بعد عملية الأربعين.. هل عاد حزب الله وإسرائيل إلى قواعد الاشتباك؟
تاريخ النشر: 28th, August 2024 GMT
بيروت- في شارع العريضة بالضاحية الجنوبية، وقفت أم جواد أمام باب منزلها، مستحضرة أصوات الدمار والاستهداف التي كانت قريبة جدا منها، فبعد أيام قضتها في منزل صديقتها بعيدا عن الخطر، قررت العودة أمس إلى بيتها، فالظروف الصعبة وارتفاع الأسعار جعلا من استئجار مكان آخر أمرا صعبا.
"ليس لنا سوى منازلنا"، تقول أم جواد للجزيرة نت، معبرة عن حالتها الراهنة، وتضيف أن كل شيء في منزلها ظل كما تركته، لكن الإحساس بالأمان الذي كان يرافقها لم يعد كما كان، فهي اليوم تعيش محاصرة بالخوف من عدو لا يعرف الرحمة.
أما (ع.ع) وهو أحد سكان الضاحية الجنوبية، فقد اتخذ قرار العودة لكنه لم يعد بعد إلى منزله، ويقول للجزيرة نت إن منزله يقع على بعد 150 مترا فقط من موقع الاستهداف، ومع تصاعد التهديدات، اضطر لمغادرة المنطقة بحثا عن بيئة أكثر أمانا له ولعائلته.
وفي الفترة الماضية، انتقل إلى منزل صديقه للإقامة مؤقتا، ويقول "بعد رد حزب الله وخطاب السيد حسن نصر الله، قررت العودة مع عائلتي إلى المنزل، خاصة مع اقتراب بدء العام الدراسي" ومع ذلك، لا يزال القلق يلازمه وسط الأوضاع المتوترة.
العودة إلى الضاحيةفي صباح يوم الأحد 25 أغسطس/آب، شن حزب الله هجوما واسعا على مواقع وثكنات في شمال الجانب الإسرائيلي، مستخدما الطائرات المسيرة وصواريخ الكاتيوشا، معلنا أن هذا الهجوم هو الرد الأول على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، الذي قتل في ضاحية بيروت الجنوبية يوم 30 يوليو/تموز الماضي على يد إسرائيل.
وأثار خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي كشف فيه تفاصيل الرد، ارتياحا لدى سكان الضاحية الجنوبية، الذين بدؤوا بالعودة إلى منازلهم بعد فترة من القلق والخوف من التصعيد.
وإذ استأنف سكان الضاحية حياتهم الطبيعية، لا يزال أبناء الجنوب اللبناني خاصة في القرى الحدودية، نازحين إلى بيروت أو إلى مراكز إيواء في الجنوب مثل صور والنبطية وحاصبيا، بسبب استمرار التهديدات وتداعيات التصعيد العسكري.
وعلى الرغم من التصعيد الأخير، يبدو أن جبهة الجنوب عادت إلى نمط المواجهات التقليدي، باعتبارها جبهة إسناد لدعم غزة، حيث يشير الوضع الحالي إلى توازن دقيق في قواعد الاشتباك، مع تجنب اندلاع حرب شاملة في المنطقة.
ويوضح الخبير العسكري والإستراتيجي عمر معربوني للجزيرة نت، أهمية التمييز بين مسارين رئيسيين:
الأول يتعلق بالرد على اغتيال القائد فؤاد شكر. والثاني يتعلق بدور جبهة الإسناد لقطاع غزة.فبخصوص الرد على الاغتيال، يقول معربوني إن "حزب الله ومن خلال تنفيذه الرد الذي أعلن عنه وبناءً على سلوك العدو الإسرائيلي، فقد أعادنا إلى قواعد الاشتباك التي كانت سائدة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023".
ويشير الخبير العسكري والإستراتيجي إلى أن اغتيال شكر خرق معادلات تتعلق برمزية الضاحية، حيث استهدف العدو مبنى وقتل مدنيين، بالإضافة إلى استهداف قائد عسكري كبير.
ويضيف أنه بعد قيام المقاومة باستهداف وحدة 8200 في قاعدة "غليلوت" التابعة لشعبة الاستخبارات "أمان"، فإن المعلومات تشير إلى احتمال مقتل ضابط كبير مع مجموعة من الضباط والجنود، ويمكن القول إن حزب الله قد استعاد 3 من المعادلات التي خرقتها إسرائيل:
استهداف قاعدة عسكرية، حيث كانت القاعدة التي يتواجد فيها فؤاد شكر ذات دلالة عسكرية رمزية. استهداف قاعدة قريبة من تل أبيب، مما يعكس مواجهة رمزية الضاحية. المعادلة الوحيدة التي لم يرد حزب الله عليها بعد هي استهداف المدنيين.لكن وفقا لمعربوني، فإنه وقبل أيام من الرد، تم استهداف مستعمرة "كتسرين" وكان الهدف مدنيا، وبناء على ذلك، يعتقد الخبير أن هناك تثبيتا للمعادلات السابقة واستمرارا في مسار جبهة الإسناد، كما يتوقع أن تستمر العمليات ضمن الوضع السائد منذ حوالي عشرة أشهر، مما يعني بقاء الأمور مفتوحة على جميع الاحتمالات.
