نشر موقع "ساينتفيك أميركان" تقريرا يسلط الضوء على ضرورة عدم الثقة في الذكاء الاصطناعي في الأمور الهامة مثل قرارات الاستثمار، مشيرا إلى أن العديد من الصناديق التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في الاستثمار لم تحقق العوائد المتوقعة، مما يبرز نقاط الضعف العميقة في هذه التكنولوجيا المبالغ فيها.

وقال الكاتبان سام وايت وجاري ن.

سميث إنه عندما ظهر "شات جي بي تي" لأول مرة يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وتبعه بعد مدة وجيزة روبوتات دردشة أخرى تعمل بالذكاء الاصطناعي، كان رد الفعل دهشة جامحة أعقبتها ضجة لا يمكن كبحها.

فقد وصفه رائد الأعمال ومهندس البرمجيات مارك أندريسن بأنه "سحر خالص"، وقال بيل غيتس لمجلة فوربس إنه "لا يقل أهمية عن الكمبيوتر الشخصي والإنترنت". وإذا لم تكن هذه المبالغة كافية، فقد أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "ألفابت" و"غوغل" سوندار بيتشاي، في مقابلة مع برنامج "60 دقيقة"، أن الذكاء الاصطناعي "هو أكثر التقنيات التي عملت عليها البشرية عمقا"، وقال جيفري هينتون الحائز على جائزة تورينج لشبكة "سي بي إس نيوز"، دون أي إحساس واضح بالسخرية، "أعتقد أنه يمكن مقارنته من حيث الحجم بالثورة الصناعية أو الكهرباء".

وللأسف، على مدى ما يقرب من 70 عامًا، أفرط المشجعون للذكاء الاصطناعي في الوعود ولم يقدموا شيئًا. وقد أصبح من الواضح الآن بشكل متزايد أن "شات جي بي تي" وغيره من نماذج التعلم الآلي ليست ذكية بالمعنى الحقيقي، ولا يمكن الاعتماد عليها في اتخاذ قرارات مهمة، مثل خيارات التوظيف وإصدار الأحكام بالسجن والموافقة على القروض والاستثمار.

وأشار الكاتبان إلى أن الاستثمار المدعوم بالذكاء الاصطناعي مثير للاهتمام بشكل خاص لأنه يوفر طريقة قابلة للقياس الكمي لتقييم قدرات التكنولوجيا. فقد تم إطلاق أول صندوق استثمار متداول في البورصة مدعوم بالذكاء الاصطناعي يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2017 من قبل منصة الاستثمار "إيكوبوت"، مع رمز التداول الشهير "آيك" (AIEQ)، وادعت الشركة أنه يعد "تطبيقًا رائدًا لثلاثة أشكال من الذكاء الاصطناعي"، وهي الخوارزميات الجينية، والمنطق الضبابي، والضبط التكيفي.

وتباهى شيدا خاتوا، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة إيكوبوت، بأن آيك "لديه القدرة على محاكاة جيش من محللي أبحاث الأسهم الذين يعملون على مدار الساعة، 365 يومًا في السنة، مع إزالة الخطأ البشري والتحيز من العملية".

العديد من الصناديق التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في الاستثمار لم تحقق العوائد المتوقعة (شترستوك)

 

وبعد أسبوعين، أطلقت شركة "هورايزنز" -التي أصبحت الآن "غلوبال إكس"- صندوق الأسهم العالمية النشط بالذكاء الاصطناعي "مايند"، الذي قالت عنه في بيان صحفي:

"تُشرف شركة ميراي أسيت للاستثمارات العالمية على صندوق مايند.. الذي يستخدم إستراتيجية استثمار تدار بالكامل بواسطة نظام ذكاء اصطناعي خاص ومتكيف يحلل البيانات ويستخلص الأنماط… تُعرف عملية التعلم الآلي التي تقوم عليها إستراتيجية مايند الاستثمارية باسم التعلم العميق للشبكات العصبية العميقة، وهي عبارة عن بناء شبكات عصبية اصطناعية تُمكِّن نظام الذكاء الاصطناعي من التعرف على الأنماط واتخاذ قراراته الخاصة، مثل طريقة عمل الدماغ البشري، ولكن بسرعات فائقة".

وأضاف الرئيس والمدير التنفيذي لشركة هورايزونز آنذاك ستيف هوكينز "على عكس مديري المحافظ الاستثمارية اليوم الذين قد يكونون عرضة لتحيزات المستثمرين مثل الثقة المفرطة أو التنافر المعرفي، فإن نظام مايند خالٍ من كل العواطف".

هذه هي الضجة، والحقيقة هي أن كلا الصندوقين قد يختلف عن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بشدة؛ فحتى 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، حقق آيك عائدًا إجماليًا تراكميًا بنسبة 63% مقارنةً بإجمالي عائدات مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 108%. أما صندوق مايند، فقد حقق عائدًا إجماليا تراكميا بنسبة 12% مقارنة بـ65% لمؤشر "ستاندرد آند بورز 500″، وذلك قبل إغلاقه في عام 2022.

