28 أغسطس، 2024

بغداد/المسلة: شهد العراق في الآونة الأخيرة جدلاً واسعاً حول “قانون العفو العام” المزمع التصويت عليه في البرلمان العراقي.

وينقسم الشارع السياسي بين مؤيد ومعارض لهذا القانون، الذي يُعدّ من أهم الملفات المطروحة ضمن إطار الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية في عام 2022.

وكان هذا القانون من أبرز المطالب التي طرحتها القوى السنية، إذ ترى فيه فرصة لتحقيق الاستقرار والعدالة في البلاد.

خلفية قانون العفو العام

وصدر قانون العفو العام في العراق لأول مرة عام 2016 كجزء من جهود الحكومة لتحقيق المصالحة الوطنية. يهدف هذا القانون إلى الإفراج عن بعض السجناء الذين ارتكبوا جرائم معينة، باستثناء الجرائم الكبرى كالقتل والإرهاب. ولكن، في السنوات التي تلت إصدار القانون، ظهرت مطالبات بإدخال تعديلات عليه لتوسيع نطاق العفو ليشمل محكومين في قضايا مرتبطة بالإرهاب.

مطالبات القوى السنية

القوى السنية تطالب بأن يشمل “قانون العفو العام” الجديد محكومين في قضايا إرهاب، خاصة أولئك الذين ألقي القبض عليهم استناداً إلى بلاغات من “مخبرين سريين”. ويستند هذا الطلب إلى الاعتقاد بأن العديد من المحكومين في قضايا الإرهاب تم اعتقالهم بناءً على معلومات غير موثوقة أو مزيفة قُدّمت من قبل مخبرين سريين لديهم دوافع شخصية أو سياسية.

وفي هذا السياق، تشير المادة 47 من “قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي” النافذ إلى أن “المخبر في الجرائم الماسة بأمن الدولة وجرائم التخريب الاقتصاديّ وغيرها، يمتلك حق عدم الكشف عن هويته وعدم اعتباره شاهداً”. هذه المادة كانت موضوع جدل كبير، حيث يستخدمها البعض لتبرير الإفراج عن المحكومين بناءً على شهادات مخبرين مجهولين.

معارضة القوى الشيعية

في المقابل، تعارض القوى الشيعية، ومنها ائتلاف دولة القانون، إدخال أي تعديلات على “قانون العفو العام” لتشمل المتهمين بقضايا الإرهاب. ويعتبر رئيس ائتلاف دولة القانون أن “لا وجود لشيء اسمه (المخبر السري)، إلا بقدر من يخبر القضاء بقضية ومعلومة، لكنه لا يريد الإخبار عن نفسه خوفاً من القتل”.

وهذا يعكس قناعة بأن الإفراج عن هؤلاء المحكومين قد يتسبب في زعزعة الأمن وعودة التفجيرات، مما يشكل تهديداً كبيراً للاستقرار في العراق.

مخاوف أمنية واجتماعية

تُبرز المخاوف من إطلاق سراح المدانين في قضايا الإرهاب كأحد أهم أسباب رفض التعديلات على قانون العفو العام. فهناك قلق من أن يؤدي الإفراج عن هؤلاء إلى عودة بعضهم للانخراط في الأنشطة الإرهابية، مما يشكل تهديداً للأمن الوطني. و

وتشير وزارة العدل العراقية إلى أن عدد المحكومين بقضايا الإرهاب يزيد على (50) ألف سجين، وهو رقم كبير يثير القلق حول تبعات إطلاق سراح هذا العدد الكبير من السجناء.

الحكومة وتعديل القانون
في برنامجها، أشارت الحكومة الحالية إلى ضرورة إقرار تعديل “قانون العفو العام”، إلا أن الخلافات العميقة بين الكتل السياسية جعلت من الصعب التوصل إلى اتفاق حول طبيعة التعديلات. بينما تطالب القوى السنية بتوسيع نطاق العفو ليشمل المحكومين بقضايا الإرهاب، تفضل القوى الشيعية الحفاظ على الوضع القائم أو على الأقل عدم شمول الجرائم الكبرى التي ارتكبها الإرهابيون بالعفو.

