في الثامن من أغسطس/آب الحالي، عادت "فيكتوريا نولاند"(1) المبعوثة الأميركية المخضرمة بـ"خُفي حنين" من لقائها بالقادة العسكريين الذين استولوا على السلطة في النيجر يوم 26 يوليو/تموز المنصرم، فبعد أكثر من ساعتين من المفاوضات لم تتمكن المبعوثة الأميركية من انتزاع أي موافقة على عروض قدَّمتها لقادة الانقلاب للخروج من الأزمة واستعادة العلاقة مع الولايات المتحدة التي علقت مساعداتها للبلاد بصحبة دول غربية أخرى.

بعد ساعات قليلة من فشل نولاند في إحراز أي تقدُّم ولو كان رؤية الرئيس المحتجز محمد بازوم، أعلن المجلس العسكري في النيجر أنه لن يستقبل وفد المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) تحت ذريعة عدم تحقيق شروطه الأمنية، وجاء تبرير المجلس العسكري لهذا الرفض بأن السياق الحالي للغضب الشعبي والتمرد بعد العقوبات التي فرضتها "إيكواس" لا يسمح باستقبال الوفد في الظروف المطلوبة من الهدوء والأمن.

لم يكتفِ "الانقلابيون" بهذا وحسب، فغداة انتهاء المهلة التي حددتها إيكواس لإعادة الرئيس المنتخب ديمقراطيا إلى منصبه، عيَّن المجلس العسكري يوم السادس من الشهر الحالي علي الأمين زين رئيسا للوزراء، ليبدو الأمر على أن النيجر، التي كانت حتى الأمس القريب تتبع قبلة الغرب الذي ينعش اقتصادها بالمعونات، ستدخل في مواجهة كبيرة ستعيد ربما ترتيب أوراق المنطقة بشكل جديد على خلفية سلسلة من الانقلابات العسكرية لم يكن ما وقع في النيجر سوى آخر حلقاتها.

"ناتو صغير" في غرب أفريقيا

بالنسبة لسكان النيجر، كان عام 2021 عاما مميزا (2) حظوا فيه لأول مرة برئيس وصل سلميا إلى السلطة (بدون انقلاب عسكري)، هو الرئيس محمد بازوم الذي شهدت في عهده البلاد التي عانت طويلا من ضعف النمو الاقتصادي وتوقف عمل المؤسسات الديمقراطية تحسنا في مجالات هامة كالتعليم والصحة العامة، بل شهد الوضع الأمني الذي كان قد تدهور بسبب التمرد الإسلامي المسلح، الذي أودى بحياة العديد من الناس ووجَّه ضربات قاصمة لبعض أفقر الاقتصادات في العالم في غرب القارة الأفريقية، تحسنا غير مسبوق. (3)

يؤكد هذا الواقع تقرير صدر (4) عن مركز أفريقيا للدراسات الإستراتيجية في فبراير/شباط الماضي، ورد فيه أن الغالبية العظمى -90%- من أحداث العنف التي وقعت العام الماضي والمتعلقة بـ"التطرف الإسلامي" في منطقة الساحل وقعت في مالي وبوركينا فاسو. وبينما تضاعف عدد أحداث العنف في النيجر إلى 214، انخفض عدد الوفيات الناجمة عن أعمال "التطرف" بمقدار النصف تقريبا.

وبعد نحو العامين على هذه الحال، تفاجأ سكان (5) النيجر بامتداد سيل الانقلابات العسكرية في المنطقة إلى بلادهم، حيث سقط القصر الرئاسي في نيامي يوم 26 يوليو/تموز المنصرم في يد مجموعة من الجنود يطلقون على أنفسهم اسم "المجلس الوطني لحماية الوطن" (CNSP)، الذي اعتقل الرئيس بازوم ليحل محله الجنرال الستيني عبد الرحمن تياني. وبينما لا يزال العالم تحت تأثير الصدمة من خامس انقلاب ناجح منذ استقلال البلاد عن فرنسا عام 1960، لفت موقف المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) الحاد من هذا الانقلاب أنظار العالم، إذ لم تكتفِ إيكواس بإدانة الانقلاب، بل سرعان ما اتخذت المجموعة (6) التي تضم 15 دولة إجراءات صارمة للحد من نفوذ المجلس العسكري في النيجر، فأوقفت المعاملات المالية، وجمدت الأصول الوطنية، وأنهت المساعدات، وأغلقت الحدود البرية والجوية بين دول المجموعة والنيجر، كما فرضت حظر سفر على المتمردين.