الذكاء الاصطناعي ”هو أكثر التقنيات التي عملت عليها البشرية عمقا"، حسب سوندار بيتشاي (شترستوك) هل كان أداء الصناديق الحديثة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أفضل؟ لا.

وأوضح الكاتبان أن هناك تحليلًا لم تتم مراجعته بعد رصد جميع صناديق الاستثمار المتداولة والصناديق المشتركة المتاحة للجمهور التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتي تم إطلاقها منذ 18 أكتوبر/تشرين الأول 2017، حيث وجد ذلك التحليل أن هناك 11 صندوقًا تعتمد على الذكاء الاصطناعي بالكامل، أي أن قرارات الاستثمار يتم اتخاذها دون تدخل بشري، ووجد أيضًا 43 صندوقًا تستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل جزئي، أي أنها تسمح بمشاركة الإنسان، مثل صندوق "كرافت" في الولايات المتحدة الأميركية، والذي يستخدم نظام الذكاء الاصطناعي لإبلاغ "اختيار الأسهم" مع احتفاظ المستشارين البشريين "بالسلطة التقديرية الكاملة على قرارات الاستثمار".

وبحسب التحليل، فإن 10 صناديق فقط من بين 43 صندوقًا من صناديق الذكاء الاصطناعي كان أداؤها أفضل من مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" خلال فترة نشاطها، وكان متوسط العائد السنوي لجميع الصناديق الـ43 أسوأ بحوالي خمس نقاط مئوية سنويًا من مؤشر ستاندرد آند بورز 500. وكان الأمر أكثر كارثية بالنسبة للصناديق التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بالكامل.

فقد كان أداء كل الصناديق أسوأ من مؤشر ستاندرد آند بورز 500؛ حيث خسر 6 من أصل 11 صندوقًا أموالهم بالفعل. وبشكل عام، خسرت الصناديق الـ11 التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بالكامل 1.8% سنويًا في المتوسط، في حين أن مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منح المستثمرين متوسط عائد سنوي قدره 7.6%.

وخلال تلك الفترة القصيرة التي نشطت فيها، تم إغلاق 6 من أصل 11 صندوقًا من الصناديق التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بالكامل، و25 من أصل 43 صندوقًا من الصناديق التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي بشكل جزئي.

إن نقطة ضعف أنظمة الذكاء الاصطناعي هي أنه رغم قدرتها المذهلة في العثور على أنماط إحصائية، فإنها لا تملك أي طريقة للحكم على ما إذا كانت الأنماط التي تجدها معقولة أو لا معنى لها.

فإذا كان هناك ارتباط لمدة عام بين أسعار الأسهم اليومية وانخفاض درجات الحرارة في مدينة أنتيلوب بولاية مونتانا (وهو ما حدث بالفعل)، فقد تستخدم الخوارزميات هذا الارتباط الإحصائي لاتخاذ قرارات استثمارية لأنها لا تميز بين درجات الحرارة أو أسعار الأسهم، علاوة على ما إذا كان هناك ارتباط منطقي بين الاثنين.

واختتم الكاتبان التقرير بالقول إنه إلى أن تفهم خوارزميات الذكاء الاصطناعي ما تعنيه الكلمات وكيفية ارتباطها بالعالم الحقيقي، فإنها ستظل غير موثوقة في اتخاذ القرارات المهمة، بما في ذلك -على سبيل المثال لا الحصر- الاستثمار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الذکاء الاصطناعی فی بالذکاء الاصطناعی قرارات الاستثمار صندوق ا

إقرأ أيضاً:

بالذكاء الاصطناعي.. سخرية صينية من الأمريكيين بسبب رسوم ترامب الجمركية (شاهد)

لجأت وسائل إعلام صينية إلى الذكاء الاصطناعي، للسخرية من الأمريكيين، وما سيحدث لهم بسبب سياسات الرئيس دونالد ترامب الاقتصادية ورسومه الجمركية.

وبدا أمريكيون في مقطع فيديو، بأوزان مرتفعة، وهم يعملون في مهن شاقة بمصانع إنتاج الملابس والهواتف.

ويظهر في أحد المقاطع عبارة "لنجعل أمريكا عظيمة مجددا" في نهاية المشهد، بينما يؤدي "العمال الأمريكيون" مهام شاقة داخل بيئة عمل صعبة، في إشارة تهكمية لسياسة "أمريكا أولا" التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وباتت الردود الساخرة جزءا من أدوات الصين الإعلامية، حيث حمل الفيديو رسائل رمزية متعددة حول نمط الحياة الأمريكي، والاعتماد الكبير على العمالة الخارجية، وواقع الصناعات الأمريكية في حال تفكك سلاسل الإمداد العالمية.

