بيروت- في شارع العريضة بالضاحية الجنوبية، وقفت أم جواد أمام باب منزلها، مستحضرة أصوات الدمار والاستهداف التي كانت قريبة جدا منها، فبعد أيام قضتها في منزل صديقتها بعيدا عن الخطر، قررت العودة أمس إلى بيتها، فالظروف الصعبة وارتفاع الأسعار جعلا من استئجار مكان آخر أمرا صعبا.

"ليس لنا سوى منازلنا"، تقول أم جواد للجزيرة نت، معبرة عن حالتها الراهنة، وتضيف أن كل شيء في منزلها ظل كما تركته، لكن الإحساس بالأمان الذي كان يرافقها لم يعد كما كان، فهي اليوم تعيش محاصرة بالخوف من عدو لا يعرف الرحمة.

أما (ع.ع) وهو أحد سكان الضاحية الجنوبية، فقد اتخذ قرار العودة لكنه لم يعد بعد إلى منزله، ويقول للجزيرة نت إن منزله يقع على بعد 150 مترا فقط من موقع الاستهداف، ومع تصاعد التهديدات، اضطر لمغادرة المنطقة بحثا عن بيئة أكثر أمانا له ولعائلته.

وفي الفترة الماضية، انتقل إلى منزل صديقه للإقامة مؤقتا، ويقول "بعد رد حزب الله وخطاب السيد حسن نصر الله، قررت العودة مع عائلتي إلى المنزل، خاصة مع اقتراب بدء العام الدراسي" ومع ذلك، لا يزال القلق يلازمه وسط الأوضاع المتوترة.

العودة إلى الضاحية

في صباح يوم الأحد 25 أغسطس/آب، شن حزب الله هجوما واسعا على مواقع وثكنات في شمال الجانب الإسرائيلي، مستخدما الطائرات المسيرة وصواريخ الكاتيوشا، معلنا أن هذا الهجوم هو الرد الأول على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، الذي قتل في ضاحية بيروت الجنوبية يوم 30 يوليو/تموز الماضي على يد إسرائيل.

وأثار خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، الذي كشف فيه تفاصيل الرد، ارتياحا لدى سكان الضاحية الجنوبية، الذين بدؤوا بالعودة إلى منازلهم بعد فترة من القلق والخوف من التصعيد.

وإذ استأنف سكان الضاحية حياتهم الطبيعية، لا يزال أبناء الجنوب اللبناني خاصة في القرى الحدودية، نازحين إلى بيروت أو إلى مراكز إيواء في الجنوب مثل صور والنبطية وحاصبيا، بسبب استمرار التهديدات وتداعيات التصعيد العسكري.

خبير عسكري اعتبر أن اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر خرق معادلات تتعلق برمزية الضاحية الجنوبية (مواقع التواصل) حسابات الردع

وعلى الرغم من التصعيد الأخير، يبدو أن جبهة الجنوب عادت إلى نمط المواجهات التقليدي، باعتبارها جبهة إسناد لدعم غزة، حيث يشير الوضع الحالي إلى توازن دقيق في قواعد الاشتباك، مع تجنب اندلاع حرب شاملة في المنطقة.

ويوضح الخبير العسكري والإستراتيجي عمر معربوني للجزيرة نت، أهمية التمييز بين مسارين رئيسيين:

الأول يتعلق بالرد على اغتيال القائد فؤاد شكر. والثاني يتعلق بدور جبهة الإسناد لقطاع غزة.

فبخصوص الرد على الاغتيال، يقول معربوني إن "حزب الله ومن خلال تنفيذه الرد الذي أعلن عنه وبناءً على سلوك العدو الإسرائيلي، فقد أعادنا إلى قواعد الاشتباك التي كانت سائدة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023".

ويشير الخبير العسكري والإستراتيجي إلى أن اغتيال شكر خرق معادلات تتعلق برمزية الضاحية، حيث استهدف العدو مبنى وقتل مدنيين، بالإضافة إلى استهداف قائد عسكري كبير.