وبالعودة إلى الوراء، يمكن القول (7) إن ميلاد فكرة إنشاء إطار للتعاون الاقتصادي والسياسي في أفريقيا الغربية وُلدت مباشرة بعد حصول معظم دول هذه المنطقة على استقلالها مطلع الستينيات، لتُنزَّل هذه الفكرة على الواقع عام 1975 عندما أعلنت 15 دولة ميلاد المجموعة الاقتصادية لدول أفريقيا الغربية (إيكواس)، بوصفها إحدى أكبر المجموعات الاقتصادية الإقليمية في أفريقيا.

كان هدف (8) إنشاء هذه الكتلة هو تكوين كيان اقتصادي خالص تمحورت مبادئه حول إنشاء وحدة تجارية واحدة، على غرار سياسات الاتحاد الأوروبي التي تعمل على تعزيز التكامل الاقتصادي في القارة العجوز، بيد أن إيكواس، التي تمتلك بروتوكول دفاع مشترك، سرعان ما أظهرت أنها ستتعامل كمنظمة أمنية أيضا مع أي تهديد ضد الدول الأعضاء، خاصة أن التحالفات الأمنية الأصغر التي تضم بعض بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، مثل مجموعة دول الساحل الخمس (G5) لم تحقق نجاحا يُذكر.

ظهرت إيكواس على مر السنين بوصفها منظمة سياسية وعسكرية تعزز بشكل فعال السلام والأمن أكثر من كونها منظمة اقتصادية، لذا لم يكن من الغريب أن تحشد المنظمة قواتها للتدخل العسكري أكثر من مرة ضد اضطرابات سياسية وعسكرية وقعت داخل الدول الأعضاء، وفي سبيل دعم هذه التحركات، وافقت المجموعة الاقتصادية في العام الماضي على إنشاء قوة إقليمية مشتركة (9). غير أن انقلاب النيجر فاجأ الجميع، فحلَّ ضيفا ثقيلا على مخططات المجموعة، قبل أن تتمكن الدول الأعضاء من تحديد تفاصيل هذه القوة وكيفية تمويلها، إذ كان من المقرر أن يجتمع قادة الأمن الإقليميون لمناقشة هذه النقاط في أواخر عام 2023.

معضلة التدخل

"يجب أن ندافع بحزم عن الديمقراطية. لا حكم وحرية وسيادة قانون بدون ديمقراطية".

بحماس شديد، أطلق الرئيس النيجيري "بولا تينوبو" كلماته تلك خلال الخطاب الذي ألقاه في حفل تعيينه رئيسا للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس). كان ذلك في التاسع من يوليو/تموز المنصرم، حينها كان الرئيس الجديد يدرك جيدا مدى تعطش قادة دول المجموعة لسماع تعهدات حول تعزيز "آليات الردع" ضد قادة الانقلابات المحتملين، كون المنطقة شهدت منذ عام 2020 خمسة انقلابات ناجحة، من بينها ثلاثة وقعت في دول أعضاء في المجموعة هي مالي وبوركينا فاسو وغينيا.

رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو ، الثاني من اليسار ، يقف لالتقاط صورة جماعية مع قادة غرب إفريقيا بعد اجتماع في أبوجا ، نيجيريا ، 30 يوليو 2023. (أسوشيتد برس)

بعد 15 يوما فقط من خطاب تينوبو، وقع انقلاب النيجر الذي عُدَّ أول اختبار حقيقي لتعهداته الخطابية، وفي حين بدا للرئيس المتحمس أن تنفيذ تعهداته أصعب بكثير من إطلاقها، فإنه واصل (10) خطاباته الحماسية لتحفيز قادة الدول الأعضاء على الثقة بمنظمته، فقد صرح خلال القمة الاستثنائية التي عُقدت لبحث الوضع السياسي في النيجر يوم 30 يوليو/تموز المنصرم: "أحدنا (بازوم) محتجز رهينة من قِبل جيشه. هذا اعتداء على كل واحد منا، ويجب أن نتخذ إجراء قويا جدا. أولا، حماية حياة الرئيس بازوم واستعادة الهيئة المنتخبة دستوريا في جمهورية النيجر".