و يتضح من هذه الخلافات أن قضية “قانون العفو العام” ليست مجرد ملف قانوني بل هي قضية سياسية وأمنية بامتياز، تتقاطع فيها المصالح والتصورات المختلفة للعدالة والاستقرار في العراق، وبينما ترى القوى السنية أن العفو العام يساهم في الاستقرار ويحقق العدالة، ترى القوى الشيعية في تعديله تهديداً للأمن الوطني.

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

كلمات دلالية: قانون العفو العام قضایا الإرهاب القوى الشیعیة القوى السنیة الإفراج عن فی قضایا

إقرأ أيضاً:

“مركز دبي المالي العالمي” يعدل تطبيق القوانين المدنية والتجارية وتشريعات الملكية العقارية

دخلت التعديلات التي أصدرها مركز دبي المالي العالمي على قانونه بشأن تطبيق القوانين المدنية والتجارية في المركز “قانون التطبيق” حيز التنفيذ.
توفر التعديلات التي صدرت في 14 نوفمبر الجاري اليقين القانوني بشأن مصدر قانون مركز دبي المالي العالمي وكيفية تفسيره. بالإضافة إلى ذلك، تم إجراء بعض التعديلات على قانون الملكية العقارية واللوائح التنظيمية للملكية العقارية في مركز دبي المالي العالمي.
وأوضح جاك فيسر، الرئيس التنفيذي للشؤون القانونية في مركز دبي المالي العالمي أن هذه التعديلات الرئيسية على قانون مركز دبي المالي العالمي بشأن تطبيق القوانين المدنية والتجارية تسهم في تعزيز مكانته بوصفه سلطة قضائية دولية تعتمد القانون العام والمركز المالي الرائد في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا.
وأضاف أن هذه التعديلات تؤكد أن قوانين مركز دبي المالي العالمي مُلحقة بالإشارة إلى القانون الإنجليزي العام وقوانين السلطات القضائية الأخرى التي تعتمد القانون العام وتوفر هذه التعديلات المهمة تأكيداً قانونياً للممارسين والمحاكم فيما يتعلق بمصدر القانون في مركز دبي المالي العالمي والطريقة التي يمكن بها تفسير تشريعات المركز.
و منذ إنشاء مركز دبي المالي العالمي، كان من المفهوم لدى الممارسين أن قوانينه مُلحقة أو “مدعومة” بالقانون العام، وترى سلطة مركز دبي المالي العالمي أنه من الضروري توفير اليقين القانوني فيما يتعلق بمصدر وتفسير قانون المركز لاسيما وأن المركز غالباً ما ينظر إلى أفضل الممارسات العالمية على أساس أوسع بكثير من مجرد القانون التشريعي الإنجليزي ومن هنا جاءت التعديلات المقترحة.
ولمعالجة قضية مصدر القانون، وبعد التشاور العام، تمت إضافة المادة الجديدة “8أ” إلى قانون التطبيق، وهذا يؤكد أن قانون مركز دبي المالي العالمي يجب تحديده أولاً بالإشارة إلى النظام الأساسي لمركز دبي المالي العالمي، وأحكام محكمته التي تفسر وتطبق النظام الأساسي للمركز.