ويضيف أنه بعد قيام المقاومة باستهداف وحدة 8200 في قاعدة "غليلوت" التابعة لشعبة الاستخبارات "أمان"، فإن المعلومات تشير إلى احتمال مقتل ضابط كبير مع مجموعة من الضباط والجنود، ويمكن القول إن حزب الله قد استعاد 3 من المعادلات التي خرقتها إسرائيل:

استهداف قاعدة عسكرية، حيث كانت القاعدة التي يتواجد فيها فؤاد شكر ذات دلالة عسكرية رمزية. استهداف قاعدة قريبة من تل أبيب، مما يعكس مواجهة رمزية الضاحية. المعادلة الوحيدة التي لم يرد حزب الله عليها بعد هي استهداف المدنيين.

لكن وفقا لمعربوني، فإنه وقبل أيام من الرد، تم استهداف مستعمرة "كتسرين" وكان الهدف مدنيا، وبناء على ذلك، يعتقد الخبير أن هناك تثبيتا للمعادلات السابقة واستمرارا في مسار جبهة الإسناد، كما يتوقع أن تستمر العمليات ضمن الوضع السائد منذ حوالي عشرة أشهر، مما يعني بقاء الأمور مفتوحة على جميع الاحتمالات.

المربع الأول

أما بالنسبة للرد، فإن السلوك الإسرائيلي يدل على استيعاب الضربة، بغض النظر عن النقاشات الجارية حولها، وهذا يعتبر الأمر المهم في هذه المرحلة، حسب قوله، مؤكدا أن حزب الله يراقب نتائج الرد، خصوصا وأن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت صرح بوضوح أن المعركة مع حزب الله "مؤجلة إلى المستقبل البعيد"، مما يشير إلى عدم وجود نية حالية للحرب الشاملة، والبقاء ضمن الوضع الحالي مع جميع احتمالاته.

بالمقابل، يرى المحلل السياسي أمين قمورية أن الوضع الحالي بعد رد حزب الله يعيدنا إلى المربع الأول، حيث تقتصر المواجهات على المناطق الحدودية بين الجانبين، كما كانت في السابق، ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى أن استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات الاغتيال "أمر طبيعي، فهي لم تتوقف حتى الآن، وربما تقوم ببعض الضربات في العمق ضد مخازن الأسلحة".

وفيما يتعلق بتصعيد المواجهات، يوضح قمورية أنه كلما ارتفع سقف المواجهات، سيصعّد حزب الله من تحركاته للحفاظ على قواعد الاشتباك، مما يعني أننا عدنا إلى نفس قواعد الاشتباك السابقة، بانتظار ما ستكشفه المفاوضات المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الضاحیة الجنوبیة قواعد الاشتباک للجزیرة نت حزب الله فؤاد شکر

إقرأ أيضاً:

برنامج جدة التاريخية يكشف عن أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية “بحيرة الأربعين”

جدة : البلاد

 أعلن برنامج جدة التاريخية التابع لوزارة الثقافة, عن بدء أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية لبحيرة الأربعين، التي تهدف إلى إعادة حفر المنطقة التي رُدمت نتيجة التوسع العمراني في العقود الماضية وإعادة تشكيل البحيرة وإنشاء الرصيف البحري وتحسين جودة المياه.

 ويسعى البرنامج إلى إعادة البحر إلى ميناء البنط التاريخي بوصفه نقطة الوصول للحجاج والمعتمرين إلى مكة المكرمة، وإنشاء متحف البحر الأحمر ضمن مساعي البرنامج لاستعادة أهمية الميناء لما كان يمثله من قيمة تاريخية وتأثير جوهري على جدة وأهلها وثقافتها.

 وتتضمن المرحلة بناء بيئة متكاملة بمقومات طبيعية تشمل واجهات بحرية بطول 5 كيلومترات وتطوير البنية التحتية والتجهيزات اللازمة لها، وإيجاد بيئة مستدامة تحيط بالواجهة البحرية, التي تمثل ركيزة أساسية ضمن المخطط العام لإعادة إحياء المنطقة وتأهيلها لتكون رافدًا اقتصاديًا مهمًا ووجهة جاذبة للأعمال, كما يتطلع البرنامج من خلال أعمال التطوير إلى تمكين المشاريع الثقافية والإبداعية مما يجعل من منطقة جدة التاريخية وجهة سياحية عالمية، وذلك تحقيقًا لركائز رؤية 2030.