في ظل الإحجام الفعلي والإقدام القولي، اعتبر مراقبون أن تحركات الرئيس النيجيري ما هي إلا محاولة منه لتعزيز مكانته الدولية وتصدير بلاده للقيادة الجيوسياسية في المنطقة بعد أن تراجع دورها خلال العقدين الماضيين. ولكن على الجهة المقابلة، أشار آخرون إلى قلق حقيقي ينتاب دول (11) غرب أفريقيا، التي لا تكاد تهدأ من الانقلابات، من كون نجاح الانقلاب في النيجر من شأنه أن يضعف سمعة المجموعة الاقتصادية بشكل كبير، خاصة إذا انضمت النيجر إلى صفوف الدول التي يحكمها قادة غير دستوريين، مثل بوركينا فاسو وغينيا ومالي. لذلك، بدأت "إيكواس" تتحدث بوضوح عن قرب التدخل العسكري حسب ما أفاد عبد الفتاح موسى مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن في المجموعة الاقتصادية، الذي قال (12) يوم الرابع من أغسطس/آب الحالي إن المنظمة "تناقش كيفية وموعد نشر القوات، وأنها لن تكشف لمدبري الانقلاب متى وأين ستكون الضربة"، بحسب قوله.

تنتعش فرضيات التدخل العسكري لإيكواس بتجارب سابقة، تدخلت فيها المنظمة بالقوة لاستعادة النظام الدستوري بعد أن واجهت دول أعضاء تهديدات مماثلة، وذلك بعد أن تكون المنظمة قد فرضت في بادئ الأمر عقوبات اقتصادية ومالية شديدة لحمل قادة الانقلاب على التراجع، فعلى سبيل المثال نجحت المجموعة في تحقيق الاستقرار في غينيا الاستوائية عقب محاولة الانقلاب التي وقعت (13) في فبراير/شباط 2022، حيث أعادت المجموعة نشر نحو 600 جندي من نيجيريا والسنغال وساحل العاج وغانا في البلاد. وبجانب غينيا الاستوائية، فرضت إيكواس مبدأ القوة في غامبيا أيضا، وكان ذلك عام 2017، عندما رفض الرئيس السابق يحيى جامع التنحي بعد خسارته في الانتخابات، مما دفع المنظمة (14) إلى حشد 7000 عنصر من قواتها بقيادة السنغال على حدود غامبيا، وانتهى الأمر بموافقة جامع على العيش في المنفى بدولة غينيا الاستوائية. ولا يزال نحو 2500 جندي من السنغال وغانا ومالي وتوغو ونيجيريا يشاركون في عمليات حفظ السلام في غامبيا حتى اليوم.

على هذا النحو، تتجه الأنظار الآن (15) إلى نيجيريا التي تتشارك 1,500 كيلومتر من الحدود مع النيجر في حال وقع التدخل العسكري من إيكواس، إذ تمتلك أبوجا أكبر جيش داخل المجموعة قوامه 223 ألف جندي، بالإضافة إلى طائرات مقاتلة حديثة وطائرات هليكوبتر مسلحة، وتحتل نيجيريا (16) مرتبة متقدمة بين أفضل جيش في أفريقيا وفقا لمؤسسة "Global Firepower" التي تصنف القوة العسكرية للجيوش.

لكن رغم هذه التجهيزات العسكرية القوية، لا يزال الرئيس النيجيري "تينوبو" مترددا في إرسال قواته إلى النيجر، وذلك لأسباب واضحة هي اتساع مساحة البلاد، والعدد الكبير لقوات جيشها الذي يصعّب أي تدخل عسكري، إذ تُعَدُّ النيجر (17) هي الأكبر جغرافيا في غرب أفريقيا، فهي على عكس غامبيا (18) التي هي أصغر دولة في المنطقة ولديها أصغر جيش في غرب أفريقيا. وبجانب هذه العوامل، تواجه نيجيريا التي تتزعم الإيكواس عدة تحديات أمنية في الداخل، من جهة يقاتل الجيش النيجيري حركة "بوكو حرام" المتشددة، ومن جهة أخرى تحاول القوى الأمنية المحلية وضع حد لقُطّاع الطرق المسلحين الذين يديرون عمليات في 30 من أصل 36 ولاية في نيجيريا. كما يواجه الرئيس النيجيري تينوبو حملات قوية من المعارضة، التي تتهمه بسوء استعمال القوانين الانتخابية، وتزعم عدم أهليته للترشح لولاية جديدة.

بالإضافة إلى ذلك، ورغم احتمالية أن تميل تشاد التي تمتلك أيضا جيشا قويا (19) وكذلك السنغال إلى التدخل إلى جانب نيجيريا لأسباب أمنية، يؤدي (20) عدم وجود تآزر بين أعضاء المجموعة إلى تعقيد استجابة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، فبينما اكتفت دول من المجموعة بالقول إنها لن تدعم استخدام القوة في النيجر، مثل الجزائر وموريتانيا، أكدت (21) دول أخرى استعدادها للوقوف مع قادة الانقلاب في النيجر عسكريا مثل مالي وبوركينا فاسو اللتين يتم تسييرهما من طرف مجالس عسكرية وصلت للحكم عبر انقلابات وقعت خلال العامين الماضيين، إذ اعتبرت الدولتان أن أي تدخل عسكري في النيجر سيكون بمنزلة "إعلان حرب". وتجتمع مالي وبوركينا فاسو مع النيجر في نقاط عديدة، أبرزها معاداة الوجود الفرنسي، ومواجهة مخاطر أمنية من الجماعات الإسلامية المسلحة مثل تنظيم القاعدة وبوكو حرام.