المربع الأولأما بالنسبة للرد، فإن السلوك الإسرائيلي يدل على استيعاب الضربة، بغض النظر عن النقاشات الجارية حولها، وهذا يعتبر الأمر المهم في هذه المرحلة، حسب قوله، مؤكدا أن حزب الله يراقب نتائج الرد، خصوصا وأن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت صرح بوضوح أن المعركة مع حزب الله "مؤجلة إلى المستقبل البعيد"، مما يشير إلى عدم وجود نية حالية للحرب الشاملة، والبقاء ضمن الوضع الحالي مع جميع احتمالاته.
بالمقابل، يرى المحلل السياسي أمين قمورية أن الوضع الحالي بعد رد حزب الله يعيدنا إلى المربع الأول، حيث تقتصر المواجهات على المناطق الحدودية بين الجانبين، كما كانت في السابق، ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى أن استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات الاغتيال "أمر طبيعي، فهي لم تتوقف حتى الآن، وربما تقوم ببعض الضربات في العمق ضد مخازن الأسلحة".
وفيما يتعلق بتصعيد المواجهات، يوضح قمورية أنه كلما ارتفع سقف المواجهات، سيصعّد حزب الله من تحركاته للحفاظ على قواعد الاشتباك، مما يعني أننا عدنا إلى نفس قواعد الاشتباك السابقة، بانتظار ما ستكشفه المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الضاحیة الجنوبیة قواعد الاشتباک للجزیرة نت حزب الله فؤاد شکر
إقرأ أيضاً:
تفاصيل مسودة اتفاق هدنة دائمة في غزة بين حماس وإسرائيل
أفاد موقع "واللا" الإسرائيلي، أمس الخميس، أن مدير جهاز "الموساد"، ديفيد برنياع، سيجري زيارة إلى العاصمة القطرية الدوحة، لعقد لقاء مع رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في إطار سعي تل أبيب للتوصل إلى اتفاق جديد بشأن صفقة تبادل رهائن مع حركة "حماس"، وسط تعثر مستمر في مسار المفاوضات خلال الأشهر الماضية.
وبالتوازي مع ذلك، كشفت مجلة "المجلة" تفاصيل مسودة جديدة يُجرى التفاوض بشأنها حاليًا، وتهدف إلى إبرام اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس.
وتتضمن المسودة خطة مفصلة تمتد لعدة أسابيع، وتضع خارطة طريق تشمل الإفراج المرحلي عن رهائن إسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، إلى جانب انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي، وإدخال مساعدات إنسانية عاجلة إلى قطاع غزة.
بحسب ما نقلته المجلة، فإن المسودة تتضمن أنه في اليوم الأول من تنفيذ الاتفاق، يتم الإفراج عن الرهينة الأمريكي "إيدن ألكسندر"، بالتزامن مع إعلان إطار هدنة مؤقتة تمتد لـ 45 يومًا، يُفترض أن يتم خلالها التفاوض على تسوية نهائية.
في اليوم الثاني، تفرج حماس عن 5 رهائن إسرائيليين من "قائمة 59" التي سبق أن سلمتها لإسرائيل، بينما تطلق الأخيرة سراح 66 سجينًا محكومًا بالسجن المؤبد و611 أسيرًا آخر من قطاع غزة، مع التشديد على عدم إقامة احتفالات إعلامية خلال الإفراج. كما تبدأ المساعدات الإنسانية بالتدفق من جديد. في اليوم ذاته، يبدأ الجيش الإسرائيلي إعادة الانتشار في منطقتي رفح وشمال القطاع.
وفي اليوم الثالث، تُفتتح جولة مفاوضات جديدة تتعلق باتفاق نهائي لوقف إطلاق النار، وتتناول قضايا أساسية مثل شروط تبادل بقية الرهائن، ومستقبل الانتشار العسكري الإسرائيلي، ونزع سلاح القطاع، بما يمهد لمرحلة "الهدنة الدائمة".
وفي اليوم السابع من الخطة، تُفرج حماس عن أربعة رهائن إضافيين، مقابل إطلاق إسرائيل سراح 54 سجينًا محكومًا بالمؤبد و500 معتقل فلسطيني، على أن يتبع ذلك إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي إلى شرقي شارع صلاح الدين، أحد المحاور الحيوية في القطاع.
وفي اليوم العاشر، يلتزم الطرفان بتقديم قوائم ومعلومات كاملة بشأن الرهائن والأسرى الأحياء المتبقين. بينما يتم في اليوم العشرين تنفيذ تبادل للجثث، حيث تسلم حماس جثامين 16 إسرائيليًا مقابل جثث 160 فلسطينيًا.
وتشير المسودة إلى أن الاتفاق النهائي يجب أن يُستكمل خلال مهلة الـ 45 يومًا التي تنص عليها المرحلة الأولى، وإذا تم التوافق عليه، يتم حينها الإفراج الكامل عن بقية الرهائن، سواء كانوا أحياء أو موتى.