 ويعمل البرنامج في المرحلة الثانية من المشروع على تجريف 350 ألف متر مكعب من قاع البحيرة، ووضع نظام تهوية للمياه لتحسين حركة وجودة المياه والاستدامة البيئية، وإيجاد بيئة صحية للحياة البحرية, كما سيقوم البرنامج بإعادة تشكيل ما يعادل مساحة مليون متر مكعب من البحيرة، إلى جانب إنشاء رصيف بحري بطول 972 مترًا طوليًا وجدرانًا بحرية ساندة تبلغ 490 مترًا طوليًا، وتوفير تجهيزات للبنية التحتية، وذلك تمهيدًا لإنشاء مارينا مخصصة لليخوت الكبيرة والأنشطة الترفيهية، وإنشاء محطات مستقبلية للتاكسي المائي، تربط جدة التاريخية ببحر أبحر والكورنيش، ومعالم أخرى على طول ساحل البحر الأحمر.

 وتشمل المرحلة الحالية إنشاء ممشى بحري بطول 4.4 كلم, معلق على دعامات بمساحة 1313 مترًا مربعًا ومصمم بمواصفات تتيح للمشاة وراكبي الدراجات والعائلات قضاء أوقات ترفيهية ممتعة في المنطقة الجنوبية التي تعزز تجربة الزوار، وتجعل من المنطقة نقطة تفاعلية ووجهة سياحية جاذبة.

 وفي السياق نفسه, كشف برنامج جدة التاريخية عن أبرز المنجزات للمرحلة التحضيرية التي تحققت ضمن المرحلة الأولى من المشروع، التي شملت حفر مساحة تعادل 185 ألف متر مربع، وأكثر من 12 ألف متر طولي من البنية التحتية، بالإضافة إلى إزالة أكثر من 200 ألف متر مربع من الطرق، وتسوية مساحة 300 ألف متر مربع، وإزالة العديد من المباني التي شملت محطة حافلات “سابتكو”، وجسر المشاة، والعديد من مواقف السيارات، بالإضافة إلى نقل وترميم مجسم السفينة.

 يُذكر أن برنامج مشروع جدة التاريخية يهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري للمنطقة، وإعادة الترابط إلى نسيجها العمراني، وتنمية مجالها المعيشي لتكون مركزًا جاذبًا للأعمال وللمشاريع الثقافية، ومقصدًا لروّاد الأعمال، وتحسين تجربة الزوار، والتعريف بما تضمه المنطقة من معالم تراثية وثقافية وتجارب سياحية مميزة، بما يسهم في جعلها وجهة ثقافية وسياحية عالمية.

مقالات مشابهة

  • بدء المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية لبحيرة الأربعين
  • بدء المرحلة الثانية من تطوير “بحيرة الأربعين”
  • الزميل رابع سليمان يجري عملية جراحية
  • نتنياهو يكشف: استهداف نصر الله كاد يفشل لو أُبلغت واشنطن مسبقًا!
  • توتر أمني في قرية الريقاطة.. قوات الأمن تفض الاشتباك، والطرابلسي يعلن إغلاقها نهائيا
  • برنامج جدة التاريخية يكشف عن أعمال المرحلة الثانية من مشروع تطوير الواجهة البحرية “بحيرة الأربعين”
  • أمن السلطة الفلسطينية: انسحبنا من جنين لتجنب الاشتباك مع الاحتلال (شاهد)
  • حماس: ندعو لتصعيد الاشتباك مع الاحتلال وإفشال عدوانه على جنين
  • بالفيديو... طائرة إسرائيليّة في أجواء الضاحية الجنوبيّة
  • تلزيم ركام الضاحية بـ 3.65 دولارات للمتر المكعب