تدخل عسكري دقيق أعضاء المجلس العسكري الذي قام بانقلاب في النيجر، وأنصار الانقلاب في النيجر الذين هتفوا بالشعارات المناهضة لفرنسا والمؤيدة للانقلاب، رافعين رايات وأعلام روسيا. (Anadolu)

في الثالث من أغسطس/آب الحالي، خرجت (22) مجموعة من أنصار الانقلاب في النيجر للتظاهر في ذكرى استقلال البلاد عن فرنسا، حيث التف الجمع حول الميدان الواقع وسط العاصمة نيامي، وهتفوا بالشعارات المناهضة لفرنسا والمؤيدة للانقلاب ضد الرئيس محمد بازوم، رافعين رايات وأعلام روسيا. في هذه الأثناء، كان قائد الانقلاب الجنرال عبد الرحمن تياني يُلقي خطابا يتوعد به القوى الإقليمية التي هددت بالتدخل العسكري تحت جناح الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا حال تنفيذ تهديداتها.

لم يكتفِ تياني بالتحذير من مغبة التدخل العسكري، فمضى نحو الاستعانة بالمجموعة العسكرية الروسية فاغنر الموجودة في مالي المجاورة إثر انسحاب فرنسا، مخافة عدم قدرة جيشه على الصمود طويلا أمام جيوش مجموعة "إيكواس". كما يتوجس قائد الانقلاب العسكري من الشعبية التي ما زال يحظى بها الرئيس بازوم محليا، سواء بين المواطنين أو من فصائل معينة داخل الجيش، وهذا من شأنه أن يأتي لصالح رغبة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بالتدخل.

ووفقا لتقرير موقع "ستراتفور" (Stratfor) الأميركي (23)، فرغم انحياز القوات المسلحة النيجيرية إلى الحرس الرئاسي في الأيام التي أعقبت إعلان الانقلاب، فإن درجة توحيد الجيش خلف المجلس العسكري الجديد لا تزال غير واضحة. وهذا يعني أن فصائل الجيش في البلاد لا تزال قادرة على دعم بازوم، مما سيسهل تدخل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ليس فقط من خلال تقليل عدد القوات الخارجية اللازمة للإطاحة بالمجلس العسكري بالقوة، ولكن أيضا من خلال التخفيف من مخاطر المقاومة الشعبية للتدخل الخارجي.

في غضون ذلك، يدعم الموقف الدولي الذي يرفض الانقلاب (في معظمه) استعداد الكتلة للتدخل بالقوة، فالنيجر التي تمتلك جيشا يتمتع بالخبرة في محاربة الجماعات المسلحة (24) تُعَدُّ واحدة من أهم الدول التي تتعاون مع الولايات المتحدة ودول غربية في عمليات مكافحة الإرهاب، وبينما يتمركز (25) نحو 1000-1500 جندي فرنسي في العاصمة نيامي، حيث يساعدون القوات المسلحة النيجيرية في التدريب ودعم المعدات ومهام مكافحة الإرهاب، تمتلك الولايات المتحدة أيضا نحو 1100 جندي في النيجر يعملون من قاعدتين عسكريتين في البلاد.

يمكن إذن لواشنطن وباريس أن تقدما دعما ماليا وتقنيا وخدمات لوجستية للمجموعة الأفريقية، خاصة أن الولايات المتحدة وفرنسا كانتا ملتزمتين حتى الأمس القريب بدعم النيجر، وقد زودت (26) الحكومة الأميركية النيجر بنحو 101 مليون دولار من المساعدات (بالإضافة إلى 150 مليون دولار من المساعدات الإقليمية) في السنة المالية 2022، حسب ما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية في مارس/آذار الماضي.

