجارب إنسانية
وتابع غلوم: يروي العمل مشاهد متعددة من صراعات تسلط الضوء على قيم الكرامة والشجاعة والمروءة في مواجهة الخديعة والمكر والجشع، وقصصاً واقعية في النجاح والفشل، وحكايات رومانسية تعبّر عن الحب في أجمل صوره، كما يستعرض تجارب إنسانية من مختلف المجتمعات التي تشكل النسيج الإماراتي على مستوى إمارات ومدن وقرى الدولة، في قالب غني يعكس التنوع في العادات والتقاليد والموروث الاجتماعي في حلقات تتزاحم فيها الشخصيات والأحداث بأسلوب تفاعلي ومشوق، مشيراً إلى أنه يؤدي دور «عيسى» الذي يسعى لتفادي الكثير من الصعاب والمشكلات التي تحدث بين النواخذة.
أضخم الإنتاجات
وأوضح غلوم أن «شغاب» يُعتبر من أضخم الإنتاجات المحلية، إذ تشارك كوكبة من نجوم الإمارات في كل حقبة من أحداث العمل، وتضم الحقبة الأولى 40 بطلاً رئيساً، و63 دوراً ثانوياً، وهو العدد نفسه تقريباً في الحقبتين الثانية والثالثة، معرباً عن سعادته بالتعاون مجدداً مع الثنائي المميز المؤلف إسماعيل عبدالله، والمخرج مصطفى رشيد، وقال: «الزقوم»، «الشهد المر»، «خيانة وطن»، «لو أني أعرف خاتمتي»، جميعها أعمال تعاونت فيها مع إسماعيل ومصطفى، ونالت رواجاً لافتاً وصدىً كبيراً، لذلك عندما اجتمع «ثالوث الإبداع» من مؤلف واعٍ ومخرج محترف وإنتاج ضخم في «شغاب»، عملنا جميعاً على إظهار عمل فني هادف يرقى بمستوى المشاهد.
وأضاف: أعشق التحدي في أعمالي الدرامية بتقديم شيء مختلف وعميق ومحتوى متميز، ومثلما قدمت أحداث مجتمعية واقعية في «الزقوم» و«الشهد المر» و«خيانة وطن»، يأتي حالياً «شغاب» كتحدٍ جديد من حيث الإنتاج والتصوير والمضمون.
دعم عجلة الإنتاج وأشاد حبيب غلوم بالتطور الذي تشهده الدراما الإماراتية وزيادة عجلة الإنتاج من قبل الدعم المقدم من القنوات التلفزيونية، وخصوصاً «أبوظبي للإعلام» وقنوات تلفزيون أبوظبي، وقال: أتمنى أن نستمر على هذا النهج، بالحضور القوي بالكيف والكم للدراما المحلية، وأن تكون هناك لجنة لتقييم الأعمال الدرامية بعد العرض، للتركيز على التجارب الناجحة، ودعم صناعها لتنفيذ أعمال متميزة أخرى.
أزمة نصوص 
ونوه غلوم إلى ضرورة اكتشاف مواهب وكتاب إماراتيين جدد، وقال: نعيش أزمة نصوص حقيقية في الدراما، والسبب يعود إلى الحضور الخجول للكتاب الإماراتيين، الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وأبرزهم إسماعيل عبد الله وجمال سالم وعبدالله حسن أحمد، لذلك فمن الضروري اكتشاف مواهب جديدة في عالم التأليف الدرامي لإثراء المشهد الفني بأعمال متعددة القصص.
حَلَق الأذن
أوضح الممثل حبيب غلوم أن كلمة «شغاب» باللهجة الإماراتية تعني «حلق الأذن»، وهي قطعة من الذهب تنتهي بحبة من اللؤلؤ.

مقالات مشابهة

  • قضايا تلامس الواقع.. موعد عرض الحلقة 4 من مسلسل أثينا لـ ريهام حجاج
  • الوعد الإلهي بخسارة المسارعين نحو اليهود يتحقق على أرض الواقع..
  • سعودية تعيد التصميم الداخلي عبر الإبداع الرقمي
  • الذكاء الاصطناعي يتحدى إبداع البشر في مزاد فني دولي
  • معرض الإبداع والابتكار في مؤسسات محمد بن خالد
  • اتنين بيحبوا بعض بس مايقدروش يتجوزوا.. يعملوا ايه؟ شاب يسأل وعلي جمعة يجيب
  • حبيب غلوم: «ثالوث الإبداع» يجتمع في «شغاب»
  • فبراير الشارقة.. فصول من الإبداع ترسخ هُوية الإمارة الثقافية
  • لقطة جدلية لإيسكو خلال مباراة ريال بيتيس وريال مدريد
  • مستشار ترامب يشبه زيلينسكي بـالصديقة السابقة التي تريد الجدال بدلا من تحسين العلاقة