وكان ترامب قرر إيقاف الرسوم الجمركية، لفترة قصيرة تمتد نحو 90 يوما، على الدول التي لم تقم بإجراءات انتقامية ضد القرار.

وقال ترامب: "هناك أكثر من 75 دولة تريد التوصل لاتفاقات تجارية معنا"، و"أعتقد أنه بإمكاننا التوصل إلى اتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي والصين".

وأعلن أن نسبة التعرفة المتبادلة التي ستُطبق على الدول خلال فترة الـ90 يوما ستكون 10 بالمئة فقط.


إلا أن ترامب هاجم الصين بشدة، ووصفها بأنها أكثر دولة أساءت للولايات المتحدة عبر التاريخ، وقرر معاقبتها بفرض رسوم جمركية إضافية عليها لتصل إلى إجمالي 120 بالمئة.

وقال ترامب إن قرار رفع الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الواردة من الصين إلى 125 بالمئة، سيدخل حيز التنفيذ فورا.

جاء ذلك في ظل تصاعد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، حيث أعلنت الأخيرة اليوم، عن رفع الرسوم الجمركية على الواردات الأمريكية إلى 84 بالمئة ردا على خطوة مماثلة من واشنطن برفع الرسوم على الواردات الصينية إلى 104 بالمئة.

وقال ترامب عبر حسابه على منصة "تروث سوشيال": "آمل أن تُدرك الصين قريبا أن زمن استغلالها للولايات المتحدة ودول أخرى لم يعد مقبولا".

وفي 2 نيسان/ أبريل الجاري فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما جمركية على الواردات الصينية بنسبة 34 بالمئة، بخلاف 20 بالمئة سابقة فرضها الشهرين الفائتين، ما دفع بكين للرد بالمثل وفرض نفس النسبة (34 بالمئة) على الصادرات الأمريكية.

وعليه فقد ردت واشنطن بفرض 50 بالمئة أخرى لترتفع النسبة إلى 104 بالمئة، أمس الثلاثاء، لتقابلها بكين برفع نسبة الرسوم على البضائع الأمريكية من 34 إلى 84 بالمئة، ليرد ترامب مساء الأربعاء برفعها إلى 125 بالمئة.

إلى ذلك، انتقدت الصين تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس حول "الفلاحين الصينيين" في مقابلة أثارت غضبا وسخرية واسعين، ومقارنات مع وصف فانس نفسه بأنه "فلاح ريفي".

في حديثه مع شبكة "فوكس نيوز"، الخميس، دافع فانس عن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على شركاء واشنطن التجاريين، وانتقد بشدة "الاقتصاد العالمي".

وقال: "ما الذي جلبه الاقتصاد العالمي للولايات المتحدة الأمريكية؟ والجواب، في جوهره، هو أنه يقوم على مبدأين: تكبد ديون طائلة لشراء منتجات تصنعها دول أخرى لنا".

وأضاف: "وللتوضيح أكثر، نقترض المال من الفلاحين الصينيين لشراء المنتجات التي يصنعها هؤلاء الفلاحون".

وفي المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، عند سؤاله عن تصريحات فانس في مؤتمر صحفي: "من المدهش والمؤسف سماع نائب الرئيس هذا يدلي بمثل هذه التصريحات الجاهلة وغير المحترمة".

التعرفات الجمركية الأمريكية الضخمة ضد دول العالم هدفها دفع المصانع في الولايات المتحدة إلى توظيف الأمريكان فيها.

الصينيون بدورهم أنتجوا هذا المقطع الساخر عبر الذكاء الاصطناعي وفيه أمريكان يعملون في مصانع بوظائف دُنيا مع عبارة (لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً).pic.twitter.com/7ceWEcCgGs — إياد الحمود (@Eyaaaad) April 8, 2025

مقالات مشابهة

  • قاضية تنفعل على متهم قدم اعتراضه للمحكمة بالذكاء الاصطناعي .. فيديو
  • ولادة أول طفل بتقنية التخصيب الآلي بالكامل بالذكاء الاصطناعي
  • بالذكاء الاصطناعي.. سخرية صينية من الأمريكيين بسبب رسوم ترامب الجمركية (شاهد)
  • OpenAI تطور هاتفا بلا شاشة يعمل بالذكاء الاصطناعي
  • منصة WrPro الممتازة والأعلى تقييمًا من المتداولين العالميين.. تقنية التداول بالذكاء الاصطناعي هي المستقبل
  • الجسر البحري المدعوم بـالذكاء الاصطناعي:حاجة ملحة أم مجرّد فكرة؟
  • Xanthorox AI |ظهور أداة قرصنة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تهدّد بتجاوز WormGPT وEvilGPT
  • إطلاق مدينة مستدامة مدعّمة بالذكاء الاصطناعي في أبوظبي
  • مسؤول سابق في أبل يطور جهاز جديد مُدعّم بالذكاء الاصطناعي
  • "سامسونج" تُطلق سلسلة هواتف جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي في عُمان