يمتلك المجتمع الدولي إذن، والغرب تحديدا إن توخينا الدقة، ما يكفي من الدوافع لمساعدة المجموعة الأفريقية في إجراءاتها، فهو معني بدرجة كبيرة بعدم إعطاء المزيد من حرية الحركة للجماعات المسلحة للتوسع في المنطقة، والأهم من ذلك، تخشى واشنطن وباريس من أن يسمح الوضع الأمني في النيجر بميلاد منطقة نفوذ جديدة تدور في فلك روسيا، حيث يعمل الروس على تعزيز نفوذهم في منطقة الساحل التي شهدت سلسلة انقلابات عسكرية أتت بحكومات ابتعدت (27) عن الغرب وتحالفت مع موسكو، كما حدث في بوركينا فاسو ومالي.

ومع ذلك، من غير المحتمل أن تتدخل الولايات المتحدة وفرنسا مباشرة على أرض النيجر، إذ قد تؤدي مثل هذه المشاركة إلى دعم أكبر لقادة الانقلاب في النيجر بسبب تفاقم المشاعر المعادية للفرنسيين في جميع أنحاء المنطقة. علاوة على ذلك، فإن الدعم الفرنسي لتدخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في النيجر يمكن أن يجعل قادة غرب أفريقيا أكثر حذرا من دعم الإجراء، بسبب القلق من الأعمال الانتقامية في الداخل نكاية في باريس.

مع انقضاء مهلة الإنذار النهائي للإيكواس بالتدخل المسلح، تُطرح مجموعة من الاحتمالات (28) المتوقعة في المرحلة القريبة المقبلة، منها إعلان الإيكواس عن تمديد الموعد النهائي، مع حفظ ماء الوجه بالقول إن الجهود الدبلوماسية أحرزت تقدما وهناك حاجة إلى المزيد من الوقت (29)، وهو ما مهد له الرئيس النيجيري بولا تينوبو الذي قال إنه يعتقد أن "الدبلوماسية هي أفضل طريقة للمُضي قُدما لحل الأزمة في النيجر"، وهو ما سيؤكده "أجوري نجيلالي" المتحدث باسم الرئيس النيجيري الذي قال إن الدول الأعضاء يفضلون قرارا يُتوصَّل إليه بالوسائل الدبلوماسية والوسائل السلمية وليس أي قرار آخر.

كما يُعَدُّ الاتفاق على جدول زمني للانتقال احتمالا آخر واردا، بحيث يمكن للمجلس العسكري في البلاد والمجموعة الاقتصادية الاتفاق على جدول زمني للعودة إلى الحكم الديمقراطي. لكن في حال إغلاق نافذة الحل السلمي والدبلوماسي (كما هو واضح حتى الآن)، يظل الاحتمال الأقوى هو التدخل العسكري، حيث تدرك إيكواس أنها ستفقد الكثير من المصداقية إذا لم تتعامل مع الانقلاب العسكري في النيجر.

في نهاية المطاف، يمكن القول إن التدخل المسلح لن يكون سهلا، وإن احتمال فشله يفوق بكثير أي مكاسب متوقعة، حيث قد يقود هذا التدخل المنطقة إلى دوامة من العنف الدموي الخطير وهي التي تعاني من مشكلات اقتصادية جمة، وهشاشة اجتماعية وأمنية، دون نسيان احتمالية تدخل المرتزقة الروس، والأهم غياب الشرعية الكاملة لتدخل المجموعة الاقتصادية بين مواطني النيجر، الذين تدعم نسبة منهم الانقلاب وتتحفظ على علاقات الرئيس بازوم مع الغرب. وبناء على ذلك، ربما يكون الخيار الأفضل أمام المجموعة الاقتصادية هو إعطاء الوقت لترسيخ جهود الوساطة الجارية، لعل وعسى أن يُستَردَّ ما أُخذ بالسلاح بيد الدبلوماسية السلمية ولو بعد حين.

____________________________

المصادر:

(1) Niger junta says it cannot welcome West African delegation (2) Military intervention in Niger is ‘last resort’, says west African (3) Niger’s coup and the international community’s opposition, explained (4) Military Intervention in Niger Is Bound to Fail (5) Fatalities from Militant Islamist Violence in Africa Surge by Nearly 50 Percent (6) ECOWAS gives Niger junta one week to cede power, threatens use of force (7) Niger Coup: ECOWAS demands junta cede power in 7 days (8) ECOWAS: A West African work in progress (9) Niger’s Coup Is West Africa’s Biggest Challenge Yet (10) West African leaders agree to create regional force (11) ECOWAS imposes immediate sanctions on Niger coup leaders (12) Niger Coup: ECOWAS, FG seek international help restoring democracy (13) هل تستطيع ايكواس التدخل عسكريا ضد قادة انقلاب النيجر؟ (14) Guinea-Bissau: Coup attempt fails after gunfire in capital (15) المصدر السابق (16) Niger: How might an ECOWAS military intervention unfold? (17) What would West African bloc’s threat to use force to restore democracy in Niger look like? (18) Niger coup: Three scenarios for what next (19) المصدر سابق (20) Niger’s Coup Is West Africa’s Biggest Challenge Yet (21) Gauging the Likelihood of a Post-Coup ECOWAS Intervention in Niger (20) المصدر السابق. (22) Nigeria-led regional bloc ready to flex its muscle in Niger (23) المصدر سابق (24) زعماء إيكواس يلوحون بتدخل عسكري ضد قادة الانقلاب في النيجر (25) Niger’s Coup Is West Africa’s Biggest Challenge Yet (26) المصدر سابق. (27) West African Nations Threaten Military Action Unless Niger Coup Is Undone (28) المصدر سابق (29) Niger junta says it cannot welcome West African delegation