وبعد ذلك، ونظراً لأن قانون مركز دبي المالي العالمي ليس من المقصود أن يكون تشريعياً بحتاً، تنص المادة “8أ” على أن النظام الأساسي لمركز دبي المالي العالمي مكمل بالقانون العام بما في ذلك مبادئ وقواعد الإنصاف، ويجوز لمحاكم مركز دبي المالي العالمي في تحديد القانون العام لمركز دبي المالي العالمي الرجوع إلى القانون العام لإنجلترا وويلز وغيرها من السلطات وجهات الاختصاص القضائية التي تطبق القانون العام.
وتم تعديل النسخة التي تم إقرارها من المادة “8أ” من اقتراح التشاور، الذي أشار إلى استيراد مبادئ القانون العام المحددة وأسباب الدعاوى والدفاعات والجزاءات، حيثما كان ذلك مناسباً، إلى قانون مركز دبي المالي العالمي.
وتوضح هذه التغييرات أن محاكم مركز دبي المالي العالمي، مثل أي محاكم رائدة في القانون العام، لديها السلطة للنظر في الفقه المقارن من خلال مجموعة متنوعة من السلطات القضائية في تطوير أو تعديل قواعد القانون العام ومبادئ الإنصاف على أساس كل حالة على حدة، لكنها لا تتمتع بصلاحيات تشريعية واسعة أو صنع سياسات.
وتؤكد المادة “8ب” الجديدة من قانون التطبيق أن تفسير قانون مركز دبي المالي العالمي يجوز أن يسترشد بالمبادئ التي تم تطويرها فيما يتعلق بالقوانين المماثلة في سلطات قضائية راسخة تطبق القانون العام.
بالإضافة إلى ذلك، إذا كان قانون مركز دبي المالي العالمي قائماً على قانون نموذجي دولي، يجوز أن يُسترشد في تفسيره أيضاً بالفقه الدولي الذي يفسر ويطبق القانون النموذجي الدولي، بالإضافة إلى المساعدات التفسيرية والتعليقات التي تنشرها الهيئات الدولية فيما يتعلق بالقانون النموذجي الدولي.
وتهدف التعديلات إلى ضمان استمرار بقاء القانون الإنجليزي العام، والتطورات في السلطات القضائية الأخرى الراسخة التي تطبق القانون العام، سمة أساسية للنظام القانوني في مركز دبي المالي العالمي.
وفرض مركز دبي المالي العالمي رسوم تسجيل العقار بنسبة 0.25% من قيمة العقار الذي يقوم المشتري بتسجيله، ويتماشى هذا مع الممارسات المحلية الحالية وسيغطي الإدارة المطلوبة من مكتب مسجل الملكية العقارية لمراجعة المستندات وإتمام إجراءات التسجيل.
بالإضافة إلى ذلك، قام مركز دبي المالي العالمي بتمديد فترة تسجيل مبيعات الوحدات على الخريطة من 30 يوماً إلى 60 يوماً، وذلك لاستيعاب الجدول الزمني لعمليات شراء الوحدات على الخريطة بشكل أفضل، من مرحلة الإطلاق إلى إعداد الاتفاقية النهائية للبيع على الخريطة.
ويوفر التمديد لمشتري الوحدات على الخريطة مزيداً من الوقت لتسجيل مثل هذه المعاملات ودفع رسوم نقل الملكية الحرة.
وتهدف هذه التعديلات إلى تعزيز الإطار التنظيمي داخل مركز دبي المالي العالمي، بما يتماشى مع أفضل الممارسات.وام


مقالات مشابهة

  • "دبي المالي" يعدل تطبيق القوانين المدنية والتجارية وتشريعات الملكية العقارية
  • “مركز دبي المالي العالمي” يعدل تطبيق القوانين المدنية والتجارية وتشريعات الملكية العقارية
  • "عدالة": أبعاد قانون قطع مخصصات الأطفال الأسرى عنصرية مُمأسسة
  • الحكومة الأردنية تقر مشروع قانون الموازنة العامَّة للعام 2025
  • التايمز: إيران "المكشوفة" تخشى الانتقام من إسرائيل
  • أخنوش يترأس اجتماعا لتفعيل قانون العقوبات البديلة
  • اجتماع حكومي يناقش إشكالات تعترض تطبيق قانون العقوبات البديلة الجديد
  • نائب:اعتراضات واسعة على قانون العفو العام
  • النائب أحمد عاشور: مشروع قانون العمل عالج كافة مشكلات العمال
  • نائب إطاري:قانون العفو العام لن يكون على “قياس” مطالب السنّة