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المجموعة الاقتصادیة لدول غرب أفریقیا الانقلاب فی النیجر مالی وبورکینا فاسو الولایات المتحدة الرئیس النیجیری عسکری فی النیجر المجلس العسکری التدخل العسکری انقلاب النیجر قادة الانقلاب الدول الأعضاء الرئیس بازوم العسکری فی تدخل عسکری فی المنطقة فی البلاد فی غرب

إقرأ أيضاً:

ما هي خسائر فلسطين وإسرائيل الاقتصادية بعد عام على حرب غزة؟

بعد عام تقريباً من الحرب في قطاع غزة، تعرض الاقتصاد الفلسطيني والإسرائيلي لصدمات عنيفة لم يشهدها طيلة العقد الماضي، جراء الحرب المستمرة على مدار 365 يوماً، بعد هجمات حركة حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على عدد من المدن الإسرائيلية.

ويرى مراقبون أن الاقتصاد الإسرائيلي تعرض لموجات عنيفة رغم الدعم الأمريكي والغربي طوال فترة الحرب، في الوقت الذي لم يتلق فيه الاقتصاد الفلسطيني هذا الكم من الدعم، ويحتاج قطاع غزة مليارات الدولارات لإعادة الإعمار.. فماذا فعلت الحرب في الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي؟.    دمار اقتصادي  كشفت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" في تقرير لها أن الحرب في غزة وضعت اقتصاد القطاع في حالة خراب، وخلفت وراءها دماراً اقتصادياً في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، مدفوعاً بالتضخم، وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وانهيار الدخول، والقيود المالية التي شلّت قدرة الحكومة الفلسطينية على العمل.   وأكدت "الأونتكاد" أن حجم الدمار الاقتصادي المذهل والانحدار غير المسبوق في النشاط الاقتصادي، تجاوز بكثير تأثير جميع المواجهات العسكرية السابقة في القطاع منذ عام 2008.   وقالت إن الناتج المحلي الإجمالي لغزة انخفض بنسبة 81% في الربع الأخير من عام 2023، مما أدى إلى انكماش بنسبة 22% للعام بأكمله، وبحلول منتصف عام 2024 انكمش اقتصاد غزة إلى أقل من سُدس مستواه في 2022.   وأشار التقرير إلى أن ما بين 80 و96% من الأصول الزراعية في القطاع ــ بما في ذلك أنظمة الري ومزارع الماشية والبساتين والآلات ومرافق التخزين ــ قد تضررت، مما أدى إلى شل القدرة على إنتاج الغذاء، وتفاقم مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة بالفعل.    وبالإضافة إلى ذلك، أكد التقرير أن 82% من الشركات في غزة، التي تشكل محركاً رئيسيا للاقتصاد، قد دمرت، في حين يستمر الضرر الذي يلحق بالقاعدة الإنتاجية وسط العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة.   وبالتوازي مع ذلك، تمر الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، بتدهور اقتصادي سريع ومثير للقلق، حيث أشار التقرير إلى أن 80% من الشركات في القدس الشرقية توقفت عن العمل جزئياً أو كلياً.

The World Bank says the Hamas-#Israel war caused up to $190 million in economic losses in #Gaza, a territory where unemployment already hovered around 50 percent. #Palestinehttps://t.co/QCMkP2VhY9

— Al Arabiya English (@AlArabiya_Eng) July 9, 2021 فقدان آلاف الوظائف  فُقدت تقريباً 70% الوظائف، والتي تقدر بنصف مليون وظيفة، التي كانت موجودة قبل الحرب في غزة، وذلك بحلول يناير (كانون الثاني) من هذا العام، مما دفع عملياً جميع سكان القطاع تقريباً إلى الفقر، حيث كان 80% منهم يعتمدون على المساعدات الدولية حتى قبل الحرب.    ووفقاً للتقرير، فإن ما يزيد من تفاقم هذا الوضع هو الضغوط الهائلة على الاستقرار المالي للحكومة الفلسطينية. ففي عام 2023، انخفض دعم المانحين الدوليين إلى أدنى مستوياته عند 358 مليون دولار، مقارنة بملياري دولار في عام 2008.    ومنذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تصاعدت عمليات خصم الإيرادات وحجبها من قبل إسرائيل لتتجاوز 1.4 مليار دولار بين عامي 2019 وأبريل(نيسان) 2024. وأعاقت هذه التحديات المالية قدرة الحكومة على دفع رواتب الموظفين، وخدمة الديون، والحفاظ على الخدمات العامة الحيوية، مثل الرعاية الصحية والتعليم.   ولا يزال الاقتصاد الفلسطيني يواجه صدمة كبرى في عام 2024. ومع ضبابية المشهد وعدم اليقين بشأن آفاق عام 2024، من المتوقع حدوث انكماش اقتصادي آخر يتراوح بين 6.5% و9.6%.   وشددت الأونكتاد على أن الاحتلال المطول يظل العقبة الرئيسية أمام التنمية المستدامة، بسبب القيود المستمرة على الاستثمار وتنقل العمالة والتجارة، والتي أدت بشكل منهجي إلى تقويض الإمكانات الاقتصادية، وتفاقم الفقر وعدم الاستقرار.   وعن الواقع التعليمي بغزة في ظل الحرب، كشف تقرير حديث أن أكثر من 800 ألف طالب وطالبة حرموا من التعليم بسبب قيام إسرائيل بتدمير 117 مدرسة وجامعة بشكل كلي، وتدمير 332 مدرسة وجامعة بشكل جزئي"، وأن إسرائيل تَعمّدت تدمير 70 بئراً للمياه وإخراجها عن الخدمة بشكل كامل، حتى بات الحصول على المياه في قطاع غزة مسألة كبيرة وصعبة للغاية.   ماذا خسرت إسرائيل؟ في بداية عام 2024 عمدت الحكومة الإسرائيلية إلى توسيع الإطار العام للموازنة لتبلغ قيمتها 157.8 مليار دولار، بإضافة 27 مليار دولار لتغطية تكلفة الحرب التي بدأت في عام 2023، وارتفعت ميزانية الدفاع إلى 31.6 مليار دولار، بزيادة 14.8 مليار دولار عن الميزانية الأصلية، بحسب تقرير الإنفاق العسكري العالمي الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث   وأشارت التقديرات الصادرة عن بنك إسرائيل إلى أن الحرب على جبهتي غزة ولبنان ستكلف إسرائيل قرابة 81 مليار دولار حتى نهاية عام 2024، ومع استمرار الحرب يواصل العجز في الموازنة العامة الارتفاع، حيث ارتفع العجز المتراكم خلال الربع الأول من العام الجاري بنحو 0.6%، وهو مستمر في الارتفاع.   ويشكل العجز الآن نحو 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي، أي نحو 31.6 مليار دولار، بحسب ما أعلن ديوان المحاسبة العامة في وزارة المالية الإسرائيلية.   وفي الربع الأول من العام الحالي بلغت قيمة العجز بالموازنة العامة 7.1 مليارات دولار، وقدرت نفقات خزينة الدولة بنحو 39.7 مليار دولار، بارتفاع نسبته 38% عن حجم النفقات في الفترة المقابلة من العام الماضي.   أما الخسائر والأضرار التي تكبدتها مستوطنات "غلاف غزة" على مستوى المنازل والبنى التحتية والمراكز والمؤسسات العامة، فتقدر بنحو 5.2 مليارات دولار، بموجب الخطة الحكومية لإعادة تأهيل وترميم مستوطنات الغلاف.

By hysterically throwing tears gas bombs and sound grenades everywhere, not only do the lsraeli occupation forces cause economic losses, but also contribute greatly to an environmental pollution in the occupied West Bank. pic.twitter.com/L0JriXgrRj

— TIMES OF GAZA (@Timesofgaza) August 12, 2024 فقدان الوظائف  واستدعى الجيش الإسرائيلي أكثر من 300 ألف إسرائيلي للخدمة ضمن قوات الاحتياط، حيث كلف الاقتصاد الإسرائيلي شهرياً خسائر بقيمة 1.35 مليار دولار نتيجة فقدان القوى العاملة، وبلغت قيمة الأضرار المباشرة للمصالح التجارية 1.62 مليار دولار شهرياً.   ويعاني فرع البناء من شلل شبه تام، إذ تقدر خسائره باليوم الواحد 40.5 مليون دولار، وتوجد في إسرائيل 14 ألف ورشة بناء، 4 آلاف منها فقط تعمل بنشاط جزئي، ويعود ذلك إلى حظر إدخال 80 ألف عامل فلسطيني من الضفة للعمل بإسرائيل منذ بدء الحرب على غزة، على ما أفاد اتحاد المقاولين الإسرائيليين.   كما بلغت خسائر قطاع السياحة قرابة 1.1 مليار دولار، في ظل الانخفاض المتواصل بالطلب على العروض السياحية من قبل الأجانب.   وتعرض الاقنصاد الإسرائيلي إلى 5 تخفيضات في تصنيفه الائتماني في أقل من عام، وهي تخفيضات تشكل تحذيراً اقتصادياً خطيراً، وبحسب صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية، يحمل تخفيض تصنيف إسرائيل في طياته تداعيات أعمق من مجرد أرقام، فهو يؤثر بشكل مباشر على ثقة المستثمرين في الاقتصاد الإسرائيلي، كما يؤثر على قدرة إسرائيل على تمويل نفسها بتكاليف معقولة في المستقبل.

TNIE Web-only Column | Gaza's economy has ceased to function. The restoration of infrastructure will cost at least $40-50 billion. Israel too has suffered significant economic losses.

Part II of 'The Middle East's Dance of Death' series.
✍️Satyajit Das https://t.co/jHSRlY5Vq2

— The New Indian Express (@NewIndianXpress) August 5, 2024   الدعم الأمريكي  ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور رشاد عبده إن إسرائيل، دون الدعم الأمريكي منذ بداية الحرب في غزة قبل عام، لم تكن تستطع إكمال الحرب طيلة هذه الفترة، بعد أن تعرض الاقتصاد لضربات شديدة للغاية، والمتمثلة في تراجع حاد في إيرادات السياحة والاستثمارات وهجرة العديد من المواطنين.   واأوضح رشاد عبده لـ24 أن هناك عدداً كبيراً من المصانع الإسرائيلية أغلقت بعد سحب العمالة منها لقوات الاحتياط، من أجل المشاركة في العمليات العسكرية في غزة والضفة الغربية أيضاً، مما ضغط على الوضع الاقتصادي في البلاد.

According to Bloomberg International, Israel's economic losses are intensifying due to the ongoing Gaza genocide, with inflation rising to 3.6% and the August 2024 budget showing a $3.24 billion deficit. pic.twitter.com/zDvruusMfo

— AboSalem (@emad_salem21) September 16, 2024 كما أكد الخبير رشاد عبده أن الاقتصاد الإسرائيلي يعيش الآن على جهاز التنفس الصناعي المتمثل في الدعم الأمريكي المستمر، والذي يمنحه قبلة الحياة ويجعله يواصل المسيرة، ولكن حين يتوقف الأكسجين الأمريكي لإسرائيل سينهار كل شيء، ويصبح الاقتصاد الإسرائيلي مكشوفاً لدى الجميع ويظهر على حقيقته، في ظل التعتيم الإعلامي عن كم الكوارث الاقتصادية الذي تعرض لها الاقتصاد الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • مجموعة فنادق لوفر تضيف 4000 غرفة إلى خطتها التوسعية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • ما هي خسائر فلسطين وإسرائيل الاقتصادية بعد عام على حرب غزة؟
  • طبول الحرب تُسمع في كل مكان
  • رئيس الوزراء يوجه المجموعة الاقتصادية بالإسراع في تنفيذ الإجراءات المحفزة للقطاع الخاص
  • برنامج الإصلاح ومستحقات الشركاء.. رئيس الوزراء يترأس اجتماع المجموعة الاقتصادية
  • هل تستطيع فرنسا وقف الحرب الإسرائيلية على لبنان؟
  • وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي عدد من الشركات الفرنسية لاستعراض فرص ومقومات الاستثمار بالسوق المصري
  • الوزير صباغ: استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية منذ 1967 بما فيها الجولان السوري وارتكابه جرائم الإبادة الجماعية وجرائم الحرب لا يزال شاهداً ماثلاً على إخفاق الأمم المتحدة في إنهاء هذا الاحتلال العنصري التوسعي ويمثل دليلاً دامغاً على منع الولايات
  • وزير الاستثمار والتجارة يلتقي عدد من الشركات الفرنسية
  • هيثم مطر: توسع مجموعة IHG في الإمارات يعزز مكانتها كقوة رئيسية في قطاع